41/10/14
الموضوع: معنی الاجتهاد
معنی النصكان الكلام في تعريف الاجتهاد وهو عملية علمية للاستنباط وأنه كيف يمكن تعريفه، باعتبار أن هناك جدلا علميا ولغطا بين العامة أو في ما بين الخاصة بعضهم البعض في تعريفه. فالتعريف العلمية للاستنباط أمر مهم جدا ولأن الاجتهاد عملية علمية للاستنباط فبالتالي مرتبط وتيدا بنفس تعريف علم أصول الفقه وعلم الفقه وفي الحقيقة العلوم الدينية كلها لان العلوم الدينية عموما فيها الاستنباط وليس الاستنباط كعملية علمية خاصا بفقه الفروع، لاسيما ما سياتي من توسعة عنوان الاستنباط انه ليس فقط الاستكشاف الظني، مع أن الفقه هو فهم الدين عموما وليس خصوص الفروع، فأين استعملت مفردة الفقه في الآيات والروايات استعملت بمعنی مطلق المعرفة الدينية لاخصوص فقه الفروع. فلأن العمل العلمي في الاستنباط مرتبط بالعلوم الدينية من جانب ومن جانب آخر مرتبط بأصول الفقه فمن كلا الجانبين مرتبط بعلم الأصول والفقه ومعرفة العلوم الدينية.
فما هي عملية الاستنباط؟ هل هي عملية سنخها يختلف من مذهب لآخر أو في داخل مذهب واحد من مدرسة لآخر ام ماذا؟ فبالتالي يقودنا الی البحث عن مسئلة الاستنباط.
مر بنا جملة من النقاط منها مدرسة النص ومدرسة الاجتهاد وهذا البحث حساس ومؤثر علی مسئلة الاستنباط وعملية الاجتهاد، ما هو النص في مقابل الاجتهاد؟ فربما كثير يظنون معنی النص هو المعنی المتقرر في سطح دلالة ألفاظ الكلام الواردة من الشارع، سواء من الكتاب أو من السنة ومر أن للنص عدة معان، لكن ليس المراد من الاجتهاد في مقابل النص هذا المعنی بل المراد من النص في مقابل الاجتهاد هو الوحي فإذا بني علی الاجتهاد في مقابل الوحي فحينئذ يقابل النص علی الاجتهاد.
هذا في مطلق العلوم الدينية وقد يتسائل سائل أن العامة يستندون الی النصوص الوحيانية، فكيف الاجتهاد في مقابل النص؟ أتذكر أ» في القرآن الكريم خمس موارد أو اكثر مرت الإشارة اليها مثلا بحث القياس ما هو معنی القياس؟ القياس بحسب استعمالات القرآن الكريم له معنی غير المعنی المشهور الان في الاذهان. سنخوذ فيها إن شاء الله. يعني الايات والروايات تشير الی معنی للقياس يختلف عن المعنی المشتهر في الأذهان والا المعنی المشتهر في الاذهان بديهي البطلان. إن شاء الله نخوذ فيه باعتبار أن أحد مناشئ وموازين ومصادر ومدارك الإجتهاد عند العامة هو القياس وسيأتي أن معنی القياس ليس خصوص المعنی المشتهر في الاذهان وان كان من مصاديق ذاك المعنی وفيه معنی ليس في أذهاننا من القياس والحال أنه في الآيات والروايات من القياس. المقصود فالآن في الاجتهاد مقابل النص معنی النص هو الوحي ومطلق طبقات الوحي وليس خصوص السطح الظاهر من اللفظ.
من العناوين والمفردات القريبة من النص هي التوقيفية والتوقيتية. التوقيت ليس بمعنی الوقت. (إن الصلوة كانت علی المؤمنين كتابا موقوتا) ليس بمعنی الزمان بل التوقيت بمعنی المقيد بقيد زماني أو مكاني. لذلك مواقيت الحج مواقيت وقتها رسول الله صلی الله عليه وآله يعني قيد الإحرام أن يكون منها. في زمن الأنبياء السابقين والنبي موسی كان لازما علی المحرم أن يخرج من بيته محرما كما في روايات أهل البيت، فالتوقيت يعني التقييد من الشارع ومتقارب مع التوقيف.
معنی التوقيف ماهو؟ مثل النص، الكثير يتبادل الی ذهنهم وليس بصحيح أن التوقيف يعني النص الخاص. يعني السطح وظاهر الدلالة الخاصة وهذا ليس معنی التوقيف أو التوقيت. بل التوقيف والتوقيت بمعنی مطلق الوحي مثل العام والخاص وكأن إذا ورد دليل عام لايقبلونه لأنه ليس توقيفا وعجيب. عندهم الخاص مشرع أما العام ليس بمشرع وهذه ذهنية عجيبة وغريبة. لماذا الخاص مشرع والعام ليس بمشرع؟ والحال أن العام بحسب علم القانون أشد أصالة في التشريع من الخاص. الخاص ليس تشريعه في طبقة العام. فعلی أي تقدير التوقيف ليس معناه الاستناد الی نص خاص بل سواء أن تستند الی نص عام أو نص خاص كما ذكره علماء الأصول طبقات ومراتب الدليل هو التوقيف والتوقيت. من جانب آخر إذا ورد نص عام لايستندون اليه.
بعض القشريين من الأصوليين أو الاخباريين عندهم مسلك أن النص هو دلالة الألفاظ علی المعنی في سطح الظاهر بشكل بين لاتحتمل دلالة آخر. هذا أحد معاني النص في مقابل الظهور والظهور له معان عديدة لأن الظهور بالمعنی الأعم شامل للنص بالمعنی الضيق هذا. صاحب الجواهر يقول لو كنا نريد أن نبني الفقه علی النص بهذا المعنی لايبقی عندنا دليل في الفقه مع أن البعض من الذين يدعون انه صناعي يقولون نريد الدلالة بهذه الدرجة. علی أية حال لو كان عندهم التضلع والتبحر في الفقه أو في أي علم من العلوم الدينية يوفر للمجتهد والفقيه كثرة الأدلة وليس ضروريا كما يقول صاحب الجواهر أن نحصر الاعتماد في الأدلة علی خصوص المعنی في سطح اللفظ بحيث أن اللفظ لايحتمل غيره. طبعا الإفراطيون من الأخباريين والأصوليين عندهم هذا المبنی لكن هذا يسمَون قشريين لأنهم لايعتمدون إلا علی السطح ولايغوصون في الأدلة ويبنون علی أن الغوص متاهات والتلاعب بالأدلة. إذاً عملية الاجتهاد وعملية الاستنباط والتفقه في أي علم من العلوم الدينية لايمكن حصرها بسطح الأدلة لأنه لو كانت في سطح الأدلة فكل هذه الجهود العلمية من علماء الإمامية حتی غير الامامية كثير منها متوغل في النظرية يجب أن نقول كلها ليس مستندا الی دليل شرعي فلايمكن الاعتماد علی هذا المبنی .بعض علماء الامامية فضلا عن غير الامامية حتی بعض الوهابية هذا المسلك في الاجتهاد عندهم أنك تأتيني بالمعنی الموجود في سطح الالفاظ بشكل لايحتمل غيره.
الوهابية مذهب ممتد من الحنبلية عندهم مشرب بهذا المعنی وهم نصوصيون لكن حصر الدين فقط في هذا المقدار من الأدلة خلاف الضرورة. هذا موجود في الامامية سواء من الاخباريين أو الأصوليين الی حدّ ما.
فيه مسلك أشد إفراطا وهو المعنی الموجود في سطح الألفاظ بحيث لايحتمل غيره وويكون من لفظ واحد من رواية واحدة أو آية واحدة ولايقبل الجمع من روايات عديدة. يريدون التعامل مع الرواية بمفردها وفي الرواية الثانية التعامل معها بمفردها وعندهم نوع من بعثرة الأدلة وتوزيع الأدلة وهذا إفراط عجيب. سواء عند الوهابية أو الحنابلة أو الظاهريين عند العامة أو عندنا بعض الأخباريين أو بعض الأصوليين. كأنهم يتعاملون مع الروايات والآيات أن كلا منها دليل مستقل. إما أن يتم باستقلاله أو لا. كل دليل عندهم دولة مستقلة وهذا عجيب وإفراط في السطحية بشكل أكثر. هذه الإفراطيات موجودة وليس اجتهادا بل في الحقيقة رواة. رواة العلم كثيرون ورعاته والدرايون فيه قليلون. هذا المعنی نوع من السطحية جدا. بينما لايحصر الاستدلال والاستنباط والاجتهاد علی هذا الضيق من السطح.
هذا الافراط موجود عند الوهابية والحنابلة والبعض هكذا يقبل المعنی في سطح اللفظ بشكل بين لايحتمل غيره ولايجتمع مع الروايات الأخرى بل هو بمفرده.
في السند أيضا، هذه الرواية هي هي لاغير ولاتنضم أسانيد الروايات بعضها مع البعض. لادلالة الروايات والايات يجتمع مع بعضها البعض ولادلالة الطرق مع بعضها البعض.
عندنا التواتر في الطريق والصدور وعندنا التواتر في الدلالة وهما يختلفان وأيضا عندنا التواتر في جهة الصدور. يعني أن واحدا يقول أن هذه الرواية ليس مذاق أهل البيت فتقية في جهة الصدور، إذا التقية في مورد وموردين و ثلاث مع أنه إذا تواترت لدينا أن مشي أهل البيت هكذا كيف تحمل هذا المشی علی التقية. كمثال هنا جملة من الاعلام حملوا كل ما ورد عن الائمة حول زيد الشهيد علی التقية أو أي عمل مسلح قالوا نعلم بأنه ليس مذاق أهل البيت فكلها علی التقية، حتی لو كانت صحيحة السند. الروايات الواردة في مدح زيد ومنهج زيد أو الحسنيين تحمل كلها علی التقية لأن ممشاهم شخصا ليس هكذا. في الحسين سلام الله عليه قضية في واقعة. فعلی أي تقدير الأزمة في الاستدلال ليس منحصرا في الدلالة أو في الصدور بل موجود أيضا في جهة الصدور. يقولون ذاك الموقف من موسی بن جعفر تقية وذاك الموقف من الامام الرضا تقية. بأي دليل؟ كأن عندهم أمر مسبق علی مطلب معين يحمل جهة الصدور في روايات عديدة علی أنها تقية. لازم أن نلتفت الی أنه موضع أو موضين أو ثلاث أو اربع أو عشرة فبأي وجه نحمل كلها علی التقية وبأي شاهد؟ فهذه أيضا مسئلة حساسة أن التواتر أو الاستفاضة تارة في الدلالة وتارة في الصدور وتارة في جهة الصدور.
أصحاب هذا المسلك الإفراطي في السطحية والظاهرية لايقبلون التواتر في الصدور إلا بشكل مشدد. كثير من الوهابية علی هذا المسلك، لايقبلون أن كل طريق علی حدة من الروايات صحيحة الصدور ومعتبرة الصدور كي يتشكل التواتر في الصدور والطريق حتی هذا المذهب الافراطي في السطحية موجود عندنا. لماذا الشيخ المفيد يشدد في الرد ويقول هذا مسلك القشرية وهذا أيضا يسمی أيضا مسلكا أصوليا وهذه أزمة للأسف والمسلك الاخر ليس أصوليا ويسمی مسلكا حشويا أو قشريا أو أخباريا وهذه أزمة اكثر. مع أن التواتر ما أخذ في تعريفه في كل كتب الأصول أن مفردة الطرق في كل رواية رواية يجب أن تكون معتبرة الصدور أو صحيحة الصدور بل التواتر في الصدور عبارة عن اجتماع الطرق يقطع بعدم تواطئهم علی الكذب، بلوغ عدد الطرق كما وكيفا الی درجة يقطع بعدم تواطئهم علی الكذب. ليس شيئا آخر. علی كل حالة من الالتباسات في مفردات الاستنباط عجيبة وغريبة في الوسط العلمي باسم العلم ولاصلة لها بالعلم.
