43/08/18
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ اعتبارات الماهية وبساطة المشتق
كنا في الأدلة التي استدل بها على البساطة وبطلان التركب ومنها قضية تكرر النسبة التي استدل بها الميرزا الناييني. ومنها تكرار الذات عند صاحب الكفاية وأجيب عن اشكال صاحب الكفاية بأن الذات المنطوية في المشتق ذات مبهمة وهي غير من حمل عليه المشتق.
أيضا استدل لأدلة التركب بالوجدان أي التبادر ثم استدل بصحة الحمل أي لا يمكن إلا بتوسط القول بالتركب لأن حمل المبدأ على زيد مع التباين لا يمكن بخلاف ما إذا قدّر في المشتق ذات مبهمة تحمل على زيد. قلنا: نظير هذا الاستدلال ما استدلوا بها أن المشتق إذا حمل على المشتق مثلا يحمل ضاحك على المتعجب فإذا لم يكن في البين ذات كما بيّن على البساطة فنحمل مبدأ على مبدأ مغاير له وهما من مقولات الماهيات وهذا لا يمكن.
إذاً صحة الحمل مطلقا في زيد ضارب أو في «الضارب متعجب» لا يمكن إلا بتقدير الذات في المشتق والمحمول، لأن الضارب إذا كان فقط هو الضرب هذه من مقولة عرضية تخالف الجوهر فكيف تتحد مع الجوهر، فلابد من ذات كي يحمل الجوهر على الجوهر. فصحة الحمل لابد فيها من جهة وحدة ومن جهة تغاير، كذلك الكلام في استدلال آخر وهو حمل المشتق على المشتق مثلا الناطق متعجب أو الضارب متعجب فكيف يحمل المبدأ على مبدأ مباين إن لم يكن في البين مجمع لهذين المبدأين وهو الذات والا المبادئ متباينة. هذان كدليلين على التركب.
وفيه أدلة أخرى: استدلوا أن بعض المشتقات من قبيل العدميات أو تحمل على العدم كأن نقول شريك الباري ممتنع. شريك الباري لا وجود له وممتنع يعني لا وجود له. فكيف نحمل ممتنع على شريك الباري وأيّ مناط للاتحاد موجود في البين إذا قلنا على البساطة؟ هذا الاستدلال استدل به لرد دعوى الفلاسفة أذكره مجملا كي يتبين جواب الفلاسفة عن المتكلمين.
أو إذا حمل إسم الآلة مثلا الحديد مفتاح للباب كيف يتصور الاتحاد إذا لم يكن في البين ذات لأن الفتح فعل والحديد جوهر وليس اتحاد بين الفتح والجوهر. أو اسم الزمان كما نقول الكوفة ميعاد دول أهل البيت في الرجعة. الكوفة جوهر والميعاد زمان أو إسم مكان فكيف يتحد عرض مع الجوهر. إذا لم نقدر ذات الجوهر في البين حمل اسم الالة أو اسم المكان أو اسم الزمان على الجوهر لا يمكن تصويره لأنه واضح لا يتحد الزمان والمكان مع الجوهر. بخلاف ما إذا قدرنا ذاتا في المشتق واسم الزمان والمكان فجوهر يتحد مع جوهر ولا مانع. وكذلك في الممتنعات والانتزاعيات إذا قدرنا ذاتا اعتبارية لا مانع منه. العدم ذات اعتبارية لا أن نقدر هذه الأمور انتزاعية عقلية تتحد مع العدم أو الأمور الممتنعة. مثلا نقول زيد ممكن ماهية زيد ممكنة. هذا رد على الفلاسفة سبقت به على أساس ان يكون الجواب من الفلاسفة واحدا.
فإذاً هذه جملة الاستدلال على التركب ومر بنا أن المتكلمين والفلاسفة عندهم جواب عن هذا الاستدلال الثاني والثالث والرابع والخامس. طبعا الثالث والرابع والخامس لهم جواب آخر بصياغة أخرى سنتعرض اليه.
