الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ اقسام الوجوب

خطورة الواجب الكفائي في المسؤولية العامة

مر بنا ان حقيقة الواجب الكفائي هو المسؤولية المشتركة او الوظائف التي طبيعتها تعاونية. الأعلام فسروه بهذه الزاوية بانه لا خصوصية في الفاعل عند الشارع باعتبار ان الغرض يمكن ان يصدر او يوجد من أي منهم. هذا تعريف لا بأس به في الواجب الكفائي لكن يمكن أيضا أن يبين أنه لشدة أهميته الشارع عمم المسؤولية. ليس فقط عدم الخصوصية بل لشدة أهميته الشارع عمم المسؤولية فيه على الجميع لتتضافر الجهود والارادات والهمم لايجاد هذا الفعل يعني يمكن أن نفسر ماهية الواجب الكفائي أنه بشدة أهمية المصلحة لم يضيق الشارع الفاعل و جهة الإصدار في جهة واحدة بل أراد من أي منهم تصدر عموما. هذا لشدة أهمية الفعل ما خصص بفعل دون أخرى ولو كانت هناك ميزة لبعض الفئات بل أراد الكل يتحمل او تتضافر الأهمية.

مما تفيد هذه هي الاية الكريمة «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» المراد نوع من الترابط والتشابك بين المؤمنين في المسؤولية لأنه إذا ألقيت المسؤولية على الجميع إمكانية صدور الفعل وإنجاز وتحقيق الغرض ستكون أكثر، فبالتالي لأهمية الكفائي يحمل المسشولية على الجميع.

ما يقرره الفقهاء في باب قاعدة الحسبة أيضا يمكن ان يكون تعريفا ماهويا آخر للواجب الكفائي. الفعل الحسبي وهو الذي يريده الشارع على أية حال وفي أي زمان ومن أي من المكلفين لأهمية الفعل لا يرضى الشارع تعطيل هذا الفعل وهذا الغرض. هذا التعريف الذي يذكر ينضبط مع ماهية الواجب الكفائي. فإذا ًالأحرى في الواجب الكفائي ان يركز على ماهيته ويركز شغل ذمة الجميع ومسؤولية الجميع به. كما حرر البحث في موضوع قاعدة الحسبة بالضبط ينطبق على الواجب الكفائي. بالتالي إذاً الواجب الكفائي له خصوصيات كثيرة تختلف عن الواجب العيني بالعكس كفائية الواجب تشير لأهمية الواجب وبشدة اهتمام الشارع به لأنه لم يخصصه وان كانت طبيعة الغرض فيه وحدانية. فتحصل إذا ًجملة من الزوايا وعادة الواجبات الكفائية مرتبطة بصالح العام لا سيما في الطابع المجتمعي والطابع السياسي وطايع الدولة

زاوية أخرى في الواجب الكفائي ربما أشرنا اليه اجمالا لكن لابد أن نركز عليها اكثر. هذه الزاوية ما دام ان الواجب الكفائي تعريفه المسؤولية على الجميع أدائه بطبيعته ليس من الضروري ان يكون أدائه من الجميع على منوال ووتيرة واحدة كما مر بنا. أحد المكلفين يوجد الأرضية الإعدادية والأخر يوجد الهمة والحث على ذلك والأخر يوجد مقدمة المال والرابع يوجد تنظير التعليم. يعني أحد الإخفاقات في الواجب الكفائي احد الإخفاقات الرئيسية في القيام والتحمل بمسؤولية الواجب الكفائي هو هذا الدور الارشادي والتبليغي والتعليمي لهذه الواجبات الكفائية في أذهان الأمة. غالبا الواجبات الكفائية لا توجد بمجرد الفاعل المباشر بل تحتاج الى سلسلة من إعدادات ولعل الواجب الكفائي الكل لازم أن يشارك بحصة من الاعداد من ثم حمّل المسؤولية على الجميع. الواجب الكفائي طبيعته لابد ان تتضافر مجموع الهمم لكن مشاركة كل فئة من زاوية. فما ذكر الاعلام ان الواجب الكفائي يسقط بفعل البعض هذا صحيح بنسبة الفاعل المباشر لكن هذا الإنجاز المباشر يحتاج الى إعدادات. مثل تغسيل الميت يحتاج الى إعداد مكان للتغسيل وتعليم أحكام التغسيل في الحقيقة منظومة من المقدمات في تجهيز الميت الواحد. ففي الحقيقة الواجبات الكفائية فيها مشاركة من الكل لكن كل بحسبه وزاويته. هذه السلسلة من المقدمات الشارع يريد فيها التعاون. هذه المسؤوليات خطأ أن نوكلها للدولة الدولة مسؤوليتها منظمة مدبر. الكل لازم أن يتضافر ويتعاون وإيجاد هذا الواجب الكفائي ليس صدوره مباشرة فقط.

