44/03/19
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي
مراحل الحكم وقيود الفعل والفاعل
كان الكلام في ما ذكره الميرزا النائيني من وجهين ليستدل على أن متعلق الأمر ومتعلق الوجوب لابد أن يكون إراديا واختياريا. طبعا لا يخفي ان الميرزا النائيني في حين أن يقول هذا الأمر، هو يحرر أن المصلحة والملاك للواجب والوجوب ليس بالضرورة محدد دائرة الفعل بالإرادي والاختياري فهو نفسه يفرق بين مقام دائرة الفعل المشتمل على المصلحة وبين دائرة الفعل الواجب. دائرة الفعل المشتمل على المصلحة عنده أوسع من دائرة الفعل الواجب. هذا نوع من تعدد مراحل الحكم لأن صحة الحكم وملاك الحكم من مراحل الحكم. فيتبنى الميرزا النائيني على ان المصلحة للحكم المتواجدة في الفعل أوسع مما تعلق في الوجوب والأمر فيدل على تعدد مراحل الحكم. هذه التفرقة مهم. فبالتالي الميزرا النائيني اعتمد على جهة الحسن الفعلي والفاعلي.
هذا البحث في نفسه كما مر بنا وهذا التفكيك بين الحسن الفعلي والحسن الفاعلي او قل حيثيات ماهية الفعل في نفسها وحيثيات صدور الفعل عن الفاعل في نفسه قيم في أبواب أصولية او فقهية او كلامية كثيرة يستفاد منها. الان يتم في المقام او لا يتم بحث آخر. الفرق بين الصدق الخبري والصدق الفاعلي وحصل الخلط بينهما والمفروض ان لايقع الخلط بينهما وكذلك الصحة الخبري والصحة المخبرية. ربما يكون المخبر معذورا والجهل عنده مركب فهو من جهة الفاعلي ليس بكاذب لكن من جهة الفعلي هو كاذب. عكس ذلك في الكذب. هو يدعي العلم لكن لا يعلم مع ذلك خبره صادق. يظن أنه يختلق الخبر فاعليا لكن يطابق الخبر وصحته للواقع.
الصدق الخبري غير قابل للجعل والاختلاق ولا الكذب الخبري أيضا غير قابل للجعل. المطابقة واللامطابقة كما ذكر علماء العلوم العديدة أمر غير قابل للجعل لأنه ليس محل الاختيار وإرادة الانسان. شبيه تعبير ابن سينا لم يجعل الله مشمشة مشمشة لكنه اوجدها. بالتالي ثبوت الشيء لنفسه ضروري. ذكروا في علم المعاني أحد أبوابه الإخبار والانشاء والصدق الكذب. كذلك في العلوم العقلية وغيرها. الصدق يترقى حتى يصل درجة النبوة صدق الأنبياء يختلف وصدق الأصفياء والأولياء وصدق الذات الإلهية «ومن أصدق من الله قيلا» على كل مبحث الصدق والكذب مبحث في كل العلوم. فالصدق الخبري والكذب الخبري ليسا قابلين للجعل بل هما تكوينيان. والواضع والجاعل لهما إنما يختلق للجهة الفاعلية لأنها بيده. فإذا كان متن الخبر مطابقا للواقع لهذا صدق ولو هو في جهله المركب يقول هذا كذب. والعكس كذلك. أحد مباحث التفكيك بين الحسن الفعلي والفاعلي جهة الصدق والكذب ويترتب عليه كل نظام الحجية في بحث الأخبار وغيرها. علم أصول القانون مرتبط بالحسن الفعلي يعني الصحة الفعلية يعني مطابقة المتن لأصول التشريع أصول المذهب او أصول الدين او قواعد الشريعة. أصول القانون يعني يلاحظ فيه جانب العقل النظري لا العقل العملي. طبقات منظومة القانون كيف تترابط وتتشابك مع بضها البعض. بعبارة أخرى بين طبقات القانون هناك ارتباط ماهوية كل طبقة تتشابك وليس بنحو طولي فقط بل أنحاء عرضي والمائلي وغيرها. رياضيا وهندسيا لا يكتشفها الا الله ورسوله وبتعليمهم. هذا هو السر في أن ولاية التشريع للأساس لله وللرسول وللائمة علیهمالسلام سواء في فقه الفروع او أي علم من العلوم حتى الفيزيائية الإحاطة بمنظومة وطبقات معادلات العلم لا يحيطها الا الله. هذا التطابق صدق خبري وحسن فعلي ولا ربط له بالجهة الفاعلية. الان ارتباط الجهة الفاعلية بالفعلي كيف هي بحث حساس لكن أول مرحلة هو التفكيك بين الجهتين، لكن هناك ارتباط بين الجهة الفعلية والفاعلية وبحثوها في بحث التجري بالمناسبة ومبحث الانقياد في تنبيهات القطع. الان لسنا في صدد الخوض فيه بقدر ما نحن في صدد الفهرسة الاجمالية لكي يتنبه الباحث في أبواب الأصول كيف يلتفت الى هذا المبحث الشائك.
