41/11/28
الموضوع: باب الإجتهاد والتقليد/المبحث الثالث/مناهج الإجتهاد
مراحل الإستنباط، المرحلة الاولی
تأثير علوم اللغة في مراحل الإستنباط
الارسال في علوم اللغة والاعتماد عليها بتراكم الإحتمالات
كان الكلام في المبحث الثالث في الإجتهاد والتقليد الأصولي وهو مقدمات أو علوم الإجتهاد ما هي ومرّ بنا أنّ مراحل الإستنباط تقريباً ثمانية.
المرحلة الأولی هي تحرير فرض المسئلة الفقهية أو أي مسئلة بالتالي في العلوم الدينية والمرحلة الثانية والخطوة الثانية جمع الأقوال في المسئلة.
طبعاً لما يقال خطوة اولی وثانية وثالثة ورابعة وخامسة هذا الترتيب رتبي وليس زماني، هذه نكتة مهمّة جدّا. ليس المراد الترتيب الزماني. طبعا قد يكون زماني لكن ليس من الضروري أن يكون زمانيا، بل ربما هذه الخطوات عند جلّ الفحول متزامنة أومتقارنة. إذاً لما يقال أولي ثانية ثالثة؟ المراد من ترتيب الخطوات هو الترتيب الرتبي. لماذا رتبي؟ لأنّ الأولى رتبياً موضوعياً تؤثّر على الثانية والثانية تؤثّر علی الثالثة، مثل العلّة والمعلول لا أنّ هذا الترتيب يقع زمانيا بل في الغالب وفي المهارة لدى أصحاب المهارة بلعكس يقع في نحو متزامن. إجمالا هذا.
فالخطوة الثانية إذاً جمع الأقوال. الخطوة الثالثة في الإستنباط جمع الوجوه والروايات يعني استخلاصها. الخطوة الرابعة هي عبارة عن الموازنة الصناعية الفقهية بين الوجوه وبين مفاد الروايات، كلا الجانبين. هذه الأربع خطوات في الإستنباط يعبّر عنها الأعلام بأنّها خطوات إستنباطية فقهية محضة.
المرحلة الخامسة عبارة عن تنقيح هذه النتائج الفقهية بالأدوات الأصولية وبالصناعة الأصولية يعني كأنّما هذه النتائج يذهب بها إلي مختبر علم الأصول لتوزن بالضوابط الأصولية. المرحلة السادسة هي تأسيس الأصل الأصولي الأوّلي في المسئلة. المرحلة السابعة عبارة عن منهج التشقيق أو بعبارة أخرى نوع من موازنة للنتائج الفقهية والأصولية الممزوجة والموزونة مع بعضها البعض في فروعات وشقوق المسئلة. هذا المنهج الذي يسمّونه التشقيق امتاز به الشهيد الثاني رحمة الله بامتياز.
المرحلة الثامنة عبارة عن إعمال عرض النتائج كلّها علی العمومات الفوقية أو أصول التشريع والمناسبة بينها وبين أصول التشريع، سواء أصول التشريع في نفس الباب الفقهي ونفس الفصل الفقهي أو أصول التشريع عامّة حتّى في كل الأبواب، لأنّ أصول التشريع درجات وطبقات. علی أيّ حال هذه المرحلة مرتبطة بأصول القانون. فهذه ثمان مراحل وثمان خطوات لضبط عملية الإستنباط والإستنتاج؛ الموضوع والأقوال والوجوه والموازنة، هذه الأربعة فقهية ثمّ الموازين والصناعة الأصولية والموازنة الأصولية وتأسيس الأصل الأصولي والتشقيق على الفروع والعرض علی أصول التشريع.
هذه ثمان مراحل أربعة منها فقهية محضة والأربعة الثانية أصولية محضة كما يعبّرون. هذه هي مراحل الإستنباط.
في الردّ عن بعض الأسئلة: ليس شرط أن تأتي بتعاقب زماني وترتب زماني بل غالبا الفقهاء و الفحول يراعون هذه المراتب بنحو متزامن بل ربما قد تكون زمانا بالعكس، يعني مثلاً المرحلة الثامنة يقدّمها لأجل مثلاً توفّر نكات لكن من حيث الترتيب الرتبي والعلّي مثل الحاكم والمحكوم والوارد والمورود، لا هي الترتيب هكذا.
