الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

بسمه تعالى

أصول : الاحد 14شعبان 1441هـ

الدورة الثالثة ـ الدرس (4) فهرسة علم الأصول الدرس (4)

كان الكلام في تقسيم علم الأصول وبالتالي شيئا فشيء تعريف علم أصول الفقه ومر ان مدرسة الشيخ الاصفهاني قسموا علم الى أربعة تقسيمات ( ما يوجب اليقين ، ما يوجب الظن ، ما يوجب التنجيز والتعذير وليس ظنا ، تعارض الأدلة ) على اختلاف بين الشيخ الاصفهاني والسيد الخوئي كما تقدم .

وحاصل ما تقدم بنا ان الاستنباط وان ذكروا لها سنخان ولكن لازم كلامهم ان للاستنباط ثلاثة اسناخ وأنماط (سنخ توليد وتوالد تشجير وانشعاب ، سنخ كشف ظني ، وسنخ تنجيز وتعذير ، وسنخ التطبيق في القواعد الفقهية ) والقسم الرابع وإن لم يكن استنباط ولكنه بالنتيجة استنتاج فقهي بالمعنى الاعم .

ما هو الفرق بين هذه الأنماط الأربعة فالمسائل الأصولية ثلاثة أنواع وهي الأولى ( التوليد والتوالد ) كالقوانين الدستورية يستخرج منها القوانين البرلمانية ويستخرج من البرلمانية الوزارية ومنها البلدية ويعبر عنه أيضا بالانشعاب او الاشتقاق .( الكاشفية ) كما في خبر الواحد والظن والظهور ( التنجيز والتعذير ) كالعلم الإجمالي منجز والبراءة الشرعية معذرة ( والتطبيق ) في القواعد الفقهية وهذا في كل العلوم الدينية طرا وليس في الفقه او الفقه حصراً .

(النمط الأول ) يعبر عنه في علم القانون الاكاديمي الاكاديميات بأصول القانون ويعبر عنه قبل ذلك في الحوزات العلمية بنفس الاسم (بمبادئ الحكم ) وهو نفس المعنى وكذا يعبر بـ ( أسس التشريع ) و ( مبادئ التشريع )

ومن باب الفائدة هذا لا يختص بعلم أصول الفقه بلهو عام لكل العلوم الدينية كعلم الرجال والتفسير بل عام لكل العلوم كالفيزياء والكيمياء .

مدرسة (فقه المقاصد) مدرسة مغايرة لمدرسة أصول القانون ولكنها تحاول ان تبحث نفس المبحث لكن مبانيها وضوابطها تغاير ضوابط مدرسة 0 أصول القانون ، وهناك مدرسة ثالثة تسمى ( روح الشريعة وذوقها ) تبحث نفس المبحث ، اذن هذا النمط الأول له عشرة أسماء تقريباً وثلاث مدارس تبحث فيه أي آلية العلاج تختلف وأضبطها مدرسة أصول القانون لكونها لا تعتمد على الحدسيات بل على قوانين منضبطة .

( النمط الثاني ) الاستنباط بمعنى الطريقة والكاشفية وهو المعروف في الاذهان .

(النمط الثالث ) الاستنباط بمعنى التنجيز والتعذير .

( النمط الرابع ) الاستنباط بمعنى التطبيق .

نبقى في الفهرسة الاجمالية وهي أهم من الولوج في الفهرسة التفصيلية ، وبناءً على التقسيم الذي ذكره الشيخ الاصفهاني وتلامذته ـ ومنهم السيد الخوئي ـ تكون مباحث الالفاظ أيضا تقسَّم الى أربعة اقسام ( يقينيات ، ظنيات ، تنجيز وتعذير ، وشك ) وكذلك الحجج فيها أربعة أقسام واذا اردنا ان نستعرض ما بحث في مباحث الالفاظ كالملازمات العقلية ( كمقدمة الواجب ، ومبحث الأجزاء ، مبحث الضد ، مبحث اجتماع الامر والنهي ، مبحث النهي يقتضي الفساد ) هذه المباحث الخمسة ـ والتي تشكل نصف او ثلثي علم الالفاظ تقريباً ـ نتائجها يقينية وليست ظنية .

ولا يتوهم باحث ان البحث في مقدمة الواجب عن خصوص وجوب المقدمة بل المباحث الضمنية فيها أعظم وأخطر بكثير من أصل وجوب مقدمة الواجب ، وهي أخطر المسائل الخمس فيوميات الاستنباط معلق بها كالواجب المشروط والمعلق ومراحل الوجوب .

