43/03/10
الموضوع:الوضع
كان الكلام في نظريات الاعلام في المعنى الحرفي ووصل بنا الكلام الى نظرية الشيخ العراقي حيث يقول ان جل المعاني الحرفية وضعت للاعراض النسبية واما بعض المعاني الحرفية كالهيئات الفردية او التركيبية التامة او الناقصة وضعت للنسب والروابط ـ كما في نظرية الاصفهاني ولكنه يضيقها العراقي في خصوص الهيئات وبعض الأدوات .
فكلام الشيخ العراقي تلفيق بين نظرية الاصفهاني والنائيني ونظرية أخرى وهي ان الحروف وضعت للأعراض النسبية ، ويركز آغا ضياء العراقي على ان بعض الحروف من الواضح ان لها معاني ـ كحروف الجر والاسم الموصول ـ شبيه بالمعاني الاسمية الى حد ما ، ومن جانب آخر نرى بعض الحروف كهيئات الجمل او التركيب الناقص ـ كالمضاف والمضاف اليه ـ او الهيئات الافرادية لا نجد لها معاني وراء وجود النسب والوجود الرابط ، فالمعاني الحرفية على قسمين بعضها لها موازية للمعاني الاسمية ك ( في) للظرفية وبعضها ليس لها موازي من المعاني الاسمية كالهيئات التامة أو الناقصة وانما هي وجود نسب وروابط تُوجِد الربط الوجودي بين المعاني الاسمية .
واما الاعراض النسبية فحسب تقسيمات علم المعقول هي تسع مقولات ( الجوهر ويشمل كل الجواهر الملكوتية او الغيبية او المادية ، وجود في نفسه لنفسه بغيره ، والاعراض وجود في نفسه لغيره بغيره فالعرض مستقل في ماهيته وذاته ، ولكن ليس له استقلال في وجوده ، فهو تبعي في وجوده لغيره وبغيره فالعرض في الوجود حرفي لا استقلال له ، ولا قوام له إلا بالجوهر ، والجوهر اسم له فالعرض مستقل فقط في ماهيته .
سؤال :
لماذا قسم الفلاسفة الوجود ـ لا الماهية ـ ( في نفسه ولنفسه وبنفسه )، ثم ( في نفسه بنفسه لغيره ) ولما يقولون ينقسم الوجود ( في نفسه ) يشمل الجوهر والعرض ولا يشمل القسم الرابع ( وهو النسب ) فكيف اقحموا الماهية في تقسيم الوجود فان معنى في نفسه يعني له ذات مستقلة ، فهل مرادهم تقسيم الوجود او الماهية او ان الماهية مؤشر انها شأن من شؤون الوجود سيما في الباري ( في نفسه ) ليس بمعنى الماهية المصطلحة بمعنى الحدوث بل بمعنى ما به الشيء هو هو أي هوية الشيء وحقيقته ؟
المهم ان العرض اذا وصلت النوبة فيه الى الوجود فهو حرفي تماما وهو في نفسه بلحاظ ماهيته وربط الماهية بالوجود بمعنى ان نفس هذا الوجود تستطيع ان تلاحظه في نفسه فتنتزع منه ماهية .
فهذا الوجود العرض في حين أنه حرفي متقوم بالغير يمكن ان تلاحظه مستقل ومعه تستطيع ان تنتزع منه الماهية .
وقالوا انه اذا لاحظنا الجوهر في نفسه لنفسه ليس مباين عن ملاحظته بغيره وقالوا انه هو مباين وليس مباين فلحاظ الجوهر او العرض في نفسه لا يباين لغيره في العرض او لنفسه في الجوهر أو بغيره في الجوهر او بالعرض ويغاير ، وذلك لكون طبيعة الوجود هكذا فطبيعة التباين فيه كلا تباين لأن تطور وتلون وتشأّن الوجود الواحد ، فالوجود الواحد قابل للتطور والتشأن والتطور في أطوار، بخلاف النسب والروابط لا تستطيع ان تلاحظها في نفسها .
