44/03/05
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ التعبدي والتوصلي
أدلة البدائل عن الجزئية والشرطية في المركبات الشرعية
كان الكلام في أن الأعلام توصلوا عن التقييد بقصد الأمر وهذا القيد عند الأعلام من القيود الركنية وليس من القيود غير الركنية وليس من الأجزاء غير الركنية. قصد الامر عند الاعلام من ركن الأركان مع كونه ركن الأركان صوّروه أن يكون مأخوذا بمتمم الجعل أو بحكم العقل أو بالإرشاد أو بقيود بدائل أخرى، فبالتالي هذا ليس أمرا سهلا. قصد الأمر في الماهية العبادية من الأمور الركنية إلا أنهم صوروا اخذه في المركب من غير الجزء والشرط وإنما هناك بدائل نتيجتها نتيجة التقييد. الميرزا النائيني يعبر عن متمم الجعل أنه ليس تقييدا بل نتيجة التقييد. الاطلاق المقامي في احد أفراده هو نتيجة الاطلاق يعني أنه ليس اطلاقا مصطلحا معهودا في ماهية المركب. فمقابل نتيجة التقييد نتيجة الاطلاق في الاطلاق الحالي والمقامي. إذًا ليس مستبعدا ان يأخذ الشيء ركنا من الأركان بل ركن الأركان في مركب معين ولا يؤخذ بلسان الجزئية والشرطية لا ثبوتا ولا اثباتا بل انما ببدائل كالإخبار المحض.
ذكرت هذا المطلب ولو من باب المجالسة العلمية استشكلوا في الروايات المتواترة الواردة بأن سنة الله التكوينية وسنة الله الدينية في التكوين على اقتران الشهادات الثلاث ولو بعنوان الإخبار المحض. لكن اقتران الشهادات الثلث ليس هواء بل ناموس الدين. فلما يكون الروايات الكل يقبل بأنها روايات متواترة في صدد الإخبار بأن الشهادات الثلث مقرونة كمعلم هوية الدين في كل الخلقة. كما أن الدولة لها شعار فالدولة الإلهية لها شعار وهو اقتران الشهادات الثلاث. الجنة مؤسسة الدولة الإلهية وجهنم السجن الإلهية والسماء بيئة من بيئات الدولة الإلهية هذه الدولة الإلهية شعارها الشهادات الثلاث والعرش هكذا. يعني ما فيه مخلوق من المخلوقات تحت سيطرة الله وقوة الله لا يكون فيه هذا الشعار. كيف نستطيع ان نستفيد منه في الامر التشريعي المرتبط بالتشهد المرتبط بكل أبواب الدين وأبواب الفروع؟ لا ان نتمسك برواية مرسلة عن النبي بلسان الإنشاء. هذه الروايات متواترة تدل بشكل رمزي أن الدولة الالهية شعارها الشهادة الثالثة ولو بلسان الإخبار، لكن واضح أنها مرتبطة بمعية الشهادات الثلث كهوية في أصل الدين. واحد يمكن ان يستشكل أن المباحث التكويني والعقائدي ماذا ربطه بالتشريع؟ ربطه هو هذا البيان عند الاعلام أنه قد يأتي الشارع بلسان الإخبار لكن الغرض عنده نفس الحقيقة في التشريع. المانع في زمن أئمة كان التقية وكان المانع اثباتيا مع أن التبيان الثبوتي موجود في كل الزيارات وكل الموارد التي أمر بها بالتشهد بالتشهد الكامل وهو التشهد الثلاثي والتشهد الثنائي هو التشهد الأدنى. حتى الأجزاء بالسقف الأدنى من التشهد يمكن أن يكون بظاهر الإسلام وإلا ما معلوم أنه صحيح أن المطلوب في الصلاة كما بين وجوب ذكر الال في الصلاة على النبي والال في التشهد عند كافة مذاهب المسلمين أجمع وتسالم كل مذاهب المسلمين على أن ذكر الال واجب والصلاة تحية وتعظيم الآل وأنت في الصلاة واجب وإلا صلاتك باطلة.
الاعلام يجعلون بدائل وهذه تواترات بغض النظر عن النصوص الخاصة التي عندنا موجودة. وعندنا سيرة من الصحابي الجليل باعتراف كل السنة كدير الضبابي وعندنا سيرة قطعية من الشيعة غالبة وقاطبة موجودة في زمن النائب الثالث أنهم يتشهدون الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة. كل الأدعية وكل الزيارات والتعقيبات وتسالم الأصوليون على ان الحقيقة الشرعية واحدة وليست متعددة.
