43/05/03
الموضوع:باب الالفاظ/الحقيقة الشرعية/ثمرة الحقيقة الشرعية
كان الكلام في الحقيقة الشرعية، هل توجد حقيقة شرعية أو لا توجد؟ تارة نجمد على هذا الاصطلاح وتارة المدار ليس على هذا الاصطلاح سواء توجد أو لا توجد وإنما المدار على الثمرة.
هذا بحث صناعي لطيف، هل المدار هو الثمرة أو المدار عنوان البحث؟ قد يتوصل إلى الثمرة بدون عنوان البحث، فالأعلام ذكروا ههنا في الحقيقة الشرعية أنه ربما يقرّر موانع عن تحقق الحقيقة الشرعية في قبال الحقيقة اللغوية ولكن على أي تقدير الثمرة المرجوة من الحقيقة الشرعية ثابتة، سواء قلنا بالحقيقة الشرعية أم لم نقل.
الثمرة المرجوة من الحقيقة الشرعية لامحالة مترتبة قلنا بها أم لم نقل. استطعنا أن نجيب عن هذه الإشكالات أم لم نستطع.
كيف الثمرة مترتبة؟ يقولون إن الثمرة من الحقيقة الشرعية هو أن نحمل الألفاظ على المعاني المجعولة المخترعة عند الشارع سواء الجديدة أو غير الجديدة.
هناك معان لغوية أصلية للألفاظ مثل أن الصلوة دعاء والصوم كف وبين هذه المعاني الاصلية والحقيقة الشرعية طبعا فاصل وبعبارة أخرى المدار على أن الشارع جعل ماهيات مركبة سواء في العبادات أو المعاملات والجعل شيء مرتبط بالمعنى وليس الجعل أمر من شئون اللفظ أو من شئون علاقة اللفظ بالمعنى.
فهنا الحقيقة الشرعية باصطلاح آخر غير الاصطلاح المعهود عنها لأن الاصطلاح المعهود هو علاقة اللفظ بالمعنى الجديد الذي اخترعه الشارع وتارة مرادنا الأهم من الحقيقة الشرعية عالم الجعل لا عالم الاستعمال اللفظي والجعل مرتبط بالإنشاء أو قل مرتبط بالمعنى الجدي لا أنه مرتبط بالمعنى الوضعي أو الاستعمالي بل هو مرتبط بالمعنى الجدي. هذه نكتة لطيفة.
إن عالم الجعل مثل الأحكام التكليفية وهي من سنخ عالم المعنى واللفظ ليس إلّا آلية لإيجاد إنشاء الأحكام و قد يقع الإنشاء بدون الألفاظ مثل الأفعال أو شيء آخر.
هذه نكتة مهمة أن نعزل عالم الجعل يعني عالم التشريعات التكليفية أو وضعية عن الشئون اللفظية أو نميّزها بعبارة أخرى.
فعالم الجعل للأحكام التشريعية نستطيع أن نقول عالم ثبوتي و ليس إثباتيا بينما اللفظ عالم الإثبات للدلالة. هذا تمييز ضابطة ناموسية في علم أصول الفقه أو الفقه لأن نميّز بين البحوث الثبوتية في علم الأصول وعلم الفقه وبين البحوث الإثباتية. البحوث الإثباتية مرتبطة باللفظ والدلالة، أما البحوث الثبوتية قديما فيعبر عنها بالمبادئ الأحكامية في كتب الأصولية القديمة.
المبدأ يعني الأصل والأحكام يعني القانون والان بالتعبير الاكاديمي يعبرون عنه بالأصول القانونية و لها سبع تسميات مترادفة كأسس الحكم وأسس التشريع وما شابه ذلك. المقصود أن البحوث الثبوتية تختلف عن البحوث الاثباتية.
ههنا الاعلام قالوا: إن الثمرة المرجوة من الحقيقة الشرعية ليست منحصرة على البحث في الشأن اللفظي في الصلوة أو الصوم أو الركوع أو السجود. مر بنا أن الحقيقة الشرعية غير منحصرة بالعناوين المجموعية في المركبات بل حتى بلحاظ أجزاء المركبات كالتحديدات الشرعية للركوع والتحديدات الشرعية للسجود.
إذاً الثمرة غير منحصرة ترتبها على الألفاظ بل تترتب على المعاني في الحقيقة. إذا كان للشارع جعل ثبوتي هذا لاريب بين الأعلام فيه و إن مرادات الشارع على صعيد الجدي أو التفهيمي حتى الاستعمالي لاريب أنها هي مرادة سواء كانت هناك علقة وضعية جديدة حقيقة شرعية أو لم تكن. بهذا اللحاظ الثمرة معدومة.
بيان أكثر لهذا المبحث: يقولون بان هذه المعاني الجديدة أو غير الجديدة هذه المعاني للجعل الشرعي لاريب أنها في زمن الأئمة أريد منها هذه المركبات المخترعة من الشارع وليس المراد منها المعاني القديمة الأصلية اللغوية للألفاظ.
إذا كان هناك ترديد في زمن رسول الله أن هذه الألفاظ تستعمل في الحقيقة الشرعية أو لاتستعمل لكن في لسان الائمة قطعا أصبحت هذه المعاني معهودة ومرادة. من ثَمّ الاحكام نأخذها من الأئمة عن النبي صلى الله عليه وآله عن الله عزوجل، بالتالي أين الثمرة؟
لأنه عندما ينقلها الأئمة بلا شك كان مقصودهم المعاني المخترعة الجديدة، لأن هذه المعاني أصبحت معهودة ومسلمة ولا ترديد في ذلك.
وحيانية القرآن وتراث الحديث بماذا
عند السيد الخويي في المحاضرات عبارة لطيفة وإنصافا ذهب وحياني ومطابقة للقواعد الوحيانية يقول: لأن ألفاظ الآيات وألفاظ الروايات النبوية إنما وصلت إلينا عبر أئمة أهل البيت عليهم السلام»
هذه العبارة جدا ثمينة لأن وحيانية القرآن تارة نقول بذاته وهذا لاريب فيه وتارة نقول وحيانية القرآن بنقل المسلمين وهذا خطأ لأن نقل المسلمين لا يثبت وحيانية القرآن ولو كان متواترة.
إنما وحيانية القرآن بنقل أهل البيت لأنهم وحي ونقلهم وحياني، فإذًا هذه العبارة لطيفة يقول لأن هذه العناوين والألفاظ سواء من الآيات أو روايات النبي إنما نقلت لنا من الائمة عليهم السلام لأن الصحابة ليست لهم حجية والتواتر حسي والحس ليس بوحي والحس لا يصل إلى درجة الوحي في وحيانية القرآن.
لذلك الشيخ الطوسي والسيد المرتضى والشيخ المفيد وغيرهم من علماء الامامية يقولون ما الدليل على وحيانية القرآن؟ تارة نقول وحيانية القرآن ذاتية من جهة البراهين الموجودة فيه وهذا صحيح وتارة من جهة النقل وليس اعتمادنا كالغربيين أو المستشرقين على النقل المتواتر في وحيانية القرآن أو تراث الحديث.
هذه العبارة من السيد الخويي إذا نتوقف فيه جدا ممتازة. وحيانية القرآن ووحيانية تراث الحديث تارة بسبب نقل الثقات وهم لا يقدرون أن يثبتوا وحيانية التراث. هي ظنون بحث آخر وهي غير الوحي.
وحيانية التراث إما نابعة من البراهين الموجودة فيها فوق علوم البشر وهذا وجه تام ووحيانية التراث ليست بالصحابة ولا التابعين ولا زرارة ولا محمد بن مسلم رضوان الله عليهم وهم كانوا للإيصال التكويني. دور الرواة إيصال تكويني وليس الإيصال بمعنى الاعتبار والمحمول والحجية. الحجية لايشمّون منها شيئا عن بكرة أبيهم لا يشمون منها شيئا. الظن بحث آخر وكلامنا في الوحيانية.
وحيانية التراث أو القرآن ممتنع أن تستمدّ من الأمة، سواء زرارة أو محمد بن مسلم أو ابن أبي عمير أو معجم رجال الحديث، لاتستمدّ وحيانية التراث من الكتب الرجالية لأن الوحيانية إما من ذات القرآن أو تراث الحديث الوحيانية الاجمالية أو التفصيلية.
لو لم يكن علم إجمالي بوحيانية هذا التراث لايمكن أن يكون الظنون معتبرة. نحن ملزمون بالوحي ولسنا ملزمين بصدق زرارة الظني المحتمل بالصدق والخطأ. حجية هذا التراث ظل وتبع للحجية الوحيانية الاجمالية أو التفصيلية. هذه العبارة ثمينة من السيد الخويي في بحث الحقيقة الشرعية.
يقول:نقل ألفاظ الآيات الروايات النبوية إلينا عبر الأئمة لا عبر الأمة، نعم نقلت تكوينا عبر الأمة ولا ننفي.
سبق أن اشرنا إليه مرارا في بحوث أصول الفقه أو الفقه أن الإيصال التكويني له دور لكن الايصال التكويني غير الحجية وصفة الحجية. زرارة له دور، لولا زرارة ومحمد بن مسلم وابي بصير وبريد لاندرست آثار أبي وبلا شك. لهم دور مشكور السعي في الإيصال التكويني أما الحجية الوحيانية ليس لزرارة دور. الوحيانية لا الظنية. لو لم يكن في البين علم اجمالي بالوحيانية لا العلم الإجمالي باليقين الحسي لأن الالتزام بالدين أتي به من السماء لا من الأرض. ليس بإمكان التواتر أن يثبت لك سببا متصلا بين الأرض والسماء، لا الصحابة دورهم هذا ولا التابعين ولا يعقلونها عن بكرة أبيهم. لأن وحيانية الشيء شيء آخر. الوحيانية كالخط الانترنت من الأرض إلى العرش أو فوق العرش.
لذلك تبده عند علماء الإمامية أن إجماع الأمة من دون المعصوم ليس بوحي وليس بحجة وحيانية. فوحيانية التراث ووحيانية القرآن إما بسبب داخلي وضمني ذاتي للقرآن أو تراث الحديث هو يثبت نفسه بنفسه وقدرات البشر في استكشاف الوحي مختلفة والعلماء يكتشفون منه غير ما يكتشفون العوام، إما هذا أو إذا أردنا من ناحية غير البرهان الداخلي من القرآن أو التراث فيقول الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي والقدماء كلهم إذا أردنا أن نثبت وحيانية القرآن ووحيانية التراث إنما نثبته بوجود انترنت معاصر لنا وبوجود شخص هو سبب متصل بين السماء والأرض وهو يحافظ على المسيرة والسكّان ولو بعدت الأمة عن الوحي يرجعها إلى الوحي. يعبّر عنه الشيخ الطوسي والمرتضى والمفيد بقاعدة اللطف والإجماع اللّطفي. يقول ممتنع أن يجعل الله عزوجل والإمام عليه السلام الامة بما فيهم المؤمنون يبعدون عن الوحي وأحد وظائف وضرورة وجود السبب المتصل بين الأرض والسماء هو الإبقاء على جادة الوحي وإلّا البشر ليس لديه العصمة ولا الاعتصام ولا العاصم.