فيمكن مؤاخذة على تعريف الاعلام انه ليس معناه الصدور المباشر له هذا في نهاية المطاف، فيه سلسلة من الاعدادات الأرضية ونهاية يتمكن من اصدار الفعل. فالتعريف الواجب الكفائي بأن امتثاله يصدر من شخص واحد خطأ امتثاله يحتاج الى سلسلة من العل والمعلولات والمقدمات الكل يشارك به حتى بكلمة واحدة. مثلا الشارع في الظواهر الاجتماعية المنكرة يقول هذه الظاهرة الاجتماعية المنكر لم تصدر من هذا الشخص الفاعل الرديئة بل صدرت منكم اجمعين لأنكم مسؤولون والبيئة الاجتماعية من موقعه مسؤول. نقاء الظاهرة الاجتماعية عن الفساد الكل فيه مسؤول لا الحي الفلاني والموقع الفلاني والذين شاهدوا بعيونهم بل الكل مسؤولون بموقعهم بقلمه ولسانه. كانوا لا يتنهاوون عن منكر فعلوه. التناهي مثل التواصي «تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر».

هذا مهم ان نعرف ان هناك قسما من الواجبات الكل يشاركون فيه لكن كل بحسبه. فهذا التعريف يجب ان نصححه. الواجب الكفائي واجبات من الأهمية بمكان الشارع أراد الكل ان يساهموه. من قتل الحسين علیه‌السلام؟ قتله يزيد لعنة الله عليه مع انه ما باشر في القتل لكن دوره أخطر إذاً طبيعة الأفعال الاجتماعية او الجماعية لا تتقوم بالمباشرة بل تتقوم بسلسلة منظومة من الأفعال. أمثلته كثيرة. اذا لنصحح تعريف الواجب الكفائي الذي مسؤوليته على الجميع. عندنا حرام جماعي وواجب جماعي. الحرام الجماعي مثل أن يأتي يوم القيامة بمقتول يتلطخ دمه بسلسلة من الناس مع انهم ما شاركوا في قتله. قال انت علي بكلمة وانت علي بنظرة. حتى هذا المقدار فيه مسؤولية. الفعل المجتمعي يشارك فيه المجتمع برمته كل بحسبه وموقعه. اذا الامر بالمعروف أقله باللسان وبالقلب لان طبيعته يجب عدم عرفنة المنكر. لازم أن تقبح القبيح. لماذا نلعن المتخاذل في قتل اميرالمؤمنين عليه السلام مع انه لم يشارك؟ الخذلان نوع من المشاركة. نفس ان لا يتبرأ من القبيح مشاركة. كما في الروايات ستأتينا في باب المكاسب المحرمة انه حتى الذي يعين الظالمين بالقلم إذاً يكون في سلسلة مشاركة كيان الظلم يحسب معهم. إذاً طبيعة الواجبات الكفائية عبارة عن أفعال مجتمعية. الكل يشارك فيه بنحو معين. ما منع الشارع ان يشارك فيه احد بل حث مشاركة الجميع. الشأن السياسي والمسير السياسي مسؤولية الامة. أما إذا نقول ليس علينا مسؤولية في الغيبة ما لنا ان يرئس عليها وهابي او داعشي او غيرهم. المهم هذا لا يمكن . كيف لسنا مسؤولين؟ الكل مسؤولون. في الحقيقة من السقيفة الى يومنا هذا هو تخاذل المؤمنين عن بناء كيان صرح الايمان وحتى البشرية أجمع معنى الجهاد الابتدائي يعني أن الامة الإسلامية على رأسها المعصوم مسؤولون عن حماية كل شعوب العالم. فالمسؤولية الجماعية واجب كفائي تحقيق حقيقته شيء بالغ الأهمية ولم نجد في كلمات الاعلام تحقيق حقيقته من موضع واحد يجب أن نتتبع في كلمات الفقهاء في الواجبات الكفائي كي نصل الى نكات التفتوا بها لم يذكرها في موضع واحد. لذلك ذكرت أن احد الزوايا باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو باب من أبواب الواجبات الكفائية. بل أتصور ان المراد من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عبارة عن معنى أخرى عن شرح الواجبات الكفائية وباب قاعدة التعاون على البر والتقوى وحرمة التعاون على الإثم والعدوان شرح زاوية من زوايا الواجب الكفائي. لا أنها قاعدة فقهية لا ربط لها بعلم الأصول. بل هي عبارة عن بحوث بنود الواجب الكفائي. لكن بعبارة فقهية. كذلك ما بحثوه في الفقه السياسي وفقه الدولة المؤمنون بعضهم أولياء بعض. هذه الاية الكريمة مرتبطة بالواجب الكفائية وتشرح معناه وعلى كل قواعد أخرى وايات أخرى.

لماذا يخاطب الله عزوجل بمسؤوليات الامة وانشطة الدولة يخاطب الامة كلها؟ هذه ظاهرة موجودة في القرآن الكريم والروايات. كونوا قوامين بالقسط. كونوا شهداء الله ولو على أنفسكم والزاني والسارق وقاتلوا وظائف الدولة لماذا يخاطب الله عزوجل الامة؟ الطرف الاخر فسر بان الولاية العامة بيد الامة في الأرض. لكنه غلط. سلسلة القيادات عينها القرآن انما وليكم الله لكن هذا الفعل وهو أفعال مسؤوليات الدولة لا يمكن ان يصدر من الدولة بوحدتها الا بمعاونة وتعاون الامة. أحد إخفاقات بناء الدولة العصرية ونجاح الباهر المعجز للدولة النبوية. في الدولة المعاصرة تقصر وتحبس مسؤولية فعل الدولة باعضاء افراد الدولة. لا يمكن أدائه. بينما في الدولة النبوية فعل سيد الأنبياء فعلا عجيبا. مثل طرد الداعش عن العراق ما كانت الدولة تقدر عليه ولا الجهاز ولا الفصائل المسلحة الشيعية المؤمنة بل الكل شارك فيه. ربما فرق دولة الظهور للامام الحجة علیه‌السلام عن هذه الدول ان الامام سلام الله عليه سيفتح بابا منظما لمشاركة الامة. لكن المقصود هذا المطلب ان إخفاقات الدولة الحديثة بناء الدولة هندسيا عليه جدل بشري كيف تصير الدولةناجحة وكيف تكون نشطة وكيف تكون موفقة؟ صار جدلية في البشر عملية خص الدولة. لان طبيعة الأنشطة الملقاة على مسؤولة الدولة جعلت على عاتق موظفي الدولة. لو انتشرت وظائف الدولة بالتنظيم كما في عصر النبي الجمهور الشعبي لازم ان يشارك. هذا بحث مهم ودليل على معجزة اميرالمؤمنين في عهده لمالك الاشتر انه رسم نظاما هندسي للدولة الى الان هذا النظام كفوء ومصادق عليه من قبل الأمم المتحدة. صادقوا على ان نظام الدولة التي بنى اميرالمؤمنين هذا نظام معاصر كفوء لها كفائة معاصرة مع ان هندست نظام الدولة من الأمور التي فيها لغط تعجز عنها البشرية شبيه الفرق بين الاقتصاد الاشتراكي والشيوعي او اقتصاد السوق او غيرها. البحث في نظام الدولة هندسته اشد تعقيدا واشد غموضا مع ذلك. البشرية هم غرباء لكن مرتبطون بعهد اميرالمؤمنين. صادقوا في عام 2000 ان عهد مالك الاشتر اعظم خريطة لنظام الدولة كفوء. هذا بحث نظام الدولة مرتبط ببحث الواجب الكفائي. البحث في الواجب الكفائي ينفتح على أبواب فقهية وعقائدية خطيرة.