43/06/22
الموضوع: باب الالفاظ/ الصحيح والأعم/
النقطة الأخرى التي ذكرها الاعلام في الصحيح والأعم في المعاملات هي أنهم قالوا: يمكن التمسك بالإطلاقات على القول بالصحيح في المعاملات، فلافرق بين القول بالصحيح وبين القول بالأعم في المعاملات في التمسك بالاطلاق والسر في ذلك هو أن الصحة هنا المراد بها الصحة العرفية والأعم المراد به الأعم العرفي وليست الصحة الشرعية في الأدلة.
ما الذي افترق فيه باب العبادات عن باب المعاملات؟ الوجه في الافتراق أن الصحة في باب العبادات مجعولة شرعا وإن كانت الصحة المجعولة شرعا في العبادات مر انها على أنواع ومراتب من الصحة الاقتضائية والصحة الفعلية، لكن بالتالي مجعولة ومتعلق الأمر أو موضوع الأمر مجعول شرعي وإذا شككنا في الجعل الشرعي لا يمكن التمسك بعموم أو إطلاق العبادات.
أما في المعاملات فحيث أن موضوع الحكم وموضوع الأدلة هو الصحة العرفية لا الصحة الشرعية فالشك في الصحة الشرعية لا يستلزم الشك في الصحة العرفية، فبالتالي موضوع الإطلاقات وهو الصحة العرفية محرز والمشكوك هو الصحة الشرعية فإذاً في موارد الشك في الصحة الشرعية في المعاملات يمكن التمسك بالإطلاقات بسهولة. فهذا الذي يقرره الأعلام متين.
إلّا أن صاحب الكفاية يقول: هذا إذا كانت المعاملات إسما للسبب يعني الايجاب والقبول والشرائط المنضمة للايجاب والقبول والعوضين وكذا ويقال له السبب المركب فيتصور فيه الصحة والفساد ويمكن التمسك بإطلاقه لأن السبب العرفي محرز ونشك في الشرائط الشرعية فتنفى بالإطلاق، لأن الموضوع محرز وهو الصحة العرفية والشك في الصحة الشرعية.
أما إذا كانت المعاملات اسما للمسبب وهو ماهية معنوية فليست من مقولة الألفاظ بل هي مركبة عقلية بأجزاء تحليلية عقلية وليست مركبة بأجزاء خارجية. طبعا لابد من الالتفات اليه؛ المركب تارة مركب عقلي وتارة مركب خارجي. السبب في المعاملات أو الايقاعات مركب خارجي أما المسبب ليس مركبا خارجيا بل بسيط خارجا وإنما هو مركب عقلي وهذه نكتة لطيفة وفي العبادات أو المعاملات يجب الالتفات اليه ويفيد في بحوث صناعية في العبادات والمعاملات.
يقول صاحب الكفاية حيث أن أسماء المعاملات اسم للمسبب والمسبب ماهيات تكوينية أو عقلية مركبة عقلية فليست فيها زيادة ونقص. الزيادة والنقص في المركب الخارجي في أجزاءه وشرائطه أما المركب العقلي ليست له الزيادة والنقص بل الماهية وهويته إما موجودة أو معدومة.
فهنا الصحة معروفة عند الفقهاء والأصوليين بمعنى المسبب والصحة فيه بمعنى وجود الماهية البسيطة والفساد بمعنى عدم وجودها وليس بمعنى الزيادة والنقص المبحوث عنه في الصحيح والأعم.
أما لو كانت أسماء المعاملات والايقاعات اسما للسبب فيتصور تعدد أجزاء خارجية تزيد و تنقص وتتصور الصحة والفساد فيه، وحيث ان أسماء المعاملات اسم للمسبب فما يمكن الاستفادة من اطلاق الأدلة في المسببات إطلاق الامضاء في الأسباب لماذا؟ سيأتي.
فإذا كانت أسماء المعاملات وأسماء الايقاعات إسما للمسبب فالإطلاق في المسبب لا يستفاد منها الاطلاق في الأسباب بل يقتصر عليه على القدر المتيقن. هذا محصل كلام صاحب الكفاية.
هذا البحث في الإطلاق أن يمكن التمسك به أو لا، بحث مهم لكن البحوث الضمنية أهم منها.
