الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

بسمه تعالى ( هذا تنضيد وليس تقريرا )

أصول : الاثنين 1 شعبان 1441هـ

الاجتهاد والتقليد الدرس ( 148 )

كنا في هذه المسألة الاخيرة من الاجتهاد والتقليد وفيها فوائد لطيفة ومن الجهات التي مرت بنا هو ما مر بنا ان مسألة تقليد الميت فيها ست مسائل يلزم فيها العلماء الرجوع الى الاموات مع الاحياء. وضم الرجوع للأموات مع الاحياء منها مثلاً مسائل اعتقادية مسائل الوقوف على الضروريات . هاتان المسألتان يلزم فيها الاطلاع على أقوال العلماء الاولين والاخرين. بل الاطلاع على اقوال الاقدمين والقدماء اشد حاجةً من الاطلاع فقط على اقوال الاحياء في تلك المسائل الست التي مرت بها. لذلك مر بنا انه ما يذكره الفقهاء الاعلام من انه كيف لا يجوز تقليد الميت ابتداءً في الفروع قالوا لا يجوز التقليد في الاعتقادات ،وان معنى عدم جوا تقليد مر بنا. ليس الانقطاع عن العلماء او عن الفقهاء او عن الفقيه. وانما يعنون بذلك علمياً صناعيا انه لا يصوغ ولا يجوز ولا يكفي الاكتفاء بالعالم الحي الاعلم. او غير الحي او غير الاعلم. يعني بقول عالم واحد لا يكفي.

فمرادهم من حرمة التقليد في العقائد يعني ليس لك ان تكتفي بواحد بل لا بد ان تطلع على الجميع. بل وتطلع على الادلة التي استندوا اليها. فمعنى حرمة التقليد في العقائد او في الضروريات او في المسائل الست التي مرت بها معناها لزوم الانفتاح اكثر فاكثر على العلماء وعلى ادلتهم وعدم الاكتفاء بواحد دون اثنين وبجيل دون جيلٍ اخر من الاجيالٍ أخرى ، ألم يقولوا بان المجتهد يحرم عليه التقليد وماذا يعني هذا ؟ يعني هو ليس كعموم عوام المؤمنين يكتفي بقول عالم واحد . يجب عليه ان يفتش عن الادلة وينفتح على اقوال العلماء وهم قالوا في المسائل المصيرية والمسائل الحساسة الخطيرة والقواعد المهمة في الابواب اذا اكتفى هذا العالم ـ في استنباطه واجتهاده ـ بقول قليلٍ من الفقهاء يقولون اجتهاده ليس مجزئ. استنباطه ليس مجزئ كما بنا مراراً أن أبو الحسن الاصفهاني من باب المثال. كان لا يسوغ الرجوع الى احد اقرانه في زمانه ـ ليس من باب التنافس حاشاه الله ـ لا من باب أنه يراه ـ مع ان ذاك طود في العلم في بعض الابعاد ـ ولكن يراه في ابعاد اخرى وهو الرجوع الى اقوال الفقهاء في الفقه قليل المتابعة. فيستشكل في الرجوع إليه.

فالمقصود لاحظ ان المجتهد أو الفقيه الذي يحرم عليه التقليد معنى حرمة التقليد يعني لا يسوغ له ان يكتفي بواحد او اثنين او بجيل فاذا اكتفى بجيلٍ من العلم اجتهاده استنباطه وتحريه العلمي ناقص و مخيل غير مجزي فكما أنه في المجتهد في الفروع او الفقيه في الفروع لا يصوغ له التقليد يعني لا يسوغ له الاكتفاء بعالم بل يجب ان يتحرى الاقوال المختلفة للأجيال المختلفة ثم ولا يكتفي باقوالهم بل يتحرى ادلتهم فلا يسوغ للمجتهد والفقيه ان يستبد برأيه.

قالوا ذلك في المجتهد في الفروع فاذا كان هذا الحال في المجتهد فكيف بك بغير المجتهد بالنسبة للاعتقادات فهل يسوغ له أن يستبد برأيه وينفرد برأيه ؟ !إن هذا يزج بنفسه للهلكة.

هذي الموارد اتفق وأجمع وتسالم كل العلماء على انه كل مكلف واجب عيني عليه ان يستحصل الوعي الثقافي بمداومة القراءة هنا ليس له ان يكتفي بغيره او بواحد. يعني كأنما وظيفته مثل وظيفة المجتهد يعني يجب هنا ان يطلع ويتضلع وهذه ليست خاصة بالفقه أوفي العلوم الدينية. بل عامة حتى في الطّب فنحن نراجع الطّبيب لأنّنا لسنا متخصّصون لكن في بعض القضايا الضرورية في الطّبّ يجب ان يطلع عليها كلّ فرد بشري فلا يغنيه الطّبيب ، فضروريات الطّبّ يجب ان يكون الإنسان يحمل وعي ثقافي طبّيّ في مساحة الضروريات لأنه هذه المساحة ليست محل مزايدة. وليست محل مراجعة للمتخصصين. في الكهرباء كذلك في الهندسة كذلك يعني هناك مساحة من الضروريات في كل العلوم يجب ان يعيها كل فرد بشري هنا لا يكون تواكل بين افراد البشرعلى المتخصصين او النخب.

اذاً هذه المسألة ليست خاصة بالعلوم الدينية بل عامة حتى في كل تخصصات البشر فلابد من ادنى درجة من الالمام بمساحة في كثير من التخصصات ، ولذا وارد انه من لم يفرغ نفسه في الاسبوع مرة او في الجمعة كذا للتفقه في دينه كذا كذا مثلاً عليه ما عليه ، لأنه في مساحات الضروريات والاعتقاديات ـ لا سيما في المحاور الاساسية في الاعتقاديات ـ تحصيل المكلف ـ اياً كان طبقته وحرفته ـ للعلم بالضروريات والعلم بالاعتقادات واجب عينه وليس يكتفي بعالم دون اخر بل ينفتح مع كل العلماء وعليه فعلماء الامامية الاموات احياءٌ في هذه المسائل ـ أي مسائل الاعتقاديات ومسائل الضروريات وغيرها التي تقدمت في المحاضرة السابقة ـ و ليس كلامنا الان في استواء وسوائية الاحياء والاموات بل في صدد انه معنى حرمة التقليد ليس انه الابتعاد عن العلماء عن مسيرة العلم والعلماء. بل هو لازم يقحم نفسه. كما امر بنا الان الفقيه يحرم عليه التقليد يحرم عليه التقليد ولا ينفرد برأيه بجهده يعني ينفتح اكثر على العلماء يحرم على التقليد يعني يحرم عليه ان يكتفي بعالم.

وهذا امر متسالم عليه عند الاعلام ، إن هذا واجب عيني فازدياد الوعي الثقافي العقائدي ازدياد الوعي الثقافي الديني في الضروريات وفي الاعتقاديات واجب عيني. وليس كفائي او كذا كي يتواكل أحد على الاخر ابداً. هذا انت وسفينة نجاة نفسك انت ايها المكلف .

من ضمن المسائل الست هي المسالة السابعة وهي أن نفس المجتهد عندما يجتهد في كل العلوم ـ في الفروع في العقائد في كل العلوم الدينية ـ يلزم المجتهد في اجتهاده ان ينفتح على العلماء الاموات والاحياء. بل لكي يحصِّل السيرة المتشرعية كلما كان أقدم كان اولى ف يجب علينا واجب عيني سواء كنا مجتهدين او كنا غير مجتهدين من علماء الاطلاع الثقافي او العلمي على القدماء مثلا من هو الصدوق الاب الصدوق الابن ؟ ما هو دوره الكليني ومن هو؟ علماء الغيبة الصغرى من هم ؟ هذا واجب كفاية من جانب وواجب عيني من جانب لكي نحصل الوعي الثقافي العقائدي العلمي وما شابه ذلك. هوية المنهاج الذي نحن فيه ضروري واحد يطلع عليه لكي يحصِّن عقائده يحصن معرفته ولو بالتدريج .

اذاً المسألة السابعة التي لابد فيها من الانفتاح مع الاموات والاحياء هي كما في نفس المجتهد في كل العلوم الدينية يجب ان يطلع وينفتح على العلماء .

وهذه مسألة سابعة غير مسألتنا التي فيها من أنه لا يجوز الرجوع فيها الى تقليد الميت ، وفيها طابع علمي لطيف اخر وهو انه نلاحظ ان في مسألة اجتهاد الفقهاء ـ المسألة السابعة التي يجب الانفتاح فيها على الاموات والاحياء كلهم ـ ان الفقيه في الفتوى تعطى له صلاحية السلطة التشريعية فالفتوى سلطة تشريعية كما مر هذي الصلاحية التي تعطى ـ فالبعض ربما يتحسس من كلمة سلطة ـ بالتالي هي قيادة عامة دينية او لا ؟ نعم ، ربما تبدّل العناوين لكي لا يكون تحسس في انطباع سياسي هذا بحث اخر .

 

وهذا يعني ان في العديد من الصلاحيات يمنع الفقيه من الانفراد سيما في الطابع العلمي لا ينفرد به واحد بل الجهاز فيه مجموعي .

وهذه النكتة مهمة أن أصل السلطة التشريعية يُخوَّل لها الفقيه بشرط ان ينضم الى الطابع العام العلمي للطائفة والا كانت أصل صلاحيته محل تأمل .

وهذا بعينه ذكر في القضاء ان القاضي في المسائل العويصة يجب ان ينفتح على الفقهاء والعلماء ، ذكروا بأنه الافضل بل الاحوط .

كيف بك في الجانب السياسي الذي تتداخل فيه الملفات المختلفة من الشبهة الموضوعية والحكمية فأن الرجوع الى العلماء الزم وألزم.

فهذه السلطات الثلاثة هي سلطة جمعية وليست سلطة ينفرد بها واحد.