41/04/20
الموضوع: باب التعارض، دوران الامر بين التخصيص و النسخ، بيان القرينة التي ذكرها الميرزا الناييني رحمه الله في تقديم التخصيص
هناك قرينة أخری ذكرها الميرزا الناييني لتقديم التخصيص علی النسخ عند الدوران بين التخصيص والنسخ في الصورتين المتقدمتين وهذه النكتة والقرينة التي يذكرها الميرزا الناييني تعتمد علی معرفة مراحل إنشاء الحكم ومر بنا الأمس أنها علی أقل التقدير ثلاث مراحل أو اكثر لكن في الوقت الحاضر نركز علی ثلاث مراحل وإلا هي أكثر، فيها مرحلة من مراحل الإنشاء ذكرها المحقق العراقي، لكن إجمالا هذه مراحل للإنشاء، بعضهم يجعل الإنشاء فقط المرحلة الثالثة وربما يفهم من كلام الناييني لكن ليس صحيحا، فإذاً عندنا ثلاث مراحل للحكم الإنشايي وهذه المراحل آثارها تختلف عن بعضها البعض حسب الشرايع.
فإذا تقرّر هذا الأمر، فالنسخ بالدقة يتناول إما المرحلة الأولی والثانية أو الثانية علی الأقل، فالحكم المنسوخ لايقال أنه الحكم المقررة الرسمية الفعلية في الشريعة، فلاأقل المرحلة الثانية مرفوعة فضلا عن المرحلة الثالثة، فالنسخ يتناول الحكم في المرحلة الثانية إن لم يكن الأولی. بينما التخصيص قالوا لايتناول الحكمَ في المرحلة الثانية بل يتناول الحكم في المرحلة الثالثة يعني يضيق الحكم الإنشائي في المرحلة الثالثة. هذا فرق بين التخصيص والنسخ.
الميرزا الناييني أراد ان يعمّق الفرق بين النسخ والتخصيص أكثر من هذا الذي مر بنا، فقال رحمه الله: إن التخصيص أو التقييد هو تصرف وتضييق في موضوع الحكم أو متعلق الحكم، أما النسخ فهو تضييق وتقييد لذات المحمول والحكم.
إن التقييد و التخصيص المصطلح في باب المطلق والمقيد والعام والخاص تقييد في الموضوع والمتعلق في القضية القانونية والشرعية، لذلك أكرم كل عالم إلا الفاسق، الفاسق قيد لموضوع الحكم أو متعلق الحكم، أقيموا الصلوة إلی غسق الليل، قيد للموضوع. فإذاً باب التخصيص وباب التقييد تقييد وتضييق وتصرف في موضوع الحكم أو متعلق الحكم أما النسخ فهو تضييق وتقييد لذات المحمول.
قد يتسائل السائل أن الموضوع قيد الحكم والمتعلق أيضا قيد الحكم كاصطلاح عند الأصوليين أي معنی لقيد الحكم يغاير الموضوع و المتعلق أو قيد الموضوع أو قيد المتعلق. هذه الاصطلاحات لازم ان نشرحها. هذه النكات جدا مفيدة وأهميتها أكثر من بحث التخصيص والنسخ.
إصطلاحا عند الأصوليون والفقها إن موضوع الحكم قيد الحكم ومتعلق الحكم بمعنی من المعاني هو قيد الحكم لكن من سنخ آخر، يعني الموضوع قيد الوجوب غير قيد الواجب والواجب أيضا قيد وقيده قيد أيضا لكن قيد للحكم من سنخ آخر. ذكره المظفر عن النائيني أن قيد الواجب أو الواجب يبعث الحكم نحو تحصيله، متعلق الحكم الذي هو قيد الحكم من سنخ ثانٍ يبعث الحكم نحو تحصيله. الصلوة متعلق الحكم وهي العنوان الذي يبعث الحكم نحو تحصيله وايجاده أو الصلوة مع الوضوء أيضا الحكم يبعث نحو إيجاد الوضوء. هذا قيد الحكم لكن قيد يبعث الحكم نحو ايجاده، أما مثل إذا زالت الشمس و دلوك الشمس قيد للحكم والوجوب لكن لايبعث الحكم نحو تحصيله، مثل الاستطاعة في الحج، وجوب الحج لايحرك المكلف نحو تحصيل الاستطاعة بل بعد حصول الاستطاعة وبعد فرض الاستطاعة، الحكم يصير فعليا. هذا الفرق معروف بين الوجوب والواجب و قيدهما. هذان نوعان مختلفان من قيد الحكم.
