41/11/06
الموضوع:باب الاجتهاد والتقليد
الاشكال علی الانسداديين في جواز الرجوع الی المجتهد علی مبناهم والجواب عنه
هناك إشكالات معروفة عند المدرسة الأصولية الإنفتاحية في قبال المدرسة الأصولية الإنسدادية. الإنسداد يعني طرق العلم للوصول إلی الحكم الشرعي منسدة، يعني في غير المساحات المعينة، طبعاً المراد منه ليس انسداد العلم فقط بل انسداد الطريق الظني المعتبر الذي يعبّر عنه بالعلمي، الطريق العلمي أيضاً منسدًفهذا يعبر عنه بالانسداد. طبعاً الانسداد كما مرّ بحثه في علم الأصول هو إمّا ينتهي إلی حكومة العقل بإجزاء مطلق الظنّ طبق النظام أو يكشف العقل عن أنّ الظنون كلها حجة بحسب ترتيب مراتبها ولذلك معروف عن الإنسداديين أنّهم لايضيّقون الروايات المعتبرة في خصوص الكتب الأربعة، بل كل مصادر تراث الحديث عند الإمامية يعتدون بها لأنّ الضابطة في الحجية عندهم حجية مطلق الظنّ وتخصيص الكتب الأربعة هذا من دعوی الكثير من الأخباريين وليست بصحيحة.
فالإنسداديون سواء الكشفيون أو الحكوميون(حكومة العقل) يجتز بالظنّ طبق مراتب والنظام وليس بنحو تكديس فوضوي، لا بل طبق نظام يذكرونه بشكل مفصّل، يعني بالدقة الإنسداديون يعملون بنفس المصادر التي يعمل بها الإنفتاحيون أو أوسع ولكن وجه عملهم به ومنشأه يختلف عن منشأ القائلين بالإنفتاح. إنفتاح العلم يعني فيما يعني أنّ أدلة خاصّة معتبرة دالّة علی اعتبار الظنون.
فستسجّل علی الإنسدادي هذه المؤاخذة ماهي؟؛ أنّك تقرّ أنّك ليس لديك العلم بالأحكام الشرعية، فحيث ليس لديك علم بالأحكام الشرعية كيف تفتي أو تقضي؟ بل كيف تعمل حتی برأيك ما دمت ليس لديك علم؟ هذا إشكال. فمن ثمّ إذاً لايجوز الرجوع إلی الإنسدادي ولايجوز تقليده ولايجوز تنصيبه في القضاء. هذا ملخص الإشكال.
لكن هذا الإشكال غير تامّ والوجه في عدم تماميته أنّ الإنفتاحي أيضاً تصيبه حالات ليس لديه أدلة اجتهادية وليس لديه أدلة أصول عملية فتنتهي النوبة إلی الأصول العملية العقلية وأصول العملية العقلية يعني عدم العلم، مع ذلك يفتي الإنفتاحي بالوجوب أو الحرمة. فهل هذا كان يسجّل الإشكال علی الإنفتاحي أنّه كيف يفتي مع أنّه ليس لديه العلم بالدليل الإجتهادي. عموماً حتّی الأصول العملية يعني عدم العلم. إن بني علی الحكم الظاهري فبالنسبة إلی الأصول العملية العقلية كيف؟ ظاهري عقلي وليس شرعي. لو كنّا نحن نجمد علیه إلّا بتقرير ما حكم عليه العقل حكم عليه الشرع فنفس الشي والانسدادي أيضاً هكذا . فهذا الإشكال من أصله لامجال له علی الإنسدادي .
