41/05/02
الموضوع: باب التعارض الروايات العلاجية للمحمول، قول صاحب الكفاية في الروايات
كنا فيما استدل علیه صاحب الكفاية بأنا إذا عملنا بأدلة الترجيح سوف تكون أدلة التخيير لغوا لأنه يندر موارد التعارض التي لايكون فيها مرجح وسجلت ملاحظة علی كلام الاخوند بأن هذا الكلام يتم علی المبنی والقول بالتعدي من المرجحات المنصوصة الی المرجحات غير المنصوصة وهناك قولان في البين.
جواب آخر: لكلام صاحب الكفاية هو أن هذا الاشكال حتی لو قلنا بالتعدي إنما يتم لو تبنينا في الترجيح و التخيير علی ماهو لدی متأخري الأعصار ومر بنا أن الترجيج و التخيير عندهم يؤول الی اسقاط أحد الخبرين المتعارضين يعني يؤول الی تمييز الحجة عن اللاحجة. لأنه فرق بين أن تتخير في التمييز بين الحجة واللاحجة وبين أن يكون أحدهما المعين حجة والآخر غير حجة. فهذا الإشكال يتم بصاحب الكفاية، أما علی مبنی المتقدمين الذين يقولون بأن الترجيح والتخيير ليس اسقاطا لحجية أحد الخبرين بل نوع ونحو جمع. هذه نكتة جوهرية جدا أساسية، الترجيح والتخيير عند مشهور المتقدمين يؤول الی الجمع في الدلالة وتاليف الدلالة. هذه نكتة جدا جوهرية.
بعبارة أخری، لبا يؤولان الی قرينة من قرائن الجد ولو في المرجحات التي ترجع الی صفات الراوي، تلك أيضا ترجع الی الدلالة. ماذا ربط الأوثقية والأضبطية الی الدلالة؟ يعني ترجع الی أن الألفاظ التي ذكرها الأوثق أو الأضبط تحكّم علی الألفاظ التي نقلها الراوي غير الأوثق والأورع، فهذه نكتة مهمة أن الترجيح و التخيير عند القدماء يعنيان أن مرجحات الصدور ومرجحات جهة الصدور ومرجحات المضمون كلها تؤول وترجع لبا الی القرائن في الدلالة والجمع بين الخبرين، فعند القدماء الترجيح والتخيير برمتهما يرجع الی المعالجة في الدلالة الجدية.
بينما في الطرف الآخر يختلف مأة وثمانين درجة، التخيير والترجيح لبا يرجعان الی الصدور والمعالجة في الصدور لافي جهة الصدور ولافي الدلالة، سواء كان المرجحات ترجع الی الصدور أو ترجع الی المضمون، عند متأخري الاعصار لاسيما الميرزا الناييني أو السيد الخويي وبعض تلاميذه. فبناء علی هذا المبنی، الذي مضمونه راجح صادر والذي مضمونه ليس براجح ليس بصادر وهذه فارق جوهري عظيم جدا وثمين جدا، يدور باب التعارض كله عليه.
فاذا اتضح هذا المطلب اشكال صاحب الكفاية يرجع الی المتأخرين لاالمتقدمين، لأن التخيير عند المتقدمين يرجع الی أن الخبرين لايتساقطان بل لايتساقط خبر واحد ولايرفع اليد عنهما، حتی في الترجيح، بناءا علی أن التخيير عند المتقدمين لايستكّ مع الترجيح أصلا بل التخيير بمثابة جنس للترجيح يعني معنی التخيير عدم تساقطهما وأن أحدهما يفعّل، هذا نفسه موجود في الترجيح، وأيضا يعطف أحدهما علی الآخر وهذا أيضا موجود في الترجيح فبناءا علی مبنی المتقدمين التخيير ليس مفادا مضادا للترجيح بل جنس ونوع. نكتة لطيفة.
إذاً اشكال صاحب الكفاية من جذره يرتفع لأن حقيقة التخيير عدم تساقط الخبرين وأحدهما لابد أن يفعل، هذا المعنی نفسه موجود في الترجيح، الترجيح كأنما تصنيف التخيير. فإذاً علی مبنی المتقدمين الذي يرجع كل مرجحات الترجيح لبا الی القرائن في الدلالة، هذا الاشكال ليس واردا وأن حقيقة التخيير لبا يعني عدم التساقط وهذا أيضا موجود في الترجيح فالتخيير جنس للترجيح و الترجيح نوع من التخيير. لذلك ذهب المشهور شهرة عظيمة الی التعدي في المرجحات، لأن الترجيح تخيير وزيادة وقالوا الأحوط الترجيح بأدنی مرجح حتی غير المنصوص وأيضا الاحوط الترجيح بالمشكوك المرجيحة، لأنه هو التخيير وزيادة لاكما قال السيد الخويي رحمه الله أن مقتضى القاعدة في غير المرجحات المنصوصة عدم الأخذ بها والتخيير أيضا ليس تاما فيتم التساقط.
طبعا السيد الخويي في كل دوراته ما كان يتبنی علی عدم الدليل للمرجحات بل في الدورة الثالثة أو الرابعة تبنی والشيخ التبريزي أثار لدی السيد الخويي هذا البحث لأنه الصحيح في الدورة الأولی ماكان السيد الخويي يتبنی علی عدم الأدلة علی التخيير. السيد الخويي رحمه الله وفق ستة دورات في علم الأصول.
علی أية حال، فإذاً فيه فارق جوهري في معنی التخيير والترجيح بين المتقدمين والمتأخرين.
الدليل الآخر لدی صاحب الكفاية: لا إطلاقات الترجيح قابلة للتقييد لوبنينا علی أن الترجيح إلزامي ولا إطلاقات التخيير قابلة للتقييد. يقول فحينئذ فتحمل أدلة الترجيح علی التمييز بين الحجة و اللاحجة لا علی الترجيح، فتبقی أدلة التخيير بلامنازع إلا بعض الروايات في الترجيح حملها علی الاستحباب سهل المؤنة. هذا ملخص الوجه الثالث.
ما الشواهد علی أن أدلة الترجيح غير قابلة للتقيد؟ يقول لاحظ العبارة «ماخالف كتاب ربنا فلم نقله واضربه عرض الجدار» هذا الكلام لايمكن أن يقيد مثلا يقول ما خالف قول ربنا لم نقله إلا إذا كان هذا الخبر معارضا. طبعا يطرح ماخالف قول ربنا هذا واضح ليس في مقام الترجيح بين المتعارضين، أو مثلا ما خالف السنة القطعية نفس الكلام، أو مثلا خذ بما اشتهر بين أصحابك فإن المجمع عليه لاريب فيه. المجمع علیه ضرورة والخبر الذي يخالف البديهة الدينية أو البديهية الفقهية لايأخذبها سواء كان له معارض أو لم يكن، كيف يقيد بالتعارض؟ أو ماوافق العامة، موافقةالعامة يعطي الاطمئنان.
يقول الآخوند: هذه ليس مرجحات بل حقيقتها قرائن لتمييز الحجة عن اللاحجة. هذا كلام صاحب الكفاية. هذه الإطلاقات للمرجحات غير قابلة للتقييد بالمعارض. وإطلاقات التخيير أيضا غير قابلة للتقييد ، لمامر أن هذه الإطلاقات إذا قيدت بعدم المرجح، فدائما المرجحات موجود وتصير لغوا، لذا أدلة الترجيح هي باب آخر غير باب التعارض، باب تمييز الحجة عن اللاحجة، أما أدلة التخيير فهي مطلقة. هذا محصل كلام صاحب الكفاية.
هذا الكلام فيه نكتة مهمة جوهرية وعمدا قبل الخوض في الروايات أثرنا كلام صاحب الكفاية أو كلمات الأعلام لأجل هذه النقطة التي سنخوض فيها.
هذه النقطة هي أن الروايات الواردة في أبواب العلاج للتعارض التي جمعها صاحب الوسائل والمجلسي والميرزا النوري في المستدرك وغيرهم، هذه الروايات مكدسة ومكومة، أعظِم بالروايات وأعظِم لكن كلامنا ليس في الروايات، كلامنا في جمع صاحب الوسائل أو جمع المجلسي أو جمع الكليني، جمعوها في باب واحد والحال أنها ليست ناظرة الی باب واحد باب التعارض. بل هي بعضها وارد في التعارض وبعضها وارد في أصل الشرائط الأولية لحجية خبر الواحد لا عندما يبتلی بالمعارض وبعضها وارد في باب ثالث وهو تمييز الحجة عن اللاحجة، يعني عند الاشتباه بين الحجة و اللاحجة.
