44/03/13
الموضوع: باب الالفاظ، مبحث الأوامر، التعبدي والتوصلي
كان الكلام في دوران الأمر بين التعبدي والتوصلي.
التعبدي بالمعنى الثاني «التعبدي المشدد» سوف يلحق في تحرير البحث بالمعنى الأول والتعبدي بالمعنى الثالث هو عدم سقوط الفعل بفعل الغير والمعنى الرابع عدم سقوط الفعل إلا بالإرادة والاختيار او القصد.طبعا في المعنى الثالث فعل الغير تارة يكون بالاستنابة وتارة يكون من دون الاستنابة فهذا المعنى ذو معنيين.
فإذا دار الأمر ولم يكن هناك ظهور خاص من المادة والهيئة هل مقتضى القاعدة هو التعبدي او التوصلي؟ نسب الى المشهور ان مقتضى القاعدة هو التوصلي وبعضهم قال بالتعبدي وتصوير مقتضى القاعدة في الظهور يتوقف على كيفية صياغة الواجب او الوجوب، يعني كل أن تعيين مقتضى القاعدة في هذه المعاني؛ الثالث الخ في التعبدي والتوصلي يعتمد على كيفية سبك الوجوب او الواجب في التعبدي والتوصلي في هذه المعاني، كيف يمكن سبك وقولبته؟ التوصلي أوسع والتعبدي أضيق فهل الضيق في التعبدي هو تضييق في الوجوب او التوصلي يكون تضييقا وتقييدا في الوجوب والتعبدي اطلاق في الوجوب؟ فإذا كان التعبدي موافقا للإطلاق فمقتضى الاطلاق هو التعبدي او هو ضيق في الواجب أو سعة في الواجب فهل هو قيود في الوجوب او قيود في الواجب؟ والذي يوافق الاطلاق هو مقتضى القاعدة ويتعين. إذا كان التعبدي مطابق الاطلاق في الوجوب والواجب سيكون الأصل تعبديا والذي يحتاج الى القيود يجري فيه إصالة عدم التقييد فيكون خلاف القاعدة في الظهور. أصل البحث هذا.
فهذا البحث ما قبل الظهور يعتمد على مقدمة تحليلية عقلية أصولية. إن الوجوب او الواجب في هذه الأنواع من التعبدي والتوصلي قولبته وسبكه بأي قالب وباي سبك؟ هل هو سباكة في الوجوب او سباكة في الواجب؟ نكتة مسيريه.
سيأتي البحث وتقريبه اكثر في الأوامر في دوران الامر بين الأمر التعييني والامر التخييري، هل هي قيود في الواجب او قيود في الوجوب؟ مثلا خصال الكفارة وجوب تخييري هل هو تقييد في الوجوب او تقييد في الواجب؟ لغط علمي بين الأعلام، هناك أيضا يدور الامر بين التعيين والتخيير ومقتضى الظهور والاطلاق يعتمد على المبنى في تصوير الوجوب التخييري او التعيني تصويره سبكا وقولبة.
كذلك دوران الامر بين الوجوب العيني او الوجوب الكفائي فيه اختلاف علمي مثمر ومهم بين الاعلام في كيفية تصوير الوجوب الكفائي. تقريبا الوجوب الكفائي خلاف لمدعى النائيني والسيدالخوئي هو سقوط الواجب بفعل الغير وفرقه عن البحث هنا في المقام ما هو؟ في الوجوب الكفائي يخاطب جميع المكلفين بخطاب واحد أما التعبدي والتوصلي بمعنى انه هل يسقط الواجب بفعل الغير سواء بالاستنابة او غير الانابة فالغير غير مخاطب بالوجوب والمخاطب هو المكلف فقط لكن مع ذلك يسقط بفعل الغير ويكون توصليا وإذا لم يسقط يكون تعبديا بهذا المعنى.
لماذا حاولنا ذكر المشابهة بين المقام وبين الوجوب الكفائي؟ لأن السيد الخوئي أصر هنا ان الواجب التوصلي ليس بجامع في الفعل وإنما هو تقييد في الوجوب.