هذا هو الجواب الأوّل لكن هذا الجواب فيه نكتة صناعية جدّاً مهمة وهي أنّ الإحتياط في الإستنباط لاينافي الفتوی بالوجوب أو بالحرمة، يعني إذا وصلت النوبة إلی إعمال الأصول العملية العقلية لاالشرعية فالنتيجة إمّا تكون إباحة أو حرمة أو وجوب وهذا لايخلّ بأن يفتي المفتي بالوجوب أو الحرمة أو الإباحة، مع أنّ النتيجة التي توصّل إليها هي عبر الإحتياط العقلي، يعني أنّ الأصول العملية العقلية وإعمال الأصول العملية العقلية أو الإحتياط العقلي في الإستنباط أو الإستنتاج لاينافي أن يفتي بالوجوب أو يفتي بالحرمة أو الاباحة، فاحتياطية الإستنباط لا يخل لأنّ النتيجة الفتوى...فلا يقال أنّه أفتی بغير علم، فلاتشمله الآية الكريمة «آلله أذن لكم أم علی الله تفترون» هنا يبيّن الفقيه من باب الوظيفة الظاهرية العقلية وما فيه اشكال. ليس ضرورياً أن يتقيّد الفقيه في الفتوی بمستند العلم، العلم التكويني أو العلمي أو الدليل الإجتهادي أو الأصل العملي الشرعي، أبداً بل يمكنه الإعتماد علی الأصل العملي العقلي والإحتياط العقلي مع ذلك يفتي بالوجوب، كما أنّ السيد الخويي رحمه الله عند ما لايجزم بحرمة حلق اللحية بلمكاسب المحرّمة وعنده إحتياط وجوبي يقول: رغم أنّه احتياط وجوبي إلّا أنّ عدم التزام المكلف بهذا الحكم وهو الإحتياط الوجوبي عدم التزامه به يوجب فسق ويخرجه عن العدالة. إمّا يقلد من يجوّز فعنده مبرّر وإمّا إذا لم يكن هناك من يفتي بالجواز بل الكل يفتي إمّا بلوجوب الفتوائي أو إحتياط وجوبي يبني السيد الخويي رحمه الله علیه على أنّه هذا المكلّف لاتثبت عدالته، لأنّه لم يلتزم بالوظيفة المقررة ولو عقلاً، فحيث لم يلتزم فهو خارج عن جادة الوظيفة الشرعية. لاسيما إذا استمر فيه فيصير مصرّ في كبيرة من الكبائر ولو ظاهرية، مع أنّ السيد الخويي لايجزم بالحرمة إلّا أنّ حلق اللحية بنحو مستمر يوجب الفسق وارتكاب كبيرة من الكبائر وهذه فذلكة لطيفة.
المقصود هذا شاهد ثاني علی أنّ الوظيفة العقلية الإحتياطية سواء أدّت إلی الوجوب أو أدّت إلی الحرمة أو أدّت إلى الإباحة هذه الوظيفة العقلية الظاهرية ملزم المكلّف بها وإذا رفع اليد عنها إذًا صار لاأبالي بالأحكام الشرعية. فالمقصود هذا المطلب إذاً الإحتياط العقلي في الإستنباط لاينافي كونه فتوی واستنباطاً واستنتاجا ووووو. هذا دأب الفقها في كثير من المسائل والفروعات. دليلك ماذا؟ يقول ماعندي دليل روائي ولا آيات قرآنية ولا أصول عملية شرعية عندي فقط دليل الأصول العملية العقلية البحطة.
هذه نكتة مهمّة جدّاً وهي أنّ الإحتياط العقلي في الإستنباط لاينافي كون نتيجة فتوائية ولو ظاهرية بحسب الوظيفة الظاهرية العقلية يفتي بها وليس افترائ علی الله. إذاً فتاوی الفقهاء من الأصل لم تنحصر بالدليل الإجتهادي ولا بالدليل الأصول العملية الشرعية بل تشمل الأصول العملية العقلية والأصول العملية العقلية هي بالتالي ليست علم ولا علمي، لكنّها تقرر الوظيفة الظاهرية العقلية ويفتي بها المفتي.
اتفاقاً الرواية أيضاً هكذا؛ «أخوك دينك فاحتط لدينك» يعني لسان الإحتياط في كثير من الموارد حتی القدما منهم الطوسي والمفيد والمرتضی وغيرهم أحد توجيهاتهم لأدلة الإحتياط عند الاخباريين علی أنّها إلزامية في الشك (انهم يبنون علی الاحتياط في الشبهة التحريمية الحكمية لاالبرائة لكن في الشبهة الوجوبية يبنون علی البرائة) الأعلام كالمفيد والطوسي والمرتضی يبنون علی أنّ هذا اللسان الاحتياط في الروايات أحد التوجيهات فيها أنّها صيغة احتياطية في الإستنباط وما فيه مانع، فكل ما يقال في مبرّر الإستناد في الأصول العملية العقلية يقال هكذا هنا في احتياط في الإستنباط، طبعاً أيّ فقيه يستطيع أن يفذلك قالب الإحتياط في الإستنباط هذا ليس بشيء سهل لأنّ الاحتياط في الإستنباط يمكن يكون احتياط متعجرف جدّاً يسبّب الارباك والهرج ويمكن أن يكون احتياطا كما مرّ بنا أمس مزج بين الإجتهاد والإحتياط ومزج بين التقليد والإحتياط، شيء من مقبلات الإحتياط مع شيء من الإجتهاد ومرّ بنا كلام الشيخ الانصاري يعبّر عنه بالإحتياط الأكبر. مو الكبير عند إصطلاح الشيخ الأنصاري في تنبيهات القطع في ردّ الميرزا القمّي ويقول: فيه الإحتياط الكبير وهذا هو المعروف إمّا يجتهد أو يقلّد أو يحتاط وهناك احتياط أكبر يعبّر عنه الشيخ وماهو هذا الإحتياط الأكبر يا شيخنا الأنصاري؟ يقول المزج وهذا المزج لاإشكال فيه سواء مزج الكل في الكل أو الكل في البعض، فلم يخلّ هو بشيء. هذا يفتح باب كثيف في فذلكات التقليد لكثير من الفضلا أو الكبار قد يغفل عنها هذا المطلب وهو أنّ المقلّد ليس ملزم أن يقلّد بل يستطيع أن يحتاط من دائرة المتصدين وليس ملزما أن يرجع إلی الأعلم بل يجمع وليس احتياط كبير أكبر بل احتياطاً في التقليد وهذا أسلم عند الكل من أن يتبع الأعلم لأنّه يأخذ العقل الجمعي والصلاحية الجمعية.
فلاحظ الإحتياط في التقليد ما فيه اشكال وليس بمعنی الاحتياط الكبير لو صعب على المكلّف، لا يدري الآن أصحاب الفتيا كانوا خمسة، عشرة ممن هم محل إعتنا. يعمل بأحوط الأقوال بكل مسئلة وما فيه أيّ اشكال وليست بالحرج ولا ولا ولا ولا ويكون أحوط في إدارة الأمور.لأنّه ليس احتياط ابتدائي ومطلق إنّما هو تقليد لكن يجمع بين التقليدات المختلفة لأنّه قدما يشابه الأعلام ليس أعلى في كلّ الأبواب أو كذا أو كذا أو أو. فلمّا يجمع بين الأقوال غالبا سيرة الأعلام ترجيح الإحتياط في التقليد ولو بين الاثنين أو ثلاثة أربعة عشرة خمسة عندهم ترجيح الاحتياط في التقليد علی التقليد أبرء للذمة.
أيام السيد اليزدي والآخوند والشيخ زين العابدين المازندراني وإلي ماشاءالله كثير من الفضلا كانوا يجمعون بين الفتوائين وكانوا يجمعون في الإحتياط في التقليمي دون أصل، لا! لأنّ الأقوال محدودة. المهم نرجع إلی هذا المطلب وهو أنّ إذاً مزج الإحتياط في التقليد أو مزج الإحتياط في الإجتهاد لاغبار عليه ولايتعيّن علی المكلّف أن يباين بين هذه الطرق، بالعكس هذا هو الأفضل جدّاً. علی أي تقدير فهذه نكتة لطيفة أنّ قضية الإحتياط كيف مجالها واسع في الإستنباط وليس فيها افتراء علی الله ولا ولا ولا لإنّ هذه نوع من تعيين الوظيفة الظاهرية العقلية وما فيه أيّ اشكال.
علی ضوء هذا لايأتي علی الإنسدادي هذا الاشكال. لاحظ هذه زوايا في الأصول وزوايا في الفقه مغفول عنها والحال أنّها مهيمنة علی أبواب الأصول ومهيمنة على أبواب الفقه. نكتة جدّاً مهمّة إذا واحد لم يدرس الإنسداد ولم يدرس الإنسداد أين له أن يعلم هذه النكات التي حضرها الأعلام.
أذكر نكتة نفيسة جوهرة ثمينة أخری أنا شخصياً أيام دراسة السطوح درست الإنسداد مرتين ودرّست مرتين، كم ثمار دسمة عجيبة في الإنسداد منها حتّی كثير من الأعلام يترجّل ماذا معنى أصول الدين وما معنى أركان الدين. هذا هناك الأصوليون نقحوه لأنّ هذا المبحث لا هو كلامي بحط ولا هو أصولي بحط ولا هو فقهي بحط بل برزخي بين العلوم الثلاثة ونقّحه الأعلام بشكل جيّد في تنبيهات الإنسداد، لاسيّما الإنسان إذا لاحظ حواشي الرسائل الدسمة أو حواشي الكفاية الدسمة في بحث الإنسداد. الصورة واضحة. أي علم من الأعلام لايخوض فيه يبقی غافل عنه.
مثل ما مرّ بنا في مبحث الطهارة أنّ الإسلام مطهّر والكفر منجّس، هناك بحث الاعلام أنّ المذهبية ما هي معناها؟ اتفاق المسلمين بما فيهم الوهابية أنّ أصول الدين لاتنحصر بالإسلام الظاهري حتّی الوهابية. وكيف الوسط الداخلي يقولون أنّ ما اتفق عليه المسلمون هو من أصول الدين وما اختلفوا فيه ليس من أصول الدين. حتّى الوهابيون لايقبلون ولايقبلون الحنابلة وأنت تخالف الحنابلة والحنفية وتنكر الضرورة في كل المذاهب الإسلامية لأنّ ضرورة المذاهب الإسلامية أنّ أصول الإيمان هي من أصول الدين وهي غير الإسلام الظاهري. الوهابية يقولون بذلك والحنفية والحنابلة والأشعرية والمعتزلة يقولون بذلك وأنت تأتي بشيء خلاف ضرورة المسلمين، غاية الأمر خلافهم في أن ما هي أصول الدين؟ أنت أصلاً لو تطرح ما تذكر يقولون أنت مرتدّ على الإطلاق. هذا هو مبناهم لأنّهم مسلّمين أنّ أصول الإيمان...الآن نقول الأول والثاني من أصول الإيمان وكذا، هذا بحث آخر. أنت مايصير تتخطّى ضرورة من ضروريات المسلمين.هذا مشرب مشرب حداثوي، مشرب علماني، ماهو؟ بالتعبير الحجاؤي إش هاذ الكلام؟ بيني وبينك في كلّ الكتب الكلامي في كل المذاهب الإسلامية حتی العباضية وهذه غفلات خطرة. لايمكن الضرورة تتقيد بالارتضاء. الضرورة لها أدلتها الواقعية ليس لها ربط بالقبول واللاقبول، هذا من أين ما سمعنا به من الاولين أنّ الضرورة تتقيد بالارتضاء واللا ارتضاء. أي الكلام هذا؟ الضرورة لها ادلتها الواقعية، من أين هذا الكلام، قلصوا الاسلام شويه شويه، بعد فترة حتى الصلاة لا يرتضون بها، الحداثويين هم مسلميم، فشيل الصلاة شيل الحجايب شيل ..، كل ما يبثه الحداثوين قصها! يقول هذا ليس من الضرورات! عجيب! إلى أين نريد نصير، أعوذ بالله ، موازين، والله علم الاصول الحل، يا ريت من التزم بعلم الاصول، انما هذا شعار وليس تقيد والالتزام.
المهم هذه النكات مخرن فيه جواهر ثمينة لا نريد نغادر بسرعة وان شاء الله نكمل.