استدلال الفلاسفة هكذا يقولون: إن المبدأ ض ر ب مثل المادة الخام كالقماش. إذا تريد أن يلبس زيد القماش لا يمكن أن يلبسه إلا من قبيل الإحرام أما إذا فصلت تفصال زيد فهناك ارتباط بين هذا اللباس و زيد، مع أن الثوب ما أدخل فيه الجوهر بل إنما قمت بهندسة فيه بزي زيد فاستطاع زيد أن يلبسه فيكون هناك ارتباط بين زيد واللباس. هذا مثال حسي. الان سندخل في المطلب. إذاً القماش لما كان خام هذا مصدر مثل ض ر ب لكن لما تفصله إما بصيغة فاعل أو بصيغة مفعول أو أي صيغة من الصيغ الأخرى يتزيى بزي هيئوي يتناسب مع الموضوع.
عمدة الجواب بدقة عقلية هو الذي مر بنا أمس أن الماهية كالضرب ماهية عرضية أو جوهرية حتى عندنا حمل الفصل وهو الجوهر على الجنس والجنس جوهر مباين لجوهرية الفصل، كيف يتم الحمل؟ هي ليس بالطريقة التي ذكروها القائلون بالتركب. فالكلام الان الذي سنخوض فيه سيفيد في الفنون والعلوم المختلفة علم الفلسفة أو الكلام أو العرفان أو علم الأصول أو علم البلاغة هذا البحث مهم وحساس جدا وهو أن الماهية في اعتباراتها سواء ماهية جوهرية أو ماهية عرضية أو ماهية لها وجود عيني خارجي أو ماهية انتزاعية عقلية فالماهية عموما لها اعتبارات خمسة إما مهملة أو غير مهملة وغير المهملة لا بشرط مقسمي و هذا له أقسام لا بشرط القسمي يعبر عنها مطلقة وبشرط لا يعبر عنها مجردة و بشرط شيء يسمونها مخلوطة يعني خلط بشيء آخر. يعني خمس اعتبارات للماهية. هذه العناوين الخمس في الماهية لها خمس اصطلاحات متباينة عن بعضها البعض ويحصل الخلط كثيرا بين العلوم والفنون.
الاصطلاح الأول المعهود واضح الذي يذكرونه في علم الأصول وعلم البلاغة وهو سريان والاطلاق في الافراد أو عدم الاطلاق. الخاص بشرط شيء والعام والمطلق لا بشرط القسمي. طبعا فيه كلام عند الأصوليين وعند علماء البلاغة هل المطلق هو لا بشرط القسمي أو لا بشرط المقسمي أو المهملة يعني المجمل. هذا البحث في باب العام والخاص والمطلق والمقيد الإطلاق عند الأصوليين أيضا لها خمس اصطلاحات. كما أن اعتبارات الماهية لها خمس اصطلاحات. أحد هذه الاعتبارات لا بشرط القسمي والمقسمي فلا بشرط القسمي له خمس اصطلاحات. وكذلك باقي العناوين. فيصير 25 اصطلاحا. طبعا الان سنتعرض ان شاء الله ولو يحتاج الى كثير من الممارسة والتكرار.
مثال في علم الاقتصاد يستعملون هذه الاصطلاحات على وفق الاصطلاح العرفاني مما يدل على أن العلوم تختلف في اصطلاحاتها لعناوين الماهية يعني المعنى. براهين الصديقين والمنافسة الموجودة عند الفلاسفة والمتكلمين ترتبط بهذا البحث وجود المطلق أو مطلق الوجود. بعبارة أي معنى يستلمه العقل يمكن للعقل أن يعتبره لخمس اعتبارات وهذه الاعتبارات الخمس والعناوين لكل منها خمس اصطلاحات.
إذاً باب المطلق والمقيد فيه للمطلق خمس اصطلاحات. لذلك الاصوليون يذكرون أي مطلق يراد. في قبال المقيد يعني بشرط شيء وهو المخلوطة. وهو أيضا لها خمسة اصطلاحات بل ستة ذكره الاصوليون وفي أجود التقريرات. وهذه تتكرر في العلوم كثيرا علوم عديدة.
الاصطلاح الأول واضح؛ المطلق مثل الانسان ليس مقيد بخلاف ما إذا قلنا الانسان الطويل وهو بشرط شيء. الانسان بشرط لا يعني لا يتقيد بأي قيد وليس ساريا. فرق بين الانسان الساري المطلق وبين المجرد. المجرد لا تتلاحظ الأفراد وسريان المعنى والطبيعة في الأفراد.