ففرق بين الترتيب الرتبي وبين الترتيب الزماني، مثل الوضوء والغسل فيه ترتيب رتبي وترتيب زماني، في الغسل الإرتماسي الترتيب موجود، لكن ترتيب الرتبي يعني لايتقدّم المتأخّر علی المتقدّم، هنا أيضاً هكذا بشكل متزامن ليس فيه مانع ربما عَكَس جملة من الفحول لا لأجل أن الرتبة ما تنعكس، لا لكن مواد المرحلة الثامنة أو السابعة انقدحت في ذهنه. رأى أحد البارعين من المحققين أثار زاوية في المرحلة السابعة لكن راح ايدونها.
طبعاً في الإستنباط هذه نكتة مهمّة، تدوين الما ينقدح من خواطر وإثارات أمر مهمّ في الإستنباط، هو أصلاً الإبداع في الإستنباط هذا. إذا مايسجّل الإنسان خواطر والإثارات التي تنقدح في البوادر الأولی من الخواطر، الإبتكار والإبداع يذهب. طبعاً الآن ليس الهمّ الإبتكار والإبداع ولكن اكتشاف الزوايا يعني كثيرا ما ربما حتّی المشهور انشغلوا بزوايا لكن بنعمة من الله يرون أنّ هناك خاطرة بادرة في زاوية مغفولة عنها فيأتي واحد يثيرها وهلم جرى.
فعملية تدوين البوادر أو بادرات الخواطر في كلّ مسئلة مهّمة وهذه الخواطر ثمينة بغضّ النظر عن صحتها أو سقمها، لكن إجمالا يعني لابدّ أن يثمنها الإنسان، الخواطر المبتدئة والبادرة.
فإجمالاً هذه هي المراحل. طبعاً هذه المراحل ليست في فقه الفروع بل في علم الكلام أيضاً هكذا ولكن مثل ما تقول فقهية قل كلامية وفي علم الرجال أيضاً هكذا، يعني في أربعة رجالية وأربعة أصولية أو في علم الكلام أربعة كلامية وأربعة أصولية وفي علم التفسير أيضاً نفس الكلام يعني هذه المراحل في الحقيقة في كل علم من العلوم الدينية، فبحث فقه الفروع مثال وليس حصر، هكذا في علم السيرة وعلم التفسير وعلم الاخلاق وعلم الروح وعلم النفس وهلم جرى.
فمن باب المثال القيصري شارح الفصوص وهو كتاب من ابن عربي في العرفان النظري ككتاب من العلوم الإسلامية إجمالاً وبغضّ النظر عن عن عن . هذا القيصري عنده مقدّمات في شرح الفصوص، عرفان نظري. العرفان النظري يعني البحث العامّة في المعارف لا في خصوص الإنسان ونفس الإنسان. فهو عندما أراد أن ينقّح ضوابط علم العرفان هناك نفس الشئ راعى اربع مراحل مثلاً عرفانية وأربع مراحل من أصول الفقه. الضابطة في الحجية ما هی؟ الوحي المحمّدي صلّی الله عليه وآله والكتاب وسنة المعصومين عليهم السلام وبديهية العقل. انظر يعني نقّح القواعد المنهجية لأنّ مقدمات القيصري عمدتها في ضبط العرفان عن الهلوسة والإنفلات لموازين وحيانية وعقلية بديهية. فالمقصود لذلك يقولون كيف نميّز بين الهلوسات العرفانية والشطحات العرفانية وبين شيطانيات في العرفان وبين الأمور الرحمانية؟ تذكر هذه الموازين وهي عبارة عن الكتاب وسنّة المعصومين والوحي المحمّدي صلی الله علیه وآله.
المقصود أنّ هذا المبحث وهو المراحل الثمان ليس مختصّ فقه الفروع بل في كل العلوم الدينية. أربع مراحل من العلم المعيّن الديني وأربع مراحل من علم أصول الفقه إذن هذا متكرر لما مرّ من أنّ علم أصول الفقه هو منطق العلوم الدينية يمنهج يوزن لعلوم الدينية فلذا يشتبك مع موازين كل علم يعني يتناسق ويتوازن.
أمس مرّت بنا المرحلة الأولی ومرّ بيانها بصياغات عديدة. في هذه المرحلة الألى أيضاً نقطتان أخريان غير النقاط التي مرّت بنا في المرحلة الأولى.
