43/10/10
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ دلالة الامر على الوجوب وعلم أصول القانون
وصل بنا الكلام في دلالة الأمر على الإلزام في مادة الأمر أو مادة النهي أو هيئة الأمر أو هيئة النهي على منوال واحد تقريبا. هل الدلالة هي بالدلالة الوضعية أو بالدلالة الإطلاقية التي هي جدية أو بالدلالة العقلية أي بحكم العقل؟ كما مر بنا يجب في المرتبة السابقة ان نلتفت الى معنى الوجوب كي يتم هذا البحث.
فالوجوب كما مر بنا معنى ماهوي للاحكام التكليفية أو الوضعية كما هو المشهور ليس خصوص التكليفية. فهو معنى ماهوي للاحكام التكليفية والوضعية ثبوتيا.
إذاً عندنا عالم الثبوت وعالم الإثبات عالم الدلالة كما أن هيئة الأمر أو مادة الأمر تدل على الوجوب أو لا، الدلالة بحث إثباتي، أما نفس ذات المدلول وهو الوجوب كمعنى ماهوي ثبوتي في الأحكام فهو معنى ثبوتي.
فمن هنا بداية التمييز بين البحوث الثبوتية والبحوث الإثباتية في علم الأصول. ما هوالوجوب أو الاحكام الخمسة التكليفية أو الوضعية ثم التكليفية خمسة أو أكثر كما هو المشهور بين علماء الفريقين ومراحل الحكم أو ما شابه، ذلك هذه البحوث ثبوتية وكلما توغل البحث الأصولي في مباحث الألفاظ يزداد البحث اتساعا بوضوع حول المباحث الثبوتية في الاحكام الشرعية وتقل المباحث الاثباتية. يعني بداية هذه الأوامر الان الى ما بعد، هذه المباحث تكون الغالب عليها مباحث ثبوتية وليس إثباتية كمقدمة الواجب وأقسام الوجوب ثم مبحث الضد والتزاحم ومبحث اجتماع الامرو النهي ثم مبحث أن النهي يقتضي الفساد، بالتالي هذه المباحث متشابكة مع المباحث الإثباتية الدلالية لكن جلها مباحث ثبوتية يخوض فيه الاصوليون فمن ثم يجب أن نميز بين مسار البحوث الثبوتية والمباحث الاثباتية.
مر بنا أن الاثبات ينقسم الى طبقات وأنماط وهذا صحيح وأيضا المباحث الثبوتية ينقسم الى أنماط وأقسام ولسنا في صدد الخوض فيه. لكن إجمالا هنا مسار للمباحث الثبوتية كما أن هناك مسارا للمباحث الإثباتية. أيضا في مباحث الحجج الكلام الكلام هناك مباحث ثبوتية للحجج وهناك مباحث إثباتية للحجج. الحجية والعلم الباحث عن الحجية أيضا ليس يركن على صرف الحجية بمعنى الإثبات وهو دليلية الدليل بل أيضا هناك مباحث ثبوتية في الحجج كثيرة.
فبالتالي إذًا طبيعة علم الأصول كهذا المبحث أن هيئة الامر تدل على الوجوب أو لا، هناك خارطة للمباحث ستأتي أن مبحث الوجوب مرتبطة بالوجوب وهي مباحث كلامية أثارها الأصوليون قد لا نخوض فيها بالتفصيل لأنها هي مباحث كلامية بامتياز، لكن تلقائيا وسع الاصوليون البحث فيها وربما نتعرض للبعد الاصولي فيها أما الكلام المحض فلم نخض فيها ويوكل الى علم الكلام أو نسجل نتائج وتعليقات. لكن لماذا اضطر الأصوليون للخوض في منظومة من المباحث الكلامية المرتبطة بالحكم الإلزامي التكليفي وهي مباحث ثبوتية في الحقيقة. المهم هذا مما ينبه الى أن هذا المبحث هو مبحث ثبوتي بامتياز.
هذه الدورة التركيز في هندسة فهرسة علم الأصول أكثر شيء لذلك التفاصيل نشير اليها بالاختصار سيما اذا كان من العلوم الأخرى والتركيز يكون على المباحث الأصولية المحضة وهندسة فهرسة المباحث.
المقصود عندنا مساران مسار ثبوتي ومسار إثباتي ولا يخفى أن المسار الثبوتي في مباحث علم أصول الفقه يسمى أصول القانون بينما مباحث الدلالة والاثباتية مباحث الألفاظ . الحجج يتبادر عنها عنوان إثباتي لكن نفس الأصوليين ميزوا كميرزا القمي وصاحب المعالم ميزوا بين الحجج الثبوتية والحجج الإثباتية. النظام البنياني التكويني بين الحجج الأربع مبحث شائك وطويل الذيل وأذكر فهرسته وهذا مبحث معقد وطويل الذيل بحثوه في الحجج. العلاقة بين العقل والوحي والعلاقة بين وحي الكتاب ووحي السنة هذه المباحث ثبوتية. فالمقصود في الحجج مباحث إثباتية وثبوتية وإن كان عنوان الحجة قد يخيل الانسان انه فقط إثباتي.