سبق قبل قليل أن البحث في معاني التعبدي في مقابل معاني التوصلي يرجع فذلكته الى كيفية سباكة الواجب او الوجوب. سباكة الواجب او الوجوب لها تأثير في الإطلاق. فتصوير أن التوصلي جامع في الفعل أو هو وجوبان تعيين السباكة او القولبة بين التعبدي والتوصلي وتعيين مركز التصرف هو الوجوب او الواجب يؤثر في الاطلاق والتقييد. فلابد أن نعين أن التوصلي والتعبدي كل منهما يتقابلان في المعاني في التصرف في الواجب او التصرف في الوجوب. هذا غوص في الظهور غوصا تحليليا. هذا هو دور علم المعاني في البلاغة ودور مباحث الألفاظ في أصول الفقه غالبا وقليلا ما مباحث الحجج غوص تحليلي في الظهور وعناصر الظهور وتركيب الظهور. علم البلاغة يتكوّن من ثلاث علوم علم المعاني وهو أهم العلوم وعلم البيان وعلم البديع وهو أقلها أهمية. هناك اشتراك منهجي كبير بين عملية التحليل في علم المعاني مع عملية التحليل في مباحث الالفاظ في أصول الفقه. لا يمكن أن تكتفي على سطحية الالفاظ بل يجب ان تحلل. لذلك كتاب المطول او كتاب مختصر المعاني اذا تلاحظون علم المعاني وثمانية أبواب منه باب الاسناد وباب المسند وباب المسند اليه وباب الجملة الاسمية والجملة الخبرية والحصر كلها عبارة عن حزلقات في قوالب المعاني. شي فشي تستخرج المعاني لذلك يسمونه علم المعاني نفس الكلام هذه الصناعة التحليلية في مباحث الالفاظ في علم الأصول أعمق من علم المعاني.
فإذاً كيفية سبك التعبدي او التوصلي في الظهور انها تصرف في الوجوب او تصرف في الواجب هذه مهمة في إجراء الاطلاق وفي تعيين مقتضى الظهور. ولايخفى أن شئون الوجوب وهو الامر يختلف عن شئون الواجب. هذه من اوليات أساسية في صناعة الأصول. قيود الوجوب مثل استطاعة الحج ودخول الوقت وأشهر الحج وقيود الواجب مثل الطهارة في الصلاة فالإطلاق والتقييد في الواجب سنخه وشأنه يختلف عن الاطلاق والتقييد في الوجوب. مع انه مر بنا بشكل فهرس اجمالي ان قيود الوجوب مراحل ونفس الواجب أيضا مراحل وليست مرحلة واحدة وكل مرتبة من قيود الوجوب تختلف سنخا عن المرتبة الأخرى لازم أن نركز عليه هذا تدقيقي تحليلي ودقي.
نقطة مقدمية أخرى قبل أن نغوص في التحليل كلمة الاطلاق لها معان. سواء عند اللغويين او عند الأصوليين يجب الالتفات اليها. هذا من أوليات ويوميات الاستنباط. الاطلاق له معان فهنا أيّ معنى من المعاني؟ ربما خمس او ست من معاني الاطلاق والاصطلاحات
الاطلاق تارة يكون بمعنى سعة الملاك وقد يعبر عنه الاطلاق الملاكي او الذاتي. هذا الاطلاق أشبه ما يكون تكوينيا وليس لفظيا وليس من عالم الدلالة وإطلاق اخر قد يعبر عنه الأصوليون الاطلاق الذاتي في مقابل الضيق الذاتي وأيضا هذا تكويني وليس من عالم الدلالة وإن كانت الدلالة تكشف عنها. الإطلاق الذاتي يعني أن ماهية العنوان التي تريد ان تجري فيه الاطلاق سواء عنوان الفعل او متعلق الفعل او ربما عنوان نفس الامر و الوجوب أي عنوان في عناصر الظهور عنوان الفعل او عنوان المتعلق اذا استطاع الباحث في الاستنباط ان يركز فيه مجهريا ويفهم جنسه وفصله وجنس الجنس وفصل الفصل واجداد وآباء العنوان يستطيع الباحث ان يشخص انه ذو سعة ذاتية و ضيق ذاتي. هنا لابد من التحليل والا ما تستطيع ان تستنبط في أي علم من العلوم الدينية. هذا تعبير توصية الوحي سواء في القرآن «تعيها أذن واعية» يعني إدراك المعنى وليس فقط سماعا. السماع يعني عندك حفظ الأصوات ونظم الالفاظ. حديث تدريه خير من الف حديث ترويه. لولا نفر رواية والغاية ليتفقهوا لكن بموازين وليس التحليل ادعائيا جزافيا.
