41/04/28
موضوع: باب التعارض، الأدلة العلاجية المحمولية، الفارق بين المتقدمين والمتاخرين، معاودة ذكر الاقوال
كان الكلام في الفوارق بين مبنی المتقدمين والمتأخرين في حقيقة الترجيح وحقيقة التخيير، علی اية حال هذه جملة من الأمور الفارقة بين المتأخرين والمتقدمين.
نقطة أخری نذكرها أيضا في الفوارق ان الترجيح عند المتقدمين والتخيير مآله الی التأويل في المدلول الجدي يعني عطف المرجوح دلالة علی الراجح والذي لم يتم اختياره علی الذي تم اختياره فحقيقة التخيير والترجيح ترجع الی نوع من التصرف في الدلالة وهذا بخلاف جوهر التخيير والترجيح عند المتأخري الأعصار لاسيما الميرزا الناييني، عندهم يرجع مآلهما الی تمييز الحجة عن اللاحجة. فهذه الفروق مهمة.
نذكر مامر من الفارق أيضا أمس؛ أن المتقدمين لايرون أن منشأ التعارض هو الصدور وإنما يرون منشأ التعارض الدلالة الجدي ومن ثم لايوسّعون بقعة التنافي بين الأمارات ولمّا تكون في صعيد الدلالة هي بنفسه قرينة عندهم علی التصرف في الدلالة وهي قرينة علی أن المراد الجدي في المتعارضين أو في أحدهما ليس علی طبق المفاد التصوري أو الاستعمالي أو التفهيمي. هذه علی كل جملة من الفوارق عند تعارض الامارات سواء خبري الواحدين أو الأمارات الأخرى من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وسبق شاهد وبرهان علی مبنی المتقدمين هو أن الحجية مجموعية، حجية خبر الواحد ليست فقط إشارة الی الصدور، فكيف بجهة الصدور والدلالة والمضمون لأن في خبر الواحد مجموعا من الحجج وليست حجة واحدة، فإذاً لماذا نحصر التنافي في الصدور كأنما الصدور شيء مستقل وهو ليس مستقلا بل هو مجموعي فلذلك الصحيح هو ماذهب اليه المتقدمون.
نقطة أخری: في هذا البحث سبق الإشارة اليها في قاعدة الجمع أو قاعدة تعدد الظهور ونعيد ذكرها؛ هناك اختلاف بين الأعلام في ترتيب المرجحات هل بينها ترتيب أو ليس بينها ترتيب؟ ثم الذين يقولون بالترتيب ما المقدم في المرجحات؟ اختلاف بين صاحب الكفاية والشيخ الأنصاري وبين الميرزا حبيب الله رشتي يعني ثلاث أقوال أو اكثر، منهم من يرجح الصدور ومنهم من يقدم جهة الصدور ومنهم يقدم الدلالة، السيد الخويي يبني علی ترتيب أن الموافقة والمخالفة للكتاب مقدمة ثم الموافقة والمخالفة للسنة، هذا المقدار من الترتيب هو الذي وجد في الروايات العلاجية.
المختار: كما سيأتي أنه بغض النظر عن ترتيب المرجحات صناعيا، الثبوت ترتيبه معاكس للإثبات. في الإثبات ترتيبه من الصدور ثم الدلالة الإستعمالية ثم الدلالة التفهمية ثم الجدية، هذا يقتضي أن الصدور أول ثم جهة الصدور ثم الدلالة. طبعا إذا لاحظنا المضمون يصير متأخرا عن جهة الصدور أما إذا لاحظنا الدلالة يقرب أن الدلالة مقدمة علی جهة الصدور، الدلالة بمعنی الإستعمالية والتفهيمية. فالترتيب هكذا الصدور وجهة الصدور والدلالة. أما ثبوتا فعكسه، أولا المراد الجدي ثم الإرادة الجدية تتعلق بالمراد ثم التكلم وهو الصدور، ولانلتزم في الترتيب في المرجحات بقول مطلق وإن كان الترتيب في محله إجمالا أو في الجملة، لأن بعض المرجحات إذا كانت قوية جدا -وإن كانت متأخرة- تتقدم علی ماهو متقدم ما دام أضعف دلالة، فالاستثناء أو الضميمة للترتيب الذي نلتزم به بهذا المقدار.
قلنا هذه النقطة لأنها في الحقيقة هذه المراتب أن الصدور يعني التصور ثم الإستعمالي ثم التفهيمي ثم الجدي فمن ثم حقيقة المرجحات عند المتقدمين -ونبني عليه- كلها ترجع الدلالة سواء الدلالة التفهيمية أو الدلالة الاستعمالية أو الدلالة الجدية لذلك حقيقة الترجيح هو تصرف دلالي وترجيح دلالي برمته. هذه نكتة مستقلة سبق ذكرها.
هذا الشرح والبسط لحقيقة الترجيح أيضا يكشف لنا أن المرجح يقدم ولو كان متأخرا مادام دلالته قويا كما نبه علی ذلك في علم البلاغة* صحيح بين التصور والاستعمال الأول الدلالة التصورية ثم الدلالة الاستعمالية ثم الدلالة التفهيمية ثم الجدية ولكن إذا صار قويا بدرجة يقدم، لذلك قطعي الصدور ليس فوقه فوق من جهة المرجحات أو بالعكس عندهم أن الخاص من خبر الواحد مع أن الدلالة التصورية والصدور فيه ظنية لكن يقدم علی ظهور الكتاب لأن دلالته الجدية قوية، عل اية حال إذاً الترتيب موجود لكن مع ذلك عنصر القوة أيضا موجود.
هذه المقدمات والنقاط التمهيدية التفتنا اليه وسنضطر الی مراعات هذه الخطوات خطوة خطوة في تفسير الروايات العلاجية وإلا يبهم البحث ويكون غامضا.
