الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ أدلة الوضع للمشتق

مر أنه يستدل على وضع المشتق للأخص أي المتلبس بالتبادر وصحة السلب والتناقض والبساطة هلم جرا.

لكن قد يقال إن اثبات الشيء لا ينفي ما عداه، يعني أن إثبات أن المتبادر هذا المعنى لا ينفي ما عداه، لعل التبادر من باب أبرز الأفراد سيما إذا كان المعنى طبيعته تشكيكي يعني متفاوت الدرجات أو لأجل ان هناك قرينة انصراف.

أما صحة السلب فأشكل عليه أنه إن كان بلحاظ التلبس الفعلي نعم ليس متلبسا أما بلحاظ الأعم فكيف يمكن السلب؟ يعني بأن يقال هذا لم يكن ضاربا وقتاما. على كل هذه الموارد قابلة للتأمل.

بعبارة أخرى مر بنا أن الإسناد الموجود في مفردة المشتق إسناد مطوي قد يطابقه الإسناد الكبير الموجود في الجملة. الاسناد الموجود في الجملة يمكن أن يكون إسنادا مجازيا وإسنادا حقيقيا بلحاظ نمط الاسناد. يعني إذا أريد أن أسند بلحاظ التلبس الخارجي الان فنعم، أما بلحاظ صدق العنوان ولو بلحاظ التلبس الماضي فبالدقة نستطيع أن نقول هذا الاسناد إسناد العنوان إن كان مطابقا لوقت التلبس يصير حقيقيا وإن كان في غير وقت التلبس يصير مجازا. بالتالي الاسناد يمكن أن اسند الان لكن الوقت يقيد بلحاظ حال التلبس.

أقول ما هو بالدقة محل البحث؟ هل محل البحث هو إسناد التلبس في غير وقت التلبس أو إسناد العنوان الان ولو بلحاظ حال التلبس؟ ما هو محل النزاع؟ محل النزاع إسناد العنوان، ربما في الجملة نحتاج اسناد العنوان ولو بلحاظ حال التلبس، هل هذا دائما حقيقة؟ فإذا كان دائما حقيقة فدائما الموضوع موجود، وهو المراد. على كل قابل للتأمل سيما بناء على ما مر بنا أن الأزمنة قد تكون ثلاثة زمان التلبس وزمان الاسناد وزمان الحكم وإلا النسبة هي طبيعة عامة. نعم، إذا كان الاسناد مجازيا في الجملة الكبيرة لا محالة يكشف أن الاسناد المطوي في المشتق إذا أسند لزمن غير زمن التلبس يصير مجازا. بهذا المعنى الامر بديهي و نقبل وصح. الإسناد المطوي كاشف عنه الإسناد المصرح به في الجملة الكبيرة كما أن الاسناد المصرح به في الجملة الكبيرة إذا كان في غير وقت التلبس يكون مجازا، أما إذا كان الاسناد حقيقيا ولو بلحاظ حال التلبس كما أنه الان أسند اليه لكن بلحاظ حال التلبس في المسند فالنسبة ستكون حقيقيا ولو الان التلبس غير موجود. فمعنى انقضى عنه التلبس هو التلبس الخارج أو انقضى عنه التلبس غيره؟

المهم إذا جعلنا المدار على الإسناد المصرح به الكاشف عن الإسناد المطوي لا بأس إذا كان الاسناد حقيقيا فإذاً يكون الاسناد حقيقيا وإذا كان الاسناد مجازيا فيكون الاسناد مجازيا. بهذا المقدار نقبل ونقربه.

أما أكثر من هذا كما أن التلبس قد انقضى ومع ذلك، الإسناد بالفعل، لكن المسند اليه في الزمن السابق وارتضى أن يكون حقيقيا. يعني بعبارة أخرى نستطيع أن نقول ما انقضى عنه يكون الاسناد فيه مجازي هذا أعم من الوضع أما إذا كان الاسناد حقيقيا بلحاظ تقييد ربما هذا متفق عليه ولا نزاع فيه، لا بأس بهذا المقدار نقبل. العمدة أن نلاحظ زمن الاسناد وزمن المسند وزمن الحكم وليس بضروري أن يكون موضوع الحكم هو نفس زمن المحمول. قد يكون الموضوع مأخوذا بلحاظ زمن المسند نفسه وإن انقضى عنه خارجا. بهذا المعنى .

نأتي بأدلة الأعم: استدل بأن كثيرا ما يستعمل المشتق في ما انقضى عنه أكثر مما يستعمل في المتلبس فحينئذ الحكمة في الوضع أن يكون الوضع بغاية الاستعمال وأن لا يحتاج الى المعونة فإذا كان الحاجة للاستعمال بكثرة في الأعم وما انقضى عنه فكيف يكون أخص؟ هذا خلاف حكمة الوضع أن المشتق يستعمل كثيرا ما بل أكثر في ما انقضى فحينئذ الحكمة تقتضي أن يطابق الوضع مع الحاجة وهي الاستعمال لا أن يضيق الوضع عن الاستعمال.

أجيب بعدة أجوبة. هذه ظاهرة مهمة في باب الظهور وهي أن المجاز في الاستعمالات أكثر من الاستعمال الحقيقي، مجموع المجازات في مجموع المفردات أكثر من الاستعمال الحقيقي. هذا ليس خلاف الحكمة لأن المجاز له نوع من المجالية وتصوير وقوة بيان أكثر من الحقيقة وبعبارة أخرى ربما الوضع الحقيقي لأجل الوصول للمجاز. لأن المجاز يكون مجازا لمّا يكون هناك وضع حقيقي أما إذا كان مهملا يصعب بخلاف ما إذا كان اللفظ ليس مهملا بل موضوع له فحينئذ قنطرة للوصول الى المجاز لأن الموضوع له له مناسبات عديدة مع المعاني كثيرة أخرى غير موضوع له اللفظ. فمن قال أن الحكمة في الوضع هو المعنى الموضوع له بل الحكمة في الوضع هو الموضوع له وتمهيد الاستعمالات المجازية جمالية لها حسن ومحاسن أخرى فإذاً كثرة الاستعمالات في المجاز قد تكون مؤشر على أن هذا مجاز وليس حقيقة. هذا جواب.

جواب آخر عن هذا الاستدلال. ربما كل أو كثرة الموارد التي يقال فيها كثرة الاستعمال هناك قرينة على أن الاستعمال بلحاظ حال التلبس يعني ما انقضى عنه بلحاظ زمن التكلم.

مر بنا أربعة أزمنة: زمان المسند والمشتق وزمان المسند اليه والذات وزمان الإسناد وزمان التكلم. فلعل يقال كثرة الاستعمال بلحاظ زمن التكلم لا بلحاظ زمان التلبس وإلا في كثيرة من موارد قرينة على أخذ المشتق بلحاظ زمن التلبس لا ما انقضى عنه. هذا الجواب ينبهنا على ما مر بنا أن بحث المشتق أمر حساس في الالتفات الى القرائن لاسيما القرائن الموجودة بلحاظ الأزمنة وإن كانت المشتقات ليس الزمان قيدا فيها.

ربما هذا لم نشرحه كيف الأصوليين أو اللغويون يقولون أن الفعل لم يأخذ فيه الزمان مع ذلك يدل على الماضوية ويدل على المضارع ويدل على المستقبل لأنه يستعل في أفعال الباري وهي فوق الزمان. طبعا أجابوا بهذا الجواب والمراد به إذا أنجز تحققه وجودا فماضوية وفي حال التحقق فمضارع و لم يتحقق وبشرف التحقق فنسميه المستقبل بدون أخذ الزمان. هذا المعنى عوض أخذ الزمان في الأفعال أو المشتقات لكي يكون المعنى عاما شاملا لاستعمال المشتقات أو الأفعال في المجردات أو الزمانيات. لابأس ذكروا في علوم اللغة و ذكروه في الفلسفة وعلم الكلام. مفروغ تحقق الوجود ماضوية وفي حالة التحقق مضارع ولم يتحقق وفي شرف التحقق يكون مستقبلا. والزمان غير مأخوذ. هذا المطلب والجواب الثاني لابأس به لكنه ينبهنا الى أهمية وضرورة الالتفات الى القرائن.

طبعا من ضمن الأجوبة ردا على أنه لو كان المشتق بسيطا فحتما يكون أخص وإذا كان مركبا أيضا ينصرف الى الأخص. الجواب عن هذا الاستدلال أنه لو فرضنا أن المشتق بسيط دعوى أنه موضوع للاخص فيه تامل. لأن المشتق بسيط لكن المشتق البسيط يركب في جملة مركبة وإذا ركب في جملة مركبة ففيه اسناد فسواء جعلنا الاسناد خارجا أو جعلنا مطويا الاسناد أمر إضافي لا بد منه والذات أيضا طرف الاسناد غير المبدأ ولا بد منه. فسواء جعلنا النسبة مصرحة فقط أو جعلنا النسبة المصرحة كاشفة عن النسبة في عقد الوضع والمشتق الكلام الكلام.

على كلام الميرزا الناييني أو كلام من يقول بالأخص التلبس لابد منه في النسبة أو في المبدأ أو أين؟ أولم يقول الأعلام بأنّا لو جعلنا النسبة زمانها زمان التلبس فيكون حقيقة؟ الان فعلا لا تلبس في الخارج . فهل المدار على زمان النسبة أو زمان التلبس؟ زمان النسبة يطابق زمان التلبس ولو التلبس الخارجي ما موجود. يعني لو كان المدار على التلبس فقط وليس للنسبة وزمانها دور سواء النسبة المصرحة في الجملة الكبيرة أو النسبة المطوية في المشتق لو كان المدار ليس على زمان النسبة وتطابقها مع زمان التلبس الخارجي بل المدار على التلبس فالتلبس الخارجي ليس موجودا فاستعماله في زمان التلبس الخارجي يدل على أن النسبة لها دور.

