41/11/29
الموضوع:باب الإجتهاد والتقليد المبحث الثالث مناهج الإجتهاد
مراحل الإستنباط، المرحلة الأولی
دور علوم اللغة في تنقيح الموضوع
دور العلوم الإختصاصية في تنقيح الموضوع
عظّم الله أجورنا وأجوركم بشهادة مولانا الإمام الجواد صلوات الله عليه.
وصل بنا البحث إلی مراحل الإستنباط وفي مبحث مقدمات الإجتهاد أو ما يتوقّف عليه الإجتهاد من علوم وكنّا في هذه النقطة وهي المرحلة الأولی للإستنباط، تنقيح الموضوع.
هناك نقطة أخيرة لابدّ من الإشارة إليها في هذه المرحلة من الإستنباط وهي مرّ بنا في النقطة السابقة الرجوع إلی أقوال اللغويين ومرّ أنّ أقوال اللغويين عند الأصوليين في نفسها ليست بحجة لأنّها كلّها مراسيل، فكيف يعتمد عليها إذن الفقهاء والمفسّرون والمتكلّمون وأصحاب العلوم الدينية؟ قالوا في الحقيقة لانعتمد علی قول اللغوي من حيث هو وإنّما هي تراكم إحتمالات وتراكم الإحتمالات قانون تكويني رياضي يتصاعد الإحتمال كمّاً وكيفا إلی درجة الإطمئنان والإطمئنان حجّة في السيرة العقلائية . فأصل الحجية للإطمئنان وليس لقول اللغوي.
هذا المبنی إذاً «الإطمئنان من تراكم الاحتمالات» ربّما يعبّر عنه في المنطق بالإستقراء فبالتالي هو طريق منطقي عقلي عقلائي و هذا بعينه يرد كما مرّ بنا في تراث الحديث، تراث الحديث الذي هو مادّة حتّی مساحات الروايات الضعيفة، بعد أن كانت هذه المساحة تتولّد منها الإطمئنان أو قل الوثوق بالصدور أو يتولّد منها الإستفاضة أو التواتر. كيف يمكن عدم الإكتراس بهذه المساحة أو إهمالها أو الصدّ عنها؟ هذا كلّه نهج غيرعلمي تماماً ولاربط له تحت ذريعة أن هذا المنهج الأخباري بل تراكم الإحتمالات من مناهج الأصوليين وهذه العجرفة على كلّ هي عبارة عن غفلات كارثية في النهج العلمي أيّاً ما كان وإلّا هذا هو موجود وهذا هو مسلك المشهور من طبقات علماء الإمامية. والآن نحن في العصر الذي هذه الغفلات منتشرة للأسف.
أيّاً ما كان هذه النقطة مرّت بنا أنّ الظهور اليومي الذي يقوم عليه الإستنباط عند كل علماء العلوم الدينية قائم علی مبنی تراكم الإحتمالات للإطمئنان إذاً وليس شيئاً آخر.
جيّد! نكتة مهمّة أخری ذكره الأصوليين: اللغوي في الحقيقة يوصل المجتهد في الإستنباط إلی أوّل حدود المعنی، أمّا كيف يدخل المجتهد والمستنبط والفقيه قلعة المعنی وساحة المعني؟ هذا ليس من اختصاص اللغويين وعلماء اللغة وعلومها، إذاً هذا من اختصاص مَن؟ من اختصاص العلم الإختصاصي بتلك الماهية من المعنی، مثلاً موضوع فلكي مثل الهلال والغروب والشروق والزوال، هذا موضوعات علم الفلك والهيئة أو موضوع مرتبط بعلم التشريح مثلاً «إمسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلی الكعبين» الكعب ما هو؟ هذا من اختصاصات علماء التشريح، الكعب ماهو في الجسم؟
أو مثلاً بيع الدينار بالدينار أو بيع العاجل بالعاجل أو الكالئ بالكالئ، من هذا القبيل أنواع بيع الصرف والبيع الذي يدخل في تبادلات النقد والماليات هذا من اختصاص علماء المال أو علماء النقل. بحوث البنوك من اختصاص علماء المصرف والمصرفة والبانك.
