الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي

 

خارطة التعبدي الأول على ثلاث أقوال

البحث في المعنى الأول الرئيسي للتعبدي والتوصلي وحسب ما حرّره متأخروا الأعصار ان البحث في أخذ قصد الأمر في متعلق الأمر هل هو ممكن أو لا؟ يعني أن يكون الفعل والامتثال قائما بقصد الأمر «نفس الأمر المتعلق بالفعل او قصد أمر آخر متعلق بالفعل أو أمر ثانوي متعلق بالفعل» يعني بعبارة أخرى المعنى الأول للتعبدي أعم لكن جروا البحث في قصد الأمر لنفس الامر المتعلق بالفعل، بالتالي بحثوا فيها أنه هل يلزم منه محذور الدور أو تقدم الشيء على نفسه او الخلف، فإن لم يكن أخذ قصد الامر في متعلقه تصل النوبة الى امر ثاني وهو يأمر بقصد الأمر في الفعل الأول ومتعلق بالمتعلق للأمر الأول فهذان أمران مزدوجان. هذا هو الذي يذهب اليه النائيني أن المجعول بالجعل الثاني جعلان ومجعولان لكنهما ذو ملاك واحد بحيث لا يسقطان ولا يمتثلان إلا معا. صورة أمران لكنهما واقعا ولبا واحد.

فبالتالي إذا كان قصد الامر مأخوذا في متعلق الأمر فتصور متعلق الأمر عند الجاعل مقدم على إنشاء الأمر بذلك المتعلق، فكيف يفرض في رتبة سابقة قصد الأمر والحال ان الامر لم ينشأ في مرحلة تصور متعلق الامر فكيف يفرض قصد الامر، هذا من باب تقدم الشيء على نفسه، أن الامر لم ينشأ وفرضه متقدما خلف أو دور أو ما شابه ذلك. لان الأمر يعتمد على متعلقه والمتعلق يعتمد عليه لأن من أجزاء المتعلق قصد الامر وأيضاً يعتمد على الامر.

اصطلاح عند الأصوليين هنا أن الأمر في قصد الامر المأخوذ في المتعلق يقال له بالدقة «متعلق المتعلق» مثلا الركوع والسجود والقرائة متعلق الأمر أما الكعبة الشريفة ليست متعلق الامر بل متعلق المتعلق باعتبار ان استقبال الكعبة من المتعلق والاستقبال تعلق بالقبلة أو الكعبة او مسجد الحرام. فعين القبلة الكعبة الشريفة او مسجد الحرام متعلق المتعلق ومتعلق الاستقبال وهذا المتعلق بدوره وبنوبته تعلق بالمتعلق. اصطلاحا في علم الأصول يعبرن عن الكعبة او عين القبلة بمتعلق المتعلق. مثل الماء، الماء متعلق المتعلق وليس هو المتعلق طبعا بينهم اختلاف بين الأصوليين ان متعلق المتعلق من قيود المتعلق وقيود الواجب او أنه من قيود الوجوب فيه خلاف. من قيود الوجوب الشرعية اوقيود الوجوب العقلية. أصل قيديته للوجوب فيه خلاف وكونها عقليا او شرعيا أيضا فيه خلاف. إجمالا هنا إذا فرض قصد الامر مأخوذا في المتعلق فالامر متعلق المتعلق وهو رتبته قبل المتعلق ربما سائل يسئل كيف يكون قيود الوجوب قبل الوجوب؟ قيود الوجوب أيضا قبل الواجب فيه قاعدة معقدة ذكرها النائيني في مقدمة لواجب وهي قاعدة أصولية: إن كل قيد الوجوب هو قيد الواجب. مآل وصيرورة قيود الوجوب لقيود الواجب؟ تتمة هذه القاعدة إن كل قيد الواجب غير مقدور او غير مأخوذ في ذمة التكليف ولم يأخذ محطا للتكليف ولا يلزم ايجاده أيضا هو قيد الوجوب. في البداية كل قيد الوجوب قيد الواجب. لازم أن يجيء موطنه ونبحث عن معناها الصحيح. وعكسه كل قيد واجب غير مكلف به «اعم من غير المقدور» هو قيد الوجوب. يعني كل متعلق المتعلق غير مكلف به يكون قيد الوجوب. هاتان قاعدتان يأتي شرحهما في مقدمة الواجب.

