الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:باب التعارض، مرفوعة زرارة

كنا في تعميم المرجحات وتبين أن هناك في صحيحة عمر بن حنظلة شاهدان علی تعميم المرجحات بالتقريب الذي مر.

هناك مرفوعة لزرارة وهي رواية نقلها ابن ابي جمهور في غوالئ اللئالئ في الجزء الرابع صفحة 133 عن كتاب من كتب العلامة الحلي ورواها العلامة عن زرارة ولم يذكر سندها ورفعها الی زرارة. وأيضا صاحب غوالئ اللئالئ لم يذكر كتاب العلامة الحلي. وأيضا منقول في المستدرك باب التاسع من أبواب صفات القاضي.

إذا تلاحظ واحد الی هذه الرواية ينظر أنها المقطع الذيلي لصحيحة عمر بن حنظلة مع اختلاف ولطيف أن المتأخري الاعصار ركزوا علی هذه الرواية مع أنها مرفوعة. طبعا نلاحظ أن رواية مرفوعة عن كتب العلامة قيمته الاحتمالية أقل من الكتاب الكافي أو كتاب الصدوق أو كتاب الطوسي لأن هذا الفاصل من ثلاثة قرون يزيد من رصيد قرب صدور الرواية فلذا المراسيل أو الروايات المرفوعة في كتب الحديث للأقدمين رصيد قوة الاحتمال فيها أكثر ممن تأخر، يعني واحد من أهل الفضيلة مثلا لما يذكر المصدر من البحار لايذكر المصدر الذي نقل منه البحار وهذا خطأ، البحار دوره أن يجمع روايات مصادر القدماء والوسائل والوافي نفس الكلام وأيضا السيد هاشم بحراني في كتابه التفسير نفس الكلام، فالحري بالفضيلة أذا وقفوا علی رواية من كتب المتأخرين حولوها الی نفس المصدر المتقدم وعدمه غفلة كبيرة. طبعا مثل كتاب كنز الأمة أو مجمع الزوائد لازم أن تذكر المصدر الذي روی عنه لأنه الفرق بين المصادر القديمة والمصادر المتأخرة والحري أن يذكر المصدر المتقدم لأنه في كتب التاريخ أو كتب التراث طرا الأقدم أكثر اعتبارا. المرسلة في الفقيه اين أو المرفوعة في كتاب غوالئ اللئالئ اين؟

مع كون هذه الرواية مرفوعة للعلامة الحلي تمركز أنباء المتاخرين عليها وسببه أن المضمون فيها عالٍ ومطابق لجملة من الروايات الأخرى مع الخصوصيات وهذا مما يدل علی أن المضمون أهم لدی الاعلام من نفس الصدور مع أن احتمال الصدور فيها أضعف من الروايات الأخرى كما أن التركيز منهم علی صحيحة عمر بن حنظلة هكذا، لانها مقبولة عندهم وليست صحيحة وليس ذلك الا لقوة المضمون وأن ارتكاز الكل بما فيهم السيد الخويي علی ان المضمون دوره في الحجية أشد وأكثر،

قال زرارة: سألت الباقر عليه السلام جعلت فداك يأتي عنكما الخبران أو حديثان متعارضان فبأيهما آخذ؟ فقال عليه السلام: يازرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر.

هنا استعمال صريح في أن الشهرة مرجح وليس مميزا بين الحجة واللاحجة لأنه لم يفترض عليه السلام أن الشهرة هنا توجب القطع مثل ما مر في رواية عمر بن حنظلة حيث ذكر أن المجمع عليه لاريب فيه.

قلت ياسيدي أنهما معا مشهوران ومرويان ومأثوران عنكم؟ قال عليه السلام: خذ بقول أعدلهما عندك و أوثقهما عند نفسك.

الترجيح بصفات الراوي يعني أن الشهرة درجات ورواة الشهرة درجات هنا أخّر صفات الراوي عن الشهرة كما هو مسلك مشهور الفقهاء فمن حيث الترتيب هذه المرفوعة مطابق ممشی المشهور في الترتيب.

بين القوسين المصادر الروائية التي وصلت الی المحقق الحلي و العلامة الحلي والشهيد الأول كانت كثيرة من مصادر القدماء وفقدت الان وهذا ذكرته مرارا أن المحقق الحلي في المعتبر في الفائدة الرابعة من المقدمة يذكر المصادر الروائية التي يعتمد عليها في كتبه وعندما يذكر الكتب الأربعة يذكرها في آخر المطاف يعني الأشهر كالمصادر الروائية في زمن القرن السابع (سيما المحقق الحلي توفيت في النصف الثاني من القرن السابع لا في النصف الأول) المصادر الروائية التي تعتمد في ذلك الزمان هي المصادر التي نقل عنها الشيخ الطوسي في التهذيب أو ابن ادريس في المسطرفات. لذلك ابن ادريس في المستطرفات جعل الروايات التي استطرفها في كتابه من كتب الحديث لعلها ثلاثين كتاب أو أقل تلك الكتب جلها مصادر الكتب الأربعة مع ان السيد الخويي يستشكل أن سند ابن ادريس اليها غير معروف، كيف غير معروف؟ كيف الكتب الأربعة تواصلت الينا بالتواتر فإلی زمان ابن ادريس هذه المصادر لكتب الأربعة كانت مشهورة ولذلك هذه نكتة مهمة.

