41/11/30
الموضوع: باب الإجتهاد والتقليد/المبحث الثالث مناهج الإجتهاد/_
المرحلة الثانية من مراحل الإستنباط
خطورة جمع اقوال الاعلام في المسئلة
كّنا في المبحث الثالث من الإجتهاد الأصولي وهو مراحل الإستنباط أو مقدّمات الإجتهاد أو العلوم المؤثّرة في الإستنباط.
المرحلة الثانية كما مرّ بنا من مراحل الإستنباط هي عملية جمع الأقوال. هذه المرحلة باتت في الذهنية العامّة حالياً في الوسط الحوزوي من أهل الفضل أنّ – ما أقول الكلّ – ولكن ربما الأكثر منطبع عندهم أنّ جمع الأقوال الأقوال عبارة عن عمل زخرف من الجهد، كديكور في المسئلة واستعراض تزييني في البحث وليس له دور، تحت ذريعة أنّ الإجتهاد ليس تقليد فما يعنينا من قال وكم القائلون بقول أو كذا؟ لاتبيّن لأنّ باب الإجتهاد باب تنقيح الأدلة والمطالب بآلية الإستدلال والإستنباط أمّا انتساب الآراء أو الأمور إلی قائليها أو ماشابه ذلك هذا شيء ليس يُعني الباحث، فمن ثَمّ تری أنّ هذا التوهّم انجرّ إلی متاركة الدورات الفقهية المهمّة ومتاركة كتب فقه القدماء و و و ...كالكتاب الجواهر و كتاب كاشف اللثام والمسالك ومستند الشيعة والحدائق وكتب العلامة الحلّي وكتاب المبسوط والشرائع وهلم جرا، متاركة لهذه الكتب وهذا التراث العظيم من جهود العلماء الأعلام، بحيث يراجع كتاب المستمسك من السيد محسن الحكيم أو شرح العروة من السيد الخويي و ربما أيضاً تعليقات عروة الوثقی إذا فسح المجال، ولكن من الواضح أنّ هذا التوهم أو هذا النهج مخلّ بالإستنباط غايته.
والسبب في ذلك ما هو؟
أوّلا هذه المرحلة الثانية وهي جمع الأقوال متلازمة مع المرحلة الثالثة وهي جمع الوجوه واستقصاء الوجوه في المسئلة والأدلة بغضّ النظر عن تمامية الوجوه والأدلة أو عدم تمامية يعني هذه المرحلة الثانية متلازمة مع مرحلة الثالثه والثالثة هي استقصاء الوجوه والأدلّة، كيف في تلازم؟ بجملة من التوضيحات والبيانات. أمّ المراجعة للكتب الفقهية والإستدلالية التي فيه إستدلال مثل كتاب المبسوط أو كتب العلامة الحلّي. الكثير يظنّ أنّ كتاب المبسوط كتاب فتاوی فقط، لا لا. حتّی كتاب النهاية وإن كان عنوانه الذي ذكره الشيخ الطوسي النهاية في مجرّی الفتاوی، لا لكنّه متضمن لكثير من الأدلة والروايات ومتون الروايات. بل كثير من كتب القدماء التي ظاهرها أنّها كتب فتاوی ومجرد فتاوی وليس فيها إستدلال، كثير منها فيها إشارة إلی الإستدلال.
