43/06/01
الموضوع: الالفاظ/ الصحيح والأعم/ الجامع للحقيقة الشرعية و اثارها - الاقوال في الجامع
كان الكلام في ما قاله الميرزا الناييني رحمهالله من أنه لا حاجة للجامع في الصحيح او الأعم بل يكفي في الحقيقة الشرعية الجعل للمرتبة العليا، أما المراتب الأخرى فتكون من قبيل التنزيل والإدّعاء.
هنا لفتة جيدة بغض النظر عن صحة مقالة الميرزا الناييني أو عدم صحتها: كما مر بنا أمس أن هناك التنزيل من شئون الدلالة وهناك جعل من قبيل القانون و هذا معروف بين الأعلام وهم متفقون بين الامرين.
لكن المزيد من هذا البحث لأن هذا البحث محل الابتلاء في جل أبواب الفقه بين الجعل والتنزيل.
«الصلوة في البيت طواف» تنزيل وليس من باب الجعل و من هذا القيبل موارد أخرى ومر بنا الفوارق بين الشيء من شئون الدلالة أو من باب الجعل «صيد المحرم ميتة أو الصيد في الحرم ميتة» جماعة من الاعلام بنوا على التشبيه وجماعة بنوا على أنه جعل الميتية.
زيادة على ما مر بنا أيضا كي يتدبر الانسان في هذه الأمور:
إن التنزيل وإن لم يكن جعلا لكن فيه تشبيه فإذاً وجه الشبه موجود حتى لو بني على أنه استعمال مجازي. يعني أن البحث عند الفقيه ليس ينحبس في شئون الدلالة لأن شئون الدلالة ما هي إلّا جسر وطريق الى المعنى والتقنين في المعنى وهو من عالم القانون وهدف الفقيه أن يصل الى القانون الشرعي.
الدلالة بلاشك ضرورية لكن ضرورية كالطريق وليست النهاية، الغاية والنهاية هي القانون، لذلك مراحل الاستنباط تنقسم بلحاظ الدلالة وبلحاظ ذات المدلول والقانون.
بعض الفقهاء تراهم أقوى في ذلك الجانب وبعض الفقهاء تراهم أقوى في هذا الجانب في علم الكلام وعلم التفسير هكذا في العلوم الدينية النقلية التي تعتمد في جانب منها على النقل هكذا.
فرغم أن الذي يتبنى التنزيل لا يتبنى الجعل، جعل الصيد ميتة وجعل الصيد حراما يعني من بنى على أن صيد المحرم أو الصيد في الحرم تشبيه واستعمال مجازي سواء مجاز لغوي او عقلي بالتالي هو جعل لكنه تارة نبني على الجعل في الموضوع فتترتب كل الاثار وتارة لا نتبنى على الجعل في الموضوع ولكنه لأنه هناك شبه بين هذا الموضوع وذاك الموضوع الاخر، هذا الشبه هو الذي سبب جعل خصوص حرمة الأكل لا النجاسة مثلا ولا كذا. بالتالي إذاً فيه جعل لكنه ليس الجعل في الموضوع بل جعل في المحمول بتوسط شبه في الموضوع.
المقصود أن التنزيل أو الاستعمال المجازي ليس استعمال أجنبي في أجنبي. بل لها وجه شبه موضوعي، غاية الأمر ليس هناك جعل في الموضوع كما أن الاعلام اختلفوا في باب الحدود عندما يقول الشارع التفخيذ أيضا لواط وأما الايغاب فهو اللواط الأكبر او الكبرى او الكفر بالله. هذا تنزيل أو جعل؟
أيا ما كان سواء كان تنزيلا أو جعلا ففيه وجه شبه حتى على التنزيل وكما أنه في موارد عديدة من الروايات وردت أن الجماع دون الايغاب، حتى لو افترضنا انه استعمال مجازي لكن هناك وجها شبها. فبالتالي الشارع يوسع الجماع أو الوطي أو النكاح أو يشير الى وجه شبه وان لم يكن جعلا موضوعيا، بل ليس جعل محض.
حتى في اللواط توسعة أو زنا عند بعض الفقهاء أو السحاق عند بعض الفقهاء؛ لايختص بتلاقي الفرجين بل الفرج وبدن الاخر، فالمقصود أن المجاز لا يعني أنه ليس جعل في البين بل فيه جعل وفيه وجه شبه في الموضوع وجه شبه تكويني وإلا إن لم تكن وجه شبه تكويني لما صحح استعمال المجاز. فهذه نكتة مهمة ماهوية لازم أن نلتفت اليها.
إن الصحيح في باب الحكومة أنه تنزيل لكنه لا يعني أن باب التنزيل ليس فيه جعل أصلا بل فيه جعل وفيه نسبة موضوعية غاية الامر لم يجعل الشارع كل الموضوع. هذه فائدة في الفرق بين التنزيل والتشبيه والمجاز وبين الجعل.