الی زمان المحقق ما كان المصدر المركزي هو الكتب الأربعة حسب كلامهم، راجعوا المحقق الحلي في المعتبر حسب كلامهم الكتب الأربعة ضمن الكتب بل جعلهم آخر المطاف. مثل من ينقل الان عن البحار روايات نقلها البحار عن الكتب الأربعة،كذلك في زمان المحقق الحلي بدل أن ينقل عن الكتب الأربعة ينقل الروايات عن مصادرهم فلذا هم يعتمدون علی مصادرهم. هذه النكتة لازم أن لانغفلها. الوعي العلمي للمحقق الحلي يختلف عنا حتی الشهيد الثاني في القرن العاشر ينقل رواية مسندة الی الامام الصادق ما موجودة في مصادرنا ومحل فتوی ومن هذه المصادر موجودة وكثيرة لذلك لازم أن نلتفت الی تفاوت القرون في المصادر أنهم ينقلون روايات من مصادر غير موجودة عندنا. لذلك المصادر قبل القرن العاشر تختلف عن بعد القرن العاشر.

نفس السيد الخويي يعترف نقلا اعتمادا علی كلام آغابزرگ التهراني أن السيد علی رضي الدين بن طاووس كان في مكتبته مأة ونيف مصدر رجالي إمامي الان ضاعت. ابن طاووس في القرن السابع. قضية وفرة المصادر وشهرة المصادر لازم أن نلتفت اليه. ابن أبي جمهور الفاصل بينه وبين العلامة الحلي ليس كثيرا لعل قرنا والعلامة كان قريب العهد للمصادر وفي كثير من كتابه ينقل الحديث عن كتاب مدينة العلم للصدوق والان مفقود وليس موجودا، كان علی حذو من لايحضره الفقيه والمقصود تاريخ المصادر إذا لايلم به أحد يقيس الوضع في زماننا بالوضع الموجود عندهم وهذا خطأ.

فقلت: يا سيدي أنهما معا مشهوران ومرويان ومأثوران عنكم؟ فقال عليه السلام: خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.

هذا نفس مدعی المشهور أن الترجيح بالشهرة مقدم علی الترجيح بالصفات.

لاحظ هنا الترجيح بالصفات ليس بمعنی الترجيح عند المشهور أن المرجوح ساقط صدورا لأنهما مشهوران وهو هذا مسلك المشهور هذا واضح أن ارتكاز المشهور أن الترجيح حتی بصفات الرواة وبالصدور ليس بإسقاط الصدور وإنما هو تأويل المرجوح علی الراجح وهذا يدل علی أن حقيقة الترجيح عند المشهور ليس بمعنی اسقاط المرجوح صدورا كما أصر عليه الميرزا الناييني وتلاميذه والسيد الخويي وتلاميذه. حقيقة الترجيح إذا واحد يشخصه صناعيا جدا مسيري.

فقلت: إنهما معا عدلان مرضيان موثقان؟ فقال عليه السلام: أنظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه وخذ بما خالفهم.

هنا لم يذكر المرجحات المضمونية موافقة الكتاب والسنة لكن ذكر جهة الصدور يعني فيها طفرة بخلاف صحيحة عمر بن حنظلة.

قلت ربما كانا معا موافقين معهم أو مخالفين فكيف نصنع؟ فقال إذاً فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط.

هذا امتياز لهذه المرفوعة، الترجيح بالاحتياط يعني الأوفق بالاحتياط أرجح من مخالف الاحتياط، هذا الترجيح أصولي يعني تجعل الموافق للاحتياط أقوی حجية وتأول المرجوح عليه، فهذا مثل ما يقال الترجيح بالاحتياط. سابقا أشرنا عنوانا أن المجتهد عند ما يستنبط يمكن أن يستنبط بالأدلة الاجتهادية ويمكن أن يستنبط بأدلة الأصول العملية ويمكن أن يجتهد بالاحتياط لا بأصالة الاحتياط يعني الجمع بين الأدلة كلها، هذا هو الاحتياط في عمل الاستنباط وعمل معقد كان يبني أو يمارسه كثيرا المفيد والطوسي والسيد المرتضی والقدماء وهو من أصعب الصعاب.

أصالة الاحتياط المعروفة في مقابل البرائة ذاك مؤداه فقهي مثل التخيير الفقهي فرقه عن التخيير الاصولي يعني تخيير في المسألة الفقهية. تارة التخيير في المسألة الأصولية يعني في نفس العمل الذي يمارسه المجتهد كمجتهد يحتاط أو يتخير هذا تصوره صعب. وأصلا المتاخرون لم أشاهد كلمات تشير اليه لكن القدماء يمارسه بقوة. الان كيف المكلف في وظيفته إذا احتاط يستغني عن التقليد وأضبط من التقليد. المجتهد في أدلة الاستنباط إذا احتاط في أدلته يستغني في الفتيا عن الفتيا بالدليل، يفتي ومستنده الاحتياط. هو صعب تصوره.

هنا يقول الامام عليه السلام: أن الاحتياط يجعل في المسئلة الأصولية يعني الخبر الموافق للاحتياط يعمل به و يعطف مخالف الاحتياط عليه مثل المرجحات. هذا المرجح لم يذكر في صحيحة عمر بن حنظلة.

أتركه ليس بمعنی الطرح يعني لاتأول عليه ولاتجعله مركزا لأنهما معا مشهوران وصدورا لاغبار عليه.

قلت: إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان للاحتياط فكيف نصنع؟ قال عليه السلام: إذاً فتخير أحدهما فتأخذ به وتترك الآخر.

هذه الرواية ذكر فيها التخيير لكن مرفوعة. وسنذكر البحث عنها.