41/05/08
موضوع: باب التعارض، الروايات العلاجية المحمولية، صحيحة عمر بن حنظلة.
كنا في الصحيحة لعمر بن حنظلة ومر أنها مروية في الكتب الأربعة والمتن الذي نقرأه حسب متن الكليني.
عن عمرو بن حنظلة، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة; أيحل ذلك؟ فقال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله - تعالى -: " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به.[1]
قوله: من تحاكم إليهم؛ لايعني خصوص المخالفين بل مطلق من يكون منتهجا بنهج غير أهل البيت عليهم السلام، حتی لو كان الراجع إليهم محقا، يعني أن صرف كونه حقا لايسوغ الرجوع في حسو النزاعات القضائية الی جهة غير مؤمنة، طبعا إذا لم يكن هذا حصريا بذلك يعني أنه إذا يمكن استنقاذ هذا الحق من طريق المؤمنين. من ثم المسلمون ليس لهم أن يستعينوا بجهة غير المسلمين في حل نزاعاتهم، هذا حكم مسلم ليس قضائيا فقط يعني كل شيء يرجع الی السلطة والسيطرة والحكم هذا الحكم جار فيه وليس خصوص القضاء. وليس المراد خصوص المؤمنين في دائرة المؤمنين بل حتی المسلمين في دائرة المسلمين ولو كان فيه الحق.
بعبارة أخری؛ في المشتركات البشرية أو المشتركات الإنسانية أو المشتركات الإسلامية بالنسبة الی المؤمنين، أيضا لايسوغ لأنه عبارة عن بسط نفوذ لتلك الجهة غير جهة كيان أهل البيت عليهم السلام أو علی صعيد المسلمين لكيان غير المسلمين، هذا نوع من طاغوت يعني في قبال مصدرية الله عزوجل لكل شيء. طبعا الروايات عندنا في باب القضاء متواترة، حتی عندهم في ذيل الآية الكريمة في سورة النساء الآية ستين ﴿يريدون أن يتحاكموا الی الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به﴾[2] يكفروا به يعني لايبسطوا له النفوذ والقوة لكل الخطوات أو السكنات. فالقضية ليست في خصوص القضاء بل في كل طابع فيه النفوذ أو السيطرة في الجانب التشريعي أو الجانب التنفيذي و السلطات.
«من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلی الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وان كان حقا ثابتا له» لأنه نوع من المدد لسيطرة تلك الجهة التي يريد الله أن يضعفها بدل أن يقويها. فالمفروض يصير انفتاحا بين المؤمنين علی بعضهم البعض لاالإنغلاق و الإنفتاح علی غيرهم وأيضا علی المسلمين يوجب الإنفتاح علی بعضهم البعض لاالانغلاق و الانفتاح علی غيرهم، لأن الإنفتاح علی غير المؤمنين أو المسلمين نوع من تقوية جبل الباطل ونفوذ سلطات وتشريع الجهة الأخرى تدل الآية الكريمة والروايات الكثيرة علی حرمتها، وإن كان أصل الشيء حقا لأن المشكلة تشريع الباطل وتكريسه.
هذا المأخوذ بحكم الطاغوت سحت لأنه اخذه أي أخذ الحق بحكم الطاغوت وبسيطرته و بنفوذه وهذا تكريس الجهة الباطلة وهذا من المحرمات العظيمة جدا تساوي المحرمات العقائدية لأنه ينجر منه ألف فعلل و تفعلل، ﴿لأنه اخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به﴾ كذلك الآيات الأخرى ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾[3]
لو يتتبع باحث في الوسائل في هذه الأبواب عن النهي عن الرجوع الی حكم المخالف أو سلطان الجور يجد أن هذه القضية للتحسس إعطاء استراتيجیة وبرنامج عام لاتكون أنت يصب مسارك وعملك في قضية ولاية الجور والتوظف عند ولاة الجور وتولي ولاة الجور. نظام التولي الأصل فيه انه كبيرة إلا من باب أن يكون شغل الشاغل لهذا المنصب مددا للمؤمنين، فأصل هدفه ليس تكريس ولاة الجور بل أصل هدفه التغلغل ومد قوة المؤمنين.
قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران (إلى) من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله.
قوله: من كان منكم؛ يعني أتباع أهل البيت عليهم السلام، هذا القيد في جملة من الروايات موجودة.
