43/07/11
الموضوع: باب الالفاظ/ استعمال اللفظ في أكثر من معنى/ تعدد ظهور الكلام الواحد لدى الطباطبايي
تعدد ظهور الكلام الواحد لدى الطباطبايي
مر بنا كلام العلامة الطباطبايي رحمهالله وبعبارة أصولية أن ما ذكره القدماء والمتقدمون من حقيقة التخصيص وبالتالي ما ذكره المشهور حتى المتأخرين بالنسبة الى المخصص المنفصل طبعا المخصص المنفصل مثال وإلا هناك مخصص منفصل ومقيد منفصل وحاكم منفصل ووارد منفصل وقرائن منفصلة الكلام عام في كل هذه الموارد، في كل هذه الموارد ذكر ما عند المشهور من ما هو المراد من العموم أو الدليل والظهور يتعدد ويتكثر فتتعدد الظهورات من المتكلم ولو في الكلامين أو أن المراد من الظهور شيئان حكم واقعي وحكم ظاهري، فكان العموم استعمل في معنيين وليس طولييين. في الحقيقة إثبات وثبوت، نعم ولكن ليسا طوليين.
إجمالا يقول العلامة الطباطبايي أن هذا هو المستفاد من مجموع روايات أهل البيت أن الكلمة الواحدة أو الجملة الواحدة تستعمل في معاني وظهورات، طبعا طبق الموازين لا طبق الهلوسة .
القيد الأول والقيد الثاني والثالث وهذه القيود المتعددة بمثابة الموازين ودوال على تعدد إرادة المعنى الاستمالي أو التفهيمي في عرض واحد لا أن هذه المعاني في طول بعضه البعض ولطيف أن العلامة الطباطبايي يقول: إن هذا ليس في المنفصل فحسب، بل بالدقة حتى في المتصل.
حينئذ إذا تم هذا المطلب يكون منهجا تفسيريا عظيما في الآيات القرآنية وكذلك في الروايات ولا سيما أن العلامة يصرّ على أن هذا ليس في آيات المعارف فقط بل في آيات الفروع أيضا وكل العلوم الدينية وبالتالي هذه نكتة مهمة وإن لم يتقيد ويبنى عليها المشهور في يوميات الاستنباط في العلوم الدينية وربّما نفس العلامة الطباطبايي لم يراعيها.
هذه نكتة لطيفة ان العلامة ما استفاده من القواعد التفسيرية خطيرة مهمة من روايات أهل البيت بقرائة عقلية أسسه لكنه تلقائيا لا شعوريا في غالب أبحاث التفسير يجري ويمشى مشي المشهور في المنهجيات في التفسير.
نرجع؛ فإذاً تعدد الظهور أمر جدا مهم لأنه كما لا يخفى عليكم أن العلامة الطباطبايي كان بادر بادرة الأولى في التفسير بالمأثور بنحو اجتهادي وألف كتاب البيان في ستّ مجلدات وهو نتيجة سبره لكتاب البحار. حسب نقل تلاميذه الموجودين أنه دارس البحار بينه و بين نفسه مرتين حسب نقل الشيخ جعفر السبحاني. هذا أمر عظيم رغم أن مشيه مشي فلسفي وعرفاني لكن يرى على نفسه إلزاما لكي يحدد رؤية الوحي في النظام الاجتماعي أن يدرس البحار تبويبا وعلميا مأة عشرة مجلدا. هذا يدل على مدى أهمية إحاطة المستنبط والمجتهد بالتراث وبدون الإحاطة الفحص ناقص. هذا بعد قوته الصناعة الأصولية والفقهية أو التفسيرية والكلامية الإحاطة بالمواد ضرورية لا أنه يقرأ سطحيا البحار مرتين بل بالتبويب والتمحيص للروايات ومعروف أن العلامة والسيد هادي الميلاني الذي يعد من أنبغ تلاميذ الناييني والاصفهاني تباحثا في الوسائل من أولها إلى اخرها لذلك عنده كتاب في الحديث سنن النبي ربما ثلاث مجلدات بستة أجزاء أيضا ألف تفسيرا مأثورا وروائيا وأيضا عنده كتاب ثالث في الحديث يعني تقريبا عنده ثلاث موسوعات في الحديث وكان محدثا يعني كان عنده الإلمام بالأخبار والروايات لا أنه كان أخباريا. الجو العام في الحوزة لا يفرق بين المحدث وبين الأخباري. المحدث يعني من يكون عنده تضلع في علم الحديث وإن كان أصوليا. الشيخ الطوسي زعيم الطائفة كان محدّثا يعني كان عنده التضلع في علم الحديث. علم الحديث علم يراد له التضلع والتبحر لكي يكون قدرة الانسان في الاستنباط قوية، لذلك أصول الكافي عند