الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، الروايات العلاجية

كان الكلام في متابعة الروايات الواردة في أبواب صفات القاضي في الباب التاسع ووصلنا الی الحديث واحد وعشرين والامام عليه السلام بين الميزان الاثباتي في الترجيح والعلاج الموضوعي علی أساس ثبوتي من أن الأصل يفسر الفرع لا أن الفرع يفسر الأصل وإن كان الفرع يفسر الأصل بمعنی لكن ميزان انضباط الفرع بالاصل. فبين سلسة صلاحية التشريع وهذه نكتة من ذاتيات وبديهيات علم القانون، دائما أسس التشريع حاكمة لا الحكومة الاثباتية بل حكومة بنيوية وماهوية وهوية وثبوتية يعني تقولب وهذا أمر عظيم جدا في هذا البحث. هذا البحث الذي ذكره الامام عليه السلام في ميزان حجية الاثباتي من بحوث أصول القانون وهذه الرواية الشريفة تذكر بحوث أصول القانون بامتياز.

قُلْتُ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَنْكُمُ الْحَدِيثُ فِي الشَّيْ‌ءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ- وَ هُوَ فِي السُّنَّةِ ثُمَّ يَرِدُ خِلَافُهُ؟

(بيّن أن جملة مما ورد ما ظاهره مخالفة روايات الائمة لحديث النبي يبين أن هذا ليست مخالفة واقعية ومباينة واقعية بل لسوء فهم العامة الذين يبنون علی أن النهي الكراهتي نهي تحريمي أو أن النهي التدريبي الولايي نهي تشريعي وهذا اشتباه من عندهم) فَقَالَ: كَذَلِكَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ أَشْيَاءَ نَهْيَ حَرَامٍ فَوَافَقَ فِي ذَلِكَ نَهْيُهُ نَهْيَ اللَّهِ ( طبعا هذا من باب صلاحية التشريع، كيف صلاحية تشريع النبي وصلاحية ولاية التشريع) وَ أَمَرَ بِأَشْيَاءَ فَصَارَ ذَلِكَ الْأَمْرُ وَاجِباً لَازِماً كَعِدْلِ فَرَائِضِ اللَّهِ (الفريضة يطلق علی الوحي) فَوَافَقَ فِي ذَلِكَ أَمْرُهُ أَمْرَ اللَّهِ فَمَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص نَهْيَ حَرَامٍ ثُمَّ جَاءَ خِلَافُهُ لَمْ يَسُغِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ لِأَنَّا لَا نُرَخِّصُ فِيمَا لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص- وَ لَا نَأْمُرُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص- إِلَّا لِعِلَّةِ خَوْفِ ضَرُورَةٍ (التقية) فَأَمَّا أَنْ نَسْتَحِلَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص- أَوْ نُحَرِّمَ مَا اسْتَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ص- فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً لِأَنَّا تَابِعُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مُسَلِّمُونَ لَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَابِعاً لِأَمْرِ رَبِّهِ مُسَلِّماً لَهُ ( هذه التبيعية ثبوتية و هذه الولاية التشريع للنبي) وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

وَ إِنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْ أَشْيَاءَ لَيْسَ نَهْيَ حَرَامٍ بَلْ إِعَافَةٍ وَ كَرَاهَةٍ وَ أَمَرَ بِأَشْيَاءَ لَيْسَ بِأَمْرِ فَرْضٍ وَ لَا وَاجِبٍ بَلْ أَمْرِ فَضْلٍ وَ رُجْحَانٍ فِي [1] الدِّينِ (هذه مؤاخذة أخری علی العامة وجمهور علماء المسلمين الذين لم يلتفتوا الی بيانات أهل البيت من أن دلالات القرآن يجب أن نلتفت اليه. صحيح أن الأساس هو القرآن الكريم لكن ثبت العرش ثم انقش، إذا تبين أن ما في القرآن إلزام فنعم، أما إذا لم يكن الزاما ليس مخالفا للكتاب، هذه نكتة لطيفة ثبت العرش ثم انقش. صحيح أن الأساس الثبوتي موجود والمراتب في التشريع موجود لكن ثبت العرش ثم انقش. و أيضا فرق عليه السلام بين أمر الله الفرض وأمر الله الواجب. هذا اصطلاح في الأحكام الإلزامية القديمة التي الان اندثرت. فيه الزام فرض وفيه الزام وجوب وفيه الزام سنّة، هذه اصطلاحات في الوحي عظيمة.

بعض الاخوة ربما يخوضون في هذا البحث أن الأحكام ليست خمسة كما عليه المتأخري الأعصار بل الأحكام أكثر، هذه الرواية جيدة في هذا الباب تبين لنا اصطلاحات الوحي أن الامام بين عدة اقسام وعدة اصطلاحات حتی أمر الله، أمر فرض وأمر واجب ماذا الفرق بينهما؟ الفرض هو الذي لايمكن زعزعته.

حتی في تشريعات الله طبقات يجب أن نلتفت وحتي في الإلزاميات طبقات، إلزامي النبي منحدر من فريضة الهية والاثار تفرق بين هذه المراتب. مثلا بحث انكار الضروري في أي واجب وأي مرتبة؟ سؤال من بعض الاخوة، فيه بديهي لكن انكاره لايجب خروجه عن الإسلام وفيه بديهي انكار يوجب خروجه عن الإسلام. فأقسام الضروري من الضروري عند الفقهاء هذا لايوجب إنكاره الخروج عن الدين ومنه ضروري عند عامة المسلمين والمؤمنين. ففرق بين البديهيات والإلزاميات وفيها مراتب.

سابقا كانوا يعتنون بهذه المراتب وفيها آثار في الأبواب والان يكلونها بكيل واحد. هذه الرواية جدا نافعة من هذا البحث وهذا البحث من أصول القانون أن الاحكام هل هي خمسة تكليفية؟ ليس هكذا. هذا مبحث حساس.

كما أن في الاحكام الوضعية كانوا يبنون علی أنها مضيقة وأقساما معينة والمتاخرين استشهدوا بارتكازات المتاخرين وذكروا ثلاثة عشر أو خمسة عشر نوعا من أنواع الحق، حق الرهانة وحق السرقفلية وحق الزكات بناءا علی أنه حق وحق الخمس هكذا. أن ما توهمه جيل من الفقهاء علی أن الحقوق خمسة أو أربعة خطأ والمتاخرين حققوا أن الحقوق اثناعشر أو عشرون نوعا آثارها مختلفة.

كيف نبني علی أن الحقوق كحكم وضعي خمسة أنواع ونرتب اثار هذه الخمس علی أي حق يجيئنا في الأدلة والابواب؟ بأي دليل وأي منشأ؟ هذه النكات مهمة في الفرض وتمييز مفاد الأحكام. وهذا مبادئ الأصول القانونية الزلزال في الاستنباط وكل الأبواب الفقهية حتی العقائدية ونحن في نهاية الدورة الثانية ومعذرة ما أنجزنا في الأحكام الوضعية والتكليفية وما بسطنا فيها. أن الأحكام التكليفية الخمسة من أين جاءت وأين دليله؟

هذه الأمور شواهد وثوابت مؤثرة علی يوميات الاستنباط في جانب الاحكام التكليفية وجانب الاحكام الوضعية. بل يجب ان نسترسل علی الاحكام. كثير من الغموض الموجودة في الأبواب سببه أن المستنبط يحمل قناع معينة أن الحقوق هكذا وهكذا وينظر أن هذا الحق لايوالم مع أقسام الحق، من أين انت حصرت بالخمسة؟ لازم أن نسترسل والطبائع مختلفة وجزا الله المتاخري الاعصار خير الجزاء أنهم غاصوا في حقيقة الحق وحقيقة الملك وهذا بحث مهم وله آثار كثيرة في أبواب المعاملات والمعاوضات حتی في بحث الفقه السياسي حتی في بحوث العقائد. يعني العقائد كثير منها يقرأ بقرائة فقهية والقرائة الفقهية اذا كانت فيه قصورات يوجب القصور في العقائد. أحد مناهج قرائة العقائد هو لغة الفقه والقانون.

كما مر بنا مرارا أقسام العموم، العموم البدلي والاستغراقي والمجموعي والامتدادي والتلفيقي بين الأقسام وهذا تؤثر في الفقه السياسي والقضاء. العموم الكنفدرالي من أي عموم؟ العموم الفدرالي أي عموم؟ لايمكن أن تقول استغراقيا أو لايمكن ان تقول مجموعيا بحطا، لازم ان ننظر ماذا هو؟ الان سيرة العلماء الإمامية كانوا يظنون أن الشيخ الطوسي كان فقيها بلامنازعة في عصره والان وجدنا شواهد علی وجود أربعة فقهاء جحاجيح لادارة الشيعة في زمن الشيخ الطوسي وفي زمن السيد المرتضی. العلماء الامامية لايقبلون الشوری بمعنی العامة. بعض المعاصرين حاولوا الترجمة بالشوری وهذا خطأ بل كان المجموع. عموم واحد يؤثر في بنيان كيان الطائفة، العموم ليس مجموعيا وليس بدليا وليس استغراقيا. استغراقي بقول مطلق ليس هكذا كل علماء الامامية ما بنوا علی العموم الاستغراقي أن كل فرد مستقل مطلقا والبدلي أيضا ليس بدليا وأيضا ليس مجموعيا، إذاً أي هندسة للعموم هذا. فمن هذا القبيل كثير في البحوث الكثيرة. لا في الفقه السياسي بل في الفقه القضائي هل يمكن تعدد القضاة أو لا؟ مر بنا في صحيحة عمر بن حنظلة. بحث العموم بحث اولي وبحث ابجدي يؤثر في يوميات الاستنباط الی الان صراحتا ما نقح وفي حالة التنقيح والقانونيين أيضا مترجلون فيه. أقسام الحكم التكليفي واقسام الحكم الوضعي.