النقطة الأولی في هذا اليوم هي أنّ في علوم الأدب اللغة العربية وطبعاً مؤثّرة جدا، كعلم النحو والصرف والبلاغة سيّما علم المعاني في البلاغة وعلم مفردات اللغة وعلم الإشتقاق (علوم أدب اللغة علوم عديدة) ولاريب أنّ الفقيه إذا كان عنده مراس وباع وتضلّع في اللغة العربية يعني إذا كان من أصحاب التضلّع لاريب أنّه يؤثّر في هذه المرحلة الأولی في الإستنباط حتّی يؤثّر في بعض المراحل اللاحقة.
صحيح ليس يلزم أن يكون الفقيه والمجتهد مجتهدا وفقيها متضلّعاً في علوم اللغة لكن إذا كان فنور علی نور بلاشكّ وقدرة تحليلية عنده. مرّ بنا مرارا في مباحث المعارف أنّ الزمخشري في آية المودّة اكتشف مفادّ من حاقّ ألفاظ الآية لم يقف علی ذلك المطلب أحد من علماء الفريقين، حسب كلام السيد عبد الحسين شرف الدين. لاحظ نتيجة المداقّة في التحليل اللغوي. عندما يشتبك علم المعاني في البلاغة مع النحو والصرف مع الإشتقاق يفتح آفاق في الدلالة عظيمة باهظة.
رحمة الله علی الشيخ آغا رضا المدني وكان تقريبا من زملاء السيد الكلبايكاني ومن تلاميذ الشيخ عبدالكريم الحائري وعنده دورة الحجّ والحدود والديات والقصاص وكان من الفقهاء وأدركناه رحمة الله عليه عدّة مرات. هو كان من أعضاء جلسة استفتاء الشيخ عبد الكريم الحائري وحسب ما ذكر كان مباحث مع السيد الكلبايكاني رحمة الله عليه. هذا الشيخ ذكر بنصّ كلامه: كنت أريد أدوّن رسالة عملية وعندي بحوث. فكانت هناك مدرسة مهمّة طلبوا منّي أن أدرّس مغني اللبيب وتواضعا ما أبيت ذلك، فدرّست دورة كاملة في ثمانية أبواب منه. قال رحمة الله: أعادوا ودرّست مرة أخری، بعد ذلك دوّنت دورة الحجّ ودورة القصاص والحدود فحصلت عندي قدرة تحليل لغوي ما كانت عندي سابقا. وفعلاً إذا تراجع مكتوباته تری أنّ عنده إثارات احتمالية في دلالة الروايات إمتاز بها.
ليس ضروري أن يكون الإنسان مجتهدا في علوم اللغة بل ضروري أن تكون عنده قدرة علی المراجعة وهذه ضروري ولازم أن يكون عنده فضل في علوم اللغة أنّه كيف يراجع المسئلة النحوية أو المسئلة الصرفية أو كيف يراجع المسئلة من فروعات اللغة أو البلاغي. أمّا حتّى إذا ليست عنده هذا المقدار قدرة في المراجعة لهذا الإختصاص يخلّ في الإجتهاد بلاشكّ يعني ضروري فضيلة وإلمام وإطلاع علمي عن علوم اللغة وعنده مرور. بين فترة وأخرى يفتح بعض المصادر أما إذا لم يكن عنده إلمام بالمرّة فيخلّ بالإجتهاد بلاشكّ.
يعني صحيح في الإجتهاد يقولون ليس من الضروري أن يكون المجتهد مجتهدا في النحو والصرف واللغة، صحيح لكن ضروري أن تكون عنده قدرة في المراجعة إلى المصادر. هذا المقدار بالقدرة لابدّ من عندة يعني يسمّوه فضيلة وإلمام لكن إذا تضلّع بلاشك تؤثّر كثيرا. يعني هذه العلوم الأخرى غير الفقه والأصول صحيح ليست دخيلة في الإجتهاد والفقاهة، لكن إذا كان متضلّعا ومتبحّرا وذو يد ومراس فيها بلاشكّ تؤثّر في قدرته في الإجتهاد يعني يزيد العيار النوعي لقوّته في الإجتهاد في الفقه حتّى أو في أي علم من العلوم الدينية.