من الأمور المهمة جدا في مباحث الثبوت والاثبات في علم الأصول مبحثان مفصليان في مباحث الثبوت في أصول القانون. أصول الفقه يعني أصول الفهم فتارة أصول الدلالة تصورية كالألفاظ وتصديقية كالحجج وتارة الشيء الذي يتعلق به الفهم أصوله وأسسه وبنيويته ما هو؟ هذه مباحث أصول القانون. إن القانون له ثبوت وله واقع خارج عن عالم الدلالة. هذا الكيان فرضي أو اعتباري أو تكويني فيه الجدل بين الأصوليين. اتفاقا مباحث الوجوب التي أثارها الاصوليون من تتمات هذا المبحث كلها مباحث عن واقع الوجوب كمنظومة القانون، إرادة ازلية أو حادثة هو واقع الوجوب. فإذاً عندنا مبحث ثبوتي.
قبل أن نوضح بعض المباحث المهمة في أصول القانون في علم الأصول هذه الثنائية هي بعينها موجودة في علم الفقه أيضا، فيه مباحث ثبوتية وفيه مباحث إثباتية. عمدا أثير هذه الثنائية لأن التمسك بالمباحث الثبوتية في الفقه يعطي الفقيه سعة الأفق في شمولية الاحكام لكل المستجدات فحتى علم الفقه فيه أصول القانون والبعد الإثباتي. الكلام الكلام في علم الكلام وعلم التفسير وعلم الرجال هذه الثنائية موجودة في العلوم الدينية بل حتى في العلوم التجريبية بحوث علامات الأثار وبحوث الواقع التكويني لخواص الاثار. هذه الثنائية موجودة.
إذًا علم أصول الفقه في حقيقته منطوي على علمين علم ثبوتي وعلم اثباتي. لاحظ العلم الاثباتي في الأصول مباحث الالفاظ تصورية ألصق بعلم البلاغة المعاني والبيان بحوث تصورية والحجج في الأصول أيضا اثباتية وهي ألصق بعلم الكلام، لذلك المتضلعون في علم الكلام كثيرا ما أقوى في الحجج عن غيرهم الذين ليس لهم التضلع في علم الكلام. نفس المباحث الإثباتية في علم الأصول سنخان. تصوري مرتبط بعلم البلاغة وتصديقي بدلائل علم الكلام.
وكذلك في الحقيقة المباحث الثبوتية في علم الأصول أيضا سنخان. المقصود أن لا نستغرب أن علم الأصول ينطوي على العلمين والثبوت على نمطين والإثبات على نمطين. إذا كان الباحث يميز بين نوعيات المباحث يكون أدق في الاستنتاج.
في علم البلاغة علم المعاني أقرب للمباحث الثبوتية وفيه الإثبات أما علم البيان فأكثر بامتياز إثباتية. ارجعوا تعريف البلاغة لعلم المعاني وعلم البيان. ثلاث علوم دمجت في علم واحد. ما الفارق الاثباتي والثبوتي بين هذه العلوم الثلاثة. علم البديع مرصع بمحاسن الألفاظ. يلاحظ الدال بما هو دال والبيان يلاحظ الدال والمدلول وعلم المعاني يلاحظ ذات المدلول. علم البلاغة ثلاثة علوم فيه. كذلك علم الأصول منطوي على علمين. علم مباحث ثبوتية أصول القانون وعلم مباحث إثباتية. سنرى ثمرات كثيرة ستأتي لدقة التمييز بين مباحث الإثبات والثبوت وكيف كثير من الأكابر خلطوا بين المباحث الاثباتية والثبوتية وخرجوا بنتائج خلاف مشهور الفقهاء. إذاً التمييز بين المباحث الثبوتية والاثباتية جدا مهم هذا نخاع عمود فقري في الاستنباط. عشرات المباني التزم بها السيد الخويي تبعا لأستاذه الميرزا الناييني خلافا للمشهور عكست على فتاواه في الفقه. الفهرسة هي الهندسة وعلم الأصول هندسة وتمنهج منطقي. في المباحث الثبوتية في أصول القانون جدا مهمة
وهي مبحث ما هو هذا العالم على متن القانون ومنظومة القانون بعبارة أخرى يعبرون عنه الاعتبار ما هو الاعتبار؟ الاعتبار غير الدلالة والتدقيق فيه مباحث مهم. سيما كلما تطور علم الأصول حدقوا التدقيق العلمي حول مباحث الاعتبار أكثر فأكثر لا سيما الأعلام الثلاثة الناييني والعراقي والكمباني العلامة الطباطبايي تلميذ الكمباني والناييني درس دورتين عند الناييني في الأصول ودرس دورتين كاملتين عند الكمباني وشيئا ما دورة عند الاصفهاني. العلامة الطباطبايي استخلص من كلمات استاذته في الأصول رسالة كلها مع احترامنا الكبير جمع بين المباحث المثيرة عند اساتذته وتسمى رسالة الاعتباريات. هذه مباحث الاعتباريات وهي مبحث مهم في الثبوت وهي غير مباحث الدلالة. وأيضا مبحث آخر مبحث مراحل الحكم التكليفي أو الوضعي.
إذا عنوانان خطيران ليس حصريان في مباحث الثبوت في أصول القانون في علم أصول الفقه. مباحث الاعتبار ومباحث مراحل الحكم. تشخيص هذين المبحثين أو البابين في يوميات الاستنباط يؤثر. كما أن اصل ثنائية الإثبات والثبوت يؤثر.