إذًا قصد الأمر عبارة عن أمر ركني وليس جزءا عاديا مع ذلك استحل الاعلام وسوّغوا أن يكون غير مأخوذة بدليل الجزئية والشرطية والتقييد. بالتالي لا يكفي إجراء الاطلاق ونفي الجزئية ونفي الشرطية أن أكتفي بالإطلاق الاصطلاحي اللفظي والإطلاق الدلالي واللحاظي. لابد أن أستعين بشيء أستطيع أن أنفي نتيجة الاطلاق لا الاطلاق فقط. إذاً الأحوط هو المجيء بها. ربما أثرنا على عشر شواهد للتقية في كلمات الأئمة باعتراف الطوسي والكبار أن هناك ريحة التقية موجودة. إجمالا في هذا الصدد أن المركب الشرعي لا يأتلف منظومته بمجرد الجزئية والشرطية والإطلاق والتقييد الاصطلاحي. أنه لابد من نتيجة الاطلاق او نتيجة التقييد.
الان ندخل في التفاصيل:
الاعلام ذكروا أن اخذ قصد الامر يستلزم الدور او الخلف والبعض أجاب عنه بعدة أجوبة. المرحوم الكمباني أجاب بجواب وتبناه السيد الخوئي وتلميذه الشهيد الصدر باعتبار أن تعلق الأمر بالصلاة لابد أن تفرض الصلاة في عالم اللحاظ متقدمة عن الامر أو عن الإرادة التشريعية. فإذا فرض أن الامر مقرّرا جزءا في الصلاة فيكون الأمر متقدما ومتأخرا. متقدم باعتبار أنه جزء الصلاة ومتأخر لأنه بعد تقرر الصلاة يتعلق به الإرادة التشريعية وأمر الشارع. حلحله الاعلام بعدة حلول. والحلول متينة وان لم يرتضها الكثيرون.
النائيني والاخوند لم يقبلا هذه الحلول وسنرى أن طعونهما في الحلول سليمة او غير سليمة. النائيني ذهب الى بديل وهو متمم الجعل والاخوند ذهب الى حكم العقل وبعض الأعلام أخذوا بديل الإرشاد والإخبار.
أعيد أكرر أنه على مبنى القدماء أن أي عبادة لا تكون عبادة بالأصل إلا أن يكون الفعل وكل أجزاء الفعل فيه إضافة ذاتية الى الله تعالى. من ثم الهندسة الصناعية عند القدماء تختلف عن المتأخرين. أولا لابد من الإضافة الذاتية مثل الركوع والسجود فالفعل العبادي عند القدما لابد أن يتضمن الإضافة الذاتية حتى الأذكار وفي الصوم أيضا هكذا والزكاة هكذا والطواف والسعي يعني ليس فقط كل الحج بل حتى السعي. فعند القدماء عندنا يكون الفعل ذاتي العبادة والأمر الذي يتعلق به يكون تلقائيا آمريته مولوية واستعلائية ويأمر فيه الشارع العبد بالخضوع والتواضع. إذًا عندهم العبادية مضاعفة ولا يحتاج الى قصد الأمر، نفس وجود الإضافة الذاتية كاشفة عن أن الامر الذي تعلق بالعبادة سنخه استعلائي ونوعه ونمطه استعلائي فلا يمتثل إلا بالتخض وخضوع العبد. هذا هو السر في أنه لماذا عند القدماء إجزاء غير قصد الأمر فيه تأمل. هو هذا معناه المعنى العبادية الثانية كما مر بنا. إن هذا الاستعلاء من الله شبيه ما حصل في المعراج للسيد الأنبياء لما تجلى الله بالعظمة ركع فقام فتجلى له الله عزوجل بعظمة أشد فسجد النبي ثم قال ارفع رأسك ثم تجلى بتلك الشدة مرة أخرى فسجد سجدة ثانية. تشريع الركوع والسجود في المعراج هكذا. كل عظمة الهية تقتضي خضوعا خاصا لها. مثل كل نعمة تستحق شكرا خاصا. هكذا كل عظمة وكل تجلي وكل كبرياء خاص يقتضي الانقياد. هذا الحكم العقلي من الاخوند هو هذا والسر في أن الاخوند يقول وإن كنا لم نقل الإضافة العبادية فنية العبادية لا ينحصر بقصد الأمر كل داع يحقق الإضافة الى الله هو العبادة لكن هو يقر أنه حصرا لابد من قصد الامر وسره هو هذا. الكبرياء الإلهي يستحق أن العبد يخضع باتجاهه ولا يخضع أمام كبرياء اخر.