أذكر لكم مثال عيني التي هي بورصة حارّة في زماننا. في مسئلة «من زنی بذات بعل حرمت عليه مؤبّدًا». السيد الخويي رحمة الله قال: لانعتمد علی الإجماع، فنحكم بالحرمة من باب الاحتياط الوجوبي وبعد السيد الخويي أيضاً إمّا احتياط وجوبي أو ربّما نادر احتياط استحبابي بينما في كتاب المهذّب لابن برّاج وهو كتاب من الثلاثة عشر كتاب عند القدماء استقصيناها في هذه المسئلة، يشير في متنه إلی وجه الأدلة الواصلة الدالّة علی الحرمة الأبدية لمن زنی بذات بعل، حتّی لو طلقت تلك المرأة فتحرم علی الزاني التي زنى بها وهي في ذمّة زوجها. يشير للوجه الصناعي إبن برّاج في نفس متن كتاب المهذّب. لاحظ عدم مراجعة كتب القدماء ما الذي ينجم منه أو إلی كلمات الأعلام أو الأقوال التي يظنّها زخرف العياذ بالله وعمل تزييني ليس عمل علمي. كيف ليس عمل علمي؟
في وصية العلامة الحلّي رحمة الله عليه لابنه فخر المحققين وهذه الوصية طبق توصيات عقلية وحيانية مثل رواية «أعلم الناس من جمع عقول الناس الی عقله» بالتالي هذه فتاوی الفقهاء المتضمنة المطوي فيها إشارات للأدلة والوجوه جهود وليس من الحكمة ولا من التعقّل أنّ الانسان يترك هذا المخزون من الجهود ويستفرد ويستبد بجهده الضعيف أو جهود طبقة القرن الخامس عشر والرابع عشر. ماله معنى. هذه الجهود موجودة لذلك العلامة الحلّي رحمة الله عليه في وصيته يذكر لإبنه فخر المحققين: ربّ دليل أنت تسكن وتعتمد عليه، وقد بُيّن خلله من قبلك وربّ دليل لاتهتدي إليه وهم قد شيّدوه، فاطّلع علی كلماتهم تنتبه.
لاحظ منطق صناعي آخر أيضاً أنّه المراجعة للأقوال والكتب من الطبقات المختلفة. الآن أنا لا أقول في كلّ مسئلة جزئية ومتوسطة وأمّ بل لا أقل في المسائل الأمّ ولا أقل في القواعد الفقهية ولا أقل في المسائل المسيرية التي لها مهيمنة علی ذاك الفصل الفقهي. نعم في مسائل جزئية تفصيلية تفريعية ذاك بحث آخر بل لااقل في المسائل التي لها دور ولها وزن وتأثير في أصل المبحث في الفصل المعّين الفقهي، مراجعة كلمات العلماء ضروري.
ضرورية ما الملزم الصناعي لها؟ أليس احتمال عقلائي. أيّ إحتمال عقلائي؟ هذا الاحتمال هو ذروة التعقّل والعقلاء وكلّ مورد تحتمل فيه مع الفحص والبحث أن تقف علی وجوه وأدلة لايسوغ لك الإعتماد على دليل وقفت عليه متوفّر لديك سواء العام أو الخاص أو أيّ شيء آخر، لماذا؟ لأنّ تلك الوجوه قد تكون حاكمة واردة مخصّصة مفسّرة مقدّمة علي هذا الدليل ولايسوغ العمل بالدليل، سواء بالأصل العملي أو دليل العموم أو دليل المتوقّعة أو أيّ شيء آخر تفرضه لا يسوغ صناعياً، حسب ما قرر في علم الأصول أنّ لايسوغ العمل قبل الفحص حتّی العمل بالحجّة لأنّ ليست لدينا حجة منفردة في الشريعة بل الحجج دائماً هي منظومية ومجموعية. العامّ قد يخصّص بالخاصّ والخاص أيضاً قد يخصّص بخاصّ آخر أو الدليل الوارد والمورود. فليست لدينا حجّة منفردة وهذه الحجّة حجّة علی الإطلاق، بل الحجة هي دائماً مجموعية، ولما تكون مجموعية إذن كما قرر في بحث الفحص، الفحص ملزم فكيف نستغني؟ سيّما في المسائل الخطيرة والمسائل الأمّ والمسائل مسيرية أو قواعد فقهية أو لا، هذه المسائل الخلافية وإن لم تكن خطيرة ولا مصيرية ولاكذا مثل من زنی بذات البعل، ففيها خالف متأخّري العصر كلّ طبقات عشرة قرون من علماء الإمامية فطبعاً هذا يستدعي الفحص.
صراحتاً كثير من ضياع الأدلة ... ضياع يعني الالتفات للأدلّة وليس يعني تضيع مع أنّ الأدلة بحمدالله موجودة وواصلة لكن ضياع المعرفة بها بسبب عدم التتبع أقوال طبقات الفقهاء.
