الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ المشتق وقاعدتان صناعيتان

كان الكلام في النقاط التي ذكرها الأعلام في بحث المشتق ومر أن بحث المشتق في الحقيقة هو بحث في العناوين والقيود المأخوذة في الوجوب أو الواجب، فيبحث في العناوين من زوايا عديدة ستأتي في مقدمة الواجب واجتماع الامر والنهي و في بحث الامر عن الشيء هل يقتضي النهي عن ضده أو بحث النهي عن الشيء هل يقتضي الفساد، هذه مداقات عقلية ستأتي في القيود. يعني جل البحث في مقدمة الواجب أو بحث الضد أو النهي القتضي للفساد أو اجتماع الامر والنهي والإجزاء جل مباحثها في القيود المأخوذة في الوجوب أو الواجب وليس المبالغة عندما يقول الأعلام أن الميرزا الناييني رحمه‌الله مكث ثلاثين سنة في تأليف رسالة اللباس المشكوك لأجل هذه النكات فصارت هذه الرسالة مصدرا و مرجعا علميا ثاقبا في البحوث الصناعية مرتبطة بقيود الواجب أو قيود الوجوب.

هذه البحوث في المشتق بحوث في القيود، إما قيود الوجوب أو قيود الواجب، فهذا القيد من جهة دلالة اللفظ عليه من جهة بنية الظهور وقالب المعنى الاستعمالي بينما البحوث التي ستأتي ربما في المعنى الجدي والتفهيمي.

من ثم السيد الخويي رحمه‌الله بنى على أن بحث المشتق ليس بذي ثمرة. مقصوده ليس الثمرات الضمنية في بحث المشتق. كل بحث ومسألة فيها بحوث مطوية وضمنية وثمرات ضمنية وفيه ثمرة للمجموع وكل البحث وقد تكون ثمرة كل البحث ليست بتلك الدرجة والثمرات الضمنية المطوية في البحث أهم بكثير من ثمرة مجموع البحث. المهم السيد الخويي اعتراضه في نهاية المطاف على ثمرة مجموع البحث ولا يريد ان ينكر الثمرات الضمنية.

هو يقول يمكن أن يستعان عليها بقاعدتين ستأتيان في بحث مقدمة الواجب وإذا حررتا تلك القاعدتين نستغني عن البحث في المشتق. هل هذا صحيح أو ليس بصحيح بحث آخر لكن السيد الخويي ربط بين هذا البحث في المشتق وبين قاعدتين في مقدمة الواجب أو اجتماع الأمر والنهي في القيود.

نذكر ابتداء القاعدة الثانية وهي: هل القيد مأخوذ في الحكم حدوثا وبقاء أو القيد سواء قيد الوجوب أو قيد الواجب مأخوذ حدوثا فقط؟ فإذا كان القيد مأخوذ حدوثا فقط أو حدوثا وبقاء فلا حاجة لتنقيح بحث المشتق، سواء بنينا على أن المشتق لخصوص المتلبس أو للأعم من ما انقضى عنه.

نحن لا نتوافق في هذا البحث مع السيد الخويي لأن هذا البحث هنا في بنية الظهور في المعنى الاستعمالي لكن البحث هناك في المعنى الجدي أو التفهيمي أو ما شابه ذلك وسنبين الاعتراض الوارد على السيد الخويي لكنه إجمالا ربط وقال: مع تنقيح هذا البحث أن القيود تنقسم قسمين قيد الحدوث والبقاء فلابد من التلبس ولو قلنا أن المشتق أعم وقيد الحدوث فقط فيكفي ذلك ولو قلنا بأن المشتق وضعت للمتلبس.

مثلا هذه الاية الكريمة «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة» هل موضوع الحكم هنا الإسناد حين الحكم باجلدوا أو حين إقامة الجلد وهي زمن المحمول أو حين إصدار الحكم يعني ترتيب الحكم الانشائي على الزاني والزانية أو بلحاظ حين الزنا؟ فإذا كان في الاية الكريمة أخذ في الموضوع مجرد الحدوث فلا يحتاج الى البقاء بل حدوث عنوان الزنا والزاني كاف في حكم الجلدة وإن لم يكن الان متلبس بالمبدأ. هذه دعوى السيد الخويي.