فرد السيد الخوئي على استاذه في الحسن الفعلي والفاعلي أن الحسن الفاعلي منحصر بقصد الأمر وبالتالي سيكون عباديا بالمعنى الأول بينما المعنى الخامس العبادي يختلف عن المعنى الأول كيف يرجع الميرزا النائيني عن المعنى الخامس الى الأول؟ هذه مؤاخذة على الميرزا. هذا الكلام من السيد الخوئي يمكن المؤاخذة فيه وهو ان الحسن الفاعلي منحصر بقصد الامر او أن قصد الامر هي أعلى رتب الحسن الفاعلي؟ ليس بعيدا أن لا يكون منحصرا بقصد الامر بل مراتب. كما أن قصد الامر أيضا مراتب. كما سيأتي. فحصر الحسن الفاعلي بقصد الامر فيه تأمل، نعم أعلاه قصد الامر. قال بعض المجتهدين رحمهالله الادب العرفي دون الأدب الأخلاقي وهو دون الادب المعنوي. طبقات وهذا كلها صحيح. فيه أدب لكن لا يتضمن الخلق الرفيع وفيه الأدب فوق الخلق فالآداب درجات أيضا. فحتى الجهة الفاعلية أيضا ليست درجة واحدة بل درجات.
على كل اعتراض السيد الخوئي فيه تأمل لكن إجمالا هل يتم كلام الميرزا؟ لا، المهم في باب الأحكام أن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد في نفس الأفعال أما الجهة الفاعلية ولو غير ممتنعة ان يقيده الشارع بالجهة الفاعلية لكن يحتاج الى مزيد من العناية. ولذاك الميرزا قبل أن الملاك في الفعل دائرته أوسع من الوجوب و الأمر وهذا هو معناه. الملاك ليس بالضرورة ان يناط بالحسن الفاعلي قد يقتصر الشارع في التشريع على الحسن الفعلي. من ثم مر بنا الامتثال ودونه الأداء و دونه السقوط بدون الأداء. الامتثال يعني الامتثال بقصد الامر حتى في التوصلي إذا قصد الامر يصير تعبديا. والأداء هو الفعل من دون ان يقصد الامر كما مر بنا. السقوط إذا فعل الغير عني من دون أن يستنيب عني او من دون أن آمره او من دون أن يقصد الفعل عني بل فعله كغسل الثوب سيكون طاهرا أو تبرئ عن الميت فيسقط عنه وانتفاء الموضوع أربع مسقطات للحكم كما مر بنا. بالتالي إذًا ليس من الضروري أن يكون الوجوب يتعلق بالحسن الفاعلي قد يكتفي الشارع في التشريع أن يتعلق بالحسن الفعلي من دون اناطته بالحسن الفاعلي. والا الحسن الفاعلي درجات. إذاً هذا الوجه غير تام من هذه الجهة غير تام يعني تطبيقه في المقام وإلا بحث الحسن الفعلي والفاعلي أو أن كمال الفعل غير كمال فاعلية الفعل مبحث حساس في العلوم الإنسانية والأصول والكلام. مبحث في نفسه متين لكن استثماره في المقام فيه مؤاخذة
الوجه الثاني الذي ذكره الميرزا النائيني هو أن الأمر يقتضي التحريك والباعثية. إذا اقتضاها يجب أن يكون مقدورا للمكلف كيف يحركه إذا كان الفعل غير مقدورا. رد السيد الخوئي عليه أنه يصحح باعثية الامر نحو الفعل أن يكون بعض أفراد الطبيعة مقدورا ولا يجب أن يكون تمام أفراد الطبيعة مقدورة. فلو كان الامر متعلقا بخصوص الحصة غير المقدورة هذا تهافت. أما إذا كان الأمر متعلقا بالجامع فهذا مطرد في كل الأحكام والواجبات. الامر بصلاة الظهر يتعلق بصلاة الظهر ويشمل الصلاة في مسجد الحرام ولو أنا متواجد في مدينتي والصلاة