الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:فهرسة علم الأصول الدرس

( هذا تنضيد للدرس وليس تقريرا )

كان الكلام في تقسيم الاصفهاني الى الأقسام الرباعية ومر بنا اندراج الظن في القسم الأول

وكما مر بنا ان الميرزا النائيني ذكر مبحث حجية الظهور وانه كبرويا خارجة عن القسم الثانية داخلة في القسم الأول ، وصغروياً داخلة في القسم الثاني ، وبعض العلماء من القدماء واستاذنا الروحاني ذهب الى ان الظهور صغرويا وكبرويا من القسم الأول وهذا الكلام بغض النظر عن صحته وسقمه مرَّ بنا انه كبرويا الظهور أي الحجية هو من اليقينيات ولكن صغرويا من الظنيات خلافا للمرتضى والروحاني بغض النظر عن هذا البحث، أصل حجية الظهور صغرويا كبرويا أو كليهما فهناك اعتراف من النائيني ان الظنون بالتقارن وبالتعاضد مع بعضها البعض تصل الى درجة اليقين او الاطمئنان الذي هو علم عرفي فتَخرج في القسم الثاني وتدخل في القسم الأول وهذا المبحث في نفسه مهم وهو ان الظنون كماً كيفاً تتصاعد الى اليقين وهي نفس فكرة التواتر والاستفاضة فآحاد التواتر تكويناً ( وموضوعاً ومحمولاً ) يختلف عن نتيجة التواتر وكذا في الاستفاضة .

وان قلت : لعل الخبر الصحيح باعتبار انه حجة ظنية في نفسه يتراكم ويتصاعد .

قلت : أولاً : لنفترض ان الخبر صحيح الا انه حجة ظنية إعتبارية أو تكوينية يقينية فكيف يتبدل الشيء عما هو عليه وما هو دور الاعتبار لحل هذه المشكلة إذ هو تبدل تكويني لا اعتباري لكي تقول انه ينفع فيه الاعتبار .

وثانيا : انه تبدل أيضا في المحمول فحجية اليقين غير حجية الظن فهل للاعتبار دور فأي دور له ؟! هذه الحقيقة تستدعي دراسة صناعية فخروج الظن من القسم الثاني ودخوله في القسم الأول هذا الخروج ليس اعتباري بل تكويني والحجية في القطع ليست جعلية إعتبارية وأهم ما كان يريد قولبته في مبحث الحجج في القطع كان هو ان الحجية في القطع ليست جعلية ، خلافا للاخباريين والاصوليين ذوي الميول الإخبارية فكيف ينقلب الظن الاعتباري الى التكويني موضوعاً ومحمولاً فهذه الظاهرة تستحق الوقفة العلمية وقد ذكر ذلك السيد المرتضى & في الظهور وكذلك الميرزا النائيني & .

لماذا نذكر هذا البحث ؟ إن أطواد علماء الأصول كالسيد المرتضى & والسيد الروحاني & يعترف حتى السيد الخوئي & ان حجية الظهور كبروياً من اليقينيات وصغرويا من الظن وكذا في التواتر كذلك اذن ليست المسألة في خصوص الظهور وخبر الواحد بل صغرياته كثيرة فكيف تخرج هذه الظنون من الظن الى اليقين وهم يقولون انها لا تحتاج الى اعتبار شرعي اذا خرجت وليس فقط مثال ذلك هو خبر الواحد ةانه يخرج من خبر الواحد الى الاستفاضة بل يشمل الظهور أيضا فهناك تعبير يقال تواترت الدلالة ، وهو يختلف عن تواتر الطريق .

فالتراكم في الظنون لا يختص بالطرق بل يعم الدلالة فيعبر دلالة مستفيضة او متواترة كما يعبر تواتر الطرق ، وبتعبير آخر : ان الظنون فيها تواتر وتراكم كمي أو كيفي سواء دلالة او طرق او مثلاً في جهة الصدور فالحيثية ليست هي الدلالة ولا هي الصدور بل جهة الصدور مثلا واحد يشكك ان الامام الصادق ليس موقفه من السقيفة وأمير المؤمنين ليس موقفه من السقيفة وكذا موقف الحسن وفاطمة ؟ نقول له جهة الصدور من اهل البيت تجاه السقيفة تجاه الطرف الاخر هي ليست موقف أوموقفين بل تواتر جهة الصدور سواء جهة صدور الافعال او الكلمات فكربلاء ماذا تسميها ؟ ! موقف فاطمة وامير المؤمنين لم يتقلد ماذا تسميه وكذا الامام الحسن فكل مسار أهل البيت عندهم قطيعة مع مسار السقيفة ، عندهم مباينة شديدة جداً مع مسار السقيفة ، الان تقول لا هذا امر ظني جهة الصدور. والحال أنه ليس موقف ولا موقفين ولا ثلاثة ولا اربعة ولا خمسة وتعرض عليه الخلافة يوم الشورى بعد موت الثاني على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين فقال لا. مصير الامة يا امير المؤمنين يقع في يديك بدل ما يدخل فيها الامويون والعثمانيون واذا به لا يحيد عن المبدأ اي البصيرة عنده اهم من التطبيق بدايةً فقال : اما كتاب الله وسنة رسوله فنعم ، و اما خط البطلان فلا .

