الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

أقوال إتيان المأمور به على وجهه الشرعي

 

... في مبحث آخر تبديل الامتثال بالامتثال وهذا غير الامتثال بعد الامتثال. الامتثال بعد الامتثال يعني افترض ان الامتثال لا يتغير عما هو عليه في الأول ولكن يمكن تبديل الامتثال بامتثال ثاني او ثالث او رابع. كل امتثال عنوان الامتثال عليه ثابت وصادق بخلاف تبديل الامتثال بالامتثال وهو محاولة مجيء بالمرة الثانية من الاتيان ولكن بحيث يصدق عنوان الامتثال على أحدهما إما على الأول او الثاني او الثالث وهلم جرا. في الحقيقة مسألتان مسألة الامتثال بعد الامتثال وتكرار الامتثال وبعنوان الامتثال كما هو تكرار الإتيان وعنوان الامتثال صادق على كل إتيان هذه هي المسألة الأولى في القسم الأول والقسم الثاني ومسألة أخرى تبديل الامتثال بالامتثال وتكرر الاتيان لكن تكرر الاتيان بحيث يصدق الامتثال على أحدها لا على كلها. هذا وجه آخر لا بد من الالتفات اليه، لأن بعض الاعلام التزم بجواز تبديل الامتثال على مقتضى القاعدة وأذعن بان الامتثال لا يتكرر مع أن الاتيان يتكرر. فتبنى جواز المسألة الثانية وبعض تبنى الجواز في المسألة الأولى كل تكرار للإتيان يصدق على كل منها عنوان الامتثال فسلسلة الامتثالات يعني هذا الامتثال الأول والاتيان الأول باستقلاله امتثال وهذا الاتيان الثاني امتثال لا يتغير عما وقع عليه.

هناك مسألة ثالثة في هذا القسم الأول التزم بها بعض الأعلام وهي انه نعم يجوز تكرار الاتيان وهذا التكرار مجموعه امتثال لا هو امتثال بعد الامتثال ولا هو تبديل الامتثال بل هو أن الامتثال إما يصدق على المجيء بإتيان مرة واحدة فهو امتثال مستقل او تأتي به متعددا فالمجموع امتثال. فالامتثال متنوع. مثل أن لو صلى إثنان دفعة ومتقارنا ومتزامنا على ميت. هنا امتثال الصلاة على الميت يتحقق بكلا الصلاتين ومجموعهما. هذا هو القول الثالث. على القول الأول والثاني ربما يقال أن أحدهما كاف. هذه وجوه في المسألة.

نرجع الى تفصيل كل كلمة من عنوان المسألة: إتيان المأمور به على وجهه شرعا وعقلا يقتضي الإجزاء. سواء المأمور به واقعا عن واقعي او الاضطراري عن الاضطراري او الظاهري عن الظاهري. إتيان المأمور به يجزئ عن الأمر نفسه. هذا هو القسم الأول. وفيه أقسام أربعة. كما مر بنا وسيأتي. فنحن في القسم الأول.

شرعا وعقلا: شرعا واضح يعني بحدوده. شرعا ليس فقط إتيان المأمور به بحده شرعا لأنه قد يكون هناك متمم الجعل وحينئذ لا يكفي إتيان المأمور به بحد أمره الأول بل هناك أمر ثاني متمم الجعل وقد يكون متمم الجعل الثالث فلابد من ان يفسر بحده شرعا يعني ليس بحسب الامر نفسه بل ربما يكون امر ثاني كما التزم به النائيني في التعبدي وقصد الامر. هذان أمران وإن كانا مستقلان. الأول مستقل عن الثاني والثاني ليس مستقلا عن الأول. الأول ليس مأخوذا فيه الثاني لا جزءا ولا شرطا. تصوير صناعي بديع المأمور به الأول ليس فيه جزء شرعي ولا شرط شرعي. مع ذلك متعلق المأمور به الثاني ومتمم الجعل دخيل في سقوط الغرض. الموضوع هنا في هذه المسألة العقلية يتعلق بالاتيان الأول فقط والمحمول «يقتضي الإجزاء» يغلق الطريق عن الاتيان الثاني والثالث. يقتضي أو لا يقتضي والموضوع يتعلق بالاتيان الأول. الان كلامنا في الموضوع. فيا له من تصوير صناعي بديع عند الاصوليين عند من يقول هو أصولي. يقول إن المأمور به الأول ليس فيه جزء ولا شرط لكن لا يسقط إلا أن تأتي بالمأمور به الثاني المستقل عن الأول. لان الأول مستقل عن الثاني. هناك أوامر متمم الجعل أخرى غير مأخوذ في الامر الأول لا جزء ولا شرطا مع ذلك دخيلة في الصحة التي تأتي بالمأمور به في الامر الأول بحده، هذه صحة اقتضائية وليست صحة فعلية الصحة الفعلية يعني اسقاط الغرض مرهونة بمتمم الجعل. الغرض واحد. نكتة مهمة. ليس فقط مسلك النائيني ومدرسة النائيني. السيد الخوئي أيضا يقبل هذا الشيء. المركب لا يسقط فقط بمجيء أجزاءه وشرائطه. متمم الجعل يقبله لكن في التعبدي والتوصلي لا يقبله وقوعيا. حتى المرحوم الاخوند ليس عنده نظرية متمم الجعل بل عنده نظرية الجزء العقلي. هو ذاتا جزء شرعي لكن أخذه في الغرض بإدراك العقل فلو أتيت بهذا المأمور به بالامر الأول وإذا ما أتيت بما أدركه العقل ما أتيت بالغرض. العقل يدرك أنه دخيل في الغرض.