تحقيقه كتبوا أنا راجعنا النسخ الخطية للطباطبايي في الكافي. هو محدث وصاحب تتبع النسخ. مع أن مشربه فلسفي وعقلي. مجرد الرجوع لبعض الأبواب في الفروع هذا ليس شأن الفقيه وليس فقها فهذه نكتة مهمة جدا؛ أن الإلمام بعلم الحديث والتراث ومعنى الإلمام بعلم الحديث ليس الاعتماد بكل حديث بل يحتاج الى التمحيص والتنقيح والتبويب وهذه عظيمة في الحوزة يجب أن نلتفت اليه. حتى السيد الخويي رحمهالله ألم بدورة كاملة في علم الحديث لذلك كان عزمه أن يكتب دورة كاملة في الحديث وكتابه المعجم في الأصل كان دورة في الحديث كاملة على وشك أن هندسة الكتاب مسودة ويشرع فيه ثم سمع أن السيد البروجردي شرع في الدورة الحديثية فقال التكرار لا يحتاج. فكان يلتفت قيمة وضرورة التبحر في علم الحديث. الان إذا تسأل أستاذا من أساتذة الحوزة إن كتاب الكافي ابوابه ماذا و نسخه ماذا كم كتاب للطوسي في الحديث، الإلمام ما موجود. المسئلة الواحدة في فقه الفروع في كم باب وكم كتاب وكم جزء طرحه صاحب الوسائل لا يلتفت، نتيجة القصور في علم الحديث و هذا يسبب نتائج مخلة في الاستنباط كثيرا. هذه وقفة في علم الحديث
إذا هذا الذي ذكره المشهور في المخصص المنفصل أو المقيد المنفصل أو القرائن المنفصلة يقول العلامة الطباطبايي أنه بعينه يجري في المتصل. «قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون» مر أنها يقرأ بأربع أجزاء الكلام، نفس المنطلق الذي انطلق مشهور القدماء لتعدد الظهور، بعينه يتأتى في المخصص المتصل. يعني لو كان العام في نفسه ليس له دور في بنية موضوع الحكم لكان الشارع من الاول بدأ أن يأتي بعام وخاص متصل أتى بالعنوان الصنفي أو النوعي مع مجيئه بالعنوان العام كالجنس ثم يأتي بصنف أخص ثم صنف أخص ثم أخص هذه مراتب العموم.
هذا بيان آخر؛ فهذا يجعل محمل الحكم وموضوع الحكم يجعله بدواعي معينة هذا منبه على أن نفس العام في نفسه أصل في واجدية الملاك للحكم، ثم لتكميل هذه الواجدية للملاك في العام ينضم اليه شرط آخر وهو القيد الأول ثم لتكميل أكثر لكمال الملاك ينضم اليه قيد آخر والثالث ثم الرابع. فما قيل في المخصص أو المقيد المنفصل بعينها يأتي في المتصل مع جعل الشارع الكلام المركب من طبقات.
ببيان آخر أوضح: أ ليس المشهور حتى متأخري الأعصار أن العموم مراتب؟ الان من النواميس الصناعية التي يتقيد متأخروا هذا العصر أن العموم مراتب. ما ذا يعني؟ عندهم في أي باب وأي مسئلة وأي قاعدة. والمجتهد المستنبط الفقيه الذي لا يراعي مراتب العموم يقولون هو ضعيف الصناعة.
من باب ثمرة سهلة جدا نذكر وإلا الأسباب عديدة. إذا قصر العموم القريب نأخذ بالبعيد و إذا قصر البعيد نأخذ بالأبعد فالأبعد لأن كل ما يصعد العموم يكون أبعد عن التمسك به ابتداءا. هذا ثمرة ذكروها وواضحة لكن هي بالدقة بحسب علم أصول القانون مراتب العموم لا يعني أن العموم الأول الذي أنشأه الشارع مجمد و مجرد ديكور في قالب القانون بل في الحقيقة العموم الفوقي هو بمثابة القانون الدستوري و العموم الثاني بمثابة القانون البرلماني والعموم الثالث بمثابة القانون الوزاري والعموم الرابع بمثابة القانون الوزاري.
العلامة الطباطي في سورة البقرة «لله المشرق والمغرب...» يجيء بالقواعد ويمثل لها وفي محلها يعني بعض القواعد فقه دستوري وبعض القواعد فقه برلماني ويقول هذا ليس صياغات ديكورية في علم القانون بل عبارة عن أنواع سنخية من تقنين حقيقية في لغة وماهية القانون ومر بنا مرارا ان الشارع لم يتخطى لغة القانون تصورا، نعم يهذب و يشذب لكن نفس لغة القانون هي هي لا أنه استخدم لغة القانون الأخرى.
