الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: باب الإجتهاد والتقليد

التجزّي في الإجتهاد، امكان وقوعه وآثاره

كان الكلام في التجزّي والاطلاق في الإجتهاد والفقاهة، هل التجزّي في الإجتهاد ممكن وقوعا موضوعا أم لا؟ ثمّ إذا كان ممكنا موضوعا هل تترتب عليه آثار الإجتهاد كلّها أو بعضها أم لا؟ ومرّ أنّه جملة من الإشكالات عنونها الأعلام بعدم إمكان وقوع التجزّي في الإجتهاد ومرّ الإشكال الثاني وهو أنّ القواعد العامّة في الإستنباط في كلّ الأبواب لابدّ للمتجزّي أن يطويها كي يتمكن من الإجتهاد فإذا طوی القواعد العامّة سواء الأصولية أو الفقهية العامّة الكل الأبواب كان هذا المتجزّي أقرب ما يكون إلى أنّه مجتهد مطلق ولس متجزّي. هذا تقرير الإشكال الثاني.

ومرّ الإجابة بأن الاستنباط كعملية الإجتهاد المشهور المعروف أنّها تمرّ بثمان مراحل، أربعة منها فقهية وأربعة منها أصولية، كما أنّ الاستنباط يمرّ بمقدمات إلی أن يصل إلی النتيجة وعلی ضوء هذا الهيكل للإستنباط لايمتنع أن يكون المبتدئ في الإجتهاد المتجزّئ من بعض المقدمات دون بعض وبعض المراحل دون بعض، كتجزّي وتبعض في الإجتهاد وقوعاً ممكن. الآن هذا التجزّئ والتبعض لايترتب عليه بعض الآثار أو كل الآثار فهذا أمر آخر. يعني يجب أن لانخلط في الأشكال بين آثار التجزّي في الإجتهاد هل تترتب عليه الآثار أم لا تترتب وبين وقوع نفس التجزّي. لما هو مقرر عندهم أنّ هذا المتجزّي إذا اجتهد ولو في مقدمة من مقدمات عديده في الإجتهاد أو مقدمة يسيرة لغوية أو مقدمة فقهية أو مقدمة أصولية وتكوّن له رأي في مقدمة من المقدمات العدىده فلايصحّ له أن يرجع إلی غيره في تلك المقدمة، فلو علم أنّ الأعلم بنی نتيجته في فتوی علی خلاف هذه المقدمة التي هو اجتهد فيها هنا لايسوغ له الرجوع إلی الأعلم، إمّا أن يحتاط أو أو أو... فبالتالي إذن أثر وقوع التجزّي بعرضه العريض ممكن وموجود وترتّب الآثار وترتّب بعض الآثار منها عدم جواز الرجوع إلی غيره. نعم، في بقية المقدمات التي لم يجتهد فيها يرجع إلی غيره أما في خصوص هذ المقدمة سواء مقدّمة لغوية أو مقدّمة حيثية مثلا هو بارع في علم الحديث ويعلم بأنّ هذا الأعلم غفل عن متن الحديث وشبك بين متن الحديث وكلام مثلاً الصدوق أو النسخة الأصحّ هي كانت كذا وليس النسخة التي اعتمد عليها هذا الأعلم أو طريق الرواية أو أيّاً ما كان، فهذه المقدمة الوحيدة التي هو تمكّن من هذا المتجزّي إذا علم أنّ الأعلم اعتمد علی خلافها أو الآخرين حتّى، لايسوغ له الرجوع إليهم فإمّا أن يحتاط أو يركّب أو غيره. فأقل التقدير هو لايجوز له الرجوع إلی الأعلم أو الرجوع إلي أخرين الذين خالفوا في هذه المقدمة. فرض أنّه عن علم علم بأنّ مفاد هذه اللغة أو متن الحديث أو الأقوال وهلم جرى

الوحيد البهبهاني رحمة الله عليه وابن أخته صاحب الرياض السيد علي في الإتمام في بقية المراقد المعصومين صلوات الله عليهم قال إن التعليل الموجود في صحيحة علی بن مهزيار صناعةً مقتضاه التخيير بالإتمام في كل مراقد المعصومين ووجه صناعي تام، لكن ماذا نصنع أنّ المشهور لم يذهبوا إليه؟ سيما القدماء. هذه مقدمة في الأقوال غفل عنها الوحيد البهبهاني يعني هي مانعته عن اإاعتماد بصحيحة علی بن مهزيار مع أنّه في روايات عديدة أخری موجودة أحدها صحيحة علی بن مهزيار. فهنا كيف يعتمد عليه ويلتفت أنّه منشأ عدم ذهابه كذا من جهة الغفله وعدم الإطلاع ومن هذا القبيل موجود كثيرا.

فإذاً التجزّي ولو في مقدمة واحدة من مقدمات العديدة في الاستنباط إذا تمكّن من تعلّمها والإجتهاد فيها وقوعاً هذا متجزّي ولو في هذاه المسئلةة لأنّه كما مرّ بنا التجزّي ذو عرض عريض، درجاته لاتحصى في مقدمات الإجتهاد مثل علم الرجال وعلم الحديث وعلم اللغة وجمع الأقوال وشروح الحديث.

- في الرد عن بعض الأسئلة: ففي هذه المقدمة لايصحّ أن يرجع إلی غيره لأنّه يعلم بأنّه أخطأ في استنباطه. كيف يرجع إليه؟ مثل أن الأعلم حسب أن متن الصدوق هو متن الرواية في الحال أنّه كلام الصدوق ليس له متن الرواية وإلی ما شاء الله من هذا القبيل موارد موجودة، هنا لايسوغ له لأنّه لايقال الجاهل يرجع إلي العالم. هو عالم لأنّ هنا بالعكس غفلة صارت عند الأعلم أو عند المراجع الذي يسوغ لهم، غاية الأمر يحتاط أو يلفّق ويركّب بين الإجتهاد والتقليد كما سيأتي في بحث محمول.التجزّي والإجتهاد يمكن تركيبها مافي أي مانع.

أتذكر أول مسئلة في خمس قلت لأحد أساتذتنا أن كل ربح له سنة خمسية أو مجموع الأرباح؟ والشهيد الثاني رحمة الله عليه اعتمد علی فذلكة في التركيب وتبعه السيد الخويي وواضح أنّها غفلة ولايصحّ الإعتماد عليه. هذه مقدمة وهي أنّ هل لكلّ ربح سنة أو مجموع الأرباح؟ علی أية حال نكات لانريد أن ندخل فيها. هو اعتمد علی تركيب لغوي وأنا بيّنت لأستاذنا السيد الروحاني أنّ هذه المقدمة كذا وكذا. قال بعدلاترجع إلي السيد الخوئي في هذه المسئلة لأنّه أنت التفت بالشواهد الموجوده فكيف ترجع؟ فالمقصود هذا المطلب أنّ التجزّي في مقدمة أو مقدمتين قابل للتصوير إلی ماشاء الله.

مثلاً في مسئلة من زنی بذات بعل، المعاصرين غفلة لغوية عندهم يقولون مافي دليل. الدليل من القرآن والروايات موجودة غفلة لغوية بيّنها الراوندي وجملة من القدماء، قريب من ثلاثة عشر علم من الأعلام بيّنوها. الآن واحد التفت فرض متجزّي عرف أنّها غفلة عندهم اشلون يقول أحوط وجوبي أو أحول استحبابي؟ بل هنا جزم بالحرمة الأبدية أنت أتيت غفلة في لغة. لغة لكن تغلب الإستدلال والإستنباط مئة وثمانين درجة. طبعاً، من هذا القبيل إلي ما شاء الله. و فعلله وتفعلله.

رحمة الله علی السيد الخويي في بداية المقدمات معجم الرجال يقول بأنّ الكافي فيه ما هو مقطوع عدم الصدور أو مقطوع الوضع. ماذا هي؟ الماهية. تركيب الرواية اللغوي السيد الخويي صاغ بطريقة...هي غفلة فيها لأن الرواية مضمونه مطابق الموازين ولكن استظهار السيد الخويي جعل يجزم ويتجزّم بأنّ هذه الرواية قطعية موضوعة. من هذه القبيل الغفلات موجودة. المعصوم لايغفل وغير المعصوم... نحن مدرسة علماء الإمامية مدرسة تخطئة يعني يمكن الخطا. كلشي موجود مافي أيّ مانع ومن هذا القبيل كثير كثير. فالتجزّي واقع كثير جدّاً وذو عرض عريض. الآن هل تترتب عليه الآثار أو لا تترتب عليه، هذاا بحث سيأتي في بحث محمول التجزّي لكن أصل التجزّي قابل للتصوير إلى ما شا اللهز

لذلك طلبة العلوم الدينية كلّما أتقنوا دروس المقدمات ودروس السطوح العالية، في الحقيقية هذه كمسمار تؤثّر في البنية العلمية إلی آخر حياتهم علم الصرف وعلم البلاغة والنحو واللغة والمنطق وغيرها. فهذه الأمور لايستهسل فيها الإنسان، إي نعم كثير كثير موجودة.

فإذاً وقوع التجزّي ممكن. أصلا تلاقائيا هكذا، الملكة حتّى المطلق أو الملكة المطلقة في الإجتهاد أو في غالب الأبواب غالباً ما تقع دفعة كما استدل صاحب الكفاية لابأس به يقول بأنّه إذا افترضنا بس الإجتهاد إذا تكوّن وتحقق لابدّ أن يكون مطلق وإلّا فلا ويقول هذه طفرة . صحيحة يعني نهايتاً المقدمات تنبني كملكة علمية لدى الباحث شيئاً فشيء وهلم جرى وإلى ماشاء الله. والعلم لايرحم أحد يعني العلم هو واقع موضوعي. من أتقن المقدمات والإستنتاج وصل إلی النتيجة السديدة يعني ولو حسب الموازين ومن غفل عن مقدمة بالتالي فالنتيجة ستكون غير سديدة. لذلك الفقهاء والأصوليون عنونوا في باب الإجزاء في علم الأصول هل الإجتهاد التخيّلي يجزئ أم لا؟ التخيّلي يعني مجتهد أو فقيه بس عنده غفلة في أحد المقدمات طبعاً علی فرض وجود شواهد لها. فهل هذا يجزي؟ قالوا لايجزئ لأنّ هذا ليس حكم ظاهري بل تخيّل أنه حكم ظاهري. الحكم الظاهري هو الذي ينسّق ويرتّب علی موازين منضبطة ولو ظاهرية أمّا إذا صارت غفلة في الموازين، لا هذا ليس حكم ظاهري. صورته حكم ظاهري لكن واقعه حكم تخيّلي والحكم التخيّلي لايجزئ لا لنفس المجتهد ولا للمقلّدين كتخيّلي إلّا من باب بحث آخر أنّه الخلل في الغير لاكان تجري بعض القواعد في بعض الأبواب تدلّ على اليجزئ هذا أمر آخر.

فالمقصود أيّاً ما كان مسلك المخطّأة وهو مسلك الإمامية بخلاف مسلك المصوّبة من أشاعرة أو معتزلة أو غيرهم، مسلك المخطّأة هذا هو أنّ المواقع الموضوعي لمقدمات الإستنتاج والإستنباط لاتعرف صديق ولا بعيد. هي موازين من أتقنها بحسب الموازين الظاهرية سليمة من لم يتقنها غفل ولو ولو في كذا في كذا.

الله يرحمه السيد الكلبايكاني كان يصرّ كثير أنّه إذا واحد يريد يستظهر من رواية أو آية يقول لا تستظهرها في ذاكرتك خلّ الآية والرواية قدام عينيك ودقق لفظة لفظة. طبعاً هذه توصيته ليس أمر هيّن ويعبّرون عنها الآن في علم المعرفة بتمركز الفكر في نقطة (باوربوينت على قولهم) لما؟ لأنّ الإنسان يفوه نفس التركيب الألفاظ، إستنتاج الألفاظ و قد يغفل عن واو أو ال والظهور كلّه يختلف، بخلاف إذا استظهر المجتهد سواء متجزّي كان أو مطلق أو فقيه إذا استظهر وهو يحدق النظر والفكر في كلمة كلمة وحرف حرف أمام عينيه، هنا يقلّ نسبة الغفلة والخطأ والإشتباه في كيفية صياغة الظهور وما أكثر ذلك.

معروف أنّ أحد الأعلام من قبل سبعين سنة كان يبحث ستة اشهر أو ثلاثة اشهر حول آية وفي النهاية انتبه أنّ أصل الآية في القرآن غير ما قرره. صاحب الحدائق رحمة الله يقول أنّ الأعلام عندهم في آية التيمم كذا كذا والحال أنّ أصل الآية لفظتها غيرها. لاحظ وإلي ماشاء الله يمكن اتصير غفلة قرون ومن هذا القبيل كثير لأنّ العصمة لأهل البيت صلوات الله عليهم.

اجمالاً فإذاً التجزّي قابل للتصوّر ويقع فيه ولو في مقدّمة من مقدمات ويسمّی تجزّي وليس إجتهاد مطلق قابل للتصوير فوقوعها إذن لاكلام فيه.

وسبق أن مرّ بنا أنّ الملكة العلمية صحيحة وإن كانت بسيطة يعني هيئة. بسيطة في هذا المعنى. بسيطة في التركّب الأجزائية ليست بسيطة عقلية يعني ليست مركّب ذوأجزاء مقدارية. لكن لايعني ذلك أنّها بلحاظ متعلّقها لاتتبعض، بلحاظ متعلّق أو مقدمة أو مسئلة قابل للتصوّر. هذا من جهة الموضوع إذن التجزّي قابل للوقوع وهو ذو درجات عديدة جدّاً وهذا تمام الكلام في الموضوع أنّ المتجزئ يقع أو لايقع وهذا في كل العلوم وليس فقط في علم الأصول أو علم الفقه.

ماذا عن الآثار؟ هل يترتب على التجزّئ آثار أو لا؟ يعني يجوز أن هو يعمل لنفسه أم لا؟ هذا أثر آخر هل يجوز بغيره الرجوع إليه أم لايجوز؟ هو يفتي مثلاً؟ يصير أم مايصير؟ أم لايجوز؟

أثر ثالث هل يجوز أن يقضي في ما عَلِم طبعاً من المسائل أو لا يجوز؟ صاحب الجواهر في بحث القضاء ذهب إلی الجواز، جواز أن يعمل برأيه وجواز أن يفتي وجواز أن يقضي طبعاً في ما علم.

في الردّ عن بعض الأسئلة: الأعلمية بحث آخر. البحث في أصل الجواز. المهمّ أنّ صاحب الجواهر ذهب إلی الجواز وترتّب الآثار علی المتجزّي. صاحب الجواهر رحمة الله عليه حتّی عند الغير المتجزّي من الفضلا يجوز له أن يقضي لكن بفتوی غيره. يعني يفصل النزاع بالفتوی. هذا البحث سيأتي التعرض إليه اجمالا.

إذاً ثلاثة آثار: هل يجوز له أن يعمل برأيه لنفسه أم لا؟ أثر ثاني هل يجوز له أن يفتي لغيره وفق التجزّي أم لا؟ والأثر ثالث هل يجوز له أن يقضي أم لا؟ إن شاء الله نتعرض إلى ذلك مفصّلا.