44/03/26
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي
مبنى القدماء في العبادية وقصد القربى
مر بنا أن القدماء في تصوير التعبدي بالمعنى الأول المصطلح في قبال التوصلي يبنون على أن الفعل العبادي في نفسه فعل عبادي قبل تعلق الأمر به. طبعا متأخروا العصر أيضا في هذا الصدد لكن ربما أرادوا أن يحصروا الإضافة بين الفعل والباري تعالى عبر قصد الأمر. في الحقيقة هناك جدل بين الأصوليين أو الفقهاء او المتكلمين فيما بينهم أن الإضافة إضافة الفعل أليه تعالى هل تتحقق بأي إضافة وبأي نسبة؟ كون الفعل محبوبا لله أو يأتي به بداعي الله او يأتي به بداعي ثواب الله أو رضى الله او الخضوع لله او أنه لابد حصرا أن يأتى به بداعي قصد الأمر وبدون قصد الأمر لا يمكن إضافة الفعل اليه تعالى. ربما أيضا مشهور متأخروا الأصول يبنون على أن الإضافة حصرا يكون بقصد الامر وأن الثواب والمحبة أو الخضوع كلها من فروع قصد الأمر يعني الثواب بعد قصد الامر ورضى الله يستكشف بالخضوع لله ومن هذا القبيل. فقالوا في الحقيقة هذه الإضافات التي هي من فروع وتوابع قصد الامر حصرا الإضافة هي بقصد الامر، بينما القدماء عندهم كما اعترف المتأخرون وبنوا عليها أن الركوع بغض النظر عن قصد الامر فيه خضوع لله وكذلك السجود والايمان بالله بغض النظر عن قصد الأمر.
بالعكس يبني متأخروا الأعصار على أن العقائد ليست فيها أوامر مولوية حتى التوحيد للدور أو لأنه أمر عقلي بحط أو بأي علة أخرى مع أن الصحيح عندنا كما ذهب اليه مشهور المحدثين وربما مشهور القدماء لا المتكلمين منهم ان الأوامر المولوية متصورة حتى في التوحيد وبيّنّا ذلك في الفصل الأول من الجزء الأول من كتاب الإمامة الإلهية وبيّنّاه في تنبيهات الانسداد. هم لايتصورون في العقائد وجود أوامر مولوية لا سيما في أسس العقائد مع أنه ورد في بيانات أهل البيت «أول فريضة افترضها الله على عباده أن يؤمنوا به ويوحدوه ولا يشركوا به شيئا» بناء على مبناهم في أسس العقائد واصول العقائد انه لا أوامر مولوية فيها، فالعبادية من أين أتت؟ من إضافة ذاتية لأن الايمان والاعتقاد مضافة الى الله تعالى فالإضافة غير متفرعة عن الأمر. فالصحيح ما عليه القدماء.
المقصود أن متأخري الاعصار هم في صدد تصوير الإضافة الذاتية في الفعل قبل تعلق الأمر فما ذهب اليه القدماء في محله أن العبادية قبل تعلق الأمر، حينئذ عبادية الامر في حقيقة ناتجة وناشئة من كون الفعل في نفسه عباديا. لان الامر بالعبادة عبادة يعني أن يريد الله عزوجل أن يأتي بنحو الخضوع اليه تعالى إضافة اليه تعالى فمن ثم يكتسب الامر او يتنوع الأمر سنخا أنه عبادي. فإذًا الصحيح ما ذكره القدماء أن أي فعل يلاحظ فيه ولو في بعض اجزائه انه عبادي هذه علامة على أن الفعل عبادي. فالصحيح تنقيح أن الشيء عبادي بالمعنى الأول بالإضافة الذاتية اليه تعالى في الفعل لا أنه تكون وتقوم العبادية من قصد الأمر. من ثم لم نجد دليلا في باب من الأبواب ذكر فيه قصد الامر او قيد قصد الامر. أي أن تنظير متاخري الاعصار ليس له وجود في الواقع. من هذا الدليل أنه بحث نظري وفرض. اذا الصحيح عند القدماء أن العبادية فيها الإضافة الذاتية اليه تعالى لا أن العبادية تأتي من قصد الامر سواء بالامر الأول او الثاني.
نكمل مبنى القدماء: مع ذلك القدماء في حين أنهم بنوا على ان العبادية بالإضافة الذاتية في الفعل بنوا على أنه عند الدوران في الشك يجب تحليل ماهية الفعل والعبادة هل فيه إضافة ذاتية اليه تعالى ام لا؟ هذا هو المدار. طبعا عند ما لا يقف الباحث على إضافة ذاتية فالأصل الإطلاق فيكون توصليا. لأن العبادية قيد في الفعل فعندما يبحث الباحث بتحليل وتمعن وتدبر حينئذ من الواضح أن يكون مقتضى الاطلاق يعني عدم إضافة الفعل بإضافة اليه تعالى والتقييد به يقرر أن الفعل توصلي. ويمكن التمسك بالاطلاق بهذا اللحاظ. يعني إطلاق اللفظة لا الاطلاق بمعنى انه عدم التقييد بل تقييد ماهوي وتحليلي.
بعد ذلك بنى القدماء على أنه مع ذلك لابد من قصد الأمر، فليس فقط يقصد المكلف الفعل بما فيه من إضافة ذاتية. هذا على حاله هذا المقدار من العبادية لا يكفي عند القدماء بل لابد من قصد الامر أيضا. مع انهم يبنون على العبادية بأي إضافة من الإضافات مع ذلك لابد من قصد الامر. هل المراد قصد الامر الخاص بهذا الفعل او قصد الامر الصادر من المولى المتعلق ثانويا بهذا الفعل كما مر بنا في التعبدي والتوصلي بالمعنى الثاني. يعني أن الصلاة او الزكاة او الصوم عبادة مضاعفة او غير مضاعفة. المضاعفة يعني قصد الامر وقصد الامر الخاص بالصلاة لا الامر الخاص كالامر الايجاري او النذري او أي امر آخر طرء علي الفعل. الان ليس كلامنا في التعبدي بالمعنى الثاني. التعبدي بالمعنى الأول عند القدماء أن الفعل فيه إضافة ذاتية مع ذلك لابد من قصد الأمر. لماذا؟ ألم يقولوا أن العبادية تحصل باي إضافة اليه تعالى؟ فلماذا زيادة على ذلك قالوا بلزوم قصد الامر؟ وهذا كانما عبادية مضاعفة بمعنى آخر. غير المعنى الثاني. لأن العبادية الأولى هي الإضافة الذاتية اليه تعالى كونه خضوعا لله علاوة على ذلك قصد الامر عبادية أخرى مضاعفة. لماذا ذهب القدماء الى ذلك؟ ذهبوا لأن الامر الذي يتعلق بالفعل يكون عباديا وسنخه عبادي وليس توصليا. يعني أن الآمر يريد ان تنبعث من خصوص هذه الإرادة وتنقاد لهذه الإرادة الخاصة المتعلق بهذا الفعل. تنقاد لها وتسلم لا أن تقول اني انقاد إلى ارادتك الأولى وأتمرّد عن الثانية. فيها شائبة عصيان ولا يليق بالعبادة والعبودية. شبيه ابليس قال رب رب رب. يعني أوامر الإله بلحاظ الايمان بالشهادة الأولى لكن الشهادة الثانية لا يؤمن به. هل الابليس منقاد لله؟ كلا، لانه وان انقاد للإرادة الأولى لله إلا أنه تمرد عن الإرادة الثانية له تعالى. بالتالي إذاً هكذا تصويرهم أن الفعل الذي اضافته ذاتية وهو عبادي لكن لا يكفي لأن الامر الذي تعلق به حيث انه امر عبادي وسنخه عبادي لابد من الانقياد والتسليم لهذه الإرادة. على ضوء هذا التقرير الذي يذكره القدماء يقولون حتى الامر التعبدي بالمعنى الأول يكون تعبديا بالمعنى الثاني أيضا. فهنا بالتالي هذا التقريب وهذا التصوير عند القدما وهو الصحيح يكون العبادي اضافته ذاتية في نفسه وإلا لا يتصور انه عبادي وماهيته تلقائيا مضافة اليه تعالى. «ما كان لله ينمو» يعني الفعل الذي فيه إضافة لله تعالى ينمو. لذلك الاحسان والخيريات مثل خيرية الانسان لأجل مبدأ إنسانية كحقوق الانسان واحترام الانسان والرأفة للإنسان هذا في الحقيقة ليس محسنا. هو محسن صورة لكن هو مسيء حقيقة لأنه يروج أصالة لاغيب ولاحساب ولامعاد ولااله. ترويج هذا المنهج المادي يوجب الحرب بين البشر والتوحش بين البشر. صورة إحسان لكنه لبا ترويج مبدأ غير الهي هو ترويج للعداوة والرذائل من حيث لا يشعر اذا جعل الانسان محورا للحقوق. فيه نزاع في فلسفة الحقوق وتشريع الحقوق هل الأصل حق الله او الأصل حق الانسان؟ طبعا المسيحيون صارت بينهم ردة فعل بين أصالة الحقوق لله لأن رجال الدين المسيحين يستغلوا حق الله لحقوق انفسهم للكذب والدجل كذلك علماء اليهود واتبعهم الساسة الفاسدون. وصار الدين مسيسا لصوالح الأشخاص. من ثم ردت من قبل فلاسفة الغرب والشعوب. هذا ليس ذما للدين بل ذم لرجال الدين. على أي تقدير فهذه الجدلية في فلسفة الحقوق وفلسفة التقنين مهمة، الأصالة في القانون والكمالات لله تعالى او الانسان؟ وبالدقة هذا الانسان ليس مقصودهم الانسان إلهي بل مقصودهم الانسان المادي والبهيمي الذي لديه الشهوات والغضب لا الانسان المنفتح علي الملكوت والغيب. فعلى االنسان البهيمي الذي يصورون بحث في فلسفة العقائد كبنية أساسية في فلسفة التشريع وهذا البحث أصل أصول القانون لأن العقائد مرارا مر بنا أنها بمثابة أصول القانون للأخلاق والحقوق والأخلاق أصول القانون للحقوق والحقوق أصول القانون للقوانين هذه الدائرة متفق عليها بين كل البشر سواء مدرسة إلحادية او الشيوعية او الرأسمالية او الإلهية. أي ملة ونحلة تقبل بهذه الدائرة. العقائد والمعارف والرؤية الكونية اصول القانون والتشريع للاخلاق والأخلاق أصول التشريع للحقوق والحقوق أصول التشريع للقوانين العملية في كل أبواب حياة الانسان والمجتمع الإنسانية. هذه الدائرة متفق عليها بين كل ملة ونحلة وليست خاصة بمن يعتقد بالالوهية. فنرجع الى هذا المطلب وهو أنه في العبادية الإضافة الذاتية اليه تعالى والخيريات والإحسان والفعل ان لم يكن فيه إضافة ذاتية لله تعالى صورة احسان باطنه جهنمي جهنم للبشر نفسه بغض النظر عن عذاب الله. يبدل كل ثروته للايتام ويجازيه الله حتى على هذا الامر الصوري لأن الله يجازي حتى على ما هو خير صوري وإن لم يكن خيرا حقيقيا لكنه باطنه وواقعه يصب في دمار البشر. لأنه يصوغ البشرية ويروج البهيمية ويروج الشهوانية وهذا موجب لسفك الدماء للبشر. الان حسب الاحصائيات الحرب الموجود عند الرأسماليين من أجل نزاع الرئاسة والقدرة لو هذه الأموال صرفوها في شعوبهم وشعوب العالم الفقيرة لاجل الرئاسة والزعامة شبيه جماعتنا نزاعات التي عندهم على القدرات نوع من التبحر في الأموال وهلم جرا. مشكلة البشر في دوامة السكر إذا لم يكن السبيل اليه تعالى الانسان يعيش سكرانا. هذه القضية «لا تقربا الشجرة» «بدأت لهما سوآتهما» كلها قصة حقيقية لكنها رموز في التعبير لان الانسان اذا توجه الى الجهات النازلة منه يهبط ويكون منشأ العدوات. «بعضهم لبعضهم عدو» خلة الدنيا ليس لها دوام. المقصود ان الاحسان صورة احسان هذا بحث جدلي مهم. ثم إذا واصلنا المسير هذه الإضافة لله لابد أن تكون فيها الإضافة الى الأنبياء وهذه الإضافة الى الأنبياء لابد ان تكون فيها الإضافة الى الاوصياء والا الكلام الكلام. حتى في زماننا هذا كل ما لا يصب في سبيل صاحب العصر والزمان فهو طاغوت.أحد معاني كل راية فصاحبها طاغوب يعني إذا ما تضاف الى راية صاحب العصر والزمان. لانه سيكون دعما لطواغيت بشرية خلاف المشروع الإلهي. كل من يدعى من دون صاحب العصر والزمان انه المركز طاغوت يعبد من دون الله هذا بيان عقلي اذا ادعى انه المركز. من يكفر بالطاغوت المراد منها الطواغيت البشرية كأنما عندما يقال لا اله المراد منه الاصنام البشرية بالدقة تدبر المعنى واضح. الوله والقصد الى الطواغيت البشرية اخطر من الاصنام الحجرية. هذا مفتاح لبيانات وتأويلات اهل البيت في كل الايات اأ كثيرا من التأليه هو تأليه الاصنام البشرية لا الحجرية. الأرباب البشرية اخطر من الارباب الحجرية.
الإضافة الذاتية الفعل فيه إضافة ذاتية لله فحينئذ عبادي ويصب في الخير إذاً علاوة على ذلك لابد من قصد الامر لانه لابد ان يسلم وينقاد الى الله ليس فقط أن يضيف العمل الى الله. إذًا العبادة والعبادي ما كان اضافته ذاتية لله. زيادة على ذلك يسلم وينقاد لآمرية الباري تعالى سيما هذه الامرية الخاصة بالتالي يكون مضاعفة في الانقياد وغيره عبادة للطاغوت وصورة خير وواقعه طغيان وطاغوت. فالكفر بالطاغوت ليس الكفر بالاوثان بل الاوثان البشرية اخطر من الاوثان الحجرية والوثن البشري يعني أن تجعله المركز وتتعصب له فوق تعصبك لصاحب العصر والزمان او الأنبياء او الباري تعالى هذه كلها تشتمل على الطاعوت والطغيان. فاذا الإضافة الذاتية هي العبادة وينقاد ويسلم الى آمرية الامر الخاص لله تبارك تعالى
هذا مخلص مبنى القدماء ويبقى مبنى المتأخرين والاخوند وإجمالا هذا يفيد في تحليل العبادات وفي البحوث العقائدية. المباحث الأصولية يمكن استثمارها في كل العلوم الدينية.