مثلا السيد الخويي رحمه الله طبعا لاستاذه الكمباني ينكر أشد الانكار الجزء المستحب في المركبات العبادية أو غير العبادية والحال أنه بديهية عند الآخرين. فيه اختلاف وهذا يؤثر في يوميات الاستنباط. بالتالي هذا مبحث حساس. أمور في أصول القانون ثبوتية تؤثر في الاستنباط في كل الأبواب والسيد الخويي أنكر أن عندنا نجاسة كراهتية يعني ما معنی في الحكم الوضعي للالزام والكراهة والحال أن مشهور القدماء بقوة عندهم نجاسة كراهتية وطهارة استحابية وطهارة وجوبية الزامية. يعني نفس الطهارت درجات والسيد الخويي أنكر. هذا مبنی.

فانظر في الحقوق الحق الاستحبابي والحق الالزامي وهذه بحوث في أنواع الحكم الوضعي والتكليفي والعمومات هذا البحث ثبوتية من أصول القانون ويجب تنقيقحها بالغور و الغوص. هذه الرواية مهمة صحيحة معتبرة من الامام الرضا عليه السلام جدا مهمة في هذا البحث بحث اقسام الحكم التكليفي.

صدقوني هذا البحث يعدل علم الأصول كله. طبعا باستقصاء المواد والمصادر. وهو من بركات علم أصول القانون لكن لو ينجز.

هل الملك علی وتيرة واحدة أو علی وتائر؟ الملك بنحو الشركة أو الاشاعة علی أنواع. الان في علم التقنين العقلائي الموجود علی أنواع واقسام. يشتري شقة اثناعشر نفرا وكل شخص له ملكية في شهر معين، هذه ملكية زمانية. وأمثلة أخری والملك قابل للتشكل والقوالب العديدة. هذه بحوث من أصول القانون يعني بحوث ثبوتية من أنواع الحكم التكليفي أو الوضعي في كل باب يجب أن ندخل ذاك الباب يجب أن نغوص في ذاك الحكم التكليفي.

حتی نهي الله عزوجل فيه نهي الإعافة ونهي الكراهة، ماذا الفرق بين الإعافة والكراهة؟ الی الان ما نقح، نعم في عدة الشيخ الطوسي أو الذريعة للسيد المرتضی شيئا ما نقح.

ثُمَّ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ لِلْمَعْلُولِ وَ غَيْرِ الْمَعْلُولِ، فَمَا كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص نَهْيَ إِعَافَةٍ أَوْ أَمْرَ فَضْلٍ فَذَلِكَ الَّذِي يَسَعُ اسْتِعْمَالُ الرُّخْصَةِ فِيهِ، إِذَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ عَنَّا الْخَبَرُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ يَرْوِيهِ مَنْ يَرْوِيهِ فِي النَّهْيِ وَ لَا يُنْكِرُهُ وَ كَانَ الْخَبَرَانِ صَحِيحَيْن (بمعنی المضمون) مَعْرُوفَيْنِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلَةِ فِيهِمَا يَجِبُ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا جَمِيعاً أَوْ بِأَيِّهِمَا شِئْتَ وَ أَحْبَبْتَ مُوَسَّعٌ ذَلِكَ لَكَ ( هذا نص في التخيير وببالي أن السيد الخويي في المصباح ما أورده مع أنها مسندة، هذه العبارة تعني إذا لم يكن بينهما ترجيح يصل النوبة الی التخيير) مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ لِرَسُولِ اللَّهِ ص- وَ الرَّدِّ إِلَيْهِ وَ إِلَيْنَا وَ كَانَ تَارِكُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعِنَادِ وَ الْإِنْكَارِ وَ تَرْكِ التَّسْلِيمِ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مُشْرِكاً بِاللَّهِ الْعَظِيمِ.[2]

هذه لابد أن نوضحها ماذا معنی التسليم هنا وربطه بالتخيير؟


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص113، أبواب کتاب القضاء، باب9، ح21، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص113، أبواب کتاب القضاء، باب9، ح21، ط آل البيت.