على اية حال فإذاً ربط السيد الخويي بين هذا المبحث ومبحث أن القيود قيود حدوثي وبقائي أو أن القيود قيود حدوثي فقط. فإذا كانت مأخوذة حدوثا فقط فيكفي التلبس بالمبدأ حدوثا فقط وإن لم يبق المبدأ وإن قلنا بان المشتق خصوص للمتلبس. نعم، الان المشتق ليس صادقا لكن تتحقق باعتبار أنه مأخوذ حدوثا. هذه هي القاعدة الثانية عند السيد الخويي رحمه‌الله

القاعدة الأولى مبحوثة في مقدمة الواجب وهي أن القضايا الشرعية بمثابة القضايا الحقيقية فلا يتحقق المحمول فيها إلا بتحقق الموضوع جزئيا فعليا في الخارج. القضية الحقيقية كلية ويناط فيها المحمول على الموضوع والان المحمول انشائي كلي. متى يتحقق المحمول فعليا خارجيا؟ منوط ومعلق على تحقق الموضوع الفعلي. فإذاً لابد من التلبس الفعلي ومع عدم التلبس الفعلي لا تحقّق للمحمول. هذه القاعدة الأولى والقاعدة الثانية ذكرناها أولا أن القيد مأخوذ حدوثا و بقاءا أو حدوثا.

يقول السيد الخويي رحمه‌الله اذا ضممنا هاتين القاعدتين مع بعضهما البعض نستغني عن بحث المشتق. هذه دعوى السيد الخويي في نهاية المطاف ذكرته في بداية المطاف كي يبين صلة البحث في المشتق مع القضية القانونية الكلية في التشريع.

إذاً القاعدة الأولى أن فعلية الحكم بفعلية الموضوع لابد من التلبس الفعلي والقاعدة الثانية أن القيود ماخوذة حدوثا وبقاء أو فقط حدوثا، ويقول إذا ضمت هاتان القاعدتان مع بعضهما البعض يوجب عدم التحير في بحوث المشتق. يعني ولو بنينا على أن المشتق للأعم من المتلبس أو ما انقضى فمضطر بلحاظ القاعدة الأولى أن نقول بفعلية الحكم بفعلية التلبس بضميمة القاعدة الثانية إذا أخذ القيد حدوثا وبقاء فمضطر بتلبس الذات التي انقضى عنها التلبس بالمبدأ. المبدأ مثل المصدر، فالذات التي انقضى عنها التلبس لا يتوفر فيها ضابطة التلبس وفعلية الموضوع إذا أخذ حدوثا وبقاءا، أما إذا أخذ الموضوع حدوثا فقط فيكفي فيه تلبس ما ولا يحتاج الى بقاءه.

هذا محصل مختار السيد الخويي بعد ما ذكر الأقوال بالتفصيل والنقد والابرام، شبيه هذا البحث الحدوث والبقاء بحث الفرق بين العموم البدلي و العموم المجموعي؟ العموم البدلي يكفي فيه صرف الوجود والعموم الاستغراقي لابد من تحقق كل افراد الطبيعة لكنها مستقلة عن بعضها البعض. العموم المجموعي لابد من تحقق المجموع ففرق بين العموم البدلي والعموم المجموعي، المجموعي لابد من المجموع. كذلك بلحاظ الزمان وجود الموضوع بنحو البدلي يعني في زمن ما وآنا ما. يعني هذا التقسيم البدلي والاستغراقي والمجموعي يمكن أن نجريه بدل أفراد الطبيعة على زمان الطبيعة. فوجودها آنا ما عموم بدلي وإذا كان عموم مجموعي لابد من الحدوث والبقاء. هكذا نقح البحث السيد الخويي رحمه‌الله. يعني الاعتراض مبني على وضوح مبناه.

