43/07/10
الموضوع: باب الالفاظ/ استعمال اللفظ في أكثر من معنى/
كان الكلام في استعمال اللفظ في أكثر من معنى وتبين أن الاستحالة التي ذكرها الأعلام في غير محلها وأن الصحيح هو إمكانية بل وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى، نظرا لحاجة المتكلم في الحواريات وأن هذه الحاجة مطردة كالحاجة إلى أصل الكلام. هناك حاجة لمواربة الكلام يعني نوعا من الخفاء أو الإخفاء سواء في المراد الجدي أو التفهيمي فيستعمل اللفظ إما تصورا أو استعمالا أو تفهيما في أكثر من معنى بل قد يكون المراد الجدي له متعددا كما ذكروا ذلك في العام المنفصل والخاص المنفصل و الخصوصات المنفصلة.
هذه المسئلة مسئلة العام والخاص المنفصل أو المطلق والمقيد المنفصل وقد يكون في البين عدة مخصصات وعدة مقيدات وليس ذلك فحسب بل يكون بين المخصصات مراتب وليس في مرتبة واحدة وهذا ما يعرف عندهم بدرجات العموم عند متأخري العصر كاصطلاح صناعي، يعني أن العموم له درجات.
فهنا الميرزا الناييني أيضا يخالف القول الأشهر وغير المشهور أو قل أقل شهرة ويلتزم بأن العام المنفصل أو الخاص المنفصل ولو كان على درجات لكن هذا العام أو هذا المطلق مراد بنمط الإرادة الجدية ولو على صعيد الحكم الظاهري لأنه بحث الاصوليون؛ لماذا الشارع يعبر بالتعبير العام و هو يريد الخاص أو أخص الخاص؟ ذكروا مبررا لذلك، لكن المقصود أن المتكلم هنا يريد عدة مرادات جدية متعددة وهذه في عرض بعضها البعض. فعلى أي تقدير ليس من باب المواربة والإخفاء بل من باب نظم البيانات وأن تكون البيانات نمطها منتظما ضمن نظام منظومة خاصة والصحيح إذاً وقوعها.
لا بأس بمثال لمراتب العموم والقرائن المنفصلة لا سيما على قول المشهور أنه لا يغير في بنية الظهور التصوري المتصل ولا التفهيمي ولا الاستعمالي ولا الجدي الأول، إنما يؤثر على الجدي النهائي مع وجود المراتب للخصوص.
هذه المنظومة لبنية الظهور بنينا عليها في مبحث التعارض تبعا لمشهور القدماء الى القرن العاشر أو الثاني عشر وبنينا على أن مقتضى الأصل في التعارض ليس هو التساقط بل هو قاعدة أن «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» لأن المحذور يكون في الحقيقة في المراد الجدي النهائي الحججي لا في ما قبله، لنفس النكتة التي مرت بنا. إذاً استعمال اللفظ في أكثر من معنى واقع وحاصل لأغراض شتى إما لغرض الخفاء والإخفاء أو لأجل نظم معين قانوني ظاهري.
مثال وشاهد آخر: ما بنى عليه حتى الميرزا الناييني بنى على أن القرينة المنفصلة كاشفة عن أن الاستعمال أو التفهيم أو الجد الأول تتغير بنيته في الظهور وأن الظهور لا يتقولب إلا بمجموع المنفصلات لا المنفصل الواحد ولا المتصل وبالتالي في الظاهر هذا الاستعمال واقع.
قد يصدر العموم من سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله ثم الخصوص يصدر من الامام الحسن العسكري أو من توقيعات صاحب العصر والزمان علیهماالسلام في القرن الرابع لحكمة معينة، لأن الغيبة الصغرى امتدت الى ربع القرن الرابع وهذه الفترة كلها كانت فيها الدلالة والاستعمال، فعلى كل هذا مما ينبه على أن منظومة الكلام يتعدد فيها المراد الاستعمالي على مبنى الميرزا الناييني على أن القرينة عنصر يتدخل في بنية الاستعمال أو بنية التفهيم لا أن بنية الاستعمال والتفهيم يقتصر فيها على الألفاظ والكلمات والقرائن المتصلة بل على المنفصل أيضا.
