42/08/06
بسمه تعالى ( هذا تنضيد وليس تقريرا )
أصول : السبت 6 شعبان 1442 هـ
الاجتهاد والتقليد الدرس ( 151 )
كان الكلام في التمسك بالاستصحاب لجواز تقليد الميت ابتداء او بقاء، وهو إن تم صياغة مورده بنحو الحكم الكلي فيعم الابتداء والبقاء وأما إن صيغ بنحو الحكم الجزئي فيختص بالبقاء ، لأنه إنما يكون حجة فعلية وحكماً جزئياً بلحاظ من سبق له تقليد الميت حين حياة الميت، فتكون حجية فعلية جزئية فيستصحب البقاء ، وأما إن كان حكما كلياً فيعم من عاصر الفقيه الحي أو من سيأتي بعد ممات هذا الفقيه.
الاشكال الثالث : وهو للآخوند أعم من الحكم الجزئي أو الكلي الابتداء او البقاء .
وحاصله : وهو أن الحكم في الحجية والتي هي حكم أصولي ( الحجية التي هي حكم فيها مباني ذكرت في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، على بعض هذه المباني تكون الحجية حكم تكليفي شرعي لكن في المسألة الأصولية لا الفقهية ، وعلى بعضها حكم وضعي شرعي في المسالة الأصولية وعلى بعضها حكم فقهي صورة ـ وهو ينقسم الى وضعي وتكليفي ـ ولباً هو اصولي وإلى غير ذلك من المباني، ربما بعض الاكابر ذكر ثلاثة عشر قولاً قد ترجع الى تسعة او سبعة أقوال رئيسية في الحجية وقد تعرض الشيخ الأعظم في الرسائل الى تلك الاقوال .
يقول الآخوند : ان الحجية تارة هي حكم اصولي ، وأخرى وضعي ، وتارة حكم تكليفي ، فإذا بنينا على أن الحجية حكم شرعي فقهي صورةً وضعي أو تكليفي أو حكم شرعي أصولي فللاستصحاب وجه، وأما لو بنينا على ان الحجية ليست حكما شرعيا أصولياً بل تنجيز وتعذير عقلي فالاستصحاب لا يجري، لعدم تصوير المنجزية لكون الفقيه ميت وعدم قابليتها ـ أي المنجزية ـ للاستصحاب.
توضيح أكثر: المرحوم الكمباني في مبحث تلازم حكم الشرع لحكم العقل لا يتبنى هذه القاعدة بالمعنى المعروف حسب مبناه أو مدعاه، بل يقول كلما حكم به العقل فتنجيز العقل كافٍ ولا يحتاج الى جعل شرعي ، غاية الامر الشارع يوافق العقل لأنه خالق العقل ومسدده ، فيقرر الشرع العقوبة على مخالفة احكام العقل والمثوبة على موافقة احكام العقل، أما أنه ينشئ جعلا تشريعيا وفق حكم العقل لا داعي لذلك ولا حاجة .
وربط هذا بما ذكره الاخوند ان الكمباني يقول أنه لا جعل تشريعي مطابق وموافق لحكم العقل وإنما هناك تنجيز عقلي فيقرر الشارع التنجيز العقلي ، فحتى التنجيز عقلي وليس شرعياً ، شبيه وجوب الصلاة الذي هو وجوب فقهي مخالفة هذا الوجوب الشرعي العقل يحكم باستحقاق العقوبة لا ان الشرع يحكم بذلك ، اذ ان وجوب الطاعة وجوب عقلي لا شرعي ، فهو تنجيز عقلي لما هو حكم شرعي ، فاذا بنينا على ان الحجية تنجيز عقلي فلا يوجد حكم شرعي ولا تنجيز شرعي لنستصحبه ، وهذا ما يبني عليه الآخوند في بعض الابواب الفقهية أو الاصولية.
وهذا الاشكال مبنائي فمن لم يَبنِ على ذلك بل بنى على الحجية بمعنى غير التنجيز لا يرد عليه الاشكال، بل من بنى على ان الحجية هي التنجيز والتعذير لا يبني على ان التنجيز عقلي كما ادعى الاخوند .
والامتن في الأبواب الإشكالات البنائية لا الإشكالات المبنائية .
الاشكال الرابع :
لو أصاب الفقيه إغماء إو فقدان وعي أو نسيان غير معتاد ، وأي نمط من اختلال في الادراك بنحو غير متعارف فقد اتفقت كلمات الاعلام على عدم جواز البقاء على تقليده فضلا عن الابتداء به .
تقريب هذا الاشكال ان في موارد الاختلالات العقلية لا يبنون على جريان الاستصحاب بعد الشك في بقاء تقليد الحي الذي فقد ذاكرته مثلاً، بنحو متسالم عند الاصوليين بل وحتى عند الاخباريين لأنهم لما يرجعون الى الميت ابتداءً يعتبرون الرجوع الى الفتاوى من باب الرجوع الى الراوي الذي لا فرق فيه بين الحي والميت، فهم إنما يرجعون إلى الميت لا بما هو فقيه مستنبط بل بما هو راوي وهو لا فرق فيه بين الحي والميت .
وهذا التسالم والاتفاق بعدم الرجوع الى الاستصحاب يستند الى نكتة معينة لابد من تفسيرها ، وليس الموت أقل من الاختلال في الذاكرة او الادراك ، وهذا الاشكال يعم الابتداء والبقاء الكلي بل والجزئي بل حتى في البقاء يأتي هذا الاشكال .
الاشكال الخامس :
وهوعلى خصوص تقريب الاستصحاب في الحكم الكلي ليع الابتداء والبقاء وحاصله : وهو أنه في الحكم الكلي ما هي الحالة السابقة فان الاستصحاب إبقاء ما كان لا انشاء ما يكون فأي شيء هو الفعلي هل فتوى الفقيه فعلية فقد تكون الفعلية قائمة بالطرفين.
وبعبارة أخرى : ما هو معنى الاستصحاب في الحكم الجزئي والاستصحاب في الحكم الكلي ؟
وبصياغة ثانية : وهل الاستصحاب يجري في الحكم الانشائي أو دوما انشاؤه في الحكم الفعلي الجزئي . وبصياغة ثالثة : هل يتصور ان الشبهة حكمية في اجراء الاستصحاب في الحكم الجزئي.
فهم قد قسموا الاستصحاب الى ما يجري في الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية، فهل ضابطة الشبهة الحكمية هي الكلية وضابطة الشبهة الموضوعية هي الجزئية ؟
كلا بل ضابطة الشبهة الحكمية ان منشأ الاشتباه في الأدلة سواء فرض الحكم جزئيا او كليا وضابطة الشبهة الموضوعية ان منشا الاشتباه هو الخارج لا الاشتباه في الأدلة سواء فرض الحكم جزئيا او كليا فلا تغرنك جزئية الحكم لتقول انها شبهة موضوعية بل مدار الحكمية والموضوعية هو منشأ الاشتباه هل في الادلة فحكمية أو الخارج العيني فموضوعية.
وبعبارة أخرى : ان الاستصحاب بحثه الاعلام قسم منه في الشبهة الحكمية وقسم منه في الشبهة الموضوعية ، والسيد الخوئي والنراقي وافقا الاخباريين في عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية خلافا لغالب الأصوليين لكن كيف يجري الاستصحاب في الشبهة الحكمية وهو ما يحتاج الى يقين بالحكم سابقا وهو يعني أن الحكم جزئي ، وهذا هو اشكال الاخباريين والسيد الخوئي والنراقي على جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية.