الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فهرسة علم الأصول الدرس (2)

في مطلع مقدمة علم الأصول أشار الشيخ الاصفهاني في الأصول في نهجه الجديد وهذه الاثارة أثرَّت على تلامذته منهم السيد الخوئي وهي اثارة تؤثر على فهرسة علم الأصول الاجمالية ومن ثم التفصيلية وهي في غاية الخطورة وهي بمثابة العمود الفقري للعلم وهي أي الفهرستة الإجمالية بمثابة الأصول الدستورية لذلك العلم فالفهرسة الاجمالية عناوينها عبارة عن قواعد وأسس تشريع تنحدر عنها بقية معادلات ذلك العلم... وهي تحكم ذلك العلم وهذا في كل العلوم نقلية وعقلية .

والذي اثاره الاصفهاني هو ان نبوِّب علم الاصول بأربعة أبواب والسيد الخوئي مشى على التبويب المعهود صورة ولكن لباً لاحظ بنية المسائل وربطها مع بعضها البعض بحسب التبويب الرباعي الذي رآه الاصفهاني .

والابواب الأربعة هي :

بعض مسائل علم الأصول توجب القطع واليقين بالحكم كما ذكر الشيخ الأعظم في الرسائل حيث قام بتغيير التبويب الذي كان قبله وقد ابتدأ التغيير من الوحيد البهبهاني وقد بوبه الشيخ الاعظم الى ( قطع وظن وشك ) والاصفهاني ذكر ذلك في كل الأبواب ولم يُخصص هذا التبويب بالحجج بل في كل علم الأصول من ألفاظ وحجج ـ خلافاً للشيخ الأعظم حيث خصصه التبويب بالحجج ـ فهناك بحوث لفظية كما في الملازمات العقلية نتائجها قطعية كمقدمة الواجب والضد والنهي يقتضي الفساد مع كونها حشرت في مباحث الالفاظ الا أن نتيجتها قطعية .

واما الباب الثاني فهو الذي تكون نتيجته ظنية ، والثالث نتيجته مرتبطة بالشك ، والباب الرابع جعله الشيخ الاصفهاني هو التعارض وخالفه السيد الخوئي في الباب الرابع .

وقفة تدبرية حول الباب الأول :

وهو الذي يفيد اليقين وما هو سنخ هذا اليقين من عقلي وحياني أو عقل نظري وعملي ؟

وقد ذكر ذلك المظفر وغيره من تلامذة الاصفهاني .

ان المراد من اليقين ليس خصوص العقل العملي بان كل ما حكم به العقل العملي حكم به الشرع بل يشمل العل النظري مثلا المسائل الأربعة العقلية والملازمات العقلية كمقدمة الضد ) فدور العقل النظري فيها اكثر من دور العقل العملي فالقطعيات كالفطريات والوجدانيات ...جلها من العقل النظري وليست خالية من العقل العملي والقطع الذي بُحث في الحجج صار التركيز فيه على العقل العملي وان لم يكن خاص به ، ولذا نبهنا في الدروة السابقة انه يشمل العقل النظري والعملي أي كل ما حكم به العقل النظري ـ الحسن والقبح ـ والعملي حكم به الشرع .

فبالتالي العقل في الحجج والالفاظ أعم من العملي والنظري فهناك تطابق يقين بيقين بين باب الالفاظ والحجج .

نكتة أخرى يمكن ان تُستظهر من كلام العلمين :

ان هذا اليقين ليس خاص بالعقل العملي والنظري بل عام لكل مناشيء اليقين من ضروريات وفطريات كما قال المناطقة فتقسيم الاصفهاني ليس الفاظ وحجج بل بلحاظ درجة النتيجة انها يقين او ظن او شك .

النتائج التي هي في الباب الأول بالدقة ليست احكام ظاهرية ظنية تخطئ وتصيب بل هي بالدقة ثبوتية واقعية ليست طريقية واستطراقية واثباتية بل ثبوتية وان لم يصرح السيد الخوئي والاصفهاني وهذا يدلل على ان جملة من مباحث علم الأصول ثبوتية ـ وليست اثباتية ـ وهي الأصل في الالفاظ والحجج

وهذا هو علم اصل القانون الموجود في علم الأصول وقد نبهنا في الدورتين السابقتين ان بعض علم الأصول ليس استطراق وحكاية وإثبات بل ثبوت ، والبحوث الثبوتية ليست في دليلة الدليل ودلالته بل في منظومة واقعية الدليل والاحكام ويسير فيها الفقيه والاصولي على خطى بنيويات واقعية من واقع الى واقع وحلقة الى حلقة متلازمات فيما بينها ، وليس اثباتية في دليلية الدليل .وهذه البنية في علم الأصول هي الأساس وكل العلوم الدينية الأخرى .

ان التبويب تنظيم معادلات وقواعد العلم بشكل طبقي ، وقد مرَّ بنا أن الفهرسة الاجمالية هي أصول دستورية للعلم ، أي ان الفهرسة عبارة رسم نظام تَرَتب القواعد في العلم وكيف يتوالد بعضها من بعض وكيف يتراتب بعضها مع بعض ، اما تراتب ثبوتي وهو التوالد الثبوتي وعلم أصول القانون وهو باب اليقينيات او تراتب اثباتي وهو الباب الثاني الظني فهناك ـ بإصرار من الاصفهاني وتلامذته منهم السيد الخوئي ـ بحوث ثبوتية في علم الأصول تتوالد منها القوانين وهناك بحوث اثباتي .

ان المباحث الثبوتية هي بمثابة أسس التشريع واصول القانون وغير ذلك من الأسماء ومرتبتها مقدمة على الباب الثاني وهي الظنون كما ان الباب الثاني الدليل الاجتهادي مقدم على الثالث الأصل العملي كذلك البحوث الثبوتية مقدمة على الأدلة الاجتهادية .

اذن تعريف علم الأصول او جعل بصمة علم الأصول هو الدلالة والاستطراق هذا مرتبة ثانية بل ان البحوث الثبوتية مقدمة كتقدم الأدلة الاجتهادية على الفقاهتية ولذا جعلها الاصفهاني في الباب الأول وقد بحث الشيخ الأعظم كل ماهيات المعاملات في تعريف البيع وهو تشجير ثبوتي وهو تحليل ثبوتي ماهوي أي جنس وفصل .