الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:باب التعارض، صحيح عمر بن حنظلة، امكان نصب القاضيين في واقعة واحدة

 

كان الكلام في كيفية تصوير نصب القاضيين في واقعة واحدة ومر أنه يمكن أن يوجه بتوجيهات.

الوجه الأول: ان الحجية المجموعية في صورة الإتفاق تستفاد من الحجية الاستغراقية.

الوجه الثاني: أن يكون من باب المشورة المستحبة في القضاء بل المشورة العلمية وغير العلمية والتدبيرية والمشورة في جميع الأصعدة بحسب صفات المشير مستحبة. فهذا من باب الاستشارة لا من باب تعدد الحكم غاية الامر في ظرف المشورة فيه الاختلاف حينئذ يأخذ من المرجحات لاستنتاج الحكم لا بعد إبرام الحكم.

الوجه الثالث: السيد اليزدي في ملحقات العروة في القضاء أو في كتابه التعارض ذكر ثلاثة وجوه؛ وواحد منها أن يكون هذا التعدد من باب الحكم بعد الحكم، إذا افترض أن الحاكم بالحكم الثاني أوفر شرائطا من الحاكم الأول، مثلا يكون أعلما ويشترط الأعلمية في القضاء فبالتالي يصير خللا في شرائط الأول بناءا علی شرطية الأعلمية وقليل من اشترطها.

الوجه الرابع: هو الوجه الثاني الذي ذكره السيد اليزدي، أن يكون فصلا بالفتوی وليس فصلا بالحكم القضائي.

الوجه الخامس: هو الوجه الثالث الذي ذكره السيد اليزدي، أن يكون من باب الاستفتاء لامن باب فصل القضاء وحينئذ يمكن تعدد الفتوی في باب الإفتاء، غاية الامر عند الاختلاف في الفتوی يرجع الی الترجيح في شرائط المفتي. هذا الوجه يدعمه أن كثيرا من الموارد التي تقع فيها النزاع عند المؤمنين لعلهم في بادر الامر يلجئون الی فتاوی الفقهاء قبل أن يلجئون الی أحكام القضاة، فهو حل للنزاع لابفصل النزاع بل حل للنزاع بتقييد الطرفين للفتاوی، يقولون نحن نلتزم بما هو فتوی المفتي وهذا مألوف، فاذا تعدد المفتی والفتوی ليس بأمر مستنكر.

ماذا عن الوجه الرابع وفرقها عن الوجه الخامس؟ السيد اليزدي يؤسس قواعد أولية وهذه القواعد من أسرار القضاء ومهمة نخاعية. أحد القواعد التي يذكرها السيد اليزدي هو أن مقتضى القاعدة الأولية في باب القضاء هو التمسك بموازين الفتوی. يعني العمومات المتبعة في الفتوی وأدلة الفتوی أو الأدلة العمومات والحجج في باب الفتوی الأصل الاولي أنها متبعة في القضاء إلا ما خصص، هذه النكتة سر عظيم في باب القضاء ولو كقاعدة أولية. وطبعا أتی الدليل علی التخصيص لأن موازين القضاء موازين خاصة لكن يريد صاحب الجواهر والسيد اليزدي وفحول الفقهاء أن يعلنون هذه النكتة أنه لولا مجيء الأدلة الخاصة في موازين القضاء لكنا نعمل بالعمومات والموازين والحجج في باب الفتوی. فعلی هذا في أي مورد صار تضارب في موازين القضاء أو قصور أو مانع يرجع الی عمومات موازين الفتوی. طبعا هذا المدعی ليس شيئا سهلا يعني القضية ليست بهذه السهولة لماذا؟ بحثه في القضاء ولانريد أن ندخل فيها. هذه القاعدة سر المهنة في باب القضاء وينفتح منها قواعد قضائية.

أحد الفوائد لهذه القاعدة المهمة ما لو أريد تغطية بلاد المؤمنين وكل مدينة بقاضي مجتهد وفقيه في الأحوال الشخصية لايتحصل ولايتوفر، -سواء ضمن نظام الدولة أو ضمن نظام الحوزوي المنتشر في البلاد وهو أوسع من النظام الدولة بل هو أوسع من نظام المرجعي مع حفظ احترام النظام المرجعي لان النظام الحوزوي يمكن أن يكون إمام جماعة وليس بضروري أن يكون واجدا لشرائط الاجتهاد والفقاهة لكنه فاضل مع ذلك يقوم بالدور الديني فالدور الحوزوي أوسع،- فاذا أريد تغطية كل هذه المناطق والبلاد من الفقهاء والمجتهدين كيف يمكن؟ هذه أزمة حتی في حوزة قم آنذاك ربما سئلوا السيد الخويي في النجف كيف يمكن معالجتها؟ أو حتی في الثورة المشروطة في قائدة علماء النجف في ايران فكيف يمكن تغطية هذه الحاجة؟ أحد الاقوال والوجه للحل الذي ذكره العلماء الاعلام قالوا: ليقم بالفصل بالفتوی إمام جماعة مثلا لأنه يعرف بالفتوی والاحكام ويلم بهذه المسائل مع أنه ليس مجتهدا لكنه ملم بالفتاوی فيقوم بفصل النزاع بموازين الفتوی لابموازين القضاء.