أمثلة كثيرة. مثلاً في الحدود، هذا الحدّ للسرقة وماهية حدّ السرقة. هل السرقه نفسها وحدّها كعقوبة جنائية؟ بحث العقوبة الجنائية فيها علم اختصاصي يعبّر عنه العلم الجنائي ونفسه علم أصلاً وليس علم من علوم القانون، لا بل بالاصل هو علم من علوم الاجتماع يعني ممزوج من علم القانون وعلم الإجتماع. هذا البحث أيضاً موجود هل حد السرقة حدّ عقوبة؟ والحال أنّ الحدّ أثبت للسرقة و الغصب ما له حدّ بل فيه عقوبة وتعزير لكن ليس له حدّ أمّا السرقة فلها حدّ. ربما يأتي معتدي ويهجم علی الإنسان ويأخذ ماله عنوتاً جهاراً، هذه ليست سرقة ولا يثبت لها حدّ السرقة لكن يثبت عليه التعزير. أمّا السرقة يعني أخذ المال بالخفاء من الحرز بالشروط التي ذكرها الفقهاء تبعاً للنصوص، تلك فيها حدّ. ما المائز؟ شنو غصب؟ ولو كان علانيةً عنوةً عن جهيةً ليس فيه حدّ فيه تعزير. طبعاً إذا ما كان شايل سلاح. أمّا حقيقة حد السرقة ماهو؟
لاحظ هذا البحث قبل أن يكون رجوع إلی النصوص يلزم تنقيح الموضوع، كما أنّ تنقيح الموضوع لغةً قبل الأدلة، العنوان الموضوع واللفظ المأخوذ في الأدلة كموضوع المراجعة إلی اللغويين قبل المراجعة إلی الأدلة والنصوص، كذلك الحال في تنقيح الماهية الموضوع.
دور اللغويين في الألفاظ أنّهم يوصلون كما مرّ إلی أصل الحدود وبدايات المعنی، لكن أنّهم لايخوذون في داخل ماهية المعنی بل الخوض في داخل ماهية المعنی «هذه نكتة لازم أن ننتبه عليها وتحصل غفلة كثيراً عنها» هذا لابدّ من الرجوع إلی أهل الخبرة في العلم الإختصاصي لماهية ذلك المعنی، في الطبّ إلی الطبيب والمصرفي إلی المصرفي وعلم الإجتماع إلی علم الإجتماعي.
بتعبير ميرزا ابوالحسن الشعراني رحمة الله عليه، عنده تعبير جدّاً لطيف يقول: موضوعات أبواب الفقه تتناول كل مرافق الحياة. طبيعة القانون الفقهي وعلم القانون هكذا، فلمّا يكون يتناول كلّ مرافق الحياة يعني أغلب الموضوعات العلوم المختلفة المتنوعة يتناولها الفقه كموضوع، أخذ تلك الموضوعات في أبواب الفقه. يعني الفقه يتناول كل مرافق الحياة، الجانب الصحّي والجانب المالي والجانب الأسري و الجانب السياسي والقضائي والعسكري وجانب... من باب المثال جانب العسكري هو مثال لطيف...
هذا كلام ميرزا ابوالحسن الشعراني المحقق والمدبر رحمة الله عليه وذو فنون وعلوم في العلوم الدينية، يقال كان يحفظ خمس لغاط بطلاقة وكان من ذوي الموسوعية في العلوم و الفنون.
