43/08/10
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ المشتق والمختار في الوضع
كان الكلام في المشتق أنه موضوع للأعم أو موضوع للأخص.
مما استدل به على الأعم كما مر هما الآيتان «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة» و «السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما» وأجيب أن هذا الاستدلال غير تام لأنه استعمل الموضوع في زمن التلبس. هذا التفكيك يحتاج للتدبر.
يعني الان زمن الموضوع غير زمن الاسناد وغير زمن المحمول، «الزانية والزاني فاجلدوا» والفاء للتراخي والإشعار لهذا المطلب. فالتفكيك بين زمن الثلاثة أو الأربعة هو خلاف المنساق لكن على أي تقدير هو هذا الحال انه في تراكيب الجمل ليس من الضروري اتحاد أزمنة أجزاء القضية الواحدة بل يمكن أن تكون متغايرة ولو بقرينة مناسبات الحكم والموضوع وهذا أمر مهم في نفسه.
إجمالا هذا أمر مقرر عندهم في علم النحو أو علم البلاغة، علم المعاني أن المشتق منطوٍ على نسبة مقدرة مدمجة أو خفية وبالتالي هذه النسبة كما مر توازيها النسبة أو الإسناد الموجود في الجملة الكبيرة والإسناد كما مر إن كان مجازيا لمن انقضى عنه فهناك أيضا يكون مجازيا وإن لم يكن مجازيا فصحيح فيعتمد على الإسناد، هذا هو المختار وهذا تفسير للأخص أو تفسير للأعم وإلا كل الشواهد والأدلة للطرفين قابلة للتأمل أو للتحليل. هو الذي ذكرنا أن زمان النسبة المطوية في المشتق سواء المطوية داخلة أو بشكل ملازم له أيا ما كان هناك نسبة وعقد وضع في مقابل عقد الحمل وفي مقابل النسبة الواصلة بين الموضوع والمحمول. هذا هو المختار في قضية الوضع للأعم أو للأخص.
ذكرنا أن السيد الخويي أنكر الثمرة لمجموع مبحث المشتق وقال قاعدتان أصوليتان؛ الحيثية التعليلية والتقييدية و أن فعلية المحمول لفعلية الموضوع تغنيان عن هذا الاسناد ومر أنهما لا تغنيان وإن كانتا مهمتين.
بعد ذلك يثيرون بحثا آخر في المشتق؛ هل المشتق بسيط أم مركب؟ البسيط يعني نفس المبدأ، نفس ضاد وراء وباء. طبعا المقصود من البساطة والتركب نسبي وليس مطلقا يعني بالقياس الى أخذ الذات. هل المشتق أخذت فيه الذات والمبدأ أم أخذ فيه المبدأ فقط من دون الذات، فالكلام نسبي وإلا ما عندنا بساطة بقول مطلق في الممكنات.
هل هو بسيط يعني ليس فيه الذات أو مركب يعني الذات والمبدأ والنسبة بينهما؟ هذا البحث له صلة وتيدة للبحث الذي تقدم وله تأثير ما، أثاره الميرزا الناييني وأنكره السيد الخويي ولكن لا يخلو من الصلة والتأثير بلا شك. إجمالا فهل هو مركب أو بسيط؟ طبعا المراد من التركب والبساطة أولا نسبي وليس مطلقا ثانيا ما المراد من البساطة والتركب؟ التركب هو التعدد والبساطة عدم التعدد. هنا التعدد والوحدة ليس في التصور الأولي. المراد من الوحدة والتعدد هي الوحدة والتعدد العقلي والتحليلي، يعني بتحليل وتأمل من العقل يفكك العقل المعنى الى مادة الضرب والذات والنسبة فالعقل يفكك. هذا هو المراد من التركب. في المقابل، البساطة تعني أن العقل لا يفكك بين المعاني.
عملية دمج المعاني أو تفكيك المعاني مر بنا مرارا هذه من خاصيات وقدرات العقل فالمراد من البساطة و التركب هو البساطة والتركب العقليان وليس البساطة والتركب اللحاظيين، يعني في اللحاظ كأن يأتيك المعنيان مركبين أو يأتي معنى واحد ليس هذا هو المراد من اللحاظ الاولي وإن ظهر ذلك من صاحب الكفاية لكن هي غفلة. لابد من الالتفات اليه.