على كل سجلت مؤاخذات على الميرزا الناييني وفي محله: المؤاخذة الأولى أنه في الحقيقة الشرعية الواحدة في الصلاة ومراتب الصلاة و في الوضوء ومراتب الوضوء الغسل ومراتب الغسل وهلم جرا لايستشعر بحسب ارتكاز المتشرعة أن الماهية منعدمة بل نفس الماهية موجودة فكيف يكون من باب الادعاء والمجاز ووجه الشبه من جهة لا من كل الجهات.
المستشعر به في ارتكاز المتشرعة أن المعنى الماهوي متكرر في كل المراتب. هذه مؤاخذة.
المؤاخذة الثانية: حتى المراتب العليا لصلاة الصبح وصلاة المغرب والصلوات اليومية و صلاة العيد وصلاة الايات متعددة، أي منها معتمد؟ لامحالة بالتالي لابد من تصوير الجامع بنحو يكون جامعا للمراتب فهذا لا ينحل المشكلة من هذه الجهة.
الاقوال الأخرى من الاعلام في تصوير الجامع الصحيح او الاعمي.
قبل أن ندخل في التفاصيل كالعادة يجب أن نلتفت الى المباحث الاستنباطية الفقهية في هذه البحوث كي يلمس الانسان تمرينا تطبيقيا من هذه البحوث.
الاعلام ذكروا: إما نحن في صدد جامع مقولي ذاتي واحد و هذا طبعا في المقام مستحيل لأن ماهيات أفعال الصلاة وأجزاء الصلاة من مقولات متباينة والمقولات العشر ثبت في محلها أنها ليس بينها جامع ماهوي.
الأعراض التسعة «كيف وكم و نسبة وأين ومتى وهلم جرا» ليس بينها جنس ماهوي وقد يقول قائل كما بحث في المعقول في العلوم العقلية: العرض لم لا يكون جنسا؟ قالوا إن العرض ليس جنسا بل هو يبين المفهوم الوجودي المشترك. نعم وجودها مشترك في خاصية مشتركة. أيا ما كان هذا ما بني عليه وصلح عليه في البحوث العقلية. إذاً ليس بينها جنس او ان كان الجنس او العرض وليس شيء بعده وراءه مثلا في الجواهر خمسة أو ستة بينها جامع ماهوي هو الجوهر ولكن في الأعراض لم يجعلوا العرض هو الجامع الماهوي لماذا؟ لا نريد أن ندخل في هذه البحوث العقلية.
إجمالا قالوا ليس هناك جامع واحد مقولي بين أجزاء الصلاة أو أجزاء الصوم أو أجزاء الحج أو أجزاء العبادات عادتا. النية فعل قلبي والأفعال الأخرى أفعال جارحي كل فعل هو مقولة من مقولات عشر او تسعة عرضية فإذاً لا يتصور متصور أن الصلاة كالانسان. الانسان له جامع ماهوي والصلاة ليس لها جامع ماهوي.
الصلاة التي ليس لها جامع ماهوي في بيانات الوحي حقيقة تتكلم وحية. في رواية الامام الباقر علیهالسلام موجودة في أصول الكافي. سئل الامام علیهالسلام هل الصلاة تتكلم؟ قال: رحم الله ضعفاء شيعتنا نعم، هي تتكلم و هي حية. فكيف يكون حقيقة ملكوتية جوهرية وليس لها جامع؟ هذا بحث في تجسم الأعمال. كيف من غسل الجنابة من النكاح المنقطع من كل قطرة حورية تخلق هذا زيادة. هذا، تصوير هذا البحث بحث آخر.
فالمقصود هذا المطلب: قالوا الجامع المقولي ما عندنا. طبعا في الصلاة، هذه الأجزاء البدنية بدن الصلاة وإلا الصلاة التوجه بالقلب و التوجه بالوجه هذا روح الصلاة والمعاني التي تأتي في قلب الانسان او ذهن الانسان تلك روح الصلاة. بدن الصلاة هي الأصوات و الاعمال. المهم هذا البدن الذي للصلاة يريد الأعلام أن يصوروا الجامع فيها يقولون ليس فيها الجامع المقولي الحقيقي. جيد.
هل الجامع العنواني يمكن؟ قالوا الجامع العنواني فيه مؤاخذات. الجامع العنواني يعني ماذا؟ التوصل بالجامع العنواني يعني شيء معنى ذهني ليس ماهية ذات الشيء وإنما هو عنوان أجنبي مشير الى الشيء ويعبر عنه الجامع العنواني او العنوان او الشيء العنواني وعنوانية الشيء، شبيه الاسم و المسمى، الاسم ليس داخلا في ذات المسمى بل يشير الى المسمى.