المهمّ نكمّل كلامه بعدين نذهب إلي المثال. هو رحمة الله يقول: إنّ علم الفقه من أصعب العلوم، علی عكس ما يظنّ.لماذا؟ مع أنّه مبرز في العلوم العقلية والنقلية وبالعلوم العقلية بالذات. فلماذا يصف علم الفقه بالصعوبة؟ يقول لأنّ علم الفقه أوموضوعات أبواب الفقه تشمل كل مرافق الحياة. هذه الموضوعات التي هي تشمل كل مرافق الحياة وأخذها الشارع موضوعاً لأحكامه في الأدلة. فإذا أخذه الشارع موضوعا لأحكامه في الأدلة فبالتالي إذاّ لكي يستنطق المجتهد والفقيه تلك الأدلة كما أنّه لابد أن يراجع اللغويين في معرفة تلك الأدلة كذلك مضطرّ لمراجعة أهل الإختصاص وخبروية أهل الإختصاص، لما؟ لأنّ القرائن الماهوية لذات المعنی أعظم من قرائن اللغوية.
دعونا نستغرق ونطيل في هذا البحث لأنّ هذا البحث مغفول صراحتاً في مراحل الإستنباط والإجتهاد والحال أنّه خطوة ولو ضمن المرحلة الأولی من مراحل الإستنباط الثمان ولكنّها مغفول عنها الشئ الكثير.
مثلاً بنی السيد الخويي وجلّ تلاميذه رحمة الله عليه علی أنّ البانك ينقسم إلی بانك الحكومي وبانك المشترك الحكومي والبانك الأهلي، وهذا صحيح وموجود. علی ضوء ذلك أنّ البانك الحكومي عند السيد، ولو أنا لاأبني على المال المجهول المالك والمشترك باعتبار أنّه مشترك مع الحكومي فيصير حكمه حكم مجهول المالك والأهلي ليس بمجهول المالك لأنّه مال خاصّ.
هكذا نقح البحث والحال إذا يراجع واحد إلی علماء النقل وعلماء المصرف وعلماء المال يری أنّ البانك الأهلي أيضاّ مشترك ماليا في الحركة السيولة والأموال. البحث طويل ولانريد أن نخوض فيه. فمن هذه الزاوية إذا ينظر الفقيه أنّ البانك الأهلي ليس خاصّا بل أيضا مال مشترك. فمن ينقّح ماهية هذا الموضوع؟ علماء الإختصاص بالنقد والصيرفة وإذا واحد ما يراجعهم ويكتفي بلمعاني اللغوية مثلاً طبعاً يصير غفلة وانخداع من مؤدّی كلام اللغويين.
الكلام في هذا المطلب وهو أنّ البانك الأهلي مال خاص، من ينقّح هذا الموضوع؟ هذا ليس لغوي وليس فيها نصوص شرعية والنصوص الشرعية لأنّه ليست في بيان ماهية الموضوعات.
«من شهد منكم الشهر فليصمه» الشهر ماذا؟ هذا الشهر تقويم زماني. هذا الشهر يصد لي بيانه إلّا إذا عنده قيود معيّنة الشارع، فيضيفه أو ينقّصه فهو بحث آخر. أصل ماهية الشهر والهلال ماهو؟ ترجع إلی العلم الإختصاصي وهي التقويم الزماني من الفلك والهيئة. «أقم الصلوة لدلوك الشمس» الدلوك يعني الزوال ولكن ما هو الزوال؟ ليست اللغة حتّى اللغة ماتعطيك دقّة ماهوية بل تعطيك ذبابية من بُعد عن المعنی. كلمات اللغويين إرائة بعيدة ذبابية عن المعنی. كون الماهية فيجب أن ترجع إلی العلم الإختصاصي بذلك المعنی.