الآن هذه القضايا نذكرها يعني سياغة علمية للأعلام وعبرة لهذه مراحل الإستنباط. العلامة سيد محمد مهدي بحر العلوم رحمة الله عليه كان فقيه ومرجع مع ذلك حسب ما ذكر في التراجم كان عنده مجلس عصري يومي في النجف الأشرف للمشاعرة(ندوة شعر) وهو أيضاً كان رحمة الله شاعر قويّ. كان فقيها ومرجعا وذا علوم وفنون لما يقيم يومياً عصراً ندوة شعرية؟ طبعاً هو عنده منظومة شعرية في الدورة الفقهية فيها أفضلية كربلاء من الكعبة وفيها الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وفيها أمور كثيرة ولائية وطابع ولائي قوي موجود في هذه المنظومة الفقهية لبحر العلوم رحمة الله عليه مذكورة في الجواهر. علی أي حال المقصود لماذا يقيم هذا العلم العيلم هذه الندوة الشعرية؟ ماعنده برنامج أخرى؟ لا. الشعر والأدب مستحب؟ ماذا؟ والوقت كالذهب كيف يصير وكان في بحبوحة المرجعية. لأنّ هذا في الحقيقة يرجع إلی أنّ العارضة الأدبية مهمّة في الإستنباط في العلوم الدينية. الحوزة العلمية بُعد الأدب فيها مهمّ. رحمة الله علی أستاذنا السيد محمد الروحاني أيضاً كان هكذا. يعني الحوزة العلمية تحتاج إلي عمالقة في علوم متعددة. تلاحظ واحد عملاق في النحو الضروري وجوده في الحوزة العلمية. عملاق في الصرف، عملاق في البلاغة، عملاق في الإشتقاق، عملاق في علم رجال العامّة وهو موجود طبعاً عند العرب ليس من رجال الدين. وكان الحاج محمد علی الكوفي متبحّرا في علم الرجال من العامّة. عملاق في التاريخ هكذا، يعني هذه العلوم المرتبطة قريباً ومتوسطاً بالإستنباط وبالعلوم الدينية تواجد عمالقة في الحوزة العلمية، كان ولازال يعني. وضروري جدّاً الأدلة الفلانية، المؤرّخ الفلاني، النسّاب الفلاني، المحدّث الفلاني، المتبحّر في الرجال الفلاني وتواجد أوتاد عملية في الحوزة العلمية ضروري جدّاً لأنّه بالتالي يصيرون مركز معلومات يمكن مراجعتهم والإستعان بهم. فهذه أمور جدّاً مهمّة بلاشكّ ولكن ليس فقط في الفقه والأصول بل في كل علم من العلوم المؤثّرة في الإجتهاد تواجد عمالقة وأوتاد جبال كبيرة بالعلم في الحوزة العلمية مؤثّر. إجمالاً هذه إطالة في نقطة العلوم اللغة مهمّة كيف تأثيرها وجزالتها في التحليل. نقطة أخرى بعد ترتبط بعلوم اللغة وفي نقطة ثالثة مهمّة ترتبط بتنقيح الموضوع وجدّاً مهمّة الثالثة.
النقطة الثانية في علوم اللغة لاحظوا كيف علوم اللغة تؤثّر في يوميات الإستنباط، سواء في المرحلة الأولی تنقيح فرض الفقهي أو ما سيأتي بعد من المراحل الأخرى. يومياً في يوميات الإستنباط والإجتهاد علوم اللغة تؤثّر يعني واقعاً الإنسان يندهش أنّ هذا المعنی الذي استنبطه المفّسر الزمخشري من آية المودّة كيف غفل عنه جلّ المفسرين من الفريقين؟ وهو روح بيت القصيد في الآية ويظهر مدی عظمة ولاية أهل البيت عليهم السلام في الدين. لانريد أن نخوض فيه لكن هذه نتيجة حذلقة أدبية. لاحظ السيد شرف الدين كيف يتنغّم ويروّی من هذه النكتة.
السيد شرف الدين كان من تلاميذ المرحوم صاحب الكفاية وزميل السيد البروجردي وحسب نقل السيد المرعشي كان السيد عبدالحسين شرف الدين درّس كتاب المطوّل ثمانية عشر مرّة. أنا أتذكّر أحد الإثنين من علماء الطرف الآخر من العلما الكبار عندهم كتاب في استبصارهم بكتب السيد عبىالحسين شرف الدين يقولون الذي جذبنا لهذا السيد هذا الكتابته «عن دليل» فهو سجع كأنّك تدخل في بستان. فلاحظ عامل أدب كيف تأثيره. مؤثّر مهما يكون. فعلی أيّ حال هذا الجانب مؤثّر.