نعاود ذكر الأقوال لأنها مهمة والالتفات الی الأقوال عبارة عن الاحتمالات في الروايات العلاجية لابد أن ندقق حدود الاقوال وقوالب الاقوال يعني ربما يستغرب الانسان أن الفقهاء يدرسون فتاوا بعضهم البعض لمن تقدم منهم من الطبقات يدرسونه ويتدبرون في قوالبها و زواياه لماذا مع أنها فهم البشر ونتيجة جهد عالم من العلماء، هذا ليس تقيدا بأقوال العلماء بقدر أن كل قول هو محاورة استظهارية و استنباطية في الروايات وهو احتمال من الاحتمالات، احتمال في مجموع طوائف الروايات أو دلالات الروايات، فهذا القول عبارة عن نوع من التوليف أو الفذلكة الصناعية بين زوايا وألسن ودلالات الروايات. صحيح، هذا ليس وحيا منزلا لكن هو احتمال من الاحتمالات ولابد من المداقة في دلالات الروايات، هل منطبقة علی هذا القول كإحتمال أو لا؟. يعني هي عبارة عن إثارات في زوايا الروايات. ليس الأقوال ديكورا فقهيا. لذلك نعاود ذكر الاقوال.
الأقوال: قول بالتخيير مطلقا نسب الی بعض المتقدمين منهم الكليني، قول بالترجيح مطلقا بلاتخيير وهذا يتبنی السيد الخويي عليه ويطعن في وجود الأدلة علی التخيير والقول الثالث هو المشهور والمعروف أنه الترجيح فإن لم تتوفر المرجحات تصل النوبة الی التخيير. القول الرابع أن حقيقة هذه العلاج في الروايات العلاجية يرجع الی تمييز الحجة عن اللاحجة وهذا التزم به في الجملة صاحب الكفاية والسيد الخويي. يعني يركب صاحب الكفاية بين هذا القول والقول الأول والسيد الخويي يركب بين هذا القول والقول الثاني والمشهور لايركبون، بينما القدماء عندهم فرض أن موارد القول الرابع هو غير موارد التعارض ومتميزة عن مورد القول الثالث.
القول: بالاحتياط مر بنا وهو قول الأخباريين، القول بالاحتياط قولان و ليس قولا واحدا؛ القول بالاحتياط وهو الترجيح بالإحتياط وعند القدماء الإحتياط مرجح من المرجحات، هذا قول خامس وإذا تتذكرون الإحتياط مرجح في التعارض، هل الإحتياط الفقهي يعني الاحتياط في المضمون؟ هناك احتياط في الصناعة الأصولية يتبناها القدماء وربما نشرحها في مناسبة وصعب جدا ولايتمكن منها إلا الفحول. هو إحتياط في نفس عملية الاستنباط. نسميه احتياطا أصوليا، أو إحتياطا صناعية يعني الفقيه في الاستنباط وعملية الاستنباط يحتاط في كيفية الإستنباط، معنی الاحتياط ماذا؟ معنی الاحتياط أنه لا يفوته الواقع كيف المجتهد يحتاط في الاستنباط بحيث لايفوته الواقع؟ هذا صعب. هذاالمنهج اعتمده الشيخ المفيد أو الطوسي كثيرا، حتی السيد المرتضی وحتی المحقق الحلي لكن هو غامض ولم يتطرق اليه بشكل مبسوط. يراد له التضلع في الصناعة الأصولية بشكل حاذق. كيف عندنا تخيير أصولي و تخيير فقهي كذلك الإحتياط. فالقول الخامس الإحتياط الفقهي و القول السادس الإحتياط الأصولي وفيه إحتياط آخر هو القول السابع و الاحسن ان نجعله مقدما علی الحتياط الاصولي ونعده القول السادس و الاحتياط الصولي هو القول السابع، علی اية حال هذا القول يعني أن تجمع بين المضمونين، ربما بعض الأخباريين بإعتبار أن الشبهة الحكمية عندهم احتياط. ا
لمهم روايات الاحتياط في الأدلة العلاجية جملة منها الاحتياط الاستحبابي وجملة منها في موارد العلم الاجتمالي و جملة منها في موارد قبل الفحص وجملة منها في موارد الاحتياط في الاستنباط وليس هي واردة في المتعارضين بالدقة والقول الثامن وهو التوقف وهذا التوقف أجيب عنه عند قرائة رواياته التوقف أولا في مورد قبل الفحص بالدقة عند حضور المعصوم يحتاط إلی أن يصل المعصوم.
ماذا الفرق الجوهري بين التوقف والاحتياط؟ التوقف عدم الإفتاء من جهة الفتوا و من جهة العمل كالاحتياط، الإحتياط كمرجح فيه فتواء و الإحتياط في الاستنباط فيه فتواء والاحتياط أيضا كعمل بمضمون الروايتين فيه فتوا لكن التوقف ليس فيه فتوا حتی في التقليد يمكن أن يتوقف الی أن يفحص عن واجد الشرائط، يحتاط عملا لكن لايلتزم بأن الحكم هكذا. هذا هو الفارق الجوهري بين التوقف والاحتياط. التوقف لايفتي ولايلتزم بحكم من الأحكام وبقول من الأقوال لكن عملا يحتاط. روايات التوقف سنخها قبل الفحص أو قل مع إمكان كشف الواقع. إمكان كشف الواقع و ملاقاة المعصوم كناية عن قابلية الفحص. فالمعصوم إما نصل اليه بحضوره الفيزيايي أو بحضوره مع رواياته والفحص عن أقوال المعصوم الصامت.
هذه مجمل الأقوال وإن شاء الله نبدأ بتفاصيل الأقوال.