فيه اصطلاح عند الفقهاء يقولون قيد الموضوع يختلف عن قيد الحكم. ماذا مقصودهم؟ الموضوع هو قيد الحكم وقيد القيد قيد، هذا صحيح، فلماذا يقولون قيد الموضوع غير قيد الحكم، يريدون أن يقولوا: قيد الموضوع قيد للحكم غيرمباشر وهناك بعض القيود في الوجوب مباشرة ترتبط بالحكم لاعن طريق الهمزة الوصل وهو الموضوع. هذا اصطلاح آخر في قيد الحكم.
المقسم هو قيد الوجوب لأن قيد الوجوب إما هو قيد الموضوع أو قيد الحكم. قيد المضوع مآله إلی قيد الحكم. الان مثلا الاستطاعة قيدت بالزاد والراحلة للسفر هذا الزاد والراحلة قيد الموضوع ومآله إلی قيد الحكم لكن ليس قيد الحكم مباشرةً. ما الفرق بين قيد الحكم مباشرة وغير مباشرة؟ يقولون فيه ثمرات كثيرة كما أن بين المتعلق والموضوع ثمرة. فنفس قيود الوجوب تصنيفه إلی صنفين أيضا فيه آثار.
صعوبة بحث صلوة المسافر بهذا اللحاظ، تقسيم قيد الوجوب إلی قيد الموضوع وقيد الحكم. بتعبير السيد هادي الميلاني؛ هناك خمس مسائل في صلوة المسافر إلی زمانهم ماكانت محلولة، بحمد الله صار التمكن من حلحلته تحت الفرق بين قيد الموضوع وقيد الحكم. إذا نلتفت إليه يحل المسائل. فنفس المقسم قيد الوجوب وينقسم إلی قيد الموضوع هو يتعلق بالحكم غير مباشرة و قيد الحكم وهو يتعلق بالحكم مباشرة.
مثلا يقولون نية المعصية في السفر ليست قيد الموضوع، نية المعصية مانع لكن ليست قيد الموضوع، ماذا ثمرته؟ بينما قصد المسافة قيد الموضوع، إذا طويت مسافة بلاقصد المسافة لافائدة فيها ولاتحقق الموضوع، أما إذا طوي مسافة بنية المعصية وبعدها ندم و تاب لايضر بقصر الصلوة. هذا فرق قيد المضووع و قيد الحكم، قيد الموضوع مترقص أينما تحقق تحقق الموضوع، هذه العقد في بحث صلوة المسافر من هذه الجهة، بعضها قيد الموضوع و بعضها قيد لحكم، قيد الموضوع هو أيضا قيد الحكم مآلا لكن عبر همزة الوصل بخلاف قيد الحكم. فقيد الوجوب مقسم يقسم إلی قسمين؛ قيد الموضوع وقيد الحكم. وهناك قيد آخر مر بنا أن عندنا قيد الوجوب وقيد الواجب والواجب يعني المتعلق هو أيضا يقيد الحكم. التمييز بين هذه القيود ضروري وإلا يصير خلطا عشوائيا في الأبواب الفقهية. القيود إما في الموضوع أو في المتعلق.
الميزرا الناييني يقول هناك نوع رابع لقيد الحكم وليس قيدا للحكم الذي معهود في الأذهان. يقول هناك قيود للحكم يعني في الحقيقة عارضة علی الحكم، قيد بمعنی العارض علی الحكم ومتأخرة رتبتا علی الحكم، بينما القيود التي مرت بنا هي متقدمة رتبتا علی الحكم سواء قيد الوجوب أو قيد الواجب، لكن هذا القيد لاهو في رتبة الحكم ولا متقدمة علی الحكم بل هو متأخرة.
إذاً ثلاث مراتب عندنا مرتبة متقدمة علی الحكم هي قيد الحكم وقيد الوجوب ومرتبة افترض مع الحكم وفيه قيد الحكم متأخر عن الحكم وطارئ علی الحكم وهذا هو الذي يسمی من باب المثال الإطلاق في المحمول.
تذكرون الإثارة من السيد الخويي رحمه الله وهي ابتكار وفريدة منه، عندنا اطلاق في الموضوع وعندنا اطلاق في المحمول مثلا كل شيء لك طاهر، شيء يشمل الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية في الحيوان والجماد وغيرها، والاطلاق في المحمول يشمل الطهارة الذاتية والطهارة العرضية وغيره فهناك إطلاق وعموم وخصوص في الموضوع وهناك اطلاق وعموم وخصوص في ذات المحمول.
مثلا لاحظوا «أكرم كل عالم نحوي و فقيه» هذا إطلاق في الموضوع، هذا الوجوب للاكرام إكرام من أي نوع؟ هذا النوع أو ذاك النوع مثلا باعتبار أن المتعلق قديقال بمعنی وفي رتبة المحمول.