سمعتم أن جملة من الأبواب الفقهية إمضائيات من الشارع للعقلاء هذه الامضائيات مقصودهم الامضائيات التصديقية في مقابل التعبدي، أما التصورية فكل أبواب الفقه هي تصورية وتعاطي تصوري إمضائي.
فيه إمضاء تصوري وإمضاء تصديقي. إمضاء تصوري يعني لايغير الشارع. مر بنا الحقيقة الوضعية والحقيقة الشرعية. الحقيقة الشرعية يعني أن الشارع يغير التصور والحقيقة اللغوية يعني أن الشارع أقر وأبقى المعنى التصوري اللغوي. فعندنا الإمضائيات التصورية وهي الغالب ولدينا امضائات التصديقية وهذا الذي يذكرونه في باب المعاملات أنها امضائية مقصودهم الامضاء التصديقي أما الامضاء التصوري نفس تعاطي الشارع مع المعاني اللغوية والتكوينية هو امضاء تصوري.
في علم القانون الأصل في استعمال الشارع القانوني انه لغوي أو تصوري أو امضائات تصورية لذلك الإلمام بالقانون المقارن مع الوضعي يكسب الفقيه قوة وإن كان فيه السلبيات كما يحذر من ذلك الدكتور عبدالرزاق السنوري كما أن الفقهاء قالوا أن المطالسة لفقه العامة قد يؤثر سلبيات. لكن يعطي للإنسان بعدا تصوريا في البعد القانوني.
يعني من يلتفت الى باب الحدود هو نفس باب فلسفة العقوبات الجنائية في العقلاء لذلك يلاحظ أن قواعد الشارع في باب الحدود طبقات ولها نظام وماهية معينة. هذه ضروري جدا ان يلتفت الانسان الى الأسماء بين الفقه التقليدي لدينا في فقه الفروع من باب المثال أو في علم المعارف أو في أي علم يجب ان يكون المستنبط الحوزوي يقف ويعي ومطلع على المحاذات لا أقل اسمية في الأبواب القانونية الجديدة. هذا الباب أي باب يحاذيه. لابد أن يلتفت باب الشهادات أي باب يحاذيه في القانون الوضعي أو في القانون الوضعي عندهم باب معين فأي باب يحاذيه في فقه الفروع مهم جدا. النظام السياسي كذا أي أبواب في الفقه الفروع لدينا يعطي الانسان قوة تصورية فالإمضاء قسمان فيه لغة القانون الشارع استعمل لغة القانون تصورا.
من باب الفائدة الصناعية الصعبة المهمة حسب ما سألت قريب عشرة من المراجع الكبار كلهم توفوا عن الفلسفة والعرفان والنتاج البشري الذي فيه الغث والسمين وإذا يحبس الانسان فيه عن الوحي سجن أبدي عن أن يتحرر الى بحور لا متناهية في الوحي. لكن فيه ثمرة إيجابية أن نفس آراء الفلاسفة والعرفان والتصوف لغة لها لغة الروح أو لغة الذوق أو لغة العقل ارائهم كثروة تصورية وليس كمباني تصديقية تطالسها الانسان مع تحصنه بفقه شرعي ودين شرعي مفيدة في كيفية فهم الوحي لا أن الشارع أعطى التصورات على ما هي عليه خاطئة عند البشر بل كثيرا ما يهذبها ويشذبها. اتفاقا في باب المعارف الكثير من الشركيات الخفية عند الفلاسفة نبهوا عليه والشركيات الخفية عند العرفا نبهوا عليه لكن أقصد كرياضة تصورية.
عندنا لغة قلبية في الوحي لكن غير البشر. الى الان الحوزات الشريفة حفظها الله و راعاها ما خاضت منظومة كبيرة في هذا المطلب، غير الكتب الأخلاقية الصغيرة وهذا نوع من النقص لكنه يمكن تأسيس منظومة في لغة قلبية وحيانية. الإمضاء التصوري ثروة تصورية لفظية كالرجوع الى أقوال اللغويين. طبعا يجب أن نحكّم حاكما. إجمالا فيه امضاء تصوري وامضاء تصديقي والتصوري غير التصديقي.
هنا في لغة القانون الشارع إذا لم يتخطى تصنيفية رتابة القانون أنه قانون دستوري طبيعي الذاتية الماهوية لعلم القانون أنها طبقية وهرمية وإذا كان هكذا هذه اللغة موجودة في الوحي. وإن تعدد الظهورات بهذا اللحاظ بلحاظ طبقية القانون فيه قانون دستوري فوقي ولماذا القانون الدستوري الفوقي ثم القانون البرلماني الوسطي ثم الوزاري العام الوسطي الأنزل ثم البلدي الأنزل؟ لأنه طبيعة نظام القانون.