أين غفلة السيد في هذا الاعتراض على المشهور؟ أ ولم يقول السيد أن المدار في فعلية القضية الشرعية القانونية على فعلية الموضوع؟ هل الموضوع هو التلبس بالمبدأ أو الموضوع هو العنوان؟ إذا ميزنا بين هذين الشقين والخيارين سيتضح وجه الاعتراض. هل الموضوع هو التلبس بالمبدأ البدلي أو المجموعي أو الموضوع هو العنوان؟ العنوان يجب أن يكون فعليا أو التلبس بالمبدأ الخارجي؟ العنوان مثل عنوان الزانية والسارق والفاسق أو العالم أو أي عنوان آخر العنوان هو مأخوذ فلابد أن يتحقق فعليا لكي يتحقق القضية وهو مأخوذ حدوثا وبقاءا أو العنوان ليس له أي شأن والشان كل الشأن للتلبس بالمبدأ؟ الشارع لم يأخذ التلبس بالمبدأ بل أخذ عنوان الزاني والزانية والسارق والسارقة وعنوان الزوجة في تغسيل الميت أو عنوان لاينال عهدي الظالمين. لم يأخذ المادة المتلبسة بالمبدأ. إذا أخذ المادة المتلبسة بالمبدأ كلام السيد الخويي صحيح. تارة يأخذ التلبس بمادة الضرب والتلبس بمادة الزوجية أو السرقة أو مادة الزنا إذا أخذ التلبس فالتلبس بنحو صرف الوجود لابد من فعليته أما حدوث وبقاء عموم مجموعي أو حدوثا فعموم بدلي فيكفينا البحث عن بحث المشتق لكن الموضوع ليس هو التلبس بل الموضوع هو المشتق وإذا كان الموضوع هو المشتق فنحن نريد فعلية المشتق، فإذا بنينا على أن المشتق وضعت للأعم فالعنوان فعلي الان لأن العنوان فعليته غير فعلية المبدأ.

إذا بنينا على أن المشتق موضوع للأعم فلا يرتفع العنوان بارتفاع التلبس فيكون فعليا، فحتى لو كانت القضية مأخوذ فيها الموضوع حدوثا وبقاءا هل حدوث وبقاء التلبس بالمبدأ أو حدوث وبقاء العنوان؟ الموضوع إذا كان موضوعا للأعم فهو فعلي وباق. المشتق هو الموضوع أو عنوان التلبس بالمبدأ؟ إذا كان عنوان التلبس بالمبدأ فكلام السيد الخويي صحيح وتغنينا قاعدتان العقليان عن البحث في المشتق أما إذا بنينا على أن العنوان للأعم فالمشتق يستعمل حقيقتا في ما انقضى عنه التلبس وهو فعلي العنوان.

معنى أن الاستعمال حقيقي يعني حقيقتا يتحقق فعليا ولو في ما انقضى عنه التلبس هذه نكتة جدا مهمة. المدار على فعلية عنوان الموضوع وما أخذ موضوعا. فلذا إذاً هذا الذي ذكره السيد الخويي ليس في محله لذا لا نستغني بقاعدتين المذكورتين في بحث مقدمة الواجب . ولو كانت تلك القاعدتان مهمتان لكنهما لايمكن بهما تنقيح المقام بل المقام يدور مدار بنية الظهور في المعنى الاستعمالي وهو عنوان المشتق.

إذا كان عنوان المشتق موضوعا للأعم فهو فعلي ولو انقضى عنه التلبس. لأن فعلية العنوان لا يدور مدار فعلية التلبس. يعني أن المشتق وضعت للاعم يعني أن عناوين المشتقات يكفي في فعليتها بقاءا صرف حدوث التلبس. هذا هو معناه. معنى أن المشتق وضع للأعم هو هذا المعنى يعني أن المشتق يبقى وإن زال عنه التلبس . التلبس بالمبدأ دوره حدوثي وليس دوره بقائي والعنوان فعلي وهو الموضوع للقضية. فإذاً بحث المشتق حيثيته تختلف عن تلك الحيثية التي بحث فيها في مقدمة الواجب. يختلف لا يعني أن نستغني عن تلك القاعدتين لكن حيثيتهما حيثيتان تختلف عن هذه الحيثية التي ذكر في المقام.