اذن تراكم جهة الصدور تراكم الموقف المتباين عقيدةً سياسةً فقهاً ديناً كلها متباينة وليست فقط فاطمة ÷ بل امير المؤمنين حسن حسين^ ودوا لو يداهن موسى ابن جعفر × فيدهنون ، فما داهن ، ودوا لو يداهن الرضا × فيدهنون ، فما داهن. ودوا لو يداهن الهادي والعسكري الحسن العسكري ودوا لو يداهن صاحب العصر والزمان الان الف سنة ومئتين سنة وهو لا يداهن هو قابع في الخفاء ، قابع في انه ومستمر في الرفض ان هذا الاصرار يعني ان لديهم مسار مميز وتأتي انت وتناقش الان في مفردة ومفردتين أو لقطتين وانها تقية او لا ؟

فتراث أهل البيت ليس لقطة أو لقطتين ، بل تراكم الظنون باب آخر يوصلك الى العلم ولا يبقيك في الظن الذي عند المفيد وعند السيد المرتضى حرام العمل به ـ والقدماء يحاربون العمل بالظن كما في إبن قبة ـ مع كون هذين من الاصوليين لا الاخباريين فيريدون أن يقولوا لا بد من أن يتراكم الظن يقوى فيقوى فيقوى فلا تعمل بالظن من دون ان يقوى فيتاخم العلم.

ان علم الأصول منطق العلوم الدينية الذي يمنهج العلوم الدينية ويبين لك كيف تجتهد في علم الكلام وما هي المساحة الاجتهادية في علم الكلام ، علم الاصول يبين لك حتى المساحة الضرورية في العلوم الدينية ،علم الاصول يقول لك انت في التفسير تكون مقلد منهجياً او مجتهداً لماذا ؟ لأنه هو منهج ومنطق العلوم الدينية يمنهج ويمنطق العلوم الديني ، واذا كان كذلك فاذاً الظنون اذا تراكمت تولد اليقين انت تقول لا أكترث بالظن بل لابد من دليل معتبر ونحن نقول ان الدليل المعتبر لا يوصله الى اليقين بخلاف التراكم يوصله الى اليقين.

ومن العجيب التشبث بالتعبد الظني الهابط وترك اليقين ، او انك لا تعترف بان اليقين مقدَّم مثل الاخباريين لا يعترفون ان اليقين مقدم على الظن فكيف تتشدق انك اصولي و صناعي؟ اي صناعة واصولية لديك؟!

لذلك فرز الاخبار والروايات بين صحيح وضعيف هذا فرز علمي صناعي ؟ وعلى أي مبنى في الرجال فهل تريد الكل يقلد في علم الرجال مدرسة واحدة ؟ او يقلدك في النتائج وليس له حق في الاجتهاد فأي علم هذا ؟!

هذي نكات وحقائق إثارتها ضرورية بعد ان سادت الغفلة والجهل في الاوساط العامة العلمية فقد أغلق الاجتهاد في علم الرجال و في علم الحديث وفي علم الكلام.

الان لما يعترف كبار الاعلام ان الظنون بالتراكم تنتقل الى اليقين وهذا الانتقال ليس هلوسة ولا هوس ولا ميول شخصية بل هذا في الحقيقة تكوينية رياضية تراكم الظن كما وكيفاً تلقائياً يوصله الى اليقين. وإلا فلا يوجد لدينا تعبد في ان الخبر الظني يتبدل الى تواتر يقيني ؟! بل هذا جعل تكويني قهري.

على كلٍ فاذاً الظنون بالتراكم توصل الى اليقين وعليه فما هو الموجود في معجم الرجال للسيد الخوئي &وتلاميذته ان هذا الظن غير معتبر وليكن غير معتبر غلا انه بالتراكم هو يشكل اطمئنان او اليقين ما المانع في ذلك؟

لم هذه الغفلة الكبيرة في هذه المنهجية ؟ فالاحترام والتعظيم والجهود العظيمة اللي قام بها السيد الخوئي & بلا شك لا أحد يستطيع ان ينكرها ولكن البحث العلمي شيء اخر.

اذن التعبد الظني لا يوصل الى اليقين ولكن تراكم الظنون يوصل الى اليقين .

مبحث آخر في التقسيم الرباعي :

الحكم المذكور في الأصول العملية هو تنجيز وتعذير او براءة او احتياط فالحكم المذكور في الأصول العملية عدا الاستصحاب الذي فيه خلاف كيف يكون استنباط لأن سنخ الاستنباط في القسم الأول توليد وتوالد وفي القسم الثاني كاشفية وطريقية والقسم الثالث تنجيز وتعذير فهو ليس توليد وتوالد ولا كاشفية وما هو فرقه عن التطبيق في القواعد الفقهية والتطبيق استنباط اذ هو معقد حتى في الشبهات الموضوعية لا يمكن ايكاله للمقلد العامي كما يذكر السيد الخوئي في اشكاله على الشيخ النائيني .

وهذا مما ينبه على ان التطبيق ولو في القواعد الفقهية ان التطبيق عمل علمي معقد يحتاج الى استنباط فالاستنباط اذن على اربع ضروب واسناخ وبعض الاعلام ذكر سنخ وبعضهم اثنين وبعضهم ثلاثة والصحيح انه أربعة .