لذلك قديما و لازلنا أن الأفضل جعل المدار على النسبة كانت مجازية فيصير مجازا واذا النسبة حقيقية فيصير الاستعمال حقيقيا لا أن نفكك.

بعبارة اخري: القائلون بأن المشتق وضع للأخص أحد الأدلة التي استدل به قالوا أن المشتق بسيط وواضح ان النسبة والذات خارجان وليس للذات دور كي يقال إن الذات لا زالت باقية ويمكن توصيف الذات بالعنوان الاشتقاقي وان انقضت التلبس. هكذا استدلوا. أما إذا كان المشتق بسيطا الذات والنسبة ليس لهما دور والدور والمدار على المبدأ.

نقول: حتى لو بنينا على أن المشتق بسيط والمدار على المبدأ فالنسبة بلحاظ زمان التلبس الخارجي. إذا كان بلحاظ الزمان التلبس الخارجي يعترفون الاعلام أنها ليس مجازا مع أن التلبس الخارجي حين التكلم و الاسناد غير موجود. فإذا كان المدار أخص يعني زمان الاسناد هو زمان التلبس بهذا المعنى صحيح ونقبلها أما إذا كان المدار على التلبس الخارجي فالتلبس الخارجي ليس زمانه زمان الاسناد والتكلم هذا لايستلزم المجازية. ربما هذا على الوفاق بين من يقول بالأعم ومن يقول الأخص. بعضهم قال إن النزاع لفظي فأين محل البحث ومحل النزاع؟ التلبس الخارجي وزمانه قد انقضى مع ذلك الان أسند المشتق الى الذات لكن اسندها بلحاظ زمان التلبس. لا أسندها بزمان قد انقضى عنه التلبس التلبس الخارجي ما موجود. هذا يكفينا في موارد الاستعمال. بعبارة كيف يكفينا؟ تذكرون في تحديد أي قضية قانونية شرعية في أي باب من الأبواب ملاحظة الأزمنة المأخوذة حساسة مثل الزانية والزاني فاجلدوهما هل الاستعمال حقيقي؟ نعم. لأن زمان الاسناد غير زمان المحمول. فإذا كان التغاير فيه فليس مجازا. فالقضية الحقيقية موجودة. مثل السارق والسارقة كل موجبات الحدود هكذا مع أنه انقضى وليس الان متلبسا. لأن زمان النسبة بلحاظ حال التلبس وليس زمان التلبس بلحاظ زمان المحمول. قالوا هذا من مناسبات الحكم والموضوع في باب الحدود. كلامنا ليس في القرينة. لم هنا حقيقية وليس المجاز؟ المدار على التدقيق في الموضوع الذي اخذه الشارع في القانون. هل الموضوع زمانه مطابق لزمان المحمول أو زمان التكلم أو زمان الاسناد؟ أو لزمان المسند؟ أربعة أزمنة فإذاً تحديد الأزمنة مهم. فبالتالي إذاً ليس أنه هذا بسيط واذا كان بسيطا واضح انه موضوع للاخص بأي معنى أنه موضوع للأخص؟ لأن هذا البسيط له اطراف انتم تعترفون على البساطة وجعل زمان الاسناد زمان التلبس ليس مجازا. فليست القصة قصة البساطة والتركب بل القصة قصة تطابق زمان الاسناد مع زمان التلبس الخارجي. المدار على الزمان. ليس انقضاء زمان الاسناد عن زمان التلبس بهذا المقدار نقبل به. إن كان هذا هو المراد من البحث نسلم به. كيف نستكشف التطابق بحث آخر. الكلام في هذا المطلب أنكم تزحزحون النسبة وزمانها أعم من الاستعمال الحقيقي والمجازي كيف تصويره؟ فقط تأخذون زمان التلبس أنه انقضى أو لم ينقض. الزمان إضافي، انقضى عمن؟ الزمان اللاحق لمن؟ حتى لو قلنا أن المشتق ليس فيه الزمان لكن المعنى هو تحقق مفروغ عنه أو في حال التحقق أو سيتحقق. لا نريد أن نقول هذا البحث ليس جديا لكن كيف صياغته؟ بعبارة أخرى لما نقول متقدم لابد من المتأخر والماضي لابد من المضارع من الطرف الاخر. الطرف الاخر لابد أن نقول هو زمان النسبة سواء النسبة المصرحة أو زمان النسبة المطوية.

طبعا بعضهم أشكل على هذا التصوير من محل البحث بأنه لماذا تقحمون استعمال المفردات مرهونة باستعمال الهيئة المركبة؟ هذا إشكال وارد لكن جوابها ما مر أن الاستعمال في الهيئة المركبة وهو الاسناد المصرح الكبير كاشف عن الاسناد المطوي في المفردة. بهذا اللحاظ.

على كل تتمة الكلام ان شاء الله بعد