ما الدليل علی أن يكون الحاكم مؤمنا؟ لهذه الأدلة أن الائمة لم ينصبوا في هذه الصلاحية وهذا النظام غير المؤمن. فضلا عن غير المسلمين. هذا المنطق بأن الحاكم كافر وعادل لايوجب جواز الرجوع اليه. هذا المنطق ليس صحيحا. وأيضا هذا ليس فقط في القضاء بل نفس الكلام في السلطة التشريعية و المفتي، أنا أتعجب من بعض البحوث المعاصرة في خمسين السنة الأخيرة، يقولون ما الدليل علی شرط الايمان في المفتي؟ سيأتي إن شاء الله، هذه الشرائط في الروايات ليست في خصوص القضاء أو السلطة التنفيذية بل حتی في السلطة التشريعية. ليس المعنی من حكم بحكمنا مطلقا ولو من ليس منكم، بل لابد أن يكون منكم، ليقوی كيان وجسم الايمان.
فصرف النظر في الحلال و الحرام و رواية الحديث ومعرفة الأحكام لايكفي بل لابد أن يكون من المؤمنين، شبيه صلوة القضاء في العبادات، لايفتي أحد بصحة استئجار المخالف حتی لو يأتي بصلوة الشيعة أو صوم الشيعة أو حج الشيعة، لابد أن يكون متصفا بالايمان لذا لايفتي أحد، حتی الشذاذ من العلماء الذين يذهبون الی عدم شرطية الايمان في صحة الصلوة مع ذلك لايفتون بجواز نيابة المخالف في العبادة عن المؤمن، حتی لو يأتي بالعبادة بنحو المؤمن، هذا علی صعيد العبادة والأمر الفردي فكيف بالأمور العامة، لايمكن أن يوكل أهل البيت الأمور العامة الی غير المؤمن.
هذه كلها بحوث قضائية وعمدا أثيرها لكي نشوف في ذيل الرواية وضمن الرواية كيف دلالته علی بحث علاج الروايات المتعارضة. هذه الرواية عظيمة بنيت عليها في القضاء أبحاث كثيرة.
«ينظران الی من كان منكم» إذا لابد أن يتصف بالايمان، معتقدا بإمامة أهل البيت عليهم السلام.
«ممن قد روی حديثنا» هذه العبارة تعني أنه لابد من الإطلاع بعلم الحديث، إن الاطلاع بعلم الحديث ضروري وإلا كيف يقدر علی الرجوع الی الأدلة والمستند الشرعي، لابد أن يكون عنده باع بكتب الحديث و فهرسه و تبويبه وغيره، كما تدل عليه الآية الكريمة؛ ﴿لولا نفر من كل فرقة طائفة﴾ نفر يعني يرووا والرواية، بعد ذلك يجيء الشرط الأهم الفقاهة، هذا التعبير أيضا هنا موجود، «ممن روی حديثنا» لابد من الاطلاع بعلم الحديث وإلا إذا كان بعيدا عن هذا الجو كيف يكون عنده قدرة علی الرجوع الی الأدلة والفحص في الأدلة، هذا هو الشرط الثاني.
الشرط الثالث «ونظر في حلالنا وحرامنا» النظر يعني التفكر والتدبر والمران والتمرين والمراس. التفكر في مايروي، مثل يتفقهوا ويتفهموا، يقولون أجال النظر ويجول مرة بعد أخری يعني التدبر والتفكر والتحليل و التأمل لأن المعاني لاتظهر بالألفاظ بل طبقات المعاني مخفية كما مر بنا مرارا الحديث الذي رواه الصدوق في معاني الاخبار «حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه».
هذه الشروط من الاجتهاد والشرط الرابع من الفقاهة وهو «عرف أحكامنا»، لو كان عنده ملكة قوية في الاجتهاد لكن ليس فقيها لايصل الی النتيجة، إذاً لابد أن يكون مؤمنا ثم محدثا ثم مجتهدا ذوباع وملكة وقدرة وذوق وفقيها، عرف أحكامنا يعني يعرف النتيجة من النظر وعلاجة الفكر والاستنتاج والتحليل والتدبر. فلابد أن تكون عند الانسان قدرة أنه يستنتج و يستخلص ثم ينسق بين النتائج بين بعضها البعض، هي هذه الفقاهة. هذه تدل علی الصلاحيات التي تصلح للفقيه لاللمجتهد.
بعد هذه الشرائط يقول الإمام عليه السلام: «فليرضوا به حكما»، هذا بحث مهم حتی في الفقه السياسي، ولاية الفقيه أو الحاكم للمسلمين والحكم الإسلامي، الامام عليه السلام يأتي بمواصفات ثم أوكل الی الأمة المؤمنة أن تشخص تلك المواصفات، لها دور في انتخاب بهذا المعنی يعني يعطي الائمة عليهم السلام الشرائط ويقولون أنتم أيها المؤمنون عليكم بتعيين مصداق هذه الشرائط، ابتداءا و بقاءا.
هذه الشرائط كانت في زمن رسول الله وستكون في دولة صاحب الزمان ودول الرجعة، طبعا المعصوم له حق أن يعزله أو ينصب شخصا آخر. لكن المقصود عموما بحسب نظام آية النفر أو الآيات العديدة تدل علی أن الفقهاء هم آزرون لجهاز المعصوم ومعاونون له لاأنهم بديل للمعصوم. آية النفر لها دلالة، آية ﴿إنا أنزلنا التوراة يحكم بها النبيون -ليس الكلام في خصوص التوراة بل سنة الله عزوجل- والربانيون والأحبار﴾[4] الطبقة الثالثة الفقهاء، الأحبار يعني العلماء والربانيون يعني الأوصياء.
هذه الرواية أكثر حساسية في روايات باب القضاء و هذا الباب وفيها إشكالات عديدة سنتعرض اليها وبدون توضيح هذه المواد لانستطيع أن نعالج جملة من التساؤلات حول هذه الرواية. فإذاً هذا النظام الذي يذكره الإمام الصادق عليه السلام لاحظ حتی البحث الفقه السياسي هنا استنبطه الفقهاء الإمامية نظام الحكومة الإسلامية. الميرزا الناييني وصاحب الكفاية والعلماء قبلهم وبعدهم كلهم من هذه الروايات استنبطوا، كلمة كلمة يستنبطون منها قواعد دستورية عظيمة. فمتی دور الناس؟ في ضمن حاكمية الله عزوجل و الدورة الإلهية لأنه يأتي بالمواصفات بالفقيه، طبعا حتی في الدستور العراقي المادة الثانية أن دين هذا البلاد هو الإسلام يعني الهوية الأصلية الإسلامية والمادة الثانية حاكمة علی كل المواد التي تأتي بعدها بل كل دستور الدول الإسلامية إلا دولة تخلی عن هويتها، بل المادة الاولی و إن كانت قابلة للتغيير لكن المادة الثانية غير قابلة للتغيير وهذا خطأ دستوري، المفروض هذه المادة الثانية أخطر وجعلوها المادة الثانية في دستور العرب، في دساتير الدول العربية والدول الإسلامية هذه مادة الأولی وغير قابلة للتغيير أبدا وهذا اشتباه علماء الدستور، المادة الثانية هي المادة الاولی و المادة الاولی تجعل المادة الثانية و الثالثة، لأن المادة الثانية غير قابلة للتغيير و مأخوذة من نفس الديباجة والديباجة غير قابلة للتغيير. نظام رئاسي ونظام برلماني قابل للتغيير لكن هذه المادة الثانية غير قابلة للتغيير.
علم أصول القانون يعطيك ضوابط طبقات القوانين لايمكن أن يصير الفرع أصلا والاصل يصير فرعا، مثلا لايمكن أن تجعلوا الصلوة أصلا و الولاية لأهل البيت تجعلوه فرعا، طبيعة الفقه الدستوري وفرقه عن الفقه القانون النيابي أو الفقه القانون الوزاري أنك تعرف علم أصول القانون. لتعرف الكلي الأساس و الكلي الأضيق والكلي الأضيق الأضيق ولاتجعلون الكلي الأضيق الأضيق فوق والكلي الاوسع تحت. إذا تجعل الصلوة أساسا أو في عرض الولاية ما فهمت المعنی الماهوي للولاية والمعنی الماهوي للصلوة.
يعني عمن تأخذ الصلوة؟ أخذت الصلوة عن الولاية أو أخذت الولاية عن الصلوة؟ ما لكم كيف تحكمون؟ أخذتم القرآن عن الرسول أو أخذتم الرسول عن القرآن؟ من روی لكم القرآن؟ فكيف تجعلون القرآن في عرض الرسول؟ علم أصلول القانون ليس مخصوصا بعلم أصول الفقه نفس الفقه له أصول القانون ونفس علم الكلام له أصول القانون أصول القانون عبارة عن منهجية ومنطقية خاصة وتحليلية صناعة التحليل والتركيب. حتی الرجال له أصول القانون، الأسس الأساسية القويمة المهمة في علم القانون هو عملية الطبقات بالتشريع أو القوانين.
هذه الرواية من روايات أساس القضاء وأساس بحث الفتياء وإتقانها لازم لأن التساؤلات عبيسة حولها.