طبعاً ليس بمعنی أنّه الفقيه يجب أن يكون مجتهدا في كل العلوم، لا بل مراجعة لأهل الخبرة في كل علم مرتبط بالموضوع، هذا أمر لابدّ منه. مثلا هناك كان معترك كلام في الكُر والروايات طوائف متعددة ربما عشرة قرون، اثناعشرة أو ثلاثة عشر قرن بنی كثير من الأعلام وجلّ الأعلام علی أنّها متعارضة الروايات في الكُر، أمّا عندما تراجع علماء الإختصاص في فيزياء الأجسام وكثافة الأجسام، سبحان الله تری أنّ هذه الطوائف معجزة علمية من الائمة عليهم السلام، يعني إلی قبل مئة سنة، خمسين سنة أو كذا سنة يعتبرون هذه الروايات متعارضة حتّی أنّ بعض الأعلام قال: لعلّ الائمة عليهم السلام ليست لهم احاطة والعلم بالموضوعات استغفرالله، طبعاً هو تاب بعد ذلك من هذا الكلام في نفس كتابه رحمة الله عليه يعني تبرّی من هذا الكلام مع أنّ هذا الكلام بقي في مجلّد من مجلّدات كتابه. والحال أنّه بالمراجعة إلى علماء الفيزياء بالعكس هذه الطوائف معجزة، لأن المياه بحسب الكثافة تختلف، الماء الحلو كثافته غير، ماء ال...فإذا أخذت وزن موحّد لامحالة تختلف الأحجام ولايمكن وزن واحد لمياه ذات كثافات مختلفة وممتنع تكويناً أن يكون لها حجم واحد.
الآن الإمام سلام الله عليه العالم بهذه الأمور قبل ألف وأربعمئة سنة ومرّت على العماء أربعة عشر قرن يظنّون... لما؟ لأنّ هو علم تخصصي موجود، كثافة فيزياء الأجسام. الشرع الوحي لما يأخذ موضوع طبعاً يعلم بخصوصيات الموضوع لكن هذا ليس من اختصاص الفقهاء فكيف يفهم الفقهاء أنّه هذا علم تخصصي، علم الفيزياء الكثافة؟ يراجعون إلی علماء الفيزياء ويذكر لهم ضوابط فيزيائية وإذا الفقيه ماراجع إلي علم التخصصي الفيزياء مايلتفت إلی أنّ هذه الضوابط والقرائن مرتبطة بتحديد الموضوع. شيء طبيعي وواضح.
مثلاً مبحث آخر نذكر لكم. في كثير من هذه السنين التي مرّت علينا من مدّة إلقاء البحث الخارج من سنة 1410 وإلي الآن إلي ماشاء الله من أبواب الفقه. سبحان الله تجد نفس الفقيه إذا لم يراجع إلي العلم التخصصي لايلفتت إلي القرائن التي يدلي بها المعصوم. المعصوم ملمّ بعلم ذلك الموضوع وهذا دليل علی إعجاز وبراهين على إلمام بكنه وحقائق وأسرار الموضوعات والعلم بالموضوعات عندهم وطبعاً نصوص قرآنية وروايات كثيرة دالّة علی هذا لكن مقصودي نفس هذه البيانات منهم عليهم السلام برهان علی إلمام المعصومين بالموضوعات.
مثلاً الآن هل الحيض التسع سنوات دخيلة في ماهية الحدّ كحقيقة شرعية أم لا؟ الشيخ الطوسي يذهب إلی أنّ الحيض ماهيته التكوينية ما متقومة بالتسع سنوات وهو الصحيح وبنينا علیه، التسع سنوات أمارة وليست حقيقة شرعية. طبعاً هذا البحث مرتبط بأنّ الروايات الواردة في تحديد الحيض لأجل البلوغ وكذا وكذا كذا في أبواب كثيرة، هذه الروايات والقرائن التي تذكرها ماهي؟ مرتبطة بالموضوع التخصصي لنفس الحيض يعني كعلم طبّي فسلجي.
مثال آخر: في سنّ اليأس الأعلام قالوا خمسين أو ستين ومقوّم كحقيقة شرعية. الشيخ الطوسي لا، قال: هو حسب انقطاع الحيض إن استمر الحيض إلی أيّ سن هو حيض وإذا انقطع الحيض افترض في بعض الشعوب أو بعض القوميات في جغرافيا الأرض في سنّ الأربع وثلاثين يقطع الحيض فهذا يأس. الشيخ الطوسي مبناه هذا وهو الصحيح.