لذلك النائيني يقول نفس الكلام قال: وإن كانت الدواعي العبادية متعددة وفي عرض قصد الأمر لكنه مع ذلك فهي التشدد والحصر بالإجزاء بقصد الامر والسر هو هذا الذي ذكره القدماء. إجمالا هذا مبنى القدماء شرحناه سابقا واعدنا ذكره الان كي لا نغفل عن البحث.
أما المتاخرون يقولون يلزم الدور. المتأخرون يقبلون أن الركوع عباديتها ذاتية ولا يكفي الإضافة الذاتية في الركوع عن قصد الامر الشامل له ضمن الصلاة. والسجود هكذا مع ذلك يقولون لابد أن تقصد الامر المنحل الى أوامر ضمنية لكل جزء جزء في الصلاة. هذا مما يدل على سلامة مبنى القدماء. إجمالا يقولون يلزم الدور أو الخلف وماذا العلاج؟
سابقا ذكرنا هذاه المطلب نقلا عن ما هو مصطلح عند الأصوليين في مقدمة الواجب أن التقدم والتأخر أو الترتب أسماء مترادفة في الاصطلاح. إذا كان عقليا له آثار معينة وإذا كان شرعيا له آثار أخرى في كل أبواب الأصول وأبواب الفقه. القضية الشرعية والقانونية فيها ثلاث أبعاد على أقل التقادير. عندنا المحمول والحكم وعندنا الموضوع الأصولي لا الموضوع اللغوي والمنطقي وهما الأعم من الموضوع الاصولي. الموضوع الاصولي هو خصوص قيود الوجوب وعندنا ضلع ثالث وهو الواجب. الضلع الرابع في القضية القانونية والشرعية متعلق المتعلق. المتعلق قد يتعلق بعين القبلة. عين القبلة ليس شرطا في الصلاة وليس قبلة بل استقبال القبلة هو الشرط وليس القبلة. القبلة شرط عقلي وتقيد لكن ليس شرطا شرعيا. استقبال القبلة شرط الصلاة. هذه النكات يدقق فيه الاصوليون لان فيها آثار عديدة. فإذًا العلاقة بين الحكم والفعل ليست علاقة شرعية بل علاقة عقلية. بين الصلاة والوجوب علاقة وترتب عقلي الصلاة واجبة يقولون هذا ليس جعلا شرعيا هذا منتزع عقلي من الجعل الشرعي. هكذا بنى النائيني بكل صراحة وحتى المتأخرين. أقم الصلاة لدلوك الشمس. هذا البحث حساس في بحث مقدمة الواجب وبحث الضد وبحث اجتماع الامرو النهي ومبحث العام والخاص وبحوث كثيرة. أقم الصلاة لدلوك الشمس. يقولون ترتب «أقم» لدلوك ليس ترتبا شرعيا بل ترتب منتزع عقلي من الجعل الشرعي. الجعل الشرعي ما هو موجود بين وجوب الصلاة والدلوك قيود الوجوب. هذا ترتب شرعي والتقدم والتأخر الشرعي. أما ما بين اقم وهو وجوب الصلاة والصلاة منتزع من الشرع. ترتب عقلي تابع للجعل الشرعي. المهم عندنا ترتب عقلي انتزاعي وعندنا ترتب او تقدم او تأخر شرعي فالشرعي فقط هو الموجود بين الحكم وقيود الوجوب فلما يقال الصلاة كمركب متقدم على وجوب الصلاة هذا تقدم عقلي منتزع ومعه يلتزم منها الدور لأن الدور بحث عقلي وليس شرعيا. فبالتالي الخلف والدور مرتبط بالترتب العقلي. مثلا في باب التقدم والتاخر العقلي إثبات أحدهما لا يثبت الاخر بخلاف الترتب الشرعي. اثار كثيرة ذكروها الاعلام. إذاً هنا الدور وأبدي له جملة من الحلول.
الحل الأول ان الدور فيما إذا فرض الامر المأخوذ في الصلاة هو الوجود الخارجي للأمر، فكيف الامر متأخر بالوجود الخارجي وهو متقدم بالوجود الخارجي؟ أما إذا افترضنا أن الامر المتضمن في الصلاة هو الامر العنواني او الوجود العلمي أو الوجود اللحاظي. والذي يتعلق بالصلاة هو الوجود الخارجي وانشائي. هذا الحل سليم ومتين وان طعن عليه باشكالات
حل ثاني ذكره المرحوم الكمباني وهو أن يكون الأمر الذي يتعلق بالصلاة طبيعته ضمني. لا نستعجل تحليل الأمر الواحد إذا يتعلق بالمركب بالأمر الضمني تحليل صناعي وليس استحساني وقياسي وهلوسي. هذا البحث صناعة تفيد في أبواب كثيرة أصولية وفقهية.