بعد نقطة أخری ملزمة لتتبع كلمات الفقهاء أنّ كلمات الفقها كما ذكر صاحب الجواهر، كاشف اللثام والسيد الكلبايكاني وكثير من الأعلام كلماتهم حتّی الفتاوی المجردة التي ليس فيها حتّى إستدلال. هذه الفتوى بالدقّة عبارة عن احتمالات متعددة لمفادّ الروايات الواردة أو الآيات ذات الصلة بالمسئلة.
يعني وإن لم يكن تلك الفتاوى ... لنفترض أن تراجع كتب فقهية لقدماء ليس مذكور في تلك الكتب وجه الإستدلال لكن مراجعة تلك الفتاوی وموازنتها ومقارنتها بالآيات والروايات، سيرى الإنسان سبحان الله كأنّما هذه الفتاوی كشروح للآيات أو الروايات كما ذكر هؤلاء الأعلام أو كوجوه صناعية لكيفية التوفيق بين طوائف الروايات، سبحان الله! يعني مثل صاحب الجواهر أو كاشف اللثام أو كتاب المسالك للشهيد الثاني أو مستند الشيعة وغيرهم من الدورات الفقهية المهمّة تری أنّه عندما يتتبع أقوال الفقهاء كلّ قول قالب قيوده وهندسته يحاول القائها بينه وبين مفاد الروايات أو مفاد الآيات ويلتفت من ذلك أنّ في احتمالات دلالية في الآيات أو الروايات أو الفذلكات صناعية في المعنی لا في اللفظ.
مثل ما مرّ بنا أمس في الفقه أحتمل الفقهاء أنّ لقاعدة الإستثنائية في حرمة واحترام جملة من الأفعال اتجاه الطرف الآخر واستثناء أهل الريبة والبدع، هذا ليس استثنء وتخصيص بل هذا اندراج تحت ... مع أنّ فيه نصوص خاصّة كثرة فيها، فسّروا هذه النصوص الخاصّة فيها بأنّها داخلة تحت عموم آخر ثاني مثل وجوب إنكار المنكر أو قطع مادّة الفساد أو ماشابه ذلك. لاحظ يعني نفس فتاوی الفقهاء تفسّر تفسيرا معنويا تحليليا للنصوص الخاصّة الواردة في المسئلة وتفسّرها بعمومات. هذه إثارات علمية مهمّة قيّمة. تامّة أو غير تامّة هذا بحث آخر ولكن كإثارة علمية كيف يستوفي الفقيه والمجتهد الإجتهاد والإستنباط وهو لم يستوفي الاحتمالات الموجودة؟ فيصير نوع من التسرّع والعجلة في الإستنباط وهو ليس صحيح وليس مجزية، لذلك عرف عند الكبار أنّ المجتهد تارة يسلك فقه تعليقي، يعني دوره في الإستنباط تعليقات مختصرة يعني ينجز مرحلة أو مرحلتين في الإستنباط وكان الله غفوراً رحيما.يعبّر عنه فقه تعليقي وتارة لا، فقه إستدلالي وهذا أيضاً تارة موجز وتارة متوسط وتارة مبسوط يعني لاريب أنّ البسط لاأقل في مسائل الأم و المسيرية أو لاأقل في المسائل الخلافية التي هي محلّ مطنّة غفلات وفي الفحص وفي الأدلّة كذا في تلك المسائل، فالبسط لابدّ منه والبسط له ثمرات كثيرة لأنّه يوقف الباحث والفقيه والمجتهد علی عروق المسئلة وهذه العروق والجذور والتحليلات وماورائيات الغائبة عن الكثيرين هذه في الحقيقة تفيده في مسائل أخری وقواعد أخری وأبواب أخرى. أبداً لن يكون جهد عبطي وعبثي بل بلعكس. ولو نذكر بعض الأمثلة الناجمة من عدم مراجعة كتب القدماء الشيئا الكثير.
مثلا في مسئلة الإتمام في كلّ مراقد المعصومين يعني جواز الإتمام والتأخير بين التمام والقاصر في كلّ مراقد المعصومين هل هي أربع أو لا، في كل مراقد المعصومين؟ طبعا ألسن الروايات في لسان الروايات فقط اقتصر فيها على مكّة و المدينة فيها روايات ذكرت أحد المدن الأربعة وفيها لسان ثالث ذكر فيها ثلاث مدن مثلاً المكّة والمدينة ومسجد الكوفة وفيها لسان رابع وفيها لسان خامس عامّ بكلّ إمام ورواياتها موجودة في الأبواب المندوبة وحصلت غفلة عنها.