المقصود يعتمد على قرائن مرتبطة بتنقيح الموضوع وترجع إلى العلم التخصصي وأبواب كثيرة كثيرة جدّاً. مثلاً البانك اللاربوي أطروحة عظيمة من علماء الأعلام منهم الشهيد الصدر رحمة الله عليه، طبعاً اختلاف وتنظيرات موجود بين الأعلام. فبنى الشهيد الصدر كلّ هذا المبحث وشكر الله سعيه، إنجاز عظيم واستفادت منه سلسلة البنوك الإسلامية الموجودة الآن ومن بقية فتاوى علماء الإمامية أيضاً. إلّا أنّه - ذكرنا في كتاب فقه المصارف- الغفلة الموضوعية عند الشهيد الصدر في البنوكات هي أنّ السيد فرض أنّ التداول المالي في المصارف سيولة ونقد عيني. هكذا فرض السيد والحال أنّ الجل وتسعين بالمئة من التداول المعاملي في المصارف كّلها ضمان وليست سيولة نقدية. السيولة النقدية هامش في تعاملات المصارف.
إذًا ما صنعنا شيئ. إذا كان كلّه ذمم وكلّيات فيصير ديناً بدين ورجع الربا. فكلّ هذه الاطروحة الشامخة الجيّدة أللاواقع لها موضوع يرتبط بمراجعة الموضوع من زاوية العلم التخصصي في الصيرفة. يعني لو أردنا أن نذكر أبواب الكثير الكثير جدّاً.
نفس مبحث الهلال الآن، هل الآفاق المختلفة لها هلال واحد؟ يكفي رؤية واحدة؟ كما ذهب إلی ذلك السيد الخويي والعلامة الحلّي، بل نقّحنا أنّ أكثر القدماء يبنون علی هذا. هل يكفي رؤية واحدة أم أنّه لابدّ من كل بلد لرؤية؟ طبعاً هذا، كل بلد لرؤية، حتّی مشهور المتأخرين لايبنون عليه بل رؤية لكل بلد تعني الرؤية من البلد وما بعدها يكفيه هذه الرؤية وما قبله لايكفيه. أمّا لكل بلد في نفسه هذا قول يعتبر شاذ في أقوال الفقهاء، موجود لكن شاذ، قول ثالث. شذوذ بلحاظ جمهرة الأقوال.
الآن تنقيح هذا المطلب ماهو؟ هل الشهر فيه حقيقة شرعية؟ هل الهلال فيها حقيقة شرعية أم هو موضوع مرتبط بأنّ التقويم الزماني لكرة الأرض تصير عدّة تقويمات زمانية؟ حقيقة التقويم الزماني ما هو؟ الزمان معيار موحّد لكل الكرة الأرضية وكيف يعقل التعدد فيه والزمان له وجود حقيقي بحسب دور الأرض. الآن ابتداء السير الإبتدائي والإنتهائي تدريجي، هذا بحث آخر لكن لا أنّه متعدد كوحدة شخصية كما أصرّ عليه السيد الخويي ونعم ما ذكر. لاحظ أنّ هذا يرتبط بعلم التخصصي ويرجع إلی علم التقويم وعلم الهيئة وعلم الفك وعلم النجوم. الآن علم النجوم طبعاً قسم التقويم الزماني فيها وليس فقط تنبّهات بل أبواب الأفر في علم النجوم بحوث تقويم زماني. علم النجوم هذا معناه. قسم منه تنبّهات، عمدة أبواب علم النجوم هي بحوث في التقويم الزماني ومرتبط بعمل الهيئة. مايستغني إذا أراد الإنسان أن يخوض فيه وأصلا جدولة التقويم الزماني هي إختصاص علم النجوم وليس اختصاص علم الهيئة. الهيئة مثل المنطق والفلسفة أو الأصول والفقه. عمدة بحث التقويم الزماني هو علم النجوم. ايّاً ما كان فلاحظ هذه أبحاث التخصصية في بعد الموضوع.