سؤال :
ان القسم الرابع ( لا في نفسه ولغيره وبغيره ) وهو ليس الاعراض ولا الجواهر ولا الوجود الازلي ، وعليه فلا يدخل في مقولة من مقولات الماهية ـ وكذلك القسم الأول فهو فوق الماهية والقسم الرابع دون الماهية فهو وجود فقط ـ ومر بنا ان في نفسه عين لغيره وبغيره في العرض وفي نفسه في الجواهر عين لنفسه وبغيره في الجواهر ، فالوجود الجوهري اسمي في الحيثيتين الأوليين ( في نفسه ولنفسه ) ووجود الجوهر حرفي بلحاظ ( بغيره ) ، ومقولة العرض انه اسمي ( في نفسه ) وحرفي ( لغيره ) وحرفي ( بغيره) ففه حيثتان حرفيتان هما الثانية والثالثة والحيثية الأولى استقلال ، واما القسم الرابع فهو متوغل في الحرفية ( لا في نفسه ولا في غيره وبغيره ) وعلى تقسيمات الفلاسفة ( في الحكمة العالية ) مقولة الجوهر والعرض فيها حيثية مستقلة مندكة في الحيثية الحرفية ، الحيثية الحرفية في مقولة الجوهر مباينة للحيثية الاستقلالية ولا مباينة ـ كما مر ـ ففي الباري في نفسه لنفسه بنفسه غني مستقل في كل شؤونه وحيثياته ، اما في المخلوقات فبعضها جوهر وبعضها عرض وبعضها دونهما ، وفي الجوهر حيثيتان مستقلتان حيثية ( في نفسه ولنفسه ) وحيثية حرفية وفي العرض حيثية واحدة مستقلة وحيثيتان حرفيتان
اذن دعوى الفلاسفة ان الحيثية الحرفية في الجوهر عين الحيثية الاستقلالية في الجوهر ـ مباينة ولا مباينة
كما مر ـبينما في العرض ( في نفسه ) عين ( لغيره وبغيره ) فالحيثية الاستقلالية في العرض عين الحيثية الحرفيه فيه ، وكلام العراقي يقول ان الحروف موضوعة للأعراض النسبية ، ومعنى الاعراض ان لها تقرر ماهوي في نفسه ولما نقول نسبية يعني لها حيثية حرفية ، فالأعراض فيها جهة أسمية ، وجهتان حرفيتان ، ولو سأل سائل ان الحيثية الحرفية في الاعراض أليس موحدة مع الحيثية الاسمية في الاعراض
؟ نعم موحدة فهل هناك محاذاة او وحدة بين الحيثية الحرفية في العراض والحيثية الاسمية في الاعراض ؟ نعم موجودة .
فالظرفية لفظة أسم وضعت للماهية المستقلة في الاعراض و ( في ) وضعت للحيثية الحرفية في الأعراض النسبية ، اليس في الاعراض ثلاث حيثيات : حيثية في نفسه أي اسم مستقل وحيثية لغيرة بغيره وهذه حيثية حرفية ولو وضع ( في ) للعرض بلحاظ حيثية لغيره والاسم المحاذي ل ( في ) للماهية المستقلة في العرض أليس ماهية العرض مستقلة في ذاتها أي اسمية وهي تحاذي وتندك وتتوحد مع حيثية ( لغيره )
فالفلاسفة ذكروا في العرض أن حيثية ( في نفسه ) عين حيثية ( لغيره ) وحيثية (بغيره ) ففي العرض حيثيتان حرفيتان هما الثانية والثالثة ( لغيره ، وبغيره ) واما الحيثية الأولى مستقلة
فلا يأتي آتٍ كالسيد الخوئي & وغيره ويقول اذا كان العرض ( في ) بمعنى الحرفية والظرفية معناهما واحد فلماذا لا يستعمل الأول مكان الثاني ؟ فانه نقول لا يستعملان لأن هذه الحيثية حرفية وتلك اسمية وهما متحاذيتان وموحدتان .
كذلك في الجوهر ففيه حيثيتان مستقلتان هما الأولى والثانية ( في نفسه ولنفسه ) وحيثية ثالثة حرفية وهي ( بغيره ) والحيثية الثالثة ( بغيره ) موحدة مع في نفسه ولنفسه حسب كلام الفلاسفة ومعه فبينهما موازاة وترابط وتوحد وعليه قد وجدنا حروف أي جهة حرفية في الموجودات توازي وتتوحد مع الحيثيات الاسمية الاستقلالية في الوجودات في القسم الثاني ( الجوهر ) والقسم الثلث ( الاعراض ) واما القسم الرابع ( النسب والروابط ) فهي كلها حروف واندكاك وليس فيها جهة استقلالية .
وحسب هذا التقسيم العقلي ( وجود في نفسه لنفسه بنفسه ) وليس فيه جهة حرفية ابدا كما هو واضح والقسم الثاني والثالث والرابع ( أي الجوهر والعرض والنسب ) هي وجودات كلها فيها حيثية حرفية اما كلها كالقسم الرابع او حيثيتان منها حرفية وحيثية اسمية وهي الاعراض وهي( القسم الثالث ) او حيثيتان اسميتان وثالثة حرفية وهي الجوهر وأيما كان القسم الثاني والثالث الحيثيات الحرفية مندكة موحدة في الحيثيات الاسمية واما في الرابع فلا توجد حيثية استقلالية .
ومنه يتضح الجواب على ما اشكل به بعض الاعلام على نظرية الاخوند أو العراقي انه كيف يكون اسمي وموازي ومتحد معنىً مع الحرفي ومع ذلك لا يمكن استخدام الحيثية الحرفية مكان الاسمية او العكس مع اتحادهما وذلك لكونهما متباينتان ، فان بيانه يتضح من خلال التقسيم العقلي الذي ذكره الفلاسفة .