الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: باب التعارض، الأدلة العلاجية، العلاج المحمولي

إجمالا الان يقع الكلام حول حكم التعارض محمولا، بعد أن تستنفذ الطرق العلاجية الموضوعية من الجمع بين دلالات الأدلة تصل النوبة إلی الروايات العلاجية وهي تعالج المحمول مع أنه كما سيأتي جل الروايات تعالج التعارض موضوعا ولكن لو استنفذت طرق العلاج الموضوعي تصل النوبة العلاج المحمولي.

المقصود من الموضوع يعني موضوع التعارض وليس موضوع الأدلة، العلاج الموضوعي يعني موضوع التعارض وهو يعني مجموع الدلالة في الدليلين سواء محمول المدلول أو موضوع المدلول وهما يغايران محمول الدليل، المدلول مفاد فقهي أما محمول الدليل يعني الحجية فالمدلول فقهي و الدليل شأن أصولي.

حجية خبر الواحد شأن أصولي، خبر الواحد دليل والظهور هو الدليل أيضا فمحمول الدليل هو الحجية و يختلف عن محمول المدلول، محمول المدلول مثل «من أفضی امرأته دون التسع حرمت عليه مؤبدا.» المحمول الحرمة الأبدية و الموضوع الزوجة دون التسع. هذان محمول المدلول وموضوع المدلول، أما محمول الدليل هو الحجية.

فهناك فرق بين محمول الدليل ومحمول المدلول. عندما يقال نعالج العلاج الموضوعي أو العلاج المحمولي في التعارض المراد به أن نعالج الدليل إما نعالج موضوعه يعني مجموع مدلوله نؤلف و نوالم بينه وبين مجموع المدلول الآخر موضوعا ومحمولا. هذا يعبر عنه علاج التعارض موضوعا لأن مدلول الدليل بمثابة الموضوع للدليل فعلاج التعارض موضوعا يعني التأليف والتوليف بين المدلولين. مثل موافقة الكتاب أو القرينة أو الجمع التبرعي أو التخصيص والتقييد هذه علاج التعارض موضوعا، أما العلاج للتعارض محمولا فيعني بحث الحجية.

فإذاً التعارض يكون بين الدليلين ولو بلحاظ المدلول، ثم هناك علاج التعارض موضوعا يعني موضوع الدليل يعني مجموع المدلول محمولا وموضوعا. موضوع المدلول ومحمول المدلول هما موضوع للدليل أو قل موضوع الحجية، فعلی هذا علاج التعارض موضوعا ليس مقصودنا موضوع المدلول فقط ولاينحصر في موضوع المدلول بل محمول المدلول أيضا يعالج موضوعا لأن المدلول برمته موضوع للدليل والحجية. فإذاً علاج التعارض موضوعا هذا هو المراد به. كل علاج في المدلول هو علاج موضوعي وليس محموليا، إذا عجز الفقيه المجتهد عن معالجة المدلول وهي العلاج الموضوعي إذا عجز عنه تصل النوبة إلی العلاج المحمولي يعني الحجية وهي الحكم الأصولي، من ثم إذا عبر عن العلاج الموضوعي في التعارض فهو العلاج الفقهي بلحاظ رمة المدلول لكن ليس بالضرورة ان يكون حكما فقهيا قد يرتبط بالعناصر في المدلول يعني يرتبط بالمدلول، هذه نكتة مهمة تصنيف مصار العلاج للتعارض يجب أن يميز الإنسان سنخا.

بلاشك العلاج الموضوعي للتعارض مقدم رتبتا لانه ينتفي التعارض. التعارض بحث أصولي يعني علاج التعارض زاوية أصولية يعين بها الفقيه أو علم الفقه. إذاً هناك سنخان من العلاج كل ما مربنا في العلاج كان في العلاج الموضوعي للتعارض مثل انقلاب النسبة وغيره. طبعا يقدمه الأصوليون علی العلاج المحمولي.

العلاج المحمولي

الان نبحث عن العلاج المحمولي، إذا استنفذت وعجز الفقيه المجتهد عن العلاج الموضوعي. البحوث في العلاج المحمولي كثيرة، جهات ونقاط عديدة.