لعلمكم الظهورات الواردة في الأدلة الشرعية في باب العقائد أو الاخلاق أو باب الفروع أيضا تدور رحاها في لحاظ المعاني المأخوذة كمتعلق أو المأخوذة كموضوع على هذه اللحاظات للمعاني أو الماهيات ما شئت فعبر. فالبحث في بنية الظهور كيف تتكرر.
المعنى الثاني: معنى ذكرنا مرارا سابقا ما يفعلها العقل في المعاني. العقل يتصرف في المعاني. تعبير في الدعاء تصرفات الخواطر وتصرفات الأوهام. فالعقل قد يدمج بين المعاني و قد يفكك. صناعة التحليل والتركيب. الدمج بشرط شيء والتفكيك والتباين بشرط لا. هذا معنى آخر. اللابشرط القسمي أو المقسمي هو أن تلاحظ الطبيعة سواء مندمجة أو مفككة. وهذا المعنى على صعيد الذهن يرتكبه العقل. ذلك المعنى الأول على صعيد الذهن ورؤية الخارج بالمعنى المعروف. هذا المعنى الثاني تأملات عقلية. هذا معنى منطقي وفلسفي.
المعنى الثالث: أيضا في الذهن لكن بلحاظ الخارج لا بنمط الأول ولا بنمط الثاني. مقدمته هكذا إن وجودات الأشياء أو الموجودات بلحاظ وجودها تنقسم بالشيء في نفسه لنفسه بنفسه وهو الباري تعالى. الجوهر في نفسه لنفسه بغيره. يعني يوجد بغيره لأنه ليس واجب الوجود. العرض وجوده في نفسه لغيره بغيره والقسم الرابع وجود لا في نفسه لغيره بغيره الوجود الرابط. يعني بعض الحروف الضعيفة جدا.
هذا التقسيم الذي يذكره علماء المعارف حقيقة وليس عبطا. كيف أنه حقيقة؟ حقيقة لأن الجوهر صحيح يقول أنا رجل في نفسه لنفسه لكنه بغيره. لما يكون بغيره فيكون حرفيا طفيليا وآية واسما وكلمة.
الاية أو الحرف بينهما ترادف عقلي. هذه المطالب إذا لم يوضح لا يوضح هذا القسم الثالث. لما يقال الجوهر في نفسه لنفسه بغيره يعني نوعا من الحرفي لا في الذهن بل بالدقة حرفي في مقام الوجود يعني هو يتخيل انه رجل لكنه لا فرق بينه وبين أضعف الوجودات. من جهة أن الكل قائم بالباري تعالى والكل آيات للباري تعالى
بين القوسين: فرق الترادف العقلي عن الترادف اللغوي. الترادف العقلي يعني تشابه المعنيين في بعض المعاني عقلا ولو هذه المعاني جزء للمعنى الأول و جزء للمعنى الثاني وبينهما إتحاد. كالجنس العالي أو الماهوي أو غير الماهوي. الترادف العقلي يعني اشتراك المعنيين في جزء من المعنى أو جزء قليل أو جزء متوسط أو جزء اكبر. بخلاف الترادف اللغوي هو ترادف بين المعنيين في جل أو كل المعنى. فرقها عن الترادف العقلي. الان الآية والحرف والاسم لا في قبال الحرف بل الاسم بمعنى الدلالة و كذلك الدلالة والكلمة والتجلي والظهور والبطون وخمسين عنوانا في الوحي مترادفة مع الاية اكثر من خمسين عنوانا ورد في الوحي مرادف للاية. المعلول نفس الكلام. وهلم جرا. سواء في الكتاب أو في السنة. كلها بمعنى الدلالة. فالترادف العقلي لما نقول بغيره يعني الحرف والحرف يعني الاية والاية يعني الفاني و ما ليس له شيء. الحرف ما أنبأ عن معنى في غيره. هو ما عنده شيء. لكن ليس بمعنى انه سراب هي حقيقتها ان تري حقيقة عظمة الباري.
نوقف عند هذا البحث ليتضح الاصطلاح الثالث بشكل مبسوط كي يظهر أن إشكالات الاعلام على الفلاسفة ليس في محله. هذا الاصطلاح غامض.