على هذا المبنى يصير أوضح لأن الاستعمال بحسب ألفاظ القرائن المتصلة دلالته كذا أما العموم بحسب المنفصل الأول نمط و يأتي بعد زمن منفصل ثانية ثم ثالثة فيتعدد الاستعمال ولو بحسب الظاهر ولو بحسب الحكم الظاهري الذي يقبله الميرزا الناييني ولو بحسب الواقع لم يقبله. بحسب الحكم الظاهري الخصوص يفسر العموم فيتعدد الاستعمال بحسب الحكم الظاهري وإن لم يتعدد بحسب المراد الجدي أو الاستعمال الواقعي. فهذا أيضا مثال، القضايا المنفصل أو المنفصلات مع تراخي زماني ومع تأخر عن موضع الحاجة ليس بقبيح بل لحكمة معينة هذا كله منبه على تعدد واستعمال اللفظ في نفس مرتبة الاستعمال أو التفهيم في أكثر من معني سواء نسميه الواقعي والظاهري أو تعدد مراتب الظاهري لكن بالتالي تعدد معاني الاستعمال.
في المواربة أيضا هكذا يوهم المورى عليه مطلبا يعني يريد أن ينتقل ذهنه الى مطلب والحال أنه يستعمل في المراد الاخر والشيء الاخر لأغراض متعددة.
لا باس أن انقل كلام العلامة الطباطبايي وربما ذكره في غير موضع، العلامة في سورة البقرة في بحث روائي في قوله تعالى «لله المشرق والمغرب أينما تولوا فثم وجه الله» في مجموع من الايات في بحث روايي يتبنى في العام والخاص المتصل فضلا عن المنفصل على نظرية ومبنى ويقول هذه خلاصة بيانات أهل البيت علیهمالسلام في منهج الدلالة في تفسير القرآن. طبعا يقول خلاصة ما يستفاد من مجموع أخبار أهل البيت علیهمالسلام في منهج الاستظهار والدلالة لألفاظ القرآن وربما يعمّمه الى ألفاظ الروايات هو استعمال اللفظ في أكثر من معنى ورتب عليه آثار كثيرة واقعية وحساسة على صعيد فقه الفروع فضلا عن المعارف والذي ذكره العلامة الطباطبايي عن خلاصة مذهب أهل البيت.
جملة مركبة من خمسة كلمات «قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون» يذكر أربعة معاني. «قل الله» معنى اول و«قل الله ثم ذرهم» معنى ثاني و «قل الله ثم ذرهم في خوضهم» معنى ثالث و «قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون» معنى رابع وهذا الذي ذكره بالدقة خلاصة بيانات علمية منهجية في تفسير القرآن لأهل البيت علیهمالسلام .
هذا المنهج هو في الحقيقة مبنى القدماء في حقيقة التخصيص. هذا يذكره العلامة الطباطبايي في المخصص المتصل فضلا عن المخصص المنفصل وجدا مبنى مهم. يعني هذا لو يبنى عليه كما بنى عليه القدماء أما المتاخرين أبدا لم يبنوا عليه لو يبنى عليه هناك يحصل تولد قواعد فقهية جمة. لا فقط مسائل و أحكام بل ينجم من ذلك تولد قواعد جمة. مبنى القدماء أشرنا اليه عدة مرات في الدورات الثلاثة مبنى القدماء الى صاحب الجواهر في التخصيص أن الخاص ليس يمحو الحكم العام في دائرة الخاص. مبناهم في التخصيص أن الخاص المنفصل لا يمحو و لا يزيل ولا يكون كاشفا عن زوال حكم العام في منطقة الخاص، إذاً ماذا يصنع التخصيص؟ بينما متأخري الاعصار يقولون أن الخاص المنفصل أو المتصل يكشف أن العام من الأساس لم يقنن في منطقة الخاص. طبعا اختلاف المبنيين بين السماء والأرض لأنه بناءا على مبنى القدماء يقولون أن الحكم العام تشريعه موجود حتى في منطقة الخاص وإن كان المفعّل هو حكم الخاص.
يقول القدماء إن مملكة العام شاملة للخاص والخاص عبارة عن مقاطعة إقليمة للدولة العام. بينما متأخري الأعصار يقولون أن الخاص دولة أجنبية عن العام أبدا لا ترتبط بدولة العام. حكم الخاص حكم مستقل. لأن الخاص يمحق ويمحو العام. القدماء يقولون الخاص أعطي صلاحيات الحكم الذاتي وببقى للعام طابع ولون العام يلون الخاص. هذا المبنى عند القدماء والمشهور التزموا به في النسخ لأن النسخ تخصيص زماني بدل ان يكون تخصيص افرادي.
الناسخ هو الرافع للعام بحسب العمود الزماني أما الخاص رافع للعام بحسب الأفراد فيلتزم في النسخ هكذا أيضا. يعني الناسخ ليس دولة تبين أن دولة المنسوخ العام ممحوة بل لا زالت دولة العام والمنسوخ شمولية غاية الأمر أخذ صلاحيات كثيرة حكم ذاتي أو جمدت صلاحيات العام مثل الملكية في بعض الدول كالبريتانيا.
هذا المطلب في النسخ إذا اردتم أن تطلع عليه شرحه السيد الخويي رحمهالله في كتابه البيان في مبحث النسخ وشرحه تحت عنوان إنكار السيد الخويي للنسخ . أي نسخ أنكره؟ بالدقة أنكر النسخ عند متأخري الأعصار و لم ينكر النسخ عند متقدمي الأعصار. يجاهد علميا السيد الخويي في كتاب البيان في فصل النسخ يفند النسخ الموجود لدى المتاخر الاعصار في آية واحدة أو آيتين. لكن بقية الايات يقول هذا ليس نسخا يعني ليس نسخا يدعيه متأخرو الاعصار و يثبت معنى آخر. لا يسميها النسخ لكن يقبل أنه تغير بسبب مجيء الناسخ لكن هذا التغير هو النسخ الموجود عند القدماء. فلأجل الوقوف على مبنى القدماء في النسخ كالنسخ عند المرتضى في الذريعة أو الشيخ الطوسي في كتاب العدة أو غيرهم من كتب القدماء اذا تلاحظ هو الذي يشرحه السيد الخويي في كتاب البيان.
الان النسخ نوع من التخصيص في عمود الزمان أو تخصيص في عمود الافراد من بداية هذا التخصيص أو النسخ عند متأخري الأعصار محق ومحو في العام في منطقة الخاص والناسخ عند القدماء ليس محوا ومحقا اذا دولة العام هي هي لكن دولية الخاص مقاطعة. الان مثل ما مر بنا في اتحاد روسيا. اتحاد روسيا فيه اثنين و عشرين جمهورية و خمسة وثمانين ولاية. هذه صيغة مركبة تفعيلة خاصة من النظام الجمهوري و ما شابه ذلك و فيه مقاطعات أيضا في ضمن اتحاد الروسيا. مع أنهم ليسوا روس والكثير منها في الحقيقة دول إسلامية وشعوب إسلامية وجيران لمسكو وأول من أسس الإسلام هناك كان شخصا اسمه حيدر وأعاد تجديد نشر الإسلام في دولة البلغار الشرقية كان صوفيا باسم الشيخ حسين و كان من محبي اهل البيت علیهمالسلام وقبره موجود.
أنا حاولت أن أجد فتحا من الفتوحات لم يشارك فيه مذهب أهل البيت، أبدا ما موجود. هم الأساس في أصل الإسلام وهم الأساس في كل الفتوحات. حتى الإسلام الذي انتشر في ماليزيا و روسيا كلها ببركة مذهب أهل البيت لكن الأسف ليس هناك موسوعات تستقصي.
هذه الأمور حقائق، بكم بدء الله و بكم استمر دينه و بكم وبكم بكم يختم. كل المراحل بأهل البيت وويل للنواصب من جهود هذا و ويل للمحبين من الغفلة عن هذه الحقائق.
فإذاً في العام و الخاص أو الناسخ والمنسوخ العلامة طباطبايي يبني عليه في التفسير بل وفي الفقه الفروع طبعا بحث حساس ومتأخري الاعصار لا يبنون عليه كيف تتولد مما يذكر قواعد فقهية مهمة. سنقرر بيان الطباطبايي ان شاء الله. ويقول هذا هو المتحصل من تعاليم وبيانات اهل البيت لنظام التفسير في القرآن الكريم ومبنى عظيم جدا و نكتة لطيفة