البحث الضمني هو أن المعاملة إسم للسبب أو إسم للمسبب؟ فيه احتمالات : إسم للمسبب أو اسم للسبب أو اسم للمجموع أو اسم لكل منهما، أربع احتمالات.
على أي تقدير نكتة لطيفة في البين ان المعاملات والايقاعات أسماءها اذا كانت اسما للمسبب وهو الماهية المركبة العقلية فلا تكون عربية ولا غربية ولا شرقية ولا تعرف لغة دون لغة حتى الانسان وغير الانسان من الجن والحور العين كتزويج الحور العين بالبشر. المهم أنها ماهية عقلية.
فإذا كانت أسماء المعاملات أسماء للمسبب فاشتراط اللغة العربية ماذا؟ المفروض أن الشارع أخذ الموضوع العرفي وإذا كانت المعاملة في العرف إسما للمسبب فالمسبب للعرف العام وليس لأبناء اللغة العربية.
بعبارة؛ المفروض أن المأخوذ هو الموضوع العرفي وفي الموضوع العرفي المدار على المسبب وليس على السبب. قطعا اسم البيع يطلق على البيع عند العرف الذي ليس بعربي وإذا كان النكاح نفس الكلام.
الشارع يأخذ قيودا بحث آخر وما مانع من ذلك لكن كلامنا في أن الطلاق و البيع والإجارة والنكاح ليست أسماء الأسباب بل أسماء المسببات والمفروض أن المأخوذ موضوعا هو الوجود العرفي والوجود العرفي لايعرف لون قوم دون لون قوم آخر والمفروض أن أسماء المعاملات والايقاعات بلاريب انها أسماء المسببات فكونها أسماء الأسباب أيضا أو مجموعا بحث آخر لكن بالتالي أسماء المسببات وحينئذ لا يختلف بين الأقوام لأنها معان عقلية ولا صلة لها بالتراب التينية في البشر، لذلك وسوسة القدماء والمشهور أن في العقود الأفضل أن تكون باللغة العربية أو الأحوط أن تكون ماضوية وغيرها من الشرائط هذه يمكن التأمل فيه لأن أصل العقود ليست أسباب بل أصلها المسببات والماهية واحدة.
تارة نشك في السبب العرفي، بحث آخر وتارة نشك في السبب الشرعي ونحن قد فرغنا من إحراز السبب العرفي والمسبب العرفي ونشك أن الشارع أخذ قيدا أو لا، فنأخذ بالإطلاق، فهذا التشدد أو التقييد بالماضوية والفصيحة وغير ملحونة محل تأمل بناءا على هذا التصوير من الأعلام من أنها أسماء للمسببات.
إنما يحلّل الكلام و يحرّم الكلام ليس فيه الكلام العربي بل مطلق الكلام أو يقال في النذر لابد أن يكون باللغة العربية أو القسم فيمكن التأمل فيه و هم أيضا لم يجزموا بل من باب الاحتياط
نقطة اخري في البحث يجب الالتفات اليه: الأعلام هنا قالوا: تارة نشك في الصحة الشرعية يمكن التمسك بالإطلاق أما إذا شككنا في الصحة العرفية فلا يمكن التمسك بالإطلاق على القول بالصحيح لأنا نشك في موضوع الأدلة قولا واحدا، أما على القول بالأعم وهو قول الأكثر حتى لو شككنا بالصحة العرفية يمكن التمسك بالإطلاقات. إذاً فرق بين الصحة العرفية والصحة الشرعية.
اذا كان الشك في الصحة العرفية على القول بالصحيح لا يمكن التمسك بالإطلاقات وعلى القول بالأعم وهو قول الأكثر يمكن التمسك بالإطلاق.
طبعا كل ما يكون الإتقان في ألفاظ العقود أمر مناسب للزوم العقود وإحكام العقود سيما إذا كانت من المعاوضات الخطيرة وعادتا العقلاء يتشدّدون لكن الكلام أن القدماء مطلقا يتشدّدون في ألفاظ العقود مع أنهم اعميون ومعه حتى لو شككنا في الصحة العرفية يمكن التمسك بالإطلاق لاسيما على القول بأن أسماء المعاملات اسم للمسبب لا اسم للسبب. وسوسة ليست في محله.
حتى الكلام إن جر الى صيغة الطلاق مع أنه أمر ناموسي أو صيغة النكاح مثلا زوجتي فلانة طالق طلقة واحدة لايفرق اللفظ بين لفظ آخر. الاحتياط بحث آخر. في البحث العلمي ليس الجو للاحتياط. يمكن ان يحتاط شخص العمل.
إذا تعمل بالقدر المتيقن فيسد باب الأدلة الاجتهادية لأن العمل بالاحتياط كأصل عملي مقابل نص الدليل الاجتهادي يسمونه الرأي مقابل النص. فيصير الفتوى بالرأي، لأن الدليل المتأخر رتبتا مع وجود الدليل الاجتهادي والنص أو الإطلاق الأخذ به خلاف الاحتياط.
لذلك السيد اليزدي عنده في حاشيته على المكاسب في بحث الايجاب والقبول يجيء بالروايات الكثيرة أكثر صيغ النكاح من الائمة علیهمالسلام ليست بلفظ الماضوية وحملوها المشهور على أنها مقدمات الصيغة وليست الصيغة فقال هذا خلاف الظاهر. فهذه الوسوسة من القدماء إذا كان الاحتياط كعمل صحيح اما الاحتياط في الفتوى مع وجود الأدلة الاجتهادية ليست بصحيحة.
فإذا كان الشك في الصحة العرفية وبنينا على الصحيح لا يمكن التمسك بالإطلاقات أما إذا بنينا على الاعم وهو مبنى تام يمكن التمسك بالإطلاقات فضلا عما شككنا في الصحة الشرعية فيمكن التمسك لان المفروض أن المعاملة العرفية محرز وموجود.
ماذا عن اشكال صاحب الكفاية؟ هو قال أن أسماء المعاملات والايقاعات اسم للمسبب وليس اسما للسبب أجوبة عديدة ذكرت لهذه الشبهة التي ذكرها صاحب الكفاية.
جواب أنا لا نسلم أن أسماء المعاملات اسم للمسبب بل هي اسم للسبب أو قل إسم للمجموع فبالتالي الاطلاق ما فيه القدر المتيقن فبالتالي ناظر الى الأسباب لا أنه ناظر الى المسبب فقط.
جواب آخر من الأعلام منهم السيد الخويي ومتين: هنا غفلة صارت في البين؛ لو كان المسبب الذي يمضيه الدليل وجودا واحد فردا والأسباب عديدة قيل حينئذ نقتصر على القدر المتيقن الموجودة للمسبب الواحد اما إذا كان المسبب في نفسه كل سبب يتولد منه متولد واحد والسبب يتكرر فيتعدد المسبب، بعبارة مع تعدد الأسباب يتعدد المسببات والمفروض أن الاطلاق موجود في المسبب وتعدد افراد المسبب بموازاة تعدد أفراد السبب فكيف لا يكون تلازما بين الاطلاق في المسبب مع الاطلاق في السبب. هنا دقة السيد الخويي في محلها.
السيد الخويي في موارد عديدة عنده غفلات في الخلط بين العموم الاستغراقي والعموم البدلي. فرق بين العموم البدلي والعموم الاستغراقي العموم البدلي يعني الوجود الواحد. حينئذ وجود واحد في المسبب اما الأسباب فأفراد عديدة ونأخذ بالقدر المتيقن أن العموم والاطلاق في المسبب ليس بدليا بل استغراقي. بالتالي تعدد افراد المسبب هو تعدد الأفراد في السبب هذه النكتة نفيسة يدقق فيها الاصفهاني والسيد الخويي. نظير بحث معقد آخر نذكرها لا بأس.
يعني سحب شئون العموم البدلي على العموم الاستغراقي خطأ. لازم أن نفرق بينهما وغدا نذكر هذا المثال وابتلائي ويومي في الاستنباط ودقق السيد الخويي في محله. حمل المتوافقين العام على الخاص. كلاهما نافيان أو كلاهما مثبتان متوافقان وهما في العام والخاص أو المطلق والمقيد ليسا من باب التخصيص ولا من باب التقييد. التخصيص والتقييد إذا كان العام والخاص متخالفين أما إذا كانا متوافقين العلاقة بينهما معقدة. غدا إن شاء الله نتكلم عن الضابطة المتينة التي ذكرها السيد الخويي