مثلا كما ذكروا: الأشياء أو النعوت الثابتة للأشياء قبل العلم بها إخبار وبعد العلم بها أوصاف وبعد تكرار العلم بها مدمجة. يعني التفكيك الموجود في الجملة التامة بين الموضوع والمحمول يختلف عن التفكيك الموجود بين المضاف والمضاف اليه والصفة والموصوف، كما أن التفكيك بين الشرط والجزاء أبعد أو أشد أو أكبر من التفكيك الموجود بين المبتدأ والخبر، ثم يأتي التفكيك بين المبتدأ والخبر ثم يأتي التفكيك بين المضاف والمضاف اليه والصفة والموصوف، ذلك تفكيك أضيق ثم يأتي عملية الدمج، العقل يدمج المعاني مع بعضها البعض يدمجها في تصور ولحاظ واحد. هذه قدرات للعقل، بخلاف التفكيك بلفظة «أو» ذلك أبعد من الشرط والجزاء فإذاً هناك مراتب من التفكيك يقوم بها العقل الى ان يصل الى الدمج وهذا الدمج في اللحاظ، وهي صناعة منطقية عقلية قديمة كانت التركيز عليها صناعة التحليل والتركيب يعني في المنطق الارسطي واليوناني عندهم الاستقراء مثلا والبراهين أو القياس بالاشكال الأربعة يعبرون عنها القياس الاقتراني يعني قضيتان تقترنان تشكلان الاشكال الأربعة أو صناعة التحليل والتركيب وفي الحقيقة الاستقراء أو القياس الاقتراني لايستغنيان عن صناعة التحليل والتركيب كما بين ذلك في صناعة البرهان في منطق المظفر. من اين العقل يستطيع أن يشكل صغرى اصغر وصغرى أوسط و صغرى اكبر؟ بصناعة لتحليل والتركيب يلتفت الى ان الأوسط موجود في الأصغر والاوسط موجود في الأكبر وبالتالي يربط ويوحد بين القضيتين ويستخرج النتيجة بتوسط عملية التحليل. من ثم ربط المناطقة بين باب البرهان وباب الكليات الخمس. جنس وفصل ونوع و عرض عام وعرض خاص.
فإذاً صناعة التحليل والتركيب من خواص وأفعال العقل وصناعة مهمة وليست مخصوصة بعلم المنطق بل في كل علم يستعمل البرهان صناعة مهمة ومما امتاز به بكثرة المحقق الحلي والمحقق الكركي والعلامة الحلي في المعاملات وهي صناعة جدا مهمة وليست استحسانا واستذواقا بل مع الشواهد ليست استحسانا. كما أن جملة من اللغويين كابن فارس في المقاييس يعتمد على صناعة التحليل والتركيب في المعاني. وهذا بحث مهم في الاستنباط سواء لغويا أو في المراحل الفقهية والصناعة الأصولية أو الصناعة الفقهية في الاستنباط امر ضروري جدا.
فعلي أي تقدير إذاً المراد من البساطة والتركب يعني بحسب تأمل العقل وعمل العقل لا بلحاظ اللحاظ. في المرة الأولى يأتيه المعنى مندمجا. فهنا وقع الفلاسفة فيما بينهم من الخلاف والمتكلمين وعلماء المفسرين والاصوليين. يعني بحث مشترك في العلوم العديدة هل المشتق مركب أو بسيط وهو بحث عقلي محض لأنه توازن وتصرف عقليا تكوينيا في المختبر العقلي. هذا المعنى الموجود في المشتق هو معنى مركب أو بسيط؟ ولأنه بحث عقلي محض فيؤثر على مباحث في المعرفة في العقائد والمباحث في الفقه والأصول.
اصل أهمية هذا البحث أن منهج الاستنباط الذي ينكر التحليل مدفوع ويقول أنا أجمد على العنوان الملحوظ ولا أعمل مختبر العقل في تفكيك المعنى الملحوظ لأن هذا استحسان واستذواق وما شابه ذلك. هل هذا تفهم؟ التحليل العقلي للمعاني هل هو تفهم؟ الفقاهة تفهم أو هي جمود حرفي على المعنى الملحوظ في المرحلة الأولى؟ الكلام في كل عملية الاستنباط. ليس خصوص المشتق. ما هو الفرق بين التواتر اللفظي والتواتر المعنوي. البحث حساس لا من جهة المشتق. كل الاعلام لم ينكروا ان صناعة التركيب صناعة تحليلية وليس استذواقا و استحسانا.