فهذه المسائل الخمس عقل نظري لا عملي ، وفي مباحث الالفاظ بحثوا صغريات العقل العملي ، وفي مباحث الحجج بحثوا كلا العقلين كبروياً .

اذن القطعيات واليقينيات بحوث ثبوتية تُوصِل الى النتيجة القطعية في الحكم الشرعي .

اذن ما هو الفرق من بحث القطع هناك وهنا في الالفاظ ؟

الفرق انه في مباحث الالفاظ هو العقل النظري وفي مبحث الحجج العقل العملي وان كان في مبحث الحجج لا يقتصر على العملي ، وقد بحثوا في الحجج عن كون حجية القطع ذاتية ، وتنبيهات القطع ، وكون القطع الإجمالي منجز ، والقطع الناتج عن القطاع ، والقطع الناتج من المقدمات العقلية ، والتجري ، إن البحث في اليقين وزعوه بين مباحث الالفاظ والحجج وإلا هو مبحث واحد ، ان مبحث اليقين لا يقتصر على المسائل الخمس في الالفاظ ولا على مبحث الحجج بل هو منتشر في علم الأصول كانتشار الدم كالبحث في الصحيح والمركب ليس البحث فيها لغوية محضة بل بحوث ثبوتية يقينية وكمبحث المشتق ، بل هي سارية في كل أبواب الالفاظ والحجج حتى في الأصول العملية والظن والشك بحثت هذه البحوث كالجمع بين الحكم الظاهري والواقعي فزوايا منه بحوث يقينة كفلسفة الحكم الظاهري وكيفية الجمع بينه وبين الحكم الواقعي وحقيقة الظنون فتارة تلاحظ ان الظن يصيب الواقع أو لا يصيب فهو من القسم الثاني وتارة تبحث عن نفس الظن بما هو هو وبغض النظر عن المحكي بالظن هو بحث ثبوتي .

والحاصل : ان القسم الأول وهو اليقين وهو البحوث الثبوتية هو منتشرة من أول الالفاظ الى آخر الالفاظ بمعنى أنه ما من بحث من بحوث الظن أو الشك او التعارض يستغني عن البحوث الثبوتية فاحد زواياه يجب أن يكون في البحوث الثبوتية .

الشيخ الاصفهاني يقول ان مبحث المشتق جعله الاعلام من مقدمات علم الأصول وهو ليس كذلك بل هو من متن علم الأصول ـ وهو الصحيح عندنا ـ لأن زوايا علم المشتق تعتمد عليها يوميات الاستنباط بل حتى علم الفلسفة استفادوا من نتاجات الأصوليين في المشتق .

وكذلك المعنى الحرفي كيف لا يكون من علم الأصول ودوامة الالفاظ تدور عليه والانجازات التي انجزها الاصوليون في المعنى الحرفي لم ينجزها الفلاسفة والعرفاء فهي مباحث مرتبطة بالتوحيد بل في النبوة والامامة والجبر والاختيار فهو بالدقة بحث تكويني لا لفظي ، وعليه فنحن نضيف على كلام الاصفهاني من جعل مبحث المشتق من علم الأصول ان نجعل مبحث المعنى الحرفي منه أيضا .

ومبحث الصحيح والاعم والحقيقة الشرعية في مقابل الحقيقة اللغوية مبحث خطير جدا في يوميات الفقه والاستنباط فالاستشكال في الشهادة الثالثة في الصلاة هو مبحث الصحيح والاعم فيقول صاحب الجواهر والشيخ جعفر كاشف الغطاء ان من يتقن مبحث الصحيح والاعم والحقيقة الشرعية لا يستشكل في الزوائد الراجحة في التشهد ، ويذهب الى الوجوب التخييري فيها كما في لجواهر .

فحقيقة التشهد واحدة مع الاذان والإقامة لأن هذه الماهية ـ أي التشهد ـ قد أُخذت في ماهيات كثيرة أو هي حقائق مختلفة بينها ترادف لفظي .

اذن البعض من البحوث التي جعلت من مقدمات علم الأصول هي الصق بيوميات الاستنباط في علم الفقه .

وكذلك معنى التوقيف والتوقيت أي التعبدي فإلى أي حد هي التعبدية والتوقيفية فهل لدينا نظام اقتصادي ديني ونظام سياسي ديني أو لا ؟ وهل للإسلام كلام في حوار الأديان والمذاهب او لا ؟

ان ترجمة كلام العلماء ونتاجاتهم عبر القرون الى لغة عصرية يتطلب أن يكون الباحث يقضاً في إصطلاحات علم الأصول وإلا يكون في سبات فكري ولا يستطيع التنظير .