هنا الأعلام وقعوا في هذا البحث أن قصد الأمر إذا أخذ في المتعلق يكون الامر متعلق المتعلق وحينئذ يكون في رتبة متقدمة على الواجب والوجوب.. فكيف يصير متقدما لأن قيود الوجوب متقدمة علي الوجوب. فقالوا انه يلزم الدور. هذا الدور كيف يحلوه فيه حلول كثيرة محل تجاذب بين الأعلام هل هذه الحلول صحيحة او غير صحيحة سنتعرض اليها مفصلا وتفيد في الدقة الذهنية

الميرزا النائيني لم يقبل هذه الحلول فتوصل بأمر آخر. هذه الفهرسة الاجمالية لكلام الاعلام لما تعرضوا لقصد الامر لكي يبينوا أن التعبدية مقتضاها أخذ قيد قصد الامر سواء في الامر الأول او الثاني فالتعبدية بالمعنى الأول المشهور هي صياغة أخذ قصد الامر قيدا في المتعلق سواء في متعلق الامر الأول او الامر الثاني المرتبط بالامر الأول. هذه النتيجة يريدون ان يصلوا اليه. بالتالي مقتضى اطلاق الامر عدم التعبدية. عند دوارن الامر بين التعبدي بالمعنى آلاول او التوصلي. إذاً هذه المحاولة منهم لتصوير أخذ قصد الامر لكي يقولوا ان التعبدي تقييدي فحيث انه نتردد نجري الاطلاق اللفظي في المتعلق او في الامر. نتيجة الاطلاق هي التوصلي وعدم كونه تعبديا في الواجب الذي يتردد. هذا محصل خارطة البحث عند الاعلام

المرحوم الاخوند صاحب الكفاية عنده طريق آخر. يقول إن قصد الامر ليس قيدا شرعيا للواجب او الوجوب بل هو قيد عقلي يحكم به العقل. هذا بحث آخر. اصل تصوير التعبدية رفض صياغة مشهور المتاخرين انه قيد الوجب او الوجوب بالامر الأول او الامر الثاني ورفضها وقال انه قيد عقلي في الوجوب او الواجب يحكم به العقل. فالاطلاق لا ينفع في نفي التعبدية على مبنى الاخوند لانه ليس قيد شرعيا. هذه ثمرة كون القيود عقلية او شرعية ان القيود العقلية لا تنفى بالاطلاق. من ثم المرحوم الاخوند يقول ان الاطلاق لا يثبت التوصلية لان هذا القيد قيد عقلي. فخارطة البحث عندد الاخوند ثانية.

الظهور اللفظي لا يتناول في عناصره القوالب العقلية للمدلول. هذه نكتة مهمة في باب الظهور. لانها ليست عناصر لفظية وليست عناصر انشائية بل خصائص عقلية في المدلول. هذا مطرد في الاحكام الوضعية والابواب الفقهية الأخرى والاوامر الأخرى إن المفاد العقلي لا يمكن الاستدلال له بالعناصر اللفظية في الظهور

خارطة صاحب الكفاية في تصوير التعبدي وسنتعرض لكلام الاخوند يقول يجب الرجوع الى العقل وحكم العقل عند الشك هنا شك في الاشتغال وليس شكا في التكليف فيجب التعبدي. لكن اذا صورنا الشك في المكلف به فيكون الأصل تعبديا على مبنى الاخوند هذه مجمل فهرسة اجمالي لكلام الاخوند. عمدا اثير هذا المطلب لكي ابين فهرسة الإجمالي