الاطلاق في المحمول يختلف عن الإطلاق في الموضوع وهو العالم. كذلك «كل شيء لك حلال» كل شيء يشمل المعاملة والعبادات و هلم جرا كلها أقسام في الموضوع لكن الحلية مرادها أي حلية؟ الحلية التكليفية أو الحلية الوضعية وكل منهما أنواع؟ هذا التعميم في أنواع الحلية إطلاق في ذات المحمول أما كل شيء يشمل العبادات والمعاملات والأفعال المجردة فهو إطلاق في الموضوع. مر بنا هذا الكلام من السيد الخويي.
مر بنا أنه عندما يقال الدليل نسبته مع الدليل الآخر عام وخاص أو من وجه أو تباين أو تخالف من النسب الأربعة بين القضايا، المناطقة والأصوليون أو البلاغيون يلاحظون النسبة بين القضايا فقط وفقط بلحااظ الموضوع، الاثارة من السيد الخويي هنا يجري ، ماذا لو لوحظت النسبة بين محمولات القضايا إما منفردا أو مع انضمام الموضوع فتتغير النسبة، مثلا إذا كان عاما وخاصا مطلقا إاذا لاحظت مع المحمول تتغير النسبة تصير من وجه، فالمدار في النسبة بين الدليلين إذا كان نسبتهما عاما وخاصا مطلقا يقدم الخاص المطلق علی العام أما إذا صارت من وجه لايتقدم أحدهما علی الاخر، هذه ابتكار أثاره السيد الخويي ذكرناها في مبحث التعارض و ظاهرا ماذكرنا المختار فيها لكن أصل المبحث مهم، أن النسب الأربع بين الأدلة في كل العلوم تلاحظ كما هو المعهود فقط وفقط بلحاظ الموضوع أو تلاحظ بين المضووع والمحمول أو المحمول علی جهته والموضوع علی جهته فيصير معالجتين، معالجة موضعات الأدلة ومعالجة محمولات الأدلة؟ وجوه وأقوال.
ليس كلامنا في هذه القاعدة كلامنا في شيء آخر، ففيه إطلاق وعموم وخصوص في ذات المضووع وهناك عموم وخصوص في ذات المحمول هذا بحث مهم. أصل الاثارة تنطلق من هذا. نشرحه أكثر لانه معقد ومهم وخطير ومثمر.
المناطقة ذكروا أن الموضوع لفظة مفردة و المحمول مفردة لكن حقيقة الموضوع قضية تسمی عقد الوضع و حقيقة المحمول قضية تسمی عقد الحمل، العقد يعني القضية، هذه القضية البسيطة يظهر لك بالتحليل أنه مركبة من قضيتين إذا كانت القضية مركبة من قضيتين إذاً القضية الأولی فيها عموم وخصوص أما القضية الجزئية أو القضية الكلية وقضية المحمول أيضا إما جزئية أو كلية.
فإذاً كلية الموضوع في القضية وكلية المحمول في القضية إذا كان كذلك فإذاً قارنت قضية الموضوع وقضية المحمول في هذه القضية مع قضية الموضوع وقضية المحمول في قضية أخری. الكلية في المحمولين والكلية في الموضوعين أيهما أوسع، يعني هذان الدليلان لعل كلية المحمول في الأول أوسع من الثاني و النسبة عموم وخصوص مطلقا أما إذا لاحظت الموضوع الموضوع في القضية الأول أخص من الموضوع الثاني.
كل دليل فيه قضيتان كلية الموضوع و كلية المحمول والدليل الثاني فيه كلية المحمول و كلية الموضوع، لو قارنت و وازنت بين كلية موضوع الأول مع مضوع الثاني، موضوع الأول أخص مطلقا من موضوع الثاني وإذا قارنت محمول الأول مع محمول الثاني المحمول الأول أعم من المحمول الثاني عكس الموضوع في طرفي الدليلين فأيهما الخاص وأيهما العام؟ علی المعهود المعمول ملاحظة الموضوع فقط وفقط فالذي موضوعه أخص هو الخاص مطلقا لكن علی كلام السيد الخويي لابد من مراعاة المحمول فالنسبة تختلف.
هذه المسئلة خطيرة في كل الأبواب الفقيهة يعني لابد أن يضاف إلی باب العام والخاص تكملة. ذكرنا هذا من باب توضيح كلام الناييني؛ الناييني يقول إذاً شئون المحمول تختلف عن شئون الموضوع، هناك عموم في المحمول يختلف عن العموم الذي في الموضوع، الميرزا الناييني يقول العموم الذي في المحمول متأخر رتبتا عن المحمول أما العموم الذي في الموضوع متقدم رتبتا عن ذات المحمول، هذه سيستثمره الناييني في تقديم التخصيص علی النسخ، إن النسخ بلحاظ العموم الذي في المحمول أما التخصيص فهو بلحاظ العموم الذي في الموضوع والموضوع مقدم علی المحمول والتخصيص مقدم علی النