41/04/25
الموضوع: باب التعارض الروايات العلاجية المحمولية
كان الكلام في الروايات العلاجية الواردة، ومر أن بعضها وارد في معالجة التعارض موضوعا يعني موضوع الدليل لاموضوع المدلول، وبعضها وارد في العلاج المحمولي يعني الحجية. الان كلامنا في التقسيم بلحاظ العلاج المحمولي،يعني إذا لم يتم العلاج الموضوعي تصل النوبة إلی العلاج المحمولي. هذه الروايات في باب اثنی عشر من أبواب صفات القاضي من كتاب وسائل الشيعة.
طوائف الروايات الواردة هي في الحقيقة قسم منها لسانها التوقف «أرجه حتی تلقی امامك» وبعهضا لسانها الإحتياط وبعضها لسانها الترجيح وبعضها التخيير، فأربع ألسنة من الروايات غير الروايات التي تعالج الموضوع.
هذه الروايات طبعا مشهور الأصوليين لم يذهبوا لا إلی التوقف ولا إلی الإحتياط، الإحتياط كحكم الإحتياط -لاالإحتياط كمرجح هذا يندرج في الترجيح-. جملة من المحدثين أو فقهاء المحدثين ذهبوا إلی التوقف أو إلی الإحتياط، طبعا الأخباريون ذهبوا إلی الإحتياط في الشبهة الحكمية وهذا بحث آخر غير التعارض.
الإحتياط في الخبرين يختلف سنخه عن الترجيح بالإحتياط، الترجيح بالإحتياط يعني يری وينظر و يتدبر أي الخبرين أقرب إلی الإحتياط فيرجح علی الخبر الآخر وأما الإحتياط عند التعارض بين الخبرين يعني الجمع بين الخبرين بنحو الإحتياط يعني العمل بكلاالخبرين، ففرق بين أن يكون الإحتياط مرجحا و بين أن يكون وظيفة في التعامل بين الخبرين المتعارضين يعني تجمع بينهما علی صعيد الإحتياط في العمل، هذا المبنی في الإحتياط لم يذهب إلیه مشهور الأصوليين لما سيأتي من القرائن الدالة علی أن الروايات الدالة علی الاحتياط إما في الإحتياط قبل الفحص أو الإحتياط مع وجود العلم الإجمالي أو الإحتياط مع التمكن من وصول الواقع وقول الإمام عليه السلام أو الإحتياط في كيفية الإستنباط وهذه الاحتياطات ملزمة ومقررة في محلها، أما عند التعارض فيتعامل مع الخبرين بنحو الاحتياط، كمرجح، أما الاحتياط بمعنی أن الوظيفة تجاه الخبرين المتعارضين أن تعمل بكل منهما احتياطا هذا أول الكلام في مساعدة لسان الطائفة الثانية علی ذلك،كما سيأتي إن شاءالله مفصلا.
أما لسان الثالث والرابع التخيير والترجيح الذان ذهبا إليهما مشهور الأصوليين، يمكن أن نقول أن الأقوال الرئيسية البارزة فيها أربعة أقوال: قول يذهب إلی التخيير مطلقا من دون الترجيح. هذا ذهب اليه الكليني يعني يظهر من الكليني في مقدمة الكافي أنه يذهب إلی التخيير مطلقا وقول عكس ذلك يذهب إلی الترجيح مطلقا من دون التخيير، إما الترجيح أو التساقط، هذا ذهب إليه السيد الخويي لأنه بنی علی عدم تمامية أدلة التخيير في دوراته الأخيرة، الشيخ التبريزي كان يقول هذه الاثارة من عنده وسنبين إن هذه الإثارة ليست في محلها و أن ادلة التخيير تامة تماما. القول الثالث وهو قول مشهور الأصوليين أنه يقدم الترجيح فإن لم يمكن الترجيح تصل النوبة إلی التخيير، وهو الصحيح. القول الرابع ذهب إلی أن أدلة الترجيح هي ليست في المتعارضين وانما أدلة الترجيح هي في صدد تمييز الحجة عن اللاحجة. صورة تعارض و ليست حقيقة تعارضا. يعني أدلة الترجيح واردة في ما صورته التعارض.
هل هنا عندنا تعارض واقعي وعندنا تعارض صوري؟ التعارض يمنع الحجة عن الحجية كيف يصير واقعيا؟ علی كل سيأتي تفسيره، ففيه تعارض حقيقي هذا ليست فيه الترجيح حسب مبنی القول الرابع وإنما أدلة الترجيح هي في صدد تمييز الحجة عن اللاحجة لأن دوران الحجة عن اللاحجة صورة تعارض في جملة من الموارد. فهذه أقوال.
الكليني ذكر ثلاث مرجحات في ديباجته، موافقة الكتاب أو مخالفته و موافقة السنة أو مخالتها و مخالفة العامة وموافقتهم، ثم قال الكليني ولانجد من ذلك إلا قليلا فلانجد شيئا أوسع من الركون إلی التخيير الذي رخصوا فيه الحجج صلوات الله عليهم. هذه مضمون عبارته و استفيد من عبارته أنه يبني علی التخيير مطلقا يعني أصل التخيير وأدلته عنده مسلم، بينما السيد الخويي يقول لم تتم سندا أدلة التخيير.
صاحب الكفاية ذهب إلی القول بالتخيير مطلقا وحمل روايات الترجيح علی الإستحباب أو حملها علی أنها في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة. صاحب الكفاية يحمل روايات الترجيح التي هي العلاج المحمولي يحملها علی أنها بصدد الاستحباب أو تمييز الحجة عن اللاحجة.
قبل الدخول في أدلة صاحب الكفاية ونقاش الأعلام مع صاحب الكفاية ثم نستعرض إن شاءالله طوائف الروايات لابد أن نبسط الحديث عن مباني حقيقة التخيير والترجيح عند متأخري الأعصار وفرقها عن المتقدمين. هذه البحوث جدا مهمة والباحث إذا كان بصيرا عنها يستطيع أن يستنطق روايات اشتباه الحجة بللاحجة.
مر بنا أن معنی اشتباه الحجة باللاحجة يعني أنا نعلم إجمالا أن أحد الدليلين بغض النظر عن التعارض و التنافي لابسبب التعارض بل قبل التعارض والتنافي أحد الروايتين أو أحد الدليلين أو أحد النسختين افترض سندهما أو جهة الصدور أو الدلالة بجهة التباس النسخ أحد الروايتين فيها خلل، صورة كلا الروياتين ليس فيهما خلل لكن نعلم إجمالا بقرائن أنه ربما صار خطأ في كتابة سند أحد الروايتين.
هذا طبعا وظيفة علم الرجال و علم الحديث ومن الوظائف المهمة جدا يقدم بها علم الرجال وعلم الحديث التدقيق في النسخ والمتون وصورة أسماء الرواة والرجال، حسب كلام الوحيد البهبهاني ومايقوله تم إثباته وأيضا جمعنا قرائن وشواهد كثيرة من كلمات النجاشي والغضائري أن معنی الضعيف يعني أن هذا الرجل غير متثبت وإن كان عالما كبيرا، فيه علماء كبار من الرواة يذكرهم النجاشي لكن طعن عليهم أنهم ضعفاء يعني لايدققون و لايثبتون في أسماء الرواة أو في ألفاظ الروايات ويخلظ المتون بكلمات الرواة أو يخلط الأسانيد مع بعضها البعض يعني السذاجة العلمية عنده أو التفريط أو عدم الضبط العلمي، أصلا معنی الضعيف هو هذا لا أن لسانه و لهجته فيها الكذب من جهة الصفة العملية و إن كان فيه الكذب والخلل من الضبط العلمي. عشرات موارد و قرائن أن مراد الرجاليين مثل النجاشي والغضائري والكشي.
المقصود أن اشتباه الحجة بلاحجة معناه أن تعلم بأن صورة السند في أحد الروايتين فيها خلل، هذا إسم الجد أو إسم الأب أو اسم الراوي لذلك السيد الخويي في معجم الرجال يضبط النسخ وهذه ميزة دورة الرجال للسيد الخويي هو يحاول يضبط النسخ و الطبقات وإن كان هو صرح أن هذا العمل يحتاج إلی التكميل.
فإذاً اشتباه الحجة بللاحجة معناه أن أحد الروايتين إما سندا أو متنا أو جهة الصدور فيه الخلل. مثلا عندنا في باب الخمر نجاسة الخمر طائفتان أو ثلاث أو أربع طوائف من الروايات، في طائفة من الروايات يقول الإمام الرضا عليه السلام الطائفة الفلانية صدرت تقية، التعبير عن الرضا ما قاله الصادق عليه السلام تقية. الإمام الصادق رويت عنه نجاسة الخمر و طهارة الخمر ، رويت عن الباقر والصادق عليهما السلام نجاسة الخمر ورويت عن الصادق منفردا طهارة الخمر، مراد الامام الرضا عليه لاسلام أي طائفة؟ جماعة مثل الشهيد الصدر حمل مفاد رواية الإمام الرضا علی الرواية الدالة علی النجاسة لاالرواية التي قالت بالطهارة، هذا خطأ، علی كل تأتي طائفة رابعة أو ثالثة وتكون حاكمة علی أن جهة الصدور في أحد الطائفتين من الروايات فيها خلل والتبس الأمر عند العلماء. طبعا لو اشتبه الأمر وعندنا قرائن لايشتبه الأمر. علی كل لكن عند من اشتبه الأمر عنده يصير من دوران الحجة باللاحجة أو مثل الدلالة مثل أن هذه اللفظة ليس موجودة في طائفة من الروايات. من هذا القبيل موجود فإذاً موضوعا اشتباه الحجة بللاحجة هو خلل إما في سند الرواية أو جهة الصدور أو دلالة ألفاظ الرواية.
مر ذكر هذا المطلب أن اشتباه الحجة بللاحجة حتی في قطعيي الصدور لأن في متن واحد هكذا و متن واحد غيره، الثقل الأكبر القرآن أو الثقل الأكبر أهل البيت عليهم السلام ولو أن عندنا هذا ليس من التعارض والتناقض. إذاً اشتباه الحجة باللاحجة ليس ضروريا أن تكون في الدليلين الظنيين قد يكون قطعيين وقد يكون قطعيا وظنيا . تعارض صوري ولكن واقعه اشتباه الحجة بللاحجة. هذا كيف علاجه وليس تعارضا حقيقيا؟ سياتني ومحل ابتلاء.
نكتة أخری نذكرها قبل تفاصيل الأقوال: بناءا علی مشهور الأصوليين المتأخرين، التخيير أو الترجيح يعول إلی اشتباه الحجة بللاحجة وتمييزهما. قبل قليل مر بنا أن الدوران بين الحجة واللاحجة تعارض صوري بينا التعارض الحقيقي كل دليل واجد لشرائط الحجية فكيف يعول التخير والترجيح عند متأخري الأعصار يعني مأتين أو ثلاثمأة سنة أخيرة يعول إلی اشتباه الحجة بللاحجة؟ نعم الفارق الموضوعي موجود بين دوران الأمر بين الحجة واللاحجة و التعارض الحقيقي وهذا الفارق الذي مربنا صحيح ولكن معنی الترجيح عند متأخري الأعصار معناه أن الراجح يتوفی علی شرائط الحجية والمرجوح فاقد لشرائط الحجية، لا الفاقد لشرائط الحجية مطلقا بل في ظرف التعارض فاقد لشرائط الحجية ولما في ظرف التعارض فاقد لشرائط الحجية فبالتالي يصير تمييز الحجة عن اللاحجة ويسقط ويطرح المرجوح عن الحجية. بسبب الترجيح والتعارض والعلاج يصبح لاحجة. فالترجيح مآلا يعول الحجة واللاحجة. التخيير أيضا هكذا عند متأخري الأعصار. ما تختاره يكون حجة و الثاني ليس بحجة ويطرح و يسقط عن الحجية مآلا يصير من تميير الحجة عن اللاحجة. التخيير والترجيح عند متأخري الأعصار يصير تميير الحجة واللاحجة.
إذاً ماذا الفرق بين التعارض الحقيقي والتعارض الصوري إذا كل منهما مآلا يعول إلی التمييز بين الحجة واللاحجة؟ غدا نذكر الفارق إن شاءالله.