هناك من ذهب من الأعلام الى أن يكون الجامع اعتباريا. مركب اعتباري. ربما الكثير ذهبوا اليه، فإذاً ليس الجامع عنوانيا و لا ذاتيا حقيقيا بل اعتباريا ومركبا من أجزاء اعتبارية.
الان ننتقل الى كلام الاصفهاني و كلام العراقي ثم كلام بقية الأعلام في تصوير الجامع الواحد والحقيقة الشرعية للصلاة او الصوم او لطواف او التشهد او الركوع او السجود.
فذهب المرحوم الاصفهاني الى أن الجامع هو جامع مبهم. ويشار اليه تكوينا. لماذا قال مبهم؟ ما العلاج في هذه النظرية؟ فجامع مبهم يشار اليه بخواص. إنه تنهى عن الفحشاء والمنكر و معراج كل مؤمن و قربان كل تقي. الصلاة الصحيحة لها هذه الخواص والاثار. هذا هو مدعى المرحوم الاصفهاني.
الدليل والنقاط المقدمية التي استدل بها المرحوم الاصفهاني: يستدل بنقطة معينة وهي ان الماهية عكس الوجود. الماهية كل ما تصير مبهمة سعتها الكلية تصير اكثر وكل ما تصير مفصلة وواضحة تصير ضيقة. عكس الوجود. لأن الوجود كلما يكون فيه جمع لكل التفاصيل تصير سعته اكثر وكلما تقل فيه الكمالات يضيق. دائما الوجود الكامل مجمع للكمالات و كل التفاصيل و سعته وسيعة. أما أن يضعف الوجود و يهبط يصير الوجود ضيقا ضعيفا. هذا في البحث العقلي ثابت. تعاكس الماهية والوجود. هذا في نفسه بحث مفيد في المعارف وهنا يستفيد الاصفهاني منه. الماهية كلما تصير مبهمة فسعته تصير اكثر وكلما تفصل تضيق والوجود بالعكس. كلما يكون حاويا للكمالات يصير أقوى وأوسع وكلما تفصل يصير ضعيفا.
هذا الذي ذكره شيء صحيح وعقلي ولكن المراد من الابهام في الماهية ماهو؟ عدم التفاصيل ماذا يعني؟ فيه إشكالات أخرى لكن هذا الاشكال عقلي: الابهام للماهية ليس يعني أنه إدراك المدرك للماهية. مثلا الان شبح يجينا من بعيد. لما نقول شبح فيصدق على الانسان والحيوان والجماد الذي يتحرك. كلما يصير مبهم فيصير أوسع عكس الوجود.
تارة الابهام في إدراك الشيء هذا من صفات الذهن وليس من صفات الشيء نفسه. لا أن الشيء في نفسه مبهم. هنا ما المراد عند الاصفهاني. هل المراد الشيء في نفسه ليس له أجناس والفصول وله جنس و فصل واحد؟ إذا كان المراد هذا فهذا إبهام تكويني ويوجب السعة.
إن كان مراده الابهام في إدراكنا للشيء فالاجنبي عن المقام. شيء له جامع لكنا نحن لم ندركه. فلا يجيب عن الاشكال. شبيه تعاريف المرحوم الاخوند في كل الكفاية: ما هو الوضع؟ اختصاص اللفظ بالمعنى ماذا هذا الاختصاص؟ مبهم. المقصود الابهام في الإدراك ليس علاجا، لان البحث الذي ذكروه في المعقول هو الابهام الواقعي لذات المدرك بغض النظر عن الادراك . مثلا ليس فيه الاجناس والفصول بل فيه فصل وجنس و احد بسيط. المهم سجلت هذه المؤاخذة على هذه النظرية.
ثم لازم أن نلاحظ المعتبر، أنت جئت بالمعراج والقربان والانهاء عن الفحشاء وهذه هي الاثار لكن ذات الصلاة عند المعتر ما هي؟ المفروض أن تأتي «الصلاة ثلثها الركوع وثلثها السجود ثلثها الطهور» أولها التكبير وآخرها التسليم» كما صنع السيد الخويي والصحيح ما صنعه السيد الخويي. الوضوء غسلتان ومسحتان والحج احرام و سعي و كذا.
أما نظرية المرحوم العراقي: جانب المشترك الوجودي. الماهية صعبة باعتبار أنه ما فيها جامع ماهوي. هو عبارة عن مساحة من مراتب الوجود مشتركة بين أنواع الصلاة وأنواع الصوم او أنواع الحج او الحج وهلم جرا. مقطع من مراتب مساحة الوجود. هل هذه علاج او ليس ان شاء الله نتعرض اليه.
هذه الفذلكات من العلمين الاصفهاني والعراقي تبين سعة التحليل وسعة التلوين الذهني في حل الأمور. من هذه الجهة الجهود العلمية للعلمين جيدة.