فعندنا الاطلاق الذاتي غير الاطلاق الملاكي مقابل الضيق الذاتي ونكتشفه بتحليل أجزاء عقلية للمعنى هل هو وسيع او غير وسيع. بقية الاطلاقات موقوفة على هذا الإطلاق الذاتي والتقييد الذاتي. الإمامة مذكورة في القرآن لم يناد بشيء كما نودي للإمامة. ضرورة الصلاة ليست كضرورة الامامة بادعاء الائمة. ماذا مرادهم؟ احص موارد الصلاة في القرآن فلن تبلغ لموارد اهل البيت في القرآن وهذا معناها واضح ان ضرورة الولاية والامامة اكثر من ضرورة الصلاة. لم يناد بشيء كما نودي بالولاية لكن التفت ان الامامة في القرآن ليست لفظة إمام بل معنى ماهية ترد في القرآن بالفاظ عديدة. التحليل ضروري ولابد منه. نعم الاحصائيات السطحية الرقمية في القرآن أيضا تبين انه لم يناد بشيء في القرآن كما نودي باهل البيت علیهمالسلام وفضائل اهل البيت الاصطفائية التي تدل على امامتهم ولا قياس أصلا.
إذاً عندنا الاطلاق الذاتي التحليلي والتقييد الذاتي. الاطلاق الاخر الاطلاق اللحاظي والتقييد اللحاظي يعني في نفس ملاحظة المتكلم او السامع. إما ذهن السامع او ذهن المتكلم او أي ذهن من الأذهان. هذا اللحاظ الذهني اما هو وسيع او هو ضيق. الإطلاق اللحاظي فرع الاطلاق الذاتي. ثبت العرش ثم انقش. المعنى الرابع هو الاطلاق المعهود في الأذهان الذي يحتاج الى مقدمات الحكمة وهوالاطلاق الدلالي. مقدمات الحكمة من شرائط الاطلاق الدلالي. هذا الرابع فيه أقسام استعمالي وتفهيمي وجدي وجد الجد وهلم جرا. فالإطلاق الدلالي له مراتب. الاطلاق التصوري يرجع الى الاطلاق الذاتي تقريبا. المعنى الخامس من الاطلاق والتقييد الاطلاق يعني ارسال اللفظة. أطلق الكلام لا يعني الاطلاق في الدلالة و لا اللحاظ ولا الذات بل المراد إرسال كلمة واحدة ولم يضم اليها كلمة أخرى. الاطلاق في التلفظ والنطق اللفظي، لم يضيقها بكلمتين او ثلاث. الاطلاق في مقام التلفظ هذا الاطلاق شرط الاطلاق الدلالي ومن مقدمات الحكمة. مقدمات الحكمة موضوع للاطلاق الدلالي. أحد مقدمات الحكمة هو الاطلاق اللفظي يعني الارسال.
مراد الاعلام هنا من دوران الامر بين التعبدي والتوصلي ومراتبهما والاطلاق هو الاطلاق اللفظي وقد يضمون اليه اطلاقات أخرى لكن بالدقة وبالذات الاطلاق اللفظي هو المراد.