بغضّ النظر عن هذا المطلب أتذكّر كلام الوحيد البهبهاني وابن اخته سيد علي طباطبائي صاحب الرياض. الوحيد البهبهاني عندما يستعرض من الذي ذهب إلی الإتمام في كلّ المراقد المعصومين مثل السيد المرتضی وابن جنيد وهذا هو المعروف حتّى في الجواهر، فهو هكذا بنی في الأقوال أنّ المشهور يذهبون إلی عدم عمومية التخيير بين الإتمام والقصر لكلّ مراقد المعصومين. طبعاً هو رحمة الله عيه اقتصر بصحيحة علی بن مهزيار بينما فيها روايات كثيرة كما مرّ بنا لسان خامس أصلاً ما فيه تقييد بلأربعة ولاعامّ عام لكل امام.
أنظر أنّ التتبع كيف مهم، السيد البروجردي رحمة الله عليه يقول العلوم الدينية علوم نقلية وصحيح أنّ فيه جانب عقلي وحياني وهذا لاشكّ فيه وصناعية علمية لكن في الأساس علوم نقلية وبتعبير السيد البروجردي يعني المنقول عنه يقول لايمكن تجعل رأسك تحت اللحاف أو تحت البطانية وتفكر بل لازم أن تتبّع وتفحص وليس بالتفكّر فقط تصل إلی كلّ شيء.
هذا جانب التتبع الآن موضة صايرة في الوسط العلمي أنّه هذا ليس عمل علمي،عجيب! التتبع على مهارة فنية ولا ربط لها بالصناعة العلمية، هذا الإستنباط ليس كلّه صناعة بل التتبع له دور عجيب وعظيم. كم من دليل غفل عنه المتأخروا الأعصار وهو موجود إمّا في الأبواب الروائية أو غيرها. يعني الآن نحن تجاوزنا فقط كتب الفقهاء حتّى قضية التتبع في كتب الروائية في الأبواب الروائية.
في هاي الروايات اللسان الخامس في صلوة المسافر موجودة في أبواب المزار ذكرها ابن قولويه وأفتی بها في كتاب كامل الزيارات أستاذ الشيخ المفيد الذي كان زعيم الطائفة في وقته ولم يذكره صاحب الجواهر ولم يقف عليه الوحيد البهبهاني ولم يتنبّه إلی قوله كافّة متأخري الأعصار في أربعة أو خمسة قرون، والحال أنّه ذهب إليه في كتاب من كتب الفقه بل ذهب إلي ذلك في الكتاب من كتب لأعمال المندوبات المزار، طبعاً كتاب المزار ليس كلّه مندوب. طابع الآن موجود في الأذان مزار وإلّا المزار فيه جملة من أركان الواجبات أو في كامل الزيارات أفتی بذلك وأيضاً نفسه الشيخ المفيد تلميذ ابن قولويه أفتی بعمومية الإتمام في كلّ مراقد المعصومين ولكن ليس في كتاب المقنعة بل أيضاً في كتاب المزار. الشيخ مفيد عنده كتابان في المزار:مزار صغير و كبير. هناك أفتی كأستاذه بعمومية التخيير بالإتمام والقصر في كلّ مراقد المعصومين. كتاب المزار الكبير منه ليس جدّا ًكبير بل يعني أكبر من الثاني وهما بالتالي مطبوعان في كتاب واحد الآن. هناك يفتي بعمومية التخيير بين القصر والإتمام في كلّ مراقد المعصومين.
أيضاً ممن أفتی من القدماء ببالي حتّی الصدوق الأب وجمهرة من القدماء أو الأقدمين أفتوا بذلك والتي لم يقف عليها الوحيد البهبهاني مع أنّ الوحيد البهبهاني كان أهل التتبع العجيب الغريب لكن مهما يكون الإنسان قد يغفل. فالمقصود إذًا التتبع في الأبواب الروائية أو أقوال العلماء. طبعاً التتبع في الأبواب الروائية له شأن خاص بنفسه مع علم الحديث ولابدّ أن نتطرّق إليه بإيجاز.