صاحب الجواهر والسيد اليزدي ذكرا هذا المطلب و نخوض في شرحه ولو هو مربوط بباب القضاء، أحد الائمة من الجماعات في زمن الميرزا الناييني تركته مسئولية الارشاد والتبليغ والامام جماعة والخطيب فصار عنده سيطرة وتسلط عجيب في المسائل فبحكم هذه المهارة بوب مسائل الشرعية بطريقة مرتبة لابطريقة الرسائل العملية التي عند الميرزا الناييني والسيد ابولحسن الاصفهاني وارسله الی الميرز الناييني وكتب له: علی طبق هذا التبويب قوّم هذا الكتاب بفتاواك. هو هكذا أنجز هذا المشروع وأرسله الی الميرزا الناييني، هذه القضية سمعتها من تلاميذ الميرزا الناييني الذين أدركناهم، الميرزا الناييني ظن أنه مجتهد وفقيه فقال إذا كانت هذه رسالته العملية أعطيه إجازة الاجتهاد أو لا؟ فجزم الميرزا الناييني بأنه مجتهد، لكن تلاميذ الميرزا قالوا أنها ليست فتاواه إنما هو فتاواكم وفتاوی آخرين وجمعها وبوبها.

ذكرت هذه القصة لأنه يكون بعض الفضلا غير المجتهدين لكنهم في إلمامهم بفتاوی الأعلام جدا أقوياء. العلم بالفقه أحد مراحل الفقه. السيد اليزدي وصاحب الجواهر يقولان ما المانع لأن يكون بعض الفضلا والملمين بالفتاوی ولو ليس عندهم اجتهاد، يفصلون بين الناس عند إعواز المجتهدين بالفتاوی؟ لأن موازين القضاء وشرائط القاضي ماموجود وليست عنده قدرة عليها فهل يمكن النزاع يبقی علی حاله؟ فيه أعراض الناس وأموال الناس ولايمكن أن يكون كل المدن واجدة للقضاة. النظام الحوزوي أوسع من النظام المرجعية ونظام المؤمنين أوسع من النظام الحوزوي. المراتب في الأنظمة مثل قصور يدنا عن الوصول الی الامام المعصوم الغائب فلايمكن أن تبقی أمور المذهب علی حاله كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته، فإذاً إذا قصرت موازين القضاء تصل النوبة الی موازين الفتوی فهذا الفاضل ينشأ حكما جزئيا. نعم يستأذن من الفقيه أو من المرجع المقلّد بلاشك فيفصل القضاء بالحكم الجزئي المتولد من الفتوی الكلية للمرجع فيعبرون عنه الفصل بالنزاع بالفتوی الكلية، يعني الفصل بالحكم الجزئي المنبثق من الحكم الكلي بالفتوی.

كما في موارد التقليد عن المرجع، يطبقون الفتاوی الكلية بالموازين الفتوائية، هذا التطبيق الجزئي من المقلدين تقليد أما في مورد النزاع يصير حكما قضائيا متولدا من الفتوی الكلية يعبر عنها صاحب الجواهر والسيد اليزدي فصل بالحكم الجزئي المنبثق من الحكم الكلي الفتوائي يقوم به فاضل من الفضلاء وتبنی عليه السيد الگلبايگاني.

هذه مراتب الحكم القضائي، حكم فتوائي أقرب من الشريعة والدين من حكم المحكمات غير الديني. عمومات القضاء هي الأصل المحكمة. الشيخ الانصاري في بحث ولاية الفقيه قال إن لم يمكن الوصول الی الفقهاء تصل النوبة الی الفضلاء، وهم يتصدون لامع وجود اليد للفقهاء. الان في بعض البلدان الأجنبية دخول الفقهاء علی الخط ممنوع. وإذا لايمكن الوصول الی الفضلاء أيضا يتصدون المؤمنون والشيخ نقل عن كل سيرة الامامية. هذه مراتب الولاية. أصل الولاية لله ورسوله والأئمة ثم تصل النوبة الی الفقهاء ثم الی الفضلاء ثم الی عدول المؤمنين عند إعواز كل مرتبة تصل النوبة الی المرتبة الأخرى. حتی مع عدم عدول المؤمنين تصل النوبة الی فساق المؤمنين وعليهم مسئولية شرعية. ولايمكن أن تنفلت الأمور.

من هذا الباب الأحوال الشخصية التي لايمكن الرجوع الی الفقهاء مثل النزاعات بين الزوجين والفضلاء أيضا لايكون عندهم مجال والزوجة طلقت قانونيا لأن زوجها تركها ولم ينفق نفقتها، هل هذا الطلاق صحيح؟ حسب كلام الفقهاء في المراتب صحيح لأن الفقيه والفاضل والمؤمنين ليسوا متصدين، علی موازين الفقهاء هذ الطلاق الاجباري صحيح لانها لاتمكن من الصبر الی آخرعمرها بلانفقة.

بشرطها وشروطها لابالانفلات.