الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/05/15

بسم الله الرحمن الرحيم

بسمه تعالى أصول : الثلاثاء 15 ربيع الثاني 1442هـ الاجتهاد والتقليد الدرس ( 87)

كان الكلام في التخطئة والتصويب في الحكم الظاهري وكما مر ان معرفة المائز بين الحكم الظاهري الذي هو نتيجة الاجتهاد الظاهري ، والحكم التخيلي الذي هو نتيجة الاجتهاد التخيلي اذا اتضح المائز حينئذ يقع الكلام في ان الحكم الظاهري هل يمكن ان يكون متعددا او لا .

في أوائل مبحث الحجج في امكان الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي بحثوا كيف يمكن تصوير حكمين فعليين متضادين ومختلفين كأن يكونا حكماً ظاهرياً وواقعياً مختلفين ولعل من توسع من العلماء ـ من هذه الزاوية ـ هو الاخوند الخراساني في حاشيته على الرسائل او الكفاية وان كان النائيني بسطه من زاوية ثانية والشيخ العراقي من زاوية ثالثة .

وهنا يقع الكلام أيضا في ان الحكم الظاهري الفعلي هل يمكن ان يكون متعددا في حق مكلف واحد او لا ؟ ان ماقيل هناك يقال هنا أيضا بناءا على ماذكرناه ـ في الدرس السابق ـ من أن حجية الحكم الظاهري لا تلازم الوصول والفعلية للحكم الظاهري ـ فيمكن ان يكون الحكم الفعلي المنجز هو من وصل الى المكلف والحكم الغير منجز وان كان فعلي لم يصل الى المكلف .

مضافاً لكون الوصول المقوِّم للحكم الظاهري ليس الوصول الشخصي للمكلف ، بل الوصول النوعي لنوع الفقهاء والمجتهدين والمكلفين .

مضافا الى نوعية أخرى في الامارة او الظن هي ان الخبر الذي هو في معرض تناول الفقهاء هو له كاشفية نوعية بحسب طبيعة هذا الظن وهذا المقدار من النوعية كافٍ في تقرير فعلية الحكم الظاهري مع القول بان حقيقة الحكم الظاهري هي الكاشفية فالمراد بها الكاشفية النوعية لا الفعلية الشخصية وبحسب طبع الظن ، وعليه فكاشفيته فعلية لا المراد أن كاشفيته الشخصية او بدرجة التنجييز بل المراد طبعه كاشف او في معرض الوصول وان لم يصل اليها الفقهاء طيلة قرون غفلة او غير ذلك .

واذا تم تصوير فعلية ـ ولو ناقصة ـ من دون تنجيز فيمكن تصوير تعدد مراتب الحكم الظاهري ، واجتماع أحكام فعلية متعددة في موضوع لفرد واحد بمراتب قد ذكرها الاعلام في اجتماع الحكم الظاهري والواقعي .

وقد التزم علماء الامامية بالتخطئة لجملة من الأمور :

الامر الأول : وهو ثبوتي وهو ان لله في كل واقعة حكما حتى ارش الخدش وقد ذكر صاحب الوسائل في

كتابه الفصول المهمة في أصول الائمة [[1] ] في باب ( ان كل واقعة تحتاج اليها الامة لها حكم شرعى معين و لكل حكم دليل قطعي مخزون عند الأئمة عليهم السّلام يجب على الناس طلبه منهم عند حاجتهم اليه‌ ) من قبيل : عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ × فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُغِيرِيَّةِ عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنَ السُّنَنِ، فَقَالَ: مَا مِنْ شَيْ‌ءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ إِلَّا وَ قَدْ جَرَتْ فِيهِ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ سُنَّةٌ، عَرَفَهَا مَنْ عَرَفَهَا وَ أَنْكَرَهَا مَنْ أَنْكَرَهَا [[2] ]

واذا تم الامر الأول أي النظرة الشمولية للدين وان لكل واقعة حكم يأتي هذا السؤال كيف تستخرج هذه الاحكام وتغطي كل هذه المساحة العظيمة ؟ نقول انه كلما تضلع الفقيه وكان متضلعا في أصول المعارف والأخلاق يمكن ان يكون مفتياً حتى لأهل السماوات .

الامر الثاني : كيف تكون الشريعة هذه الشمولية للبرزخ والسماوات وتغطي كل المساحات والعوالم ؟

 


[1] وهو تكملة للوسائل ج‌1، ص: 480‌ وهو في ثلاث أجزاء والمجلد الأول يشتمل على دورة عقائدية جزلة صالحة للتدريس وتشتمل على لغة عقلية وحيانية فانه عبارة عن الطب، وفي أواخر المجلد الأول في الباب السابع من أبواب أصول الفقه عقد بابا بعنوان انه لا واقعة إلا ولله فيها حكم وقد احصى 78 رواية وهذه الروايات تجيب على إشكالات الحداثويين روايات ولم يذكر الشيخ العاملي في شيئا من نفسه . ويشتمل دورة في أصول الفقه الوارد في الروايات ويشتمل على دورة في الاخلاق وعلمالفصول المهمة في أصول الأئمة - تكملة الوسائل؛ ج‌1، ص: 482قالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا مِنْ أَمْرٍ يَخْتَلِفُ فِيهِ‌ اثْنَانِ، إِلَّا وَ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَكِنْ لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُ الرِّجَالِ.وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَ إِلَيْكُمُ الرَّسُولَ وَ أَنْزَلَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ إِلَى أَنْ قَالَ: فَاسْتَنْطِقُوهُ وَ لَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ وَ لَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ وَ إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَ عِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ حُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ وَ بَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَلَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ. الفصول المهمة في أصول الأئمة - تكملة الوسائل؛ ج‌1، ص: 483.
[2] الفصول المهمة في أصول الأئمة - تكملة الوسائل؛ ج‌1، ص: 498.