- في الردّ عن بعض الأسئلة؟ قال الوحيد البهبهاني أنّ هذه الصحيحة من علی بن مهزيار يدلّ علی تعميم التخيير في كلّ مراقد المعصومين والصحيحة تامّة دلالة وسندا، ولكن مخالفة المشهور تمنعنا عن العمل بهذا التعليل.. هذا تعبير الوحيد البهبهاني وتعبير صاحب الرياض والحال أنّه لا، المشهور القدماء عملوا به وعملوا بلسان الخامس وليس فقط بهذا. لاحظ عدم الوقوف علی الأقوال يسبب إستيحاش لأنّه يستوحش الفقيه أن يكون شاذ أو نادر يعني يولد له علم إجمالي بأنّه أكو خلل في الإستدلال وهو مامنتبه إليه فهذا يلزمه بأنّه يحتاط في الإستدلال أو في الفتوی. إجمالاً هذا المطلب وهو التتبع في الأقوال والإحاطة بكلّ طبقات الأقوال يعطي الإنسان بصيرة وأفق واسع عن حدود مساحة الإجتهاد لعلماء الإمامية في هذه المسئلة الأمّ أو في هذه القاعدة الفقهية أو في هذه المسئلة الخلافية كم سعة الأفق الموجود وهذا أمر علمي هامّ يؤثّر في الإستنتاج والإستنباط.
مثلاً بعض قد يدّعي الضرورة نفي هذا القول والحال أنّه ليس ضرورة وجملة من علماء الكبار التزموا بها. عموماً هذا ليس فقط للفقهاء والمجتهدين حتّی لعموم المؤمنين غير الفقهاء وغير المجهتدين، فضلاء أو غيرفضلاء، فالاطّلاع علی أقوال علماء الإمامية في المسائل سيّما القول المشهور والأقوال المختلفة يعطي وعي فقهي قانوني بالمسائل وبالمسار الفقهي لعلماء لمذهب أهل البيت حتّى لغير الفقهاء والمجتهدين وليس هذا فقط الإطّلاع ثمرته التقليد أو عدم التقليد بل قضية أنّه يرى معالم مدرسة علماء الإمامية ومعالم مذهب أهل البيت يعني بإعتبار علماء الإمامين بمساحات وسيعة وأفق هوية معنى من مدرسة أهل البيت. الإطلاع علی هذه الهويّة أمر عقائدي مؤثّر لأنّه قد في شبهات وتساؤلات علی المسائل وعلى الأحكام الفقهية عندما يكون وعي عنده بمسار علماء الإمامية في طيلة قرون لاتسيطر عليه تلك الشبهات. يلتفت أنّه مساحة الإحتمالات الفقهية في هذه المسئلة عند علماء الأعلام كيف هي. وهلم جرا.
الآن مثلاً يفتي فقيه بأنّ مدينة كربلاء كلّها محل تخيير يظنّ أن هذا شاذّ ولايدري أنّ هذا مشهور طبقات المتقدم ما يلتزمون بذلك، أصلاً لاحظ ذهنية الفضلاء أو ذهنية الباحثين ما هو غير شاذّ يظنّون شاذّ وما هو شاذّ يظنّه هذا غير شاذّ. الشذوذ مؤشّر خلل علميي إذا لم يطّلع علی أقوال العلماء كيف يلتفت علی الشاذ وغير الشاذ.