خارطة ثالثة في الكتب الفقهية وهي أن تعبدية الامر او توصليته أصلا لا صلة لها بقصد الامر يعني ليس استكشاف ان الامر تعبديا او توصليا بقصد الامر. ولذلك اذا تخوض كتاب المقنعة للمفيد او المقنع للصدوق او الهداية للصدوق او الكتب الأربعة او الانتصار للسيد المرتضى او المبسوط والخلاف للشيخ الطوسي والمهذب ابن براج وابن ادريس وابن حمزة وحلبيون وغيرهم من القدماء اذهب حتى الى كتاب الشرائع وكتب العلامة الحلي وبقية كتب المحقق الحلي وربما في بعض كتب الشهيدين قضية قصد الامر في العبادات ما ذكروها في الفقه لا في باب الوضوء ولا الغسل ولا التيميم ولا الصلاة ولا الصوم. ولا وجود لهذا البحث العلمي في الخارطة الأولى حتى بحث النية كما ذكره المتاخرون كالمحقق الحلي. نعم بمقدار مبطلية الرياء موجود. ربما المتتبع يجد هذه الخارطة بنى عليه المتاخرون او متاخرو الاعصار وقصد الوجه والتمييز اندثرت عند متاخري الاعصار وكان تبني لقرنين او ثلاثة وبعد ذلك اعرض عن هذا لمبنى ولم يقبلوه متاخروا الاعصار. نعم الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كشف الغطاء عنده ما قد يقرب هذا الكلام والخارطة عند القدماء ويقول ان قصد الامر ليس جزء او شرطا. حتى يلزم الخارطة الأولى عند متاخري الاعصار. يقول ان النية في العبادات هي روح العبادة او قل الفصل المقوم فهي ليست في عرض بقية الأجزاء لا جزء ولا شرط هي روح مثل الروح مع البدن. او هي الفصل المقوم وتلون كل الصلاة او هي سنخ في الامر. يتعني العبادة على الخارطة الثالثة ليست قيدا او جزء للمتعلق. الخارطة الثانية عند الاخوند لم يعتبره قيدا شرعيا بل قيد عقلي وهذا القيد عند الاخوند عبارة عن قيد عقلي في إيجاد الملاك. أصل التعبدية ما هي أو ماهية التعبدي مؤثر في خارطة البحث مثل ما مر بنا أن الخارطة الاجمالية في البحث اهم بكثير جدا من الخارطة التفصيلية. فالمقصود هذا المطلب ان أصل الخارطة مهم جدا في بيانات اهل البيت المنطقية ذم ذما شديدا التعمق ومدح الغور والفحص. ما الفرق بين الغور والفحص والتعمق في اللغة؟ احد مدائح سيد الأنبياء أنه عنده الغور في التوحيد وهو الفاحص عن التوحيد. اما التعمق مذموم. التعمق يعني الذهاب الى التفاصيل وتفاصيل التفاصيل بدون ان تتنبه الى مفاصل الخارطة الاجمالية. تنذهل بالتفاصيل ولو سئلت عن الاعمدة والمفاصل لكان الانسان في تيها منها. هذا مذموم لأن الأساسيات ليست عنده. الخارطة الاجمالية أهم من التفاصيل وتفاصيل التفاصيل. الخارطة الاجمالية يعبرون عنها الغور والتدقيق في الفهرسة الاجمالية وتعيين المفاصل والاسس والقواعد والأرض الربطية غور وممدوح.

مذكورة في بيانات أهل البيت عليك بلباب العلوم يعني الفهرسة الاجمالية. هذا حتى في البحوث الاكادمية. عند الغربيين مثل ان الشيطان في التفاصيل. على كل هذا بحث مهم. الفهرسة الجمالية يعني الخارطة التعبدية اين وما هي خارطت التعبدي.

على كلام الشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول ان التعبدي ليس بقصد الامر جزءا او قيدا بل قصد الامر هو تحديد نوعية سنخ الامر او سنخ المأمور به. هذا كلام كاشف الغطاء وربما شرح للقدما. في حديث «علم الله ان يكون في آخر الزمان اقوام متعمقون» وهذا ليس مدحا بل يعني ان منهجيتهم خاطئة فانزل الله سورة التوحيد. وظيفة هذه الايات ان يستعرض الاعمدة والاسس. المهم اذا اصل خارطة التعبدي أهم من الدخول في التفاصيل. ثلاث خرائط استعرضنا اليوم اجمالا ولها تتمة ان شاء الله.