أدلة الولاية بالنسبة الى العبادات ان لم نقل انه جزء وشرط فهي لا محالة متمم الجعل او جزء عقلي. فالمرحوم الاخوند عنده نظرية مثل النائيني. هذه نكتة مهمة. الكلام في إجزاء المأتي به عن المأمور به بالامر الواقعي. إتيان المأمور به بحده بأجزاءه وشرائطه الشرعية حسب كلام الاعلام لا يسقط الغرض بل ان كان هنا متمم الجعل لابد ان تأتي به. ولا يسمى جزء ولا يسمى شرطا ولا إتيانه مع الأول بدعة. بل إذا ما تأتيه لا يسقط الامر. مبنى الآخوند على وجهه عقلا يعني الشرع وعند النائيني ليس الجعل الأول بل مجموع الجعول سواء الجعل الأول او الثاني او الثالث على وجهه شرعا لا يقتصر على حدود الجعل الأول بل يشمل الجعل الثاني ومتمم الجعل. هذه نكتة مهمة في المركبات الشرعية. وما أحد خدش فيه. إن كان خدشة عندهم خدش في االصغريات والكبرى عندهم مسلمة وسديدة. وعند الآخوند العقل يدرك أن العمل دخيل في الغرض لكن بتلويح من الشارع. هذا الأمر تلويحات وغيره متواتر عندنا في الروايات بالنسبة الى الشهادة الثالثة البعض قال كيف يتمسك بكذا برواية موجودة في تفسير العسكري وما ربطها؟ ليسوا ملتفتين بربطها، الامر ما منحصر بالجزء والشرط. اقرؤا مباني المشهور من الأصوليين. قفوهم انهم مسئولون. كثير من الأدلة دالة على ان الشهادتين لا تصعد ولا تقبل ولا يعير له الشارع وزنا. مع أنه تصح لكن هذه الصحة صوريا وظاهريا. كما يقول مشهور الفقهاء. بالشهادتين ليس لها أي ملاك هذا ليس اصطلاح الجزء واشرط. هذا اصطلاح ذكره الأعلام في بحث الإجزاء وبحث التعبدي والتوصلي. إن الصحة غير متوقفة بالجزء والشرط الاصطلاحي. فيا جماعة الخير الصحة غير مرهونة بالجزء والشرط الشرعي. لا بد أيضا إذا كانت ادلة في البين تلويح أن المأمور به الثاني له ارتباط ملاكي وليس له ارتباط ماهوي. أن قصد الأمر من باب المثال دخالته في الغرض والملاك. هذا كلام الاخوند. الجزء العقلي هو شرعي في نفسه لكن العقل يدرك جزئيته.

في رواية لا معيار ولا عيار للشهادتين بدون الشهادة الثالثة ذيل الآية الكريمة «قفوهم أنهم مسئولون» هذا اللسان نفسه مثل الجزء العقلي. من ثم احتملنا التقية جدا في لسان يكفيك الشهادتين، الا بتعويض صيغة الشهادة الثالثة بالصلاة على النبي وآله. الشاهد فإذاً صناعيا في باب المركبات العبادية فضلا عن غير العبادية عند الاعلام لا تنحصر الصحة بالجزء والشرط الشرعي لا يكفي في الصحة الفعلية صناعيا حسب صناعتهم الجزء و الشرط الشرعي. فاذا على وجهه شرعا عند النائيني أعم من الجعل الأول والثاني ومتمم الجعل وعند الآخوند اعم من الوجه الشرعي والعقلي يعني اخذه في المأموربه العقل يدركه. نقاشات السيد الخوئي في الأمثلة مع النائيني او الاخوند نقاشات صغروية. البحث كبروي لمن يتبنى على متمم الجعل والسيد الخوئي يتبنى لمتمم الجعل في مسائل أخرى او مسلك اخوند في الجزء العقلي في خصوص التعبدي نقاش صغروي أو على وجهه عند طبقة المتأخرين يعني المحقق الحلي الى الشهيد الثاني كانوا متشددين في قصد التمييز وقصد الوجه. المحقق الحلي الى الشهيد الثاني بل الى صاحب الجواهر طبقتان من الفقهاء يرون ان العبادات غير صحيحة بالمجيء بأجزائها وشرطائطها بل لابد من أخذ جزء عقلي وهو قصد الوجه والتمييز. فواضح اذا هؤلاء السلسلة من فحول الفقهاء وان كان صغرويا رد هذا المبنى لكن كبرويا لا أحد يستشكل عليهم. لم يدل عليه دليل خاص ما استشكل عليهم أنهم أبدعوا في الدين، لأن هذه الطبقة من الفقهاء من المحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيد الأول والثاني لم يدعوا فيها دليل بل قالوا ان العقل يدرك أنه لابد من قصد التمييز والوجه طبعا بالشواهد لا انه تخرص من العقل. العبادات طرا في الطبقة المتاخرين ومتاخري المتاخرين مشروطة صحة فعلية بما ليس جزء ولا شرطا بل جزء عقلي. العقل يدرك دخالته في الغرض لا دخالته في الماهية. هذه النكات يجب ان نلتفتها. هذه ظاهرة تارخية صناعية مهمة. في الشهادة الثالثة الأدلة في الجزئية والشرطية متوافرة لكن لو أغمضنا عن الأدلة فادلتها كثيرة من هذا القبيل. انت لو تراجع بحث الصحيح والاعم لا يكفيك لمعرفة تمام مراد الأصوليين والفقهاء لازم ان تراجع باب التعبدي والتوصلي وباب الإجزاء أيضا. هذه مشكلة تراجع بعض الأبواب وتغفل عن الأبواب الأخرى في هذا البحث. الاتيان بالمأمور به على وجهه وعلى حده. ما هو حده وما هو وجهه؟ هل هو الأجزاء والشرائط الشرعية؟ لا. نكتة مهمة.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.