الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

المرحوم الكمباني عنده تمهيد قبل تعريف علم الأصول له كتاب في علم الأصول وكان نيته ان يغير ترتيب علم الأصول وأكثر تلامذته منهم السيد الخوئي تأثروا بهذه المقترحات لأنها ترتبط بنظام وترتيب علم الأصول فلديه ملاحظات حول الترتيب ولا بأس بملاحظتها فالفهرست للعلم هو كالعمود الفقري للعلم ، او بعبارة أخرى فهرستة أي علم من العلوم الاجمالية أخطر من الفهرسة التفصيلية وذلك لكون الإجمالي مهيمن على التفصيلي ومعرفة الباحث بالفهرسة دلالة على تسلط الباحث وإحاطته بذلك العلم .

من الأمور المهمة جدا مثلا في علم الفقه الأكثر تضلعا من الفقهاء هو الأكثر احاطة بالابواب والتبويب لمعرفتة لتعرض الفقهاء في مضان المسألة اليها وكثير من المتأخرين بسبب عدم الانس بالأبواب الفقهية تغيب عنهم الكثير من أدلة العلماء من القدماء بغض النظر عن تماميتها وعدمه ومن ثَم من اللازم البحث رجوع المجتهد في استنباطه الى العلماء وإلا كان إجتهاده غير مجزٍ لكونه قد يغفل عن قرائن التفت اليها غيره وهذا ليس تقليد بل اشد من التقليد لكونه نوع من جمع النتاجات العلمية للأخرين الى نتاجاته ومن هنا ذكرنا ان القيمة العلمية للأجماع والشهرة ليست في حجيتها ـ والتي منعها المتأخرون ـ انها تُلزم بالفحص وتثير احتمالا عقلائياً معتداً به للفحص وان ما لدى الفقيه من الأدلة الموجودة المخالفة للاجماع او الشهرة لا يمكن الاعتماد عليها من دون الفحص .

فالإجماع مانع من الاعتماد على العموم او القاعدة او الأصل او ما شكل ذلك لأحتمال وجود مخصص . إذن من ثمرات وفوائد الفهرسة التي أثارها الشيخ الكمباني في مبحث الأصول قبل تعريفه تنبه الانسان على مضان المسائل والأدلة ، وغالبا الفقهاء يثيرون المسألة في أبواب عديدة ولا يكملون البحث فيها في باب أو فصل واحد لمناسبة علمية معينة يوزعون الجهات المطلوبة فيها في فصول عديدة وهذا في كل العلوم وليس في الفقه فقط .

 

كان الكلام في تقليد الميت والأدلة التي استدل بها على جواز تقليده مطلقا او بقاءً لا ابتداءً ،

وقد تقدم أنظار المناعين عن تقليد الميت ابتداءً أو بقاءً وقد تقدم منع السيد الخوئي من ان الأدلة كالسيرة او الاطلاقات التي يستدل بها على جواز تقليده ابتداءً أو بقاءً تواجه إشكال التعارض الداخلي ومر انه ان كان ذلك مانعاً فهو مانع حتى في أقوال وإختلاف الاحياء مع انه ليس العلاج للتعارض هو تساقط وكذا الاشكال في التمسك بإطلاقات الأدلة كما تقدم .

وبالتالي هذه الموانع ليست موانع ولو كنا نحن وهذه الموانع لألتزمنا كما التزم الميزا القمي من جواز تقليد الميت ابتداء وبقاء ولكن المانع هو ان الفتيا كالقضاء والولاية التنفيذية للفقيه والفقهاء لا تمتد بعد الموت لأنها وكالة بدائرة أوسع فتكون نيابة وهي في حال حياة الوكيل وأما بعد موته فلا دليل على بقائها نعم الأنبياء والائمة نيابتهم باقية بعد موتهم .

فالفتيا ليست مجرد اخبار محض او حكاية محضة بل سلطة وتدبير وتنتهي بموته نعم بموته تبقى جنبة حكايته أي قوله ورأيه وإسناده والتقليد ليست حقيقته هو اعتماد واستناد .. لقول المخبر بل هو نوع من الانقياد الى تدبير وإدارة المفتي وهي لا تبقى بعد موته ومن ثم الأدلة لا تكون شاملة لذلك .

ومر بنا سبع مسائل اقر بها الفقهاء بالرجوع الى الميت كباب الاحتياط الكبير والصغير وإجتهاد المجتهد او العمل بما هو مشهور في مصير الطائفة فيعتد بقول الميت من جهة إخباره وحكايته لا من جهة سلطته فجنبة اخبار وحكاية الميت باقية دون سلطته ولذا ارتكز الفقهاء على ان الرجوع الى الميت انما هو من خلال الاعتماد على الحي وكانه نوع من إمضاء الحي .

وهنا نعلق تعليقة على ما قيل ان السيرة العقلائية هي أعم من حيث الرجوع الى الأموات من كونها للأحياء او الأموات ابتداء وبقاء ان هذه السيرة موجودة ولكن ليس من دون الرجوع للأحياء بل بإيعاز وتقرير من الاحياء وليس ذلك ليس الا لكون هذا الرجوع نوع من التدبير والادراة وليس رجوع علمي محض .

ومن هنا تلاحظ ان المعاصرين وغيرهم في القرون الأخيرة ان البقاء على تقليد الميت يكون بحدود الدائرة التي يحددها الحي لا الدائرة التي يحددها من كان يقلده ومات بل نفس هذه الفتوى لا يقلد فيها المقلَّد الذي مات .

ومن هنا عبر بعضهم ـ وهو تعبير دقيق صناعي ـ ان مسائل التقليد لا يرجع فيها الى الميت لا بقاء ولا ابتداء لكون هذه المسائل تحدد دائرة تقليد الميت وهذا يحدد من قبل الحي .

والحمد لله رب العالمين

هذا تمام الكلام في الدورة الثانية من علم الأصول .

الدرس مستمر ...