أكثّر أمثلة ضروري جدّاً لأنّها كلّها واجهناها وزادت يقين في هذه المرحلة من الإستنباط وهي الرجوع إلی علماء التخصص لمعرفة الكنه الماهوي للموضوعات وهذا أمر لايمكن استفادته من اللغويين بتاتا أصلاً لايمكن الإستفادة. اللغويين من بعيد يعطيك ذبابية وشبح ويقول هذا. تعالوا أيّها ال... هذا مو إختصاصي، أنا ما أعرف. هذا كشبح ...هذا اللغوي. من الذي يقترب معاك ويخوض معاك؟ صاحب العلم التخصصي.
هناك مسئلة في باب صلوة المسافر. مو مسئلة بل أصل مبحث صلوة المسافر، هل المدار علی المسافة أربع وأربعين كيلومتر؟ في التقصير؟ أم أنّ التقصير ليس موضوعه المسافة بل موضوعه الزمان أن يستغرق سفرك نهار كامل؟ هنا من ذهب إليه قليل من الفقهاء. أمّا أن تسافر في ساعة ولو طويت مئة أو مئتين كيلومتر بلطائرة مادام سفرك ساعة أو ساعتين فهذا لايوجب التقصير. هناك من يذهب إلی عدم التقصير ولو هم قليلون. وهذه المسئلة مثارة جدّاً علمياً المدار على الزمان أم المدار على المسافة؟
هناك شواهد متضاربة في الأدلة ولست بشيء سهل حلحلة هذا المطلب. لاحظ هناك الائمة لعلمهم الإعجازي بلموضات ذكروا قرائن مرتبطة بعلم الرياضيات وعلم الميكانيكة. سبحان الله يعني هذا دليل علی أنّ المعصومين كيف يذكرون ضوابط مرتبطة بلعلم التخصصي في ذاك الموضوع. لأنّ هذا برهان واضح علی أنّ المدار علی المسافة لا علی الزمان. كيف؟ شوف اشلون البيان الموجود في الروايات. هذا دليل علی أنّ هؤلاء صلوات الله عليهم واضح ملمّين إعجازا بالموضوعات أيّ موضوع في أبواب الفقه سبحان الله تراهم هكذا. تلك المرأة قالت : والله لو كان امرآة لما زاد.سألته عن الحيض والإستحاظه فذكر لها أوصاف. هذه الأوصاف تعايش المرأة في أعماق. أنظر كيف هو الإمام سلام الله عليهم.
فيذكر الإمام عليه السلام ويقول: إذا زادت السرعة قلّ الزمن وإذا قلّت السرعة زاد الزمن. عجيب! انظر التعبير والميزان والبالانس الذي يذكره الإمام صلوات الله عليه اشلون! مثل شي لولب معناها المسافة ثابتة وهاذ معنى لما يكون الزمن عنده متحرّك والسرعة متحرّكة فيقول: إذا السرعة زادت يقلّ الزمن واذا قلّت السرعة يزيد الزمن، إذاً ما هو الثابت والمدار؟ لأنّ المدار هو الثابت، إذن مسافة. المدار هو المسافة لان المسافة هي الثابتة. لاحظ بيان برهاني تخصصي من علم المكانيكة في بحث صلوة المسافر. الآن يتوقّع أنّ الإمام يجيب لك ظابطاً مكانيكية ورياضية. طبعاً هم ملمّين الوحي. و و و يعني الخلاصة بكلمة لايمكن للفقيه والمتكلم والمفسر وأي باحث في العلوم الدينية لايمكنه الإنتباه إلی القرائن التي يسوغها الوحي من دون أن يراجع في الموضوع إلی علماء التخصص. كيف يراجع اللغويين؟عيناً يجب أن يراجع إلی اللغويين وهذه خطوة مهمولة للأسف سواء في علم الفقه أو علم الكلام أو علم التفسير وكلما نطيل الكلام والحال أنّه بحث جدّاً مهمّ. كلما نخوض في هذا الكلام قليل ولكن مافي مجال أكثر من هذا. كفي أن نطلق هذه الصرخة.