راجع كتاب الجواهر. الجواهر أسلوبه معقّد والحال أنّ هو في فقرة واحدة أو فقرات. لعلّي أكتم سرّ مبهم ولكن هذه هي حقيقه كرسالة اللباس المشكوك من الميرزا الناييني لو فاتح هذا الباب(باب اللباس المشكوك)معروف في الميرزا الناييني و رسالته فيها فتح الفتوح للمسئلة وحشدت فيها قواعد وضوابط صناعية فقهية وأصولية مهمّة وفقهية قبل أن تكون أصولية. صيرفة صناعية فقهية إلي ماشاءالله. هذه المسئلة _ اللباس المشكوك - كل دعامات المبتكرة المهمّة العظيمة من الميرزا الناييني موجودة في كتاب الجواهر في ثلثي صفحة في بحث الدم المشكوك في الطهارة. أنا تعجب من قرأتها قلت سبحان الله! كنت آنذاك في أيام زمان الدرس الخارج كنت أباحث في اللباس المشكوك مع الأخوة فلمّا وقفت علی هذه العبارة في الجواهر فقلت سبحان الله! ورأيت كلّ منظومة اللباس المشكوك التي ىلخّصها صاحب الجواهر. طبعاً صاحب الجواهر متقدّم قرن أكثر من الميرزا النائيني. حتّى ذكرت لأحد الأكابر وقلت له: هذا الميرزا النائيني ابتكار أنعم به وأعظم ولكن كلّه موجود. قال: لاتحكي، نعم هذا صحيح. يعني مزاح.
المقصود هذا المطلب لاحظ الجواهر هكذا يا أخي! الجواهر فيه فذلكات صناعية وفذلكات إستدلالية. سمعت أنا اكثر من دورة قضائية عند الأعلام ربما ثلاثة دورات في القضاء والشهادات وشيء من الحدود وأحد الأعلام ما كان يتطرّق في بحث دورة القضائية والشهادات لأقوال صاحب الجواهر بلكاد في بحثين أو ثلاثة تطرّق لكلام صاحب الجواهر وقال: حفر الجبل برموش العين أسهل من توضيح كتاب الجوار، بينما السيد الكلبايكاني كان يومياً يفسّر ويبيّن كلام صاحب الجواهر في القضاء ويطيّنه بطين ليّن ويعطي بيد الفضلا ومعروف من صاحب الجواهر فذلكات.
لا لا الآن نكتفي بكتاب المستمسك أو كتاب التوقيع، ولكن لايكفي يا أخي! تللك بحور أخرى في الجواهر وفي ...لكلّ كتاب امتيازاته. كاشف اللثام بعض النكات فيه حتّی صاحب الجواهر إمّا مرّ عليها مرور الكرام أو غفل عنها أو في كتاب آخر هلم جرا. المبسوط...المهم أذكر هذه المسئلة وأختم.
مسئلة قضائية حساسّة في العام الماضي في أحد البلدان في القضاء قال نتورّط في هذه المسئلة كيف إلتزم بها المشهور؟ المهمّ المسئلة راجعت أدلّتها. أنا أيضاً ملتزم إلتزام مشهور فيها ولكن قررت أراجع بالتالي. راجعت راجعت راجعت المبسوط. لأنّ هذه ليست مسئلة قواعد، بل هي فذلكة ومرتبطة بأحكام الأسرى. أحكام كثيرة و صعبة. فراجعت المبسوط مرة بعد أخری خلال ثلاثين أو أربعين صفحة في المبسوط رأيت لا يا أخي! أنّها من كلمات العامّة ومبنی الشيخ الطوسي شيء آخر والمحقق الحلّي ابن بجدتها توهّم أنّ هذه مبنی للشيخ الطوسي ومشّی عليه وبعد المحقق الحلّي كلهم مشوا عليه، بعدين لاحظت وراجعت أنّ الشيخ الطوسي مبناه شيء آخر. قاعدة من القواعد في أحكام الاسرة وإلزامية ومهمّة. لاحظ التتبع شئ مهمّ. سبحان الله! بعدين وجدتها ووجدتها أصلاً الطوسي ليس هذا مبناه وفي أبواب عديدة يبنی علی ذاك المبنی وليس مبنى العامّة بينما المحقق الحلّي رحمة الله عليه هو من أوّل من توهّم أنّ الشيخ الطوسي مبناه هذا. ليعذرنا المحقق الحلّي ولكن هذه مباحث علمية. فالتتبع والإطلاع باب عظيم جدّا. نعم لاسمح الله مانقول كسل، مانقول عدم الهمّة ولكن مهمّ لاأقل في مسائل المصيرية وهذه حقيقة الإجتهاد وإلّا تجيبلي قليلاً بالإستدلال المقتضب موجز تعليقي هذا ليس إجتهاد بل هذا تزئينات وديكورات. إجتهاد هذا العناء الجَهد والجهد. أصلاً الإجتهاد يعني الجهد.