فلاحظ إذاً هذه النكتة لطيفة يقول: ألفاظ الآيات إنما نحن نعوّل عليها في النقل لأنها نقلت إلينا عن الأئمة المعاصرين لنا، لأن لنا الاعتقاد بوجود المعاصر لنا السبب المتصل بين الأرض والسماء ونقول هذا القرآن الذي بين أيدينا وحي والتراث الذي بين أيدينا إجمالا وحي، لا أن اعتمادنا بكتب الرجال في الوحيانية الإجمالية أو التفصيلية فيعني الثقلين، إما من القرآن و الامام الصامت يعني تراث الحديث أو من الوحي الناطق وهو السبب المتصل بين الأرض والسماء ونحن معاصرين له وإنصافا بيان بديع من القدماء أو السيد الخويي. على كل هذه لفتة لطيفة ذكرها السيد الخويي أحببت أن أذكرها.
فهذا الذي يذكرونه علماء علم الأصول في الانسداد أن الملزم لنا بالتراث ليس الأدلّة القائمة على إعتبار خبر الواحد الملزم لنا العلم الإجمالي الكبير الآتي من الوحي لا الآتي من الأمة. اجماع الامة بدون المعصوم ليس بحجة يعني ليس بوحي، لا أنه ليس بحجة حسية أو حجة حسية ظنية.
توصية من روايات أهل البيت عليهم السلام ونكتة مهمة في التعامل مع العلماء أو مع تراث العلماء أن نأتي بما هو محكم عند العلماء. بلاقياس إلى القرآن أو إلى الأئمة لكن كيف الأسلوب العلمي في التعاطي مع القرآن وأهل البيت عليهم السلام ولايقاس بهم أحد؛ أن نعمل بالمحكم ولا نتشبّث بالمتشابه لأن العلماء أيضا عندهم محكمات وعندهم متشابهات في كلماتهم وفي آرائهم ومن الخطأ نشر وترويج المتشابهات وترك المحكمات. ركّز على المحكمات ولا تتشبّث على المتشابهات لأن المتشابهات فيها التقية أو الغفلة أو غيرها ولايصح أن نروج المتشابهات.
هو القرآن الكريم يقول بلاقياس بالقرآن لكن كعبرة: ﴿وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ﴾[1] أنت تروج الخطيئة والزيغ بل روّج المحكم في تراث العلماء. هذا هو نوع من نشر الحقيقة وإحياء الحقيقة ولو نشرت المتشابهات ولو تحت ذريعة النقد بالعكس تغيب الحق والحقيقة وتروج الخطأ و الخطيئة. ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول﴾[2] هذا سوء علمي. هذه نكتة جدا مهمة. إذا تريد أن تروج الحق فركّز على الحق وكل عالم عنده المحكمات وبتعبير روايات أهل البيت كل عالم عنده زلة وعنده النبوءة وكذا ولماذا تركّز على المتشابهات.
ارجع إلى الحقيقة الشرعية والان نريد أن نستفيد ثمرة صناعية من كلامهم وقالوا بأن بحث الحقيقة الشرعية بمعنى لاثمرة له وبمعنى له ثمرة.
لا ثمرة له يعني سواء ثبتت الحقيقة الشرعية أو لا تثبت هذه الثمرة ستترتب وهذه الثمرة تعني حمل ألفاظ واستعمالات الروايات أو الشرع على المعاني المخترعة الجديدة لأنا إنما نأخذ الوحي بمعلم وحياني وهم الأئمة عليهم السلام وفي عهدهم هذه غير مردد فيه. فإذاً اثبات الحقيقة الشرعية أو عدم إثباته هذا مبحث فني وعلمي محض لأن الثمرة مترتب.
هذا المبحث له أهمية مهمة في الاستظهار اليومي في الاستنباطات، لأنهم قالوا الثمرة ستترتب سواء قلنا بالحقيقة الشرعية أو لم نقل وليس الثمرة منحصرة بالحقيقة الشرعية وههنا سنتعرض كلمات الأعلام الاخوند والسيد الخويي ونكتة نفيسة مهمة موجودة في يوميات الاستنباط حتى في التشهد بالشهادة الثالثة في الصلوة وسنبين كيف.