النقطة الأولی: تقدم أن الروايات العلاجية جلها وأكثرها في العلاج الموضوعي للتعارض وأقل من عشرة بالمأة واردة في العلاج المحمولي. النقطة هي أن الروايات الواردة في العلاج المحمولي هل هي مختصة بالدليلين الظنيين و الخبرين الظنيين وخصوص الخبرين الظنيين عندما يتعارضا أو تشمل مطلق الظنون أو تشمل الظني والقطعي إذا تعارضا أو تشمل القطعيين لو افترض تعارضهما؟ هذه احتمالات وقبل أن ندخل فيها هي مقسم وخارطة و دعونا نكملها كفهرسة اجمالية.

الفهرسة الإجمالية أهم من الفهرس التفصيلي يعني هي روح الفهرسة التفصيلية، إذا لم يتقن الباحث في كتاب أو مقالة أو تقرير أو تحقيق الفهرسة الإجمالية يكون في الفهرسة التفصيلية مشوشا. أيضا روح الفهرسة الإجمالية هو نفس العنوان والغاية، عنوان المقالة تسيطر علی كل المقالة. النقطة الإولی ديباجة الدستور مثل كلمة العنوان وبعده الفهرسة الإجمالية وبعده الفهرسة التفصيلية وإذا ليس عند الباحث هذه الخطوات يكون بحثه عشوائيا وصدفوية، الخطوة الرابع تفصيل الفهرس التفصيلي، هذه نكتة مهمة منهجية في تدوين أي شيء، حتی في القرائة.

نرجع: النقطة الأولی أن الروايات العلاجية الواردة في التعارض هل هي مختصة بالخبرين الظنيين أو مطلق الظنون أو تعارض الظني و القطعي أو تعارض القطعيات؟

تكميل لهذه النقطة قبل الدخول في تفاصيلها: هذا الكلام ليس فقط في روايات العلاج المحمولي بل هذا الترديد حتی يشمل الروايات العلاجية المعالجة للتعارض موضوعا. هل الروايات العلاجية الموضوعية مختصة بالخبرين الظنيين أو تشمل مطلق الظنون أو تعارض الظني والقطعي أو تعارض القطعيات؟ هذا الترديد شاملة لكل من العلاج الموضوعي و العلاج المحمولي للتعارض.

وجه هذا المدعي تقدم سابقا لكن ماركزنا عليه وسنعيد إن شاءالله في التفاصيل. فالمدعی هو أن الروايات العلاجية موضوعا تشمل الأقسام الأربعة أيضا كالروايات العلاجية محمولا. بينما الأعلام المشهور والمتأخروا الأعصار مبناهم علی أن الروايات العلاجية محمولا مختصة بالخبرين الظنيين. مشهور متأخري الأعصار لكن الطبقات السابقة يكون مختارنا قريب منهم إن لم يكن هو بنفسه. متأخروا الأعصار يخصصون هذا البحث علی تعارض الخبرين الظنيين. روايات العلاج المحمولي للتعارض يخصصونها في الخبرين الظنيين.

فيه ترديد آخر اذكره قبل أن ندخل في التفاصيل: هذا العلاج للتعارض سواء العلاج الموضوعي أو العلاج المحمولي طبعا مامختصة بعلم الفقه يعني النتائج المخرجة ليست مختصة بعلم الفقه بل تشمل كل العلوم الدينية فيما كان للظن سبيل. بعض المساحات للعلوم الدينية لاتقبل الظن بل لابد منها من القطع.

هذا تشقيق و ترديد آخر نذكره ومهم، هذا العلاج لموضوع التعارض أو العلاج المحمولي للتعارض هل هذان العلاجان مختصان بالحكم الفتوائي في الفقه أو يشملان الحكم القضائي أو يشملان الحكم السياسي يعني التنفيذي والولايي أو يشمل بحث أصل الرواية يعني علم الحديث؟ عندنا علم الأصول و علم الفقه وعلم الكلام و علم الأخلاق و علم الحديث، هل هذا البحث تشمل بحث حجية الرواية بنفسها؟ تعلمون بحث حجية الرواية بنفسها و كيفية الرواية والإخبار من علم الحديث ويمهد لعلم الفقه وعلم الأصول. بعبارة أخری عندنا حجية الرواية وعندنا حجية الفتوی وعندنا حجية القضاء والحكم القضائي هل الحجج بينهم إرتباط أم لا؟ الرواية مستند الفتوی، الفتوی هي بدورها حجية أخری مستندها الرواية، مثل ما مر بنا أن عندنا محمول الدليل وعندنا محمول المدلول. عندنا مستند الفتوی حجية الرواية و نفس الفتوی لها محمول و هو الحجية. هذه عدة شقوق و الأعلام أثاروها في طيات سجالهم بين بعضهم البعض.