هناك غير مقدورة علي. أو الان آخر وقت الصلاة والصلاة في أول وقتها غير مقدورة. ليس من الضروري أن يكون تمام أفراد الطبيعة مقدورة لكن الأمر يتعلق بالجامع. هذه المؤاخذة من السيد الخوئي متين ليس كلامنا في ذلك او عدم تمامية ما ذكره الميرزا النائيني. إنما كلامنا في منشأ ومنطلق للميرزا النائيني ولذلك حاول السيد الخوئي أن يعالجه. السيد الخوئي سلم انه لابد من القدرة لكن القدرة على بعض أفراد الطبيعة كافية. كلامنا في أصل الفكرة وأصل البنية في القيود التي تأخذ في الواجب او الوجوب بسبب الأمر أو بسبب الوجوب او بسبب الواجب. القيود التي تأخذ عقلا او عقليا. استدلال الميرزا النائيني عقلي ان الامر تكوينا خاصيته محركية وباعثية والبعث تتوجه الى المقدور. خلفية البحث أهم من البحث بنيويات التي يعتمد عليها سجال الأعلام اهم من السجال.
هذه القيود ما هو دورها؟ أو قل بعبارة أخرى القيود التي لم يأخذها الشارع أو قل القيود غير الشرعية. ما هو دورها وفي أي مرحلة تأخذ؟ في أصول الفقه للمظفر شرح نظرية النائيني القيود الشرعية فرقها عن القيود العقلية. قيود الوجوب الشرعية فرقها عن القيود العقلية للوجوب وأيضا القيود الشرعية للواجب. أهمية كتاب أصول المظفر أنه مدرسة النائيني والكمباني. المباحث الموجودة فيه مع حلقات الشهيد الصدر عموم وخصوص من وجه. الجمع مهما أمكن أولى من الطرح. مع القوانين يصير أكمل. المقصود انصافا مباحث دقيقة في القوانين. فما هو الفرق؟ الفرق الذي ذكره المظفر شرحا لنظرية استاذه. القيود الشرعية في الوجوب حسب تعريف النائيني دخيلة في أرضية الملاك وإعداد الملاك. أما القيود الشرعية في الواجب دخيلة في إيجاد الملاك في الفعل. مثل المرض يعد الأرضية لصلاح شرب الدواء. الأدوية غالبا هي سموم وليست أطعمة. هذه السموم إنما يصح اذا مرض الانسان. فالمرض قيد الوجوب في الدواء أما أكل الدواء بطبخه الخاص قيود الواجب. مثل الجوع قيد الوجوب في الطعام أما كيفية الطبخ قيد الواجب. نستعرض نظرية النائني وبعده نقول نظرية الشيخ الانصااري والكمباني والعراقي والاخوند أوسع من نظرية النائيني وان كان نظرية النائيني دقيقة لكنه مختنقة.
هذا البحث ناموس علم الأصول يعني المجتهد الفقيه او المفسر المتكلم الذي لم يميز بين هذه البحوث يخبط بين البحوث. هذه من تطورات صناعة الأصول التي وصل اليه المتأخرون لكنه ليس ما قام به المتأخرون تطوير بكل الأصول والفقه. في بعض الأبواب طوّره متأخروا هذا الأصل وإلا في بعض الأبواب مواده عند المتقدمين أجسم مما عند المتاخرين. كثير من الكنوز موجودة في المبسوط او الجواهر وكتب القدماء. كثير من فروع الصلاة بحوث الصلاة في ذكرى الشهيد الأول ما موجودة في المفتاح او العروة ولا في الجواهر. لذلك يقال من أضبط الصناعة في خلل الصلاة الشهيد الأول في الذكرى وبعده الشيخ عبدالكريم الحائري في كتاب الصلاة. هذا المبحث من ناموس علم الأصول والفقه والعلوم الدينية.
تتمة ان شاء الله غدا بالفهرسة الإجمالية.