ما الفرق بين الباب الثاني والباب الثالث؟ الباب الثاني ليس في اشتباه الخبرين، ليس عندنا خبران بل خبر واحد أو طائفة واحدة في مسئلة معينة، كيف نعرف أن هذه الاخبار واجدة لشرائط الحجية. والباب الثالث، هناك تنافي بين الخبرين أو بين طائفتين بين الأخبار ونعلم بأن أحدهما لاحجة والآخر حجة. فالباب الثالث اشتباه بين الخبرين والباب الثاني ليس في الخبرين أو الطائفتين.
ماالفرق بين الباب الثالث والباب الأول والتعارض. الباب الثالث سواء فيه تعارض أو ليس فيه تعارض لكن فيه اشتباه الحجة باللاحجة، مثلا عندنا خبران بينهما عموم وخصوص مطلق، ليس بينهما تعارض لكن نعلم إما الخاص اشتباه فيه وغير واجدة لشرائط الحجية أو العام، هذا اشتباه الحجة بللاحجة وغير مقيد بالتعارض، لكن تعلم بأن هاتين الطائفتين ليست كلاهما حجتين.
أما الطائفة الأولی ففيه تعارض وكل منهما واجد لشرائط الحجية لولا المعارض. باب التعارض وباب أصل الشرائط الأولية لخبر الواحد والباب الثالث اشتباه الحجة بلاحجة . طبعا فيه روايات الباب الرابع وهو الإحتياط قبل الفحص أو عند العلم الإجمالي. هذه الروايات أيضا اقحمت في هذه الروايات.
فلاحظ هذه النكتة، أن الروايات جمعت في باب واحد لكن بالدقة الفقيه يأتي يسجل المؤاخذة علی صاحب الوسائل أو صاحب البحار مع أن هذين العلمين فقيهان لكن فوق كل ذي علم عليم. هنا هذه النكتة جدا مهمة وهي أن الفقيه يعرف كل رواية أين بابه، ولايتأثر بجمع صاحب الوسائل أو جمع صاحب البحار أو بجمع الكليني أو غيرهم، كم من غفلة يغفل فيها الكبار يحشدون الروايات في بحث ليس مرتبطا بالبحث بل فيه روايات حشدها في باب آخر لها صلة بهذا البحث، لذلك يقولون الوسائل عظيم وخطير لأن الفقيه يقلد صاحب الوسائل من لاشعور إذا دخل فيه بلاشعور، أو يقلد التهذيب أو البحار من حيث لايشعر، فهذه النكات جدا مهمة الفقيه كل الفقيه لازم أن يعير و يوزن و يصيرف الروايات. هذه جدا مسئلة غامضة ومبهمة.
هي السبب الذي يؤدي للسيد البروجردي أن يؤلف دورة أخری، وإن كان مااسعفه العمر وكتب جزئين والبقية كتبها تلاميذه لاتحت إشرافه. السيدلاخويي أيضا عزم علی هذا الشيء و إصل عزمه ماكان دورة الرجال و لابحث الرجال بل أصل مشروع السيد الخويي مشروع علم الحديث وهذا معجم الرجال أصل تأليفه هو دورة حديثية لكن لما سمع أن السيد البروجردي بادر لهذه القضية قال تكرار المشروع لامعنی له. وبعد ذلك أشرع في علم الرجال. فهذه النكتة صناعية وجدا مهمة.
الرجوع الی كلمات المشهور أيضا هكذا. لذلك يقولون أيها الفقيه انظر الروايات قبل أن تنظر الكلمات ثم انظر الكلمات ثم عاود النظر الی الروايات. قد تفهم غير ما فهموه. وكم من مورد له. هذه النقطة تحتاج الی التكميل، أصناف الروايات الورادة في أبواب علاج التعارض. جملة من الأعلام عندهم غفلة في هذا البحث و سنذكر بعض أسماءهم عبرة.