النقطة الثانية: لاحظ علوم الأدب كيف تأثيرها في الإستنباط و و و. علوم اللغة هل هي مسندة بالأخبار صحاح؟ لا، كلّها مراسيل ومافيها جانب الاستقراء يوجب الاطمئنان والظنّ القويّ أو القطع ولا انفي. تراث كبير من علوم اللغة بلاشكّ باعتبار أنّها لغة القرآن ولغة الوحي وأعظم بها من هذا الجانب. لغة سيد الأنبياء ولغة الائمة صلّی الله عليهم. لكن هل معلومات الموجودة في علوم اللغة مسندة؟ ليست مسندة بل كلها مراسيل، فكيف يرجع إليها الفقهاء والمفسّرين والمتكلّمين؟ وهي تأثّر كما سيأتي لا فقط في المرحلة الأولی حتّی في المراحل النهائية في الإستنباط علوم اللغة تؤثّر. أين الخبر الصحيح؟ ماذا يجيب عن هذا علماء الأصول؟ يجيبون عنه.
قول اللغوي في نفسه ليس مسند وليس بحجة وليس متّصل، لكن مسير الإستنباط يعتمد عليه بدئاً وانتهائاً في يوميات الإستنباط، كيف تعتمدون علی المراسيل؟ فيه طبعاً مساحة بديهيات ومساحة قطعيات موجودة في علم اللغة ولاننفي لكن بالتالي هذه المرحلة المراسيل تخريجها موجودة عند علماء الأصول ونعم التخريجة.
قالوا: صحيح أن قول اللغوي ليس حجة وليس مسند بل إرسال من أشدّ المراسيل، لكن تخريج الصناعي ماهو؟ قالوا من تتبع كلماتهم وتظافر الإحتمالات والمحتملات بشكل منسّق صناعي علمي نصل إلی درجة الإطمئنان تراكم الإحتمالات نظرية صناعية. حين نصل للإطمئنان نؤمن الإستنباد. جيّد! هذا الوجه صناعي ممتاز اعتمد عليه الاصوليون في حجية علوم اللغة في يوميات مصيرية في الإستنباط. هكذا في تراث الحديث، افترض كتاب مراسيل في الحديث كتاب معتبر، ألا يلزم أيضاً مراعاة هذا المنهج تراكم الإحتمالات؟ تحصل استفاضة أو معنوية أو إجمالية أو وثوق اجمالي أو وثوق معنوي دون الإستفاضة اللفظية يعني هذا المنهج تراكم الإحتمالات هو منهج عامّ صناعي وليس تلاعبي.
طبعا مشهور علماءنا ينتبهون بهذا المطلب لكن الغفلة في جيل المعاصرين لا كلهم. الإرسال التراث ليس كإرسال كلمات اللغوي. في التراث قد يكون بواسطة أو واسطتين أو ثلاثة بينما ذاك بعشر وسائط. ثمّ المحتمل هنا خطير وذاك المحتمل ليس خطيرا. فقضية أنّ التراث إذا كان ضعيف اعزب عنه ليس كلام علمي بتاتا بل كلام جهّال. فيوميات الإستنباط بدئا وانتهائا تعتمد علی المراسيل في اللغة وفي الإستظهار. الظهور الظهور وهي مبنية علي المراسيل في علوم اللغة وفي تراث الحديث. قضية تراكم الإحتمالات شرحها الشهيد الصدر رحمة الله عليه في كتابه الإستقراء.
وطبعاً هذا المبنی كان من قديم الأيام يعني شرحه وبلوره الشهيد الصدر. تراكم الإحتمالات وتصاعد الإحتمال كمّاً وكيفاً. هذه نكتة مهمّة يجب أن نلتفت إليها. هو مبنى صناعي واحد وليس مخصوص التطبيق في كلمات علماء اللغة، لا هذا المبنی في تراث الحديث أيضاً موجود. إذن كفى هذه الغفلة فلننتبه إلي المشهور أنّ حتّی تراث الحديث الضعيف فيه تراكم احتمالي قد يولّد وثوق وقد يولّد الإستفاضة. غفلة مدهشة عجيبة مذهلة ثباتية.