43/06/27
الموضوع: باب الالفاظ/ خاتمة الصحيح والأعم/ الاشتراك - الاحكام الوضعية والصحيح والأعم - حقيقة الاشتراك اللفظي والمعنوي
كان الكلام في حول الجزء المستحب الذي وافق السيد الخويي رحمهالله المرحوم الاصفهاني باستحالته وتمسك السيد الخويي بدليل لم يتبنى صحته في ما سبق.
الدليل هو أنه كيف يكون شيء جزء الماهية والارتباط بينهما بنحو ندبي واستحبابي لا بنحو وجوبي؟ كيف يكون داخل الماهية لكن الارتباط ندبي؟ السيد الخويي عند تصوره للجامع رد هذه الإشكالية.
قال هذه في المركبات التكوينية الحقيقية لا يمكن، أما في المركبات الاعتبارية كعنوان الدار أو غيره قد تتشكل من غرفة وساحة أو تتشكل من غرفتين أو عشر غرف فهذا لا يلزم منه تبدل الذاتيات لماهية الشيء لتكوينية وإنما هذه ماهية اعتبارية فيمكن التبدل في ذاتياتها.
هذا الذي ذكره السيد الخويي في الجامع بعينه يجري في الجزء المستحب، كيف هو داخل وندبي. ما يدخل لزوما ويخرج لزوما إذا كان يتصور في الاعتباريات فما المشكل في الندبيات لذا هذا نوع من التدافع على مبني السيد الخويي، أنه في المركبات الإعتبارية لا يستشكل في تبدل الاعتباريات فكذلك الحال إذا كانت الذاتيات ندبية لأن دخولها و خروجها خروج ليس أقل من الندبية.
بل هو على مبنى الاصفهاني عند تصويره لمراتب المركب الكلام الكلام هنا أيضا يتصور المراتب لكن المراتب الندبية. على كل هذه الإشكالية التي بنى عليه الاصفهاني ان الجزء المستحب ليس جزء الماهية والطبيعة الذاتية وإنما هو جزء الماهية الفردية وليس جزء الماهية الطبيعة الذاتية هذا قابل للدفع على مبنى الاصفهاني.
أيا ما كان أمس مر بنا على مبنى المشهور أو مبنى الاصفهاني أنه لابد في الاستنباط الفقهي من التمييز بين أحكام الماهية الفردية والماهية الصنفية والماهية النوعية والماهية الجنسية وعدم الكيل بكيل واحد في الأحكام مثل ما مر بنا أن الزيارة مستحبة والحجاب واجب. ان هذا الشعار ليس في محله لأن هذا ناظر الي البعد الفردي المندوبة وليس المراد منها الطبيعة النوعية في الزيارة كصلاة الجماعة.
بقي أمر شيئاما له صلة بالصحيح والاعم وأحكام الصحة والفساد؛ إن الصحيح والاعم حكم وضعي في الدرجة الأولى فبهذه المناسبة ما ذكره المرحوم العراقي من وجوه في معنى الصحة والفساد سواء في خصوص المعاملات أو جانب المشترك بين العبادات والمعاملات هذا بعينه يجري في كل الأحكام الوضعية وذكروه الاعلام.
لماذا بعض الطارئة عند العرف يعترفها الشارع من انجس النجاسات و بعض الموارد التي هي قذرة عند العرف يعتبره الشارع طاهرا. طبعا النظافة العرفية يعينها الشرع، النظافة من الايمان لكن بالتالي أحكام الطهارة الخاصة فيه فرق فكيف الطهارة في النجاسة وعناوين وضعية كثيرة أخرى الشارع يعتبرها عنوان معين والعرف على خلافه.
فالنكات التي ذكرها المرحوم العراقي بعينها تجري هنا في اختلاف العرف والشرع. وقد مر بنا ان الشارع لما ينهى عن الربا ليس يعني أنه نهي مقيد فيما إذا كان المكلف يريد أن يتقيد بالشرع أما إذا لم يريد أن يتقيد بالشرع فلا اشكالية في البين، هذا وهم عجيب من جملة من الاعلام وإلا إن الشارع يخطئ يعني يريد أن يقلع الأعراف الفاسدة وكثيرا ما العرف يولد اعرافا فاسدة مضرة بالنسيجة الاجتماعية أو الاسرة أو بكمال الانسان فعملية فلترة الأعراف نكتة لطفية ضرورية دوما ورجوع الى أصالة الأحكام الشرعية طبعا مع التوازن وما شابه ذلك.
إذا هذا ليس خاصا بالصحيح والاعم بل يعم الاحكام الوضعية وما تم الان ذكره في الصحيح والاعم يمكن تعميمه في الاحكام الوضعية.
في العام الماضي أو بداية المكاسب مر بنا أن نهي الشارع عن الربا أو عن القمار ماذا معناها؟ ليس معناها أن الشارع لا يصحح هذه المعاملة وإذا رضي المتعاقدان فيما بينهما ترتفع الحرمة حرمة التصرف في مال الغير. هذا الاحتمال ليس في محله ذكرنا سابقا أن الشارع يريد ان يقطع الأعراف الفاسدة من المجتمع لا أنه يريد أن يكون متفرجا.
لا يمكن أن يقال أنه يريد أن يكون الانسان مخيرا إما يسلك سبيل الشرع أم يأخذ سبيل العرف المادي الآخر. هذا توهم ليس في محله. بعضهم حتى في الفقه السياسي هكذا توهموا. قالوا اذا أرادوا حكومة دينية إذاً لابأس ونأخذ بنظام ديني أما إذا أرادوا حكومة مدنية فلا نأخذ بالحكومة الدينية. ولو ان معنى الحكومة الدينية ليس معناها أن دور البشر ينعدم أو الدور الخبروي ينعدم لكن بالتالي الدولة الدينية أو الدولة المدنية ليس بالخيار البشري. نفس الكلام.
لا يقال: «أحل الله البيع وحرم الربا» في ما إذا أراد المتعاقدان أن يستحلان التملك والتمليك منوطا بالشرع أما إذا رضيا غير منوط بالشرع فيجوز. الشارع يريد أن يقلع الربا والأعراف الفاسدة.
ذكرت لكم أن آغا ضياء الدين العراقي عنده قوة في هذا المبحث المهم من ضمن الكلام في الاحكام الوضعية؛ المشهور التزموا أن الاحكام الوضعية غالبا وطرا إلا ما خرج بالدليل قابلة للتصوير أن يكون احكاما وضعية الزامية واحكام وضعية ندبية. طهارة إلزامية وطهارة ندبية والنجاسة الإلزامية والنجاسة الندبية يعني مثلا المسوخ لاريب أنه نجس كراهتيا منها الحديد واللامس الحديد حتى بدون الماء والبلل يستحب أن يغسل يده.
بعض القدماء والشيخ الطوسي في بعض فتاواه يلتزمون بالنجاسة الالتزامية فيها. لكن المقصود ان المشهور أنها نجاسة ندبية وقابل للتصوير. كذلك الحقوق بعضها الزامية وبعضها ندبي.
إذاً هناك أحكام وضعية قابلة للتصوير أنها على مراتب بينما السيد الخويي يقول لا نتصور في الحكم الوضعي أنها إلزامي وندبي بل إما هو مقرر موجود أو لا. بين النفي والاثبات فلا يقبل المراتب في الاحكام الوضعية.
لكن المشهور بنوا على أنها صحيح نفس البيان المقرر في الصحيح والاعم أنها حكم من الاحكام الوضعية بنفسه يتأتى في بقية الاحكام الوضعية. هذا يفتح بابا لكثير من الأبواب المستحدثة والمسائل في المعاملات.
هذا تمام الكلام في الصحيح والاعم وبعد ذلك الاعلام يخوضون في المشترك اللفظي وذكرهم المشترك اللفظي تمهيد لمبحث أهم منها وهو استعمال اللفظ في أكثر من معنى. هذا توطئة لذلك المبحث كما سيأتي مع أن ذلك المبحث لا يتوقف إناطة بوجود المشترك اللفظي وسنبين لكنه بلا شك نوع من التمهيد لمبحث استعمال اللفظ في اكثر من معنى.
ما هو المشترك اللفظي؟ في الخوض فيه ضوابط صناعية مهمة ذكرها علماء البلاغة وعلماء اللغة وعلماء الأصول. بعد الضابطة فيه أقوال عند الاعلام بين أن يقول وجوبها وبين أن يقول باستحالته وبين أن يقول بإمكانه الوقوعي.
ماهي الضابطة في المشترك اللفظي؟ يقولون أن الضابطة ليس تعدد الموضوع له فقط. في أذهاننا أن الضابطة هي أن تكون الموضوع له متعددا ويقولون هذا ليس بكاف، في المشترك اللفظي لابد من تعدد الموضوع له وتعدد الوضع. إذا تعدد الوضع وتعدد الموضوع له حينئذ يكون مشتركا لفظيا أما اذا اتحد الوضع ولو تعدد الموضوع له فلا يكون مشتركا لفظيا يبقى مشتركا معنويا ونوعا وانماطا من المشترك المعنوي.
فالمشترك المعنوي لا يختص بوحدة الوضع ووحدة الموضوع له بل المدار فيه وحدة الوضع سواء تعدد الموضوع له أو اتحد وهذه نكتة نفيسة صناعية. توثر في كل المباحث اللاحقة.
فالمتشرك اللفظي ما تعدد فيه الوضع والموضوع له أما المشترك المعنوي ما اتحد فيه الوضع وان تعدد الموضوع له.
لماذا هذه الضابطة؟ سواء تفرض الوضع تعينيا أو تعيينيا ما فيه الفرق المهم ان الوضع هل هو متعدد أو هو متحد
ما الوجه في ذلك؟ الوجه في ذلك أنه مع وجود وحدة الوضع ففي الحقيقة جهة معنوية مشتركة في الموضوع له موجودة وإن كان الموضوع له متعددا حتي لو استعمل المستعمل اللفظة في المعنى المتعدد هو يلاحظ وحدة الوضع. يعني يلاحظ وحدة الوضع ويلاحظ كثرة الموضوع له، فمما يكرس وجود الاشتراك المعنوي ولذلك قالوا أن هذا النمط من المشترك المعنوي وهو ما اتحد الوضع فيه و تعدد الموضوع له لا تشعر بعدم الاشتراك المعنوي مثل حروف الجر أو أسماء الإشارة أو الضمائر التي الموضوع له فيها متعدد.
لما يقول «هذا» استخدمت الشيء المشار اليه بالإشارة الوجودية الخاصة لا مطلق الإشارة. مقصودك يعني شخصنة المشار اليه ملحوظة في الإشارة إذا استعمل الان في المشار اليه بالوجود الشخصي والا ينتفي فائدة الإشارة. الإشارة الكلية ما فائدة فيه وخلاف الغرض من الإشارة والضمير أيضا هكذا
مع أن أسماء الإشارة والضمائر المستعمل فيه هو الموضوع له الشخصي الآحادي وليس مجازا وهو حقيقي لكننا مع ذلك نشعر بالاشتراك المعنوي كما نشعر بخصوصيات الموضوع له فمن ثم يسمى مشتركا معنويا. في حين أنها متكثرة في الموضوع له. فإذاً الوضع عام يعني واحد والموضوع له خاص يعني المتكثر هذا بالتالي اشتراك معنوي وليس اشتراكا لفظيا فلا تترتب عليه آثار الاشتراك اللفظي في حين أنه ليس من نمط الاشتراك المعنوي كاسماء الاجناس الموضوع له العام والوضع أيضا عام لكنه بالتالي اشتراك معنوي يكاد يقترب بالاشتراك اللفظي، يأخذ بعض الخصائص.
فهذه النكة جدا مهمة ضابطة الاشتراك اللفظي تعدد الوضع وتعدد الموضوع له بخلاف الاشتراك المعنوي المدار فيه على اتحاد الوضع.
حتي اذا تتذكرون مر بنا أن الحقيقة الشرعية على أشد تشددها الأعلام لا يلتزمون فيها أنها اشتراك لفظي بل اشتراك معنوي مثل الصلاة صلاة القصر وصلاة التمام والمغرب والصبح ثنائية الركعتين مقومة لهوية صلاة الصبح مع ذلك فيه جامع مشترك معنوي والوضع واحد والموضوع له كثير. هذا المقدار لا يجعل الجامع للصحيح والجامع في الاعم مشتركا لفظيا بل مشترك معنوي. فمراد الأعلام من أن الحقيقة الشرعية لابد أن تكون واحدة وان اختلف الموضوع له وتكثر مرادهم انها ليست اشتراكا لفظيا بل اشتراك معنوي.
اذا ما الثمرة؟ دعونا ندقق في بنية الظهور في يوميات الاستنباط. إذا يكون اشتراكا لفظيا يصير مجملا ومبهما ولازم أن نحرز ما أراده الشارع وبنية الظهور أما إذا يكون اشتراكا معنويا نحرز القدر المشترك والزائد يحتاج الي الدليل كالمانعية وبشرط لا وبشرط شيء من ثم من يتقيد بعلم الأصول لا يمكن ان يقول أن التشهد في الاذان والتشهد في الصلاة والتشهد في صلاة الميت والتشهد في تلقين الميت والتشهد في الدعاء والتشهد في الزيارات المتواترة والابواب الأخرى ليس مشتركا معنويا. هذا بعيد علميا. لا يمكن. التشهد واحد والاشتراك المعنوي موجود فيه لأن الوضع واحد أما الموضوع له كثير بالدليل لا مانع منه الوضع واحد حقيقة شرعية واحدة والموضوع له متعدد بحسب الأدلة وان لم توجد الأدلة نجري هذا اللون العام. وإذا كان هذا اللون العام فيبدأ من الشهادتين ويتمطط الي الشهادة الثالثة والرابعة والشهادة بالموت وغيرها. فإذاً بناءا على ضابطة الاشتراك المعنوي لايصح علميا أن يقال أن الحقيقة الشرعية للتشهد في باب الصلاة تختلف عن باب آخر ربما خمسة عشر بابا فقهيا. سيما على مسلك نجمد على حرفية النص. لايمكن أن نجمد ونقول أنها مشترك لفظي بل لابد أن يكون جامع له.
إذا تربط بين بحث الحقيقة الشرعية وبحث الصحيح والاعم وبحث المشترك اللفظي صناعيا يصير واضحا. والصناعة ليس هلوسة من الاعلام بل شواهد ودلائل ضروري مراعاة الخطوات الصناعية وليست خيال وفي بنية بنى الظهور