43/08/11
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ هيئة المشتق ومنهج المجتهدين والمحدثين
قبل الدخول في بحث بساطة المشتق أو تركبه البحث الثاني في المشتق نلخّص المختار، أن البحث في المشتق بالدقة ليس بحثا في مجموع المادة والهيئة وإنما هو بحث في خصوص الهيئة.
بعبارة أخرى: مثل كلمة ضارب في الحقيقة فيها استعمالان؛ استعمال المادة واستعمال الهيئة. مادة «ض ر ب» والهيئة فاعل. فبحث المشتق يقع في الهيئة وليس يقع في المادة. وبالتالي معنى المادة معنى اسمي ولا كلام فيه أما معنى الهيئة فمعنى أقرب بالمعنى الحرفي وان كان هو معنى اسمي حقيقة. فهذا المعنى الاسمي في الهيئة صحيح أنه نسبة المادة الى الذات بناء على التركب أو أنه نسبة والذات مقدرة بناء على البساطة كما سيأتي لكن الهيئة بالتالي نوع من النسبة، يعني نشكل المادة بتفصال الذات، تفصال الضارب غير تفصال المضروب وغير تفصال الضرب و غير تفصال المضرب بالتالي الهيئة هي تفصال أو النسبة. يعني نسبة المفعول غير نسبة الفاعل وغير النسبة الى الزمان وغير النسبة الى المكان.
لذلك مر بنا أن المدار على زمان النسبة أو على النسبة نسبة حقيقية أو مجازية. ان كانت النسبة مجازية فيكون لغير ما وضع له وإن كانت النسبة حقيقية فهي استعمال في ما وضع له. جعلنا المدار على المجازية والحقيقية في النسبة ومما يبين بشكل مصرح هذه النسبة المطوية في الهيئة المندمجة مع المادة هي النسبة الكبيرة في الجملة كما مر بنا، فيما لو تطابق زمان النسبة المطوية مع النسبة في الجملة، ثم شعرنا بان الاسناد مجازي فسوف يتبين أنه هنا استعمال في غير ما وضع له.المقصود جعلنا المدار بهذا اللحاظ.
ثم المادة تستعمل بمعان تارة بمعنى الشأنية وتارة بمعنى الملكة وهلم جرا. مثلا نفس الاجتهاد تارة يستعمل بمعنى الملكة وتارة يستعمل بمعنى الممارسة الفعلية. فهذا أيضا يؤثر نحو المادة ثم حقيقية النسبة أو مجازية. هذا محصل المختار. وهذا سيؤثر حتى في بحث البساطة والتركب.
الان بالنسبة الي البحث الثاني في المشتق بحث البساطة والتركب: طبعا ليس الكلام في مطلق البساطة ومطلق التركب إنما البحث في خصوص البساطة والتركب بلحاظ اشتمال المشتق على الذات. وتبين ان المشتق هيئة مع المادة التي لها وضع مخصوص. الهيئة التي تهيئ المادة وتشكلها فالكلام وقع في أنه مركب أو بسيط وهو كلام نسبي بالإضافة الى الذات، هل الذات مأخوذة أو غير مأخوذة.
طبعا النحاة أو البلاغيون أو العلوم الأخرى دائما في المشتق يقدرون ضميرا مستترا كأنما الذات موجودة لكن بالضمير. هذه مادة لتكن لدينا بالحسبان. إعراب النحاة أو كلام اللغويين في الصرف يقدرون في المشتق ضميرا مستترا والقائل بالتركب يقول الذات موجودة في نفس الهيئة الإفرادية لا أن هناك كلمة أخرى مقدرة. وهذه الكلمة المقدرة لها نسبة تقييدية ناقصة ضارب هو ومضروب هو مضرب هو. النحاة أو علماء اللغة يقدرون هو في البين. هذه معلومة لغوية يستخدم في بحث التركب والبساطة في ما بعد. ليس يختص بالأصوليين أو الفقهاء بل للمتكلمين والمفسرين والفلاسفة كلهم بحثوا أن المشتق بسيط أو المركب. طبعا بحث المتكلمين أو الفلاسفة والعرفاء من جهة بحث الصفات والتوحيد. إن المعنى التحليلي يؤثر في بحث العقائد والمعارف أما بحث الأصوليين والفقهاء بغض النظر عن الغاية هذا البحث الذي شيئا ما أطال فيه الأصوليون اكثر من البحث الأول انه موضوع للأخص أو للأعم هذا البحث سجالهم فيه أكثر بغض النظر عن طبيعة سجال الأعلام نمط هذا البحث عند الاعلام ما هو وكم يؤثر في عناصر الظهور والقضايا الشرعية القانونية؟
مر بنا أن السيد الخويي رحمهالله يعترض على الاخوند واعتراض في محله أنه كيف يفسر البساطة والتركب بلحاظ المعنى الملحوظ أنه عددا واحد أو اثنين، يقول واضح في المرحلة الأولى أنه واحد وليس اثنين والمراد من التكرر ليس بلحاظ الملحوظ في المرحلة الأولى. الملحوظ في المرحلة الأولى واضح انه معنى واحد اندماجي إنما التركب بلحاظ التحليل العقلي. كلامنا الان هنا في هذا المنهج.
ان كافة الاصولين وكا فة البلاغيين خاضوا في هذا البحث أن هذا المعنى بالتحليل العقلي ما هو؟ هذا المنهج استنباطي واجتهادي فممارسته في الاستنباط في يوميات الاستنباط صحيح فالعجب ممن يكتفي في الاستنباط بالمعنى الملحوظ في الذهن المتبادر في الوهلة الاولى بلا أن يعمل آلية عقلية للتحليل أو انه يستنكف من آلية التحليل والتدقيق ويقول إن هذا استحسان وهلوسة واستنباط ذوقي.
في الحقيقة الفقاهة والاجتهاد فرقها عن الراوي والرواة ومنهج المحدثين أن الفقيه عنده مختبر الفهم والتفهم. يعني التحليل للمعاني. أيضا صناعة الأشكال الأربعة يعني الاستنتاج بالأشكال الأربعة بالصغرى والكبرى أو بالاستقراء التصيّد في القاعدة الاستقراء يحتاج الى صناعة التحليل والتركيب حتى القياس الاقتراني. القياس الوحياني غير القياس الاقتراني بل القياس الوحياني ذكرنا في الدورة السابقة في الاجتهاد والتقليد أنه أعم مما ذكره الأعلام. فبالتالي إذاً المجتهد والمستنبط يقوم بأحد الاليات الثلاث أما الاستقراء أو صناعة التحليل والتركيب أو تركيب القضايا صغرى كبرى ونتيجة أما أن الاستدلال ينحصر بالقياس وغيره استحسان خطأ. كم ذكر الفقهاء القاعدة المتصيدة والحكم المتصيدة وهو حكم من الاستقراء مع صناعة التحليل وبنوا في منهج الاستدلال على صناعة التحليل والتركيب. المقصود هذا مهم في موارد متسالم عليها أن الأصوليين والفقهاء أعملوا صناعة التحليل والتركيب. هذه نكتة مهمة في مناهج الاستدلال. طبعا البعض يمنعه لأنه يغلب عليه منهج المحدثين والرواة أكثر مما يغلب عليه منهج الفقهاء.
شبيه التواتر المعنوي كثير من المتواترات في المعنى لا يلتفت اليها المحدث والراوي لأنه ليس التواتر اللفظي في السطح الاولي والتواتر المعنوي لا يلتفت اليه المحدث و الراوي إنما يلتفت اليه الفقيه والمفسر والمتكلم حسب صناعته فيرى أن المعنى المنطوي معنى متكرر. وإلا التواتر المعنوي ليس التواتر في الالفاظ المترادفة بل التواتر المعنوي ولو لم يكن ترادف لفظي مثل الترادف العقلي أو الترادف الوجودي. الشيخ جعفر كاشف الغطاء وسع الملازمات الى الملازمات الوجودية ودأبه في المنهج هكذا والشهيد الأول أيضا. فالمقصود هذا المطلب هذا هو منهج الفقاهة وإذا جفف واضح أنه نوع من انكماش عملية الاجتهاد.
طبعا أحد القولين خاطئ لأن الميزان الذي أخذه ليس بميزان أو قاصر ولازم أن يرجع الى ميزان آخر ورائه لكن هذا لا يعني ان الاجتهاد ليس على الموازين.
إذا يجمدون على اللفظة ليس باجتهاد وفقاهة. كما يقال أن لفظة التقية ما موجودة، لفظة مكر و يمكر الله غير لفظة التقية وماذا ربطه بالتقية؟ إذاعة الاسرار ماذا ربطه بالتقية؟ مادة تختلف. ولا يلتفت الى أن هناك معنى شمولي واحد. فالمقصود هكذا نمط الاستدلال هذا واقعا استدلال حشوي قشري.
لماذا صاحب الوسائل أقحم روايات الإذاعة في التقية مع أنه اخباري. صاحب الوسائل اثناعشر بابا بعناوين مختلفة كلها أقحمها في باب التقية مع أنها ليست بلفظة التقية ومعنى التقية بالترادف المعنوي واضح في ارتكاز صاحب الوسائل أنه يحلل المعنى الى معنى مشترك موجود في كل هذه الأبواب الاثنا عشر. قريب 150 رواية. ليس معناها ترادف لفظي. التواتر المعنوي معناه الجنس القريب أو المتوسط أو العالي والجنس العالي مهم وله أثر وله حكم. الاجتهاد طبق الموازين صعب. أمس مر بنا البحث ليس في خصوص المشتق بل البحث في منهجية الأعلام كيف يحللون المعنى طبعا طبقا للشواهد والموازين وطبعا الشواهد ليست وحيا منزلا يجب أن توزن و تفحص وباب الاجتهاد مفتوح.
هذا منهج أصولي ولو من الاخباريين كما يقول صاحب الكفاية كثير من الأخباريين مضطرون بمنهج الاصولي من حيث لا يشعرون فالمقصود تحليل المعنى وتفكيك المعنى وتجزئة المعنى هذه عملية الاجتهاد ومن مهمات عملية الاجتهاد. من ثم في بحث الشعائر وربما هذه اللفظة مادة قليل الورود في الروايات لكن حلل معنى الشعائر يعني إعلام ديني حينئذ كثير من الايات والروايات واردة في الاعلام الديني مع أنه ليس ترادف لفظي بينها. من ثم هذه المعاني لها أدلتها وأحكامها هل هذا صحيح في الاجتهاد أو غير صحيح؟ كيف هي هلوسة واستحسان؟ المعنى هكذا.
المقصود هنا سر عجيب إذا حللنا المعنى الى اجناسه و أجناس أجناسه وفصوله وفصول فصوله سنتوفر الى كم دلائل من الأدلة بدل أن نحبس أنفسنا في لفظة واحدة ومعنى واحد مندمج. هذه نكتة جدا مهمة. هذا ليس في فقه الفروع حتى في العقائد والتفسير والعلوم الدينية هذا منهج استدلالي ومنهج اجتهادي. الشيخ احمد التستري رحمهالله ما كان متضلعا في الاجتهاد والفقاهة مع احترامنا بل كان متضلعا في التتبع قال نزلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم. قال أصلا هذه الرواية غير ثابتة. عجيبة في كتاب البصائر وقفنا الى اثنا عشر طريقا مختلفا بغض النظر عن هذا. هذا المتن كقاعدة معرفية لها ترادف معنوي وعقلي مع عشرات من القواعد لكن هو لا يلتفت. لأنه يريد لفظة نزلونا عن الربوبية. يريد ترادف لفظي وطبعا ما موجودة. لا يقف على التواتر المعنوي والاستفاضة المعنوية بالوحدة والاتحاد بالتنظير ليس بالبادرة الأولى.
إشكال السيد الخويي هنا على الاخوند قال ليس المراد من التعدد في المعنى هو البادرة الأولى يأتي في اللحاظ هذا لحاظ أولي خام إعمل فيه مختبر صناعي. مع أنه ارتكب هذه المؤاخذة نفسه في الفقه كثيرا ما.
إذاً لاحظ حتى التواتر المعنوي من أين يكتشف؟ تواتر معنوي نظري يعني يحتاج الى النظر «فانظروا الى رجل نظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا» لا سمع «فاجعلوها عليكم حاكما». «لو لا نفر» يعني روى لكن الغاية لتفقهوا ويتفهموا. من ثم الرواية كيف تعرف أنها مستفيضة مع أنها بألفاظها لم ترد لكن بمعانيها وردت مستفيضة. يمكن نحن بهذه الصناعة في الاجتهاد التواتر المعنوي النظري والاستفاضة المعنوية النظرية التي لايدركها المحدث والراوي بل يدركها المجتهد والفقيه بالتدبر والاختبار وبمساعدة عقول الاخرين.
صرف ضعف الرواية غير كاف، بل انظر مضمونه موجود أو غير موجود واعمل الاجتهاد إن أصررت على الصدور أنت اخباري. الأصولية ليست بالادعاء بل بالمنهج الواضح. هنا أصر الاعلام ان يحللوا معنى المشتق بصناعة التحليل والتركيب وهذه الصناعة في كل مورد تجري. الوثوق المعنوي يعني هذا المضمون وهذا المعنى موثوق به وصدرت في أبواب متعددة ويمكن ان لا يلتفت اليه بالتبادر الاولي لكن بالتحليل العقلي يمكن الوثوق به.