أيضا في الدلالات ربما كثير يغفل عن التواتر في الدلالة، هذه الآية بنفسها ليست فيها دلالة وتلك الاية بنفسها أيضا ليست فيها دلالة صريحة. هذه الرواية أيضا ليست فيها دلالة صريحة وتلك الرواية أيضا ليست فيها دلالة صريحة وفي هذا المعنی من النص والسطح الظاهر من الدلالة بشكل بين بحيث لاتحتمل دلالة أخری تحذف من قاموس الاستدلال تماما. هذه ورطة في منهج الاستدلال بينما التواتر في الدلالات يعني أنه تنضم الدلالات من الروايات أو الايات الی درجة تصير بينة ومجزومة بها. الاعتماد في الاستدلال في الأدلة الشرعية علی الدليل الواحد دلالة صدورا وجهة وبشكل لايحتمل غيرها من أين انت جئت بها وبأي دين وبأي منهج؟ هذه مشكلة
بينما مسلك الشيخ المفيد والسيد المرتضی والقدما غير هذا المسلك. السيد المرتضی في كتابه الشافي يقول أصل من أصول الدين والاصل الثالث في الدين يمكن أن يثبت في بنية الدين عبرة التواتر وإن كان آحاد الدلالات في الأدلة ظاهرا خفيا. يقول أيها الباحث إذا كان شيء يمتلك شجرة في أدلة الدين منتشرة لم ينادی في القرآن بشيء كما نودي بالولالة وإذا كان لم يناد بشيء في الروايات المتواترة كما نودي بالولاية وإن كانت آحاد كل رواية وآحاد كل رواية نبوية من الظاهر الخفي وليس الظاهر الجلي فضلا عن أن تكون نصا لكن وجودها المنتشر في منظومة كل الدين بحيث يجعل الصلوة قطرة في بحرها ويجعل الحج قطرة في بحرها، هذه الهيكلية عقلا ونقلا لايتناسب معه أصل من أصول الدين. معنی كلام السيد المرتضی هذا وإن شاء الله أجده وأنقل لكم بلفظه. عنده كلمة الظاهر الجلي والظاهر الخفي. يقول السيد المرتضی إنه من أصول الدين وما قال من قطعياته ومتواتراته. هذا المسلك أين والمسلك السطحي أين؟ السيد المرتضی ما قال أنه قطعي بل يبين حقيقة بعيدة عن المسلك الظاهري بعد المشرقين. غاية الأمر يا أيها السيد المرتضی وأيها الشريف قل هو قطعي يستنتج من التواتر أما التواتر من آحاد ظاهر خفي وليس ظاهرا جليا يكون أصلا من أصول الدين كيف يمكن؟ يقول أيها الباحث إذا كان ما من صورة وما من مطلب من الدين الا أن يلون بالولاية ولو كانت ظاهرا خفيا. هذا بنيان مجموعي وليس بنيان فرع من فروع الدين أو عقيدة من عقائد الدين القطعية، هذا بنيان عمودي في الدين. أنت تستكشف خارطة واقعية لهذا الامر المستنبط بحسب مجموع منظومة الأدلة أنها أصل وعمود الدين، لا أنه طنب من أطناب الدين. كلامه في محله متين.
الامام الهادي في زيارة الغدير يشير بأن كون شيء من أصول الدين أو بنية الدين حتی الأصل من أصول الدين ليس من الضروري ان يكون في نص التنزيل. مع أن الله منّ علی عباده وجعل ولاية علی بن ابي طالب عليه السلام في نص التنزيل. في عدة موارد من زيارة الغدير يشير الی منهجية أنه نص علی ولاية اميرالمؤمنين في نص التنزيل لكن سياق المعادلات التي ذكرها الامام الهادي وكلها منظومة المعادلات تبين أن اصل كون شيء من أصول الدين ليس من الضروري أن يكون في سطح التنزيل بل تصل اليه من التنزيل الی التأويل حتی لو كان من التاويل الحق يمكن أن يكون أصلا من أصول الدين. هذا هو الذي أثاره السيد المرتضی أنت إذا وصلت الی أصل من أصول الدين ولو عن طريق القطع النظري وليس معناه أنه يحتمل الخطأ.
مثلا هذه العلوم الرياضية التي نصل اليها في القرن الأخير أ وليس هي نظرية بالقياس الی العلوم في القرون السابقة والآن تبدهت؟ في القرون السابقة كانت مجهولة والان هذه النظريات المبدهة التي علی ضوءها تطير الطائرة في الهواء والصاروخ والمركبات الجوية ليست خيالية. هذه العلوم المبدهة الان كانت في القرون السابقة نظرية. كونها نظرية سابقا لاينافی بديهيتها الان. هذا من جانب. كونها نظرية سابقا لاينافی كونها بديهية الان لاتحتمل خطأ وغلطا. أصول الدين لايقبل احتمال الخلاف. أيضا كونها نظرية سابقا وبديهية الان لاينافي مع كونها من أعمدة إدارة الكون. البحث نواصله ان شاء الله.