44/03/14
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي
قواعد صناعية أصولية أربع كلية
كان الكلام في تفسير التخييري والكفائي ومر أن هناك نظريات عديدة للأعلام ربما تصل الى ثمان نظريات في تفسير القالب الصناعي للتخييري والكفائي ومر أن كل تصوير قد تسجل عليه مؤاخذة.
أصل المطلب في الحقيقة يعتمد على قواعد أكبر من الكفائي والتخييري وأقسام الواجب. هذا البحث مر بنا مرارا التنبيه عليه وهو أن المركبات او العمومات في الأدلة والمركبات التي تتركب من دلالة العمومات أو قل العمومات سواء في جانب الموضوع الأصولي وقيود الوجوب أو في جانب الواجب وقيود الواجب، من الخطأ ان يحسبها الانسان أنها على وتيرة واحدة أو على أقسام أربعة؛ بدلي واستغراقي ومجموعي وامتدادي بل غالبا هذه العمومات في كل باب يتركب منها أشكال مختلفة، فمن الخطأ أن يحسب الباحث في الاستنباط أن الشاكلة هنا عموم استغراقي أو بدلي أو مجموعي ولا غير، مثلا صلاة المسافر فيها عقد كثيرة وسبب العقد فيها هو هذا البحث وكذلك الأبواب الأخرى.
يعني تارة ترى مركبا معينا كل قيد فيه له نمط من العموم المعين ومن الخطأ إذا وجد الانسان عموما معينا أن يظن كل قيوده من هذا النمط. قد يكون قيد بنحو صرف الوجود وقيد ثاني امتدادي وقيد ثالث مجموعي وهلم جرا. يعني لابد من أن يحسب كل قيد بحسب أدلته فيركب من أجزاء مختلفة الطبائع ومختلفة الأنماط والأوتار فيركب منها مركب. إذًا أصل المركب قد يتركب من عمومات وأجزائه أيضا من وتيرة عمومات أخرى. هذه الأمور يجب الالتفات اليه وهي سبب التعقيد.
من الخطأ ان يستنبط الباحث أو يتفهم الباب او أدلته على نمط عموم معين. مثلا البعض يظن أن منصب الفقيه او المرجعية هو عموم بدلي فإذا صدر من الواحد إذاً لا يصدق العموم عن البقية وليس هكذا. نعم في بعض الصلاحيات وبعض الزوايا التي لا تتحمل اجتهادين نعم. لكن هل هو عموم استغراقي بقول مطلق وليس مجموعياا؟ ليس هكذا. الجهاز الديني في المرجعية هو جهاز مجموعي وليس فقط استغراقيا بل حتى جسم المؤمنين في المسئوليات. اذا النكتة مهمة جدا أن الواجب المعين المرتبط بمسؤولية عامة كيف كيفية تحميله أو كيف تكليف الشارع لهذا التكليف لطبقات المؤمنين. فإذاً مبحث العموم وتركب العمومات مبحث مهم وهذه قاعدة معقدة صعبة مهمة يجب أن يدرس كل باب وكل دليل وينتبه ولا يندفع في الاستنباط مسترسلا وغافلا فيكون النتائج غير سديدة. هذه النكات ما وراء سطور الأعلام ومن ارتكازاتهم ومن أسرار الصناعة.
النقطة الأخرى المهمة أيضا قاعدة ما ورائية الأبحاث وهي أن المستنبط او الباحث إذا يفحص في الأدلة في باب معين او مسئلة معينة من الضروري أن تكون لديه يغظة أن القناعات المسبقة لديه ليست سديدة بالضرورة سواء القناعات في هذا الباب أو عامة شاملة لهذا الباب أو أنها لا تتغير ولا تتبدل لأن القواعد الأصولي اكتشفت من تتبع أبواب الفقه ومن قال ان العناصر المشتركة التي التقطت منها هي كل العناصر المشتركة في الفقه بل كثير من العناصر المشتركة الأصولية تكتشف جيلا بعد جيل وربما كثير من العناصر المشتركة الى الان ما اكتشفت. هي موجودة لكن لم يبلوروها تفصيلا يعني بالعلم البسيط وليس بالعلم المركب التحليلي. لذلك هذه قاعدة مهمة أنه لا يمكن الحصر بالقناعات المسبقة التي يحملها المفسر او الفقيه او المتكلم او الأصولي. كحجية فاطمة علیهاالسلام في علم الكلام ما بلور هذه البحوث بشكل جيد. في علم الحديث والتفسير بلورت لا في علم الكلام. فمن يريد أن يستفهم الأدلة لا تأخذ قناعة مسبقة في أن العصمة درجة واحدة. فهذه القناعات المسبقة يجب ان الانسان يلتفت اليها سواء في علم الكلام او في علم التفسير. طبعا الضرورة هي الضوابط مثل ما مر بنا مثال البحث أن الحكم التكليفي خمسة؟ القدماء بنوا على أنها خمسة عشر حكما تكليفيا وما ثمرتها؟ شبيه أنواع الطرق التي اختزلها السيد احمد بن طاووس وعند القدماء كانت اكثر بسطا فالمقصود أن القناعات المسبقة جدا خطيرة التي يحملها الباحث عندما يريد أن يستنبط الباحث او الفقيه لان هذه القيود الارتكازية التي أخذها بشكل مفروغ عنها متسالم عليها فيحمل الأدلة عليها ويعتبرها من القرائن الداخلية البديهية. الميرزا النائيني في التقييد بقيد ارتكازي بديهي يقول انه مثل قرينة حالية. طبعا صحيح لكن هل القرينة قرينيتها صحيحة؟ حتى لو كان في نفسها صحيحة لكن هل هي حصرية او لها بدائل او قرائن أخرى واردة عليها او حاكمة عليها أو هي تتنسق مع القرائن الأخرى؟ كل هذه الأمور يجب الالتفات اليها. فإذاً هذه قاعدة أخرى مهمة وكثيرا ما يجد الفقيه يرى عُقدا في العلوم الدينية سببها أن هذه القناعات الموجودة عنده ما يقدر ان يفسر ظاهرة جديدة لذلك فلازم أن يتنبه ان هذه القناعات لعل فيه التتميمات او التكملات او الحلحلات. الاستنباط صناعة وفن والتطبيق عادة فن وليس علما والعلم دائما علوم كلية والفن والمهارة يراد لها أن الانسان لا يكتفي بالقناعات الموجودة عنده. هذا بالنسبة الى مقدمة البحث.
نذهب الى متن البحث الكفائي والتخييري. أن العقدة في هذا البحث أن العموم بحسب مراحل الحكم قد يختلف يعني أن العموم إذا أردناه في الغرض بوتيرة ونمط معين واذا اردناه في الحكم الانشائي او الفعلي قد يكون استغراقيا مثلا وإذا اردناه بلحاظ الفاعلية قديكون بدليا مثلا واذا اردناه بلحاظ التنجيز قد يكون مجموعي او استغراقي.
هذه اول مرة التفت به وما وجدت تصريحا بها من الاعلام لكن هي بلورة لطيفة أن كل مرحلة من مراحل الحكم لا يبعد ان يكون له عموم معين بنمط معين. فأقسام العموم بلحاظ كل مراحل الحكم قد تختلف. بلحاظ مرحلة الانشاء قد يكون بدليا وبلحاظ المرحلة الفاعلية قد يكون استغراقيا وبلحاظ التنجيز قد يكون نمطا معين. اتفاقا أحد النظريات لعل من ميرزا علي ايرواني او السيد الخميني حاولوا وان لم يكن فقط في الأصول بل في الفقه أيضا. أصر السيد الخميني في مسألة من المكاسب المحرمة أنه من قال ان الكفائي ليس استغراقيا؟ أي مرحلة من مراحل الحكم الكفائي هو استغراقي؟ الواجب الكفائي قد يقال هو في الغرض صرف الوجود او ربما مجموعي لكن في التنجيز لايبعد ان يقال ليس مجموعيا كما قيل بل هو استغراقي. أصل الفكرة مهمة وهي فكرة جديدة وهي موجودة عند ارتكازاتهم أن العموم في حكم ما او مسألة ما ليس من الضروري ان يكون على شاكلة واحدة في كل مراحل الحكم. قد يكون بلحاظ الملاك شيء وبلحاظ الحكم الانشائي والفعلي شيء وبلحاظ الفاعلي شيء وبلحاظ التنجيز شيء والامتثال شيء. ليس بعيدا أبدا. إذا صورنا هذا التركيب من العمومات بلحاظ مراتب الحكم كثير من إشكاليات الكفائي التي سجلت في النظريات السابقة او على التخييري قابلة للحل. حتى بالنسبة الى الاثار العقلي والاحكام العقلية لأنها لها مراحل.
هذا البحث لغة مشتركة بين العقلاء والوحي والعقل. لغة القانون إجمالا لم يستحدثها الشارع كلغة العربية. الشارع معلم اللغة العربية لكنها موجودة. لغات العلوم أيضا الشارع خالقها لكن الشارع لم يستحدثها بما هو شارع. هذه قاعدة علمية أخرى. وبحثها معقد وكررناه في العقائد او الفقه لكن لا يتضح بهذه الصورة. قواعد جحفلية ما وراء سطور علم الأصول. القانون لغة واللغة يعني العلم وله لغة تصورية والشارع بالنسبة الى تصديقات العقلاء قد ينهاهم و يردعهم وقد يمضيهم بالنسبة الى القانون. القانون لغة وعلم عند العقلاء قد يفصله الشارع. قد يصلح الشارع أيضا اللغة التصورية للعقلاء او لذلك العلم. عند ارباب ذلك العلم و ذلك الفن خطأ تصوري ويصححه الشارع لكن عموما يمضيه الشارع. علم القانون لم يستحدثه الشارع من حيث شريعة سيد الأنبياء. سواء موجودة في الشرائع السابقة او موجودة عند العقلاء. ولو أصل القانون من بركات إرسال الرسل لكن بالتالي أصبحت عقلائيات وعرفيات. كيف في لغة القانون وهي غير لغة العربية. أصول الفقه لغة قانون والفقه لغة والشارع قد يصلح المعاني التصورية لكن بالتالي هي لغة تصورية ولغة تصديقية. اليس عند الشارع سلسلة من الإمضاءات وكذلك عنده سلسلة من الروادع حرم الربا وحرم الميسر وحرم السحر. كيف هذا في لغة القانون كذلك في لغة العقل مع الفلاسفة والمتكلمين ولغة القلب والروح. كلغة تصورية تريد أن تصلح الانحرافات لكن هذا لا يعني أن نفس اللغة يحدثها بل لغة مشتركة لأن الشارع يخاطبهم بنفس لغة العقل. وهذا أمر مهم ان نفكك في الإمضاء والجعل والحجج.
علم الأصول عبارة عن علم يمنهج كل العلوم الدينية وليس من باب التعصب بل حقيقة علم الأصول هكذا وغفل كثير من الاعلام عندما حصر علم الأصول في الفقه. والا المشي العلمي من كل علمائنا في كل علم من العلوم الدينية أن قواعده تمنهج بعلم الأصول . حينئذ علم الأصول يقول لك بالنسبة الى اللغة العقلية في علم المعارف الشارع لا يحدث لغة جديدة بل نفس الفكرة العقلية الموجودة يستفيدها. غاية الامر يخطأ المباني البشرية في الفلسفة والعرفان وغيرها. لا أن اصل اللغة ما موجودة بل هي لغة علمية. هذا جانب التصوري في اللغات العلمية. اذا العموم في مراحل الحكم ليس من الضروري ان يكون لوتيرة واحدة ابدا. إذا حلحلت هذه الفكرة كثير من العقد البحث في التخييري والكفائي سينحل وقد نشاهد الغرض وحدانيا لكن ليس من الضروري ان يكون بلحاظ المراحل الأخرى من الحكم وحدانيا بل قد يكون كثيرا. هذه لا بد أن نلتفت اليها. هذه نكتة مقدمية أخرى لتحرير عقدة البحث.
لذلك نستطيع أن نجمع بين النظريات الثمانية بأن كل نظرية تعالج مرحلة من مراحل التخييري او الكفائي. هذه نقطة أخرى.
نقطة أخرى في البين لبحث الكفائي ذكرها الاعلام ومهمة قالوا في بحث الغرض ومرحلة الغرض سواء في التخييري او الكفائي ان الغرض فيهما يمكن ان يكون كثيرا متناقض الامكانية الوجود او الايجاد ويمكن ان يكون لغرض واحد فيهما. هذا البحث مهم ذكرها كثير من الاعلام المحقق التقي في هداية المسترشدين وآغا ضياء وكثيرون ومهم أن نقف عنده وقفة مليا. كيف نستشهد لهذا البحث من الأدلة وما هي آثاره؟ هذا البحث لابأس به من الوقفة فيه. وبعد ذلك نعالج معالجات أخرى ف يالكفائي لان التقصير في ماهية الواجب الكفائي ضيع كثيرا من الواجبات الكفائية بسبب التقصير والإهمال الكثير في الواجبات الكفائية الخطيرة جدا. نقل الاتفاق على ان الواجب الكفائي أهم من الواجب العيني. فيه مقولة أن الواجب الكفائي أخطر من الواجب العيني فإذاً معرفته جدا مهمة. هذا البحث ليس بحثا كلاسيكيا بل بحث خطير في أبواب الفقه.