الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي

 

الشك في التعبدي والتوصلي بحسب الأصول العملية

مر بنا أخذ قصد الأمر له بدائل كما ذكرها الأعلام والبدائل تشكل الاطلاق المقامي وهو يختلف عن الاطلاق اللفظي ويختلف عن الاطلاق اللحاظي أو الدلالي كما هو المصطلح عليه. هو الاطلاق من المجموع المكون من مجموع الأدلة، فمن ثم يصعب. نعم لأحد أنماط الاطلاق المقامي يمثلون بصحيحة حماد بن عيسى الجهني حيث كان الامام علیه‌السلام في صدد بيان منظومة الصلاة. حتى هذا الاطلاق المقامي يمكن ان يقال انه درجات، يعني أن الاطلاق المقامي الذي يمكن أن يجرى في بعض روايات الوضوء حيث الامام الباقر في صدد تعليم زرارة وضوء رسول الله او مثل صحيحة حماد حيث كان الامام الصادق في صدد بيان الصلاة او عندنا صحاح يكون الامام علیه‌السلام في بيان حج آدم وحج إبراهيم وحج سيد الرسل في رواية او روايتين وأحد هذه الروايات نقلها العامة في كل صحاحهم وهي معتمدهم في تفاصيل الحج في شئون حج رسول الله. إجمالا مثل هذه الروايات مرتبة من الاطلاق المقامي يعني مجموع الجمل والصفحات التي يبينها الإمام في رواية واحدة او صفحة واحدة او صفحتين يعبر عنه الاطلاق المقامي. فالاطلاق المقامي ليس اطلاقا في جملة و كلمة بل هو اطلاق في مجموع الجمل في بيان واحد او بيانات. فالاطلاق المقامي وسيع جدا. هذا كما مر بحث مهم ليس يعتمد على دلالة صريحة وتصريحية بل دلالة كنائية ودلالة ارشادية وخبرية ومتمم الجعل ووجوه متعددة.

حينئذ مقتضى الاطلاق ماهو؟ سواء الاطلاق المقامي او الاطلاق اللفظي. هل هو التعبدية او التوصلية؟ إذا أمكن أخذ قصد الامر بنحو من الأنحاء فيكون مقتضى الاطلاق هو التوصلية. هذا هو حلّ المتاخري الاعصار. أما كما مر بنا على حسب المتقدمين يلاحظ الماهية إن لم تكن فيه إضافة اليه تعالى فمن ثم سوف يكون الاطلاق يعني ارسال اللفظة من أحد معاني الاطلاق في الاستعمال. فان لم يكن في الماهية إضافة اليه تعالى عند المتقدمين تلقائيا يحمل على التوصلية. هذا بالنسبة الى الأصل اللفظي

اما بالنسبة الى الأصل العملي؟ هذا البحث يرتبط بدوران الامر بين الأقل والأكثر. طبعا حسب التصوير الذي مر بنا في البدائل قد لا يكون الأقل والاكثر في المركب بل قد يكون الأقل والأكثر في متمم الجعل او بلحاظ الغرض او بلحاظ القيد العقلي. مما ينبه على أن دوران الامر بين الأقل والأكثر لا يختص بما هو معهود في أذهاننا في التركيب من الأجزاء والشرائط. قد يكون الأقل والأكثر بلحاظ الغرض او متمم الجعل أو بحاظ دليل خبري محض كاشف عن نحو الغرض وهلم جرا. طبعا هذا البحث موكول الى الأصول العملية إجمالا. وفيه شبهة عويصة في الأقل والاكثر الارتباطي كل واحد من الاعلام يحلها بطريقة.

إجمالا الشبهة هي أن مفاد حديث الرفع والبرائة الشرعية فضلا عن البرائة العقلية هو أن يقطع بين المشكوك ويحد المركب في الباقي. والحال أن البرائة أصل عملي وليس كالدليل اللفظي. شبهة قوية عويصة ولأجله ربما بعض الأعلام لم يلتزم بالبرائتين في الأقل والأكثر أو البعض كالاخوند يلتزم بالبرائة الشرعية دون العقلية.

صياغة هذه الشبهة هي أنه لنفترض أن البرائتين أو البرائة الشرعية ترفع التنجيز عن الأكثر، فمن قال أن الأقل بحده صحيح ومجزئ عن المأمور به ومسقط إذا كان الفرض أن المركب ارتباطي فمن يقول أن الزائد ليس دخيلا في الصحة؟ هذا مفاد وضعي ولايمكن لأصل عملي إثباته. فبتالي فيه شبهة في إجراء البرائة الشرعية فضلا عن العقلية. لكن هناك أجيب بأجوبة متينة لسنا في صدد التعرض اليه. لا سيما إن الاخوند فصل بين البرائة العقلية والشرعية. في العقلية لا تجري البرائة عن المشكوك والزائد بخلاف الشرعية. هل هنا من قبيل الأقل والأكثر؟ الأقل والأكثر يعني في نفس الجعل الأول إما اكثر أو أقل إما متمم الجعل وحكم العقل بالغرض ودليل ارشادي وخبري كيف تصاغ بأنها أقل وأكثر. في المجعول ليس أقلا واكثر. اجنبيان لكنهما متحدان. أكثر شبهة من قال أن الجعل الأول يوفي الغرض؟ مع الشك وعدم وجود الأدلة اللفظية ووصول النوبة بالاصول العملية من قال ان الجعل الأول موفي بالغرض؟ المرحوم الاخوند في الاقل او الأكثر بلحاظ البرائة العقلية لا يجري البرائة فكيف هنا مع انه أشد تعقيدا من الأقل والأكثر؟ ما معلوم ان الغرض يستوفى ويسقط ولو أتيت بالمجعول الأول بتمام حده لكن لا زال الشك موجودا والشك عقلائي وليس خياليا، فالعقل يحكم بالاحتياط. هذه نكتة لطيفة أن بحث الأقل والأكثر الذي يبحث هناك لا يختص بسباكة وصياغة الأقل والأكثر في المركبات بل يشمل هذا البحث. لذلك مر بنا أن الفقيه لا يكفيه في تحديد المركب كالتشهد داخل الصلاة او نفس مركب الصلاة ان يراجع الأدلة الخاصة او الأدلة الصريحة، لأنه على بيان متأخري هذا العصر فيه متمم الجعل وفيه الارشاد لا تظنن أن الشارع يأتيك بالدليل والمركب صريحا وساذجا. طبيعة الاستنباط هو هذا. وإلا ما قاله الأعلام في بحث قصد الامر هلوسة وليس هكذا فبالتالي هنا الاشكال يصير أكثر لكن مع دفع الإشكالات في الأقل والأكثر يمكن تصوير البرائة لا سيما البرائة الشرعية إن لم يمكن العقلية والبحث موكول هناك ان شاء الله.

هذا تمام الكلام في التعبدي والتوصلي وفي الحقيقة كما مر بنا هذا البحث كانما تتميم الكلام في معنى الحقيقة الشرعية وتتمة الكلام في الصحيح والأعم وتتمة الكلام في الحقيقة اللغوية إن الوصول الى ماهية الشيء يحتاج الى زوايا عديدة. المشتق أحد الزوايا وغيره. لكي يتكامل الباحث في استنباط الماهية المركبة حتى المركب الجزء. الجزء أيضا مركب يشتمل على الأجزاء. الشرط كالوضوء بنفسه مركب غسل اليد اليمني في الوضوء مركب تبدأ من المرفق الى الأصابع بالشرائط والأجزاء. لابد أن يلتفت اليه الباحث ولها الأثر في بحث خلل الصلاة وخلل السعي وهلم جرا. إن المركبات مترامية مثلا الحج طوافه مركب وداخل المركب مركبات والسعي مركب آخر وهونفسه يشتمل على المركبات والإحرام هكذا التقصير هكذا ومجموع المركبات يصير العمرة او الحج. مثل هذه الهندسة القوالبية في المركبات امر مهم. والميرزا النائيني في رسالته اللباس المشكوك غاص في هذا المطلب. رسالة معقدة جدا. فيه نكات صناعية في المركبات وأصلا بحثه في المركبات من اوله الى اخره .

إجمالا فهذا البحث إذا في قصد الامر صحيح أنه في التعبدي والتوصلي لكنه تتميم في بحث المركبات في الصحيح والأعم والحقيقة الشرعية. مر بنا معاني التعبدي والتوصلي معاني عديدة وأيضا الكلام الكلام يجري فيه الأصل العملي كيف يجري الأصل العملي؟ بمعنى النيابة الأصل الاشتغال مثلا أشكّ أن هذا الفعل لابد فيه المباشرة أو يكفي فيه التسبيب. قاعدة الاشتغال تقتضي المباشرة إذا وصل الامر بالدوران بين التعبدي والتوصلي بالمعاني الأخرى التي مرت. مقتضى القاعدة غالبا إشتعال لأنه يشك في المسقط. إلا إذا شك في أصل التكليف. الفرق بين الشك في اصل التكليف والمكلف به بعد اليقين بوجود التكليف هذا بحث يحتاج الى الممارسة للضابطة التي بلورها الميرزا النائيني.

هذا بالنسبة الى الأصل العملي في المعاني الأخرى. هذا البحث بحث مهم ليس كل معنى التعبدي قصد الامر والعبادة. التعبدي في الشريعة والدين له معان عديدة. أحد اشتباهات العلمانيين او الحداثويين أنهم لا يلتفتون الى معاني التعبدي. التعبدي لها معاني عديدة يرتبط بعلم الاخلاق والعقائد وليست ستة بل معاني كثيرة. ما يرتبط بشأن الأصوليين هو هذه المعاني الستة. إيانا أن نغفل ونظن أن معنى التعبدي ستة أو واحد. حتى في علم الأصول يستعمل معاني أخرى لم يذكروها هنا. فنلتفت ان التعبدي له معاني عديدة.

أحد معاني التعبدي أن دين الله لا يصاب بالعقول هذا معنى آخر. وهلم جرا. هذه نكتة مهمة. انتهينا من هذا البحث.

البحث اللاحق الذي أثاره الاعلام هو الدوران بين الواجب التعييني والتخييري او النفسي والغيري او العيني والكفائي. إثارة جيدة في محلها لكن بعد مباحث معينة كالإجزاء يعاود الأعلام يبحثون عن الواجب التعييني ولتخييري والكفائي والعيني وغيره. هنا يبحثون عن الدوران فقط. كنه التعيين والتخييري يبحثونه في ما بعد وكذلك كنه الكفائي والعيني والنفسي والغيري. لكن كما ذكره الأعلام ان هذا البحث هنا يضطرهم ويلجئهم عن البحث في حقيقتها. شبيه التعبدي والتوصلي والدوران بينهما. بحث الأعلام في كيفية الجعل والمجعول في التعبدي ثم بحثوا عن الدوران. إذا هنا نطرح البحث ونذكر المباني ثم نعاود مرة أخرى هناك. على كل هذا اشكال تدويني وليس إشكالا علميا. هذا البحث حساس جدا. بغض النظر عن الدوران. ما هو معنى النفسي وما هو الغيري في الواجبات طبعا هذه الاصطلاحات بلورت في القرون اللاحقة في الأصول أو لفقه. ما هو التعييني والتخييري وما هو معنى الكفائي والعيني. بحوث حساسة سبق أن أشرنا في بحث الفقه أن الكفائي بحث مرتبط بالفقه السياسي بامتياز لأنه من وظائف عامة. الكفائة يعني الوظائف العامة. أريد أن أشير الى أهمية البحث. بخلاف العيني قد يكون فقها فرديا وقد يكون فقها من وظيفة الفقه النظامي العام. إذاً هذه أبحاث ليست عبطا. من باب الاصطلاح فقط وغدا نكمل في الفقه تقسيم ما هو الفرق بين الواجب النفسي والواجب الذاتي؟ مثل المحرم النفسي والمحرم الذاتي قالوا ان المحرم الذاتي قابل للتخصيص اما المحرم الذاتي غير قابل للتخصيص. سيأتي في بحث التولي لولاية الجائر. المقدس الاردبيلي قال المشاركة في النظام السياسي الوضعي ممنوع لأن الحرمة ذاتية والأدلة الواردة في التخصيص فيها ما فيها. هذا ولو بحث في الفقه لكن كالنموذج نأتي به في الواجب الذاتي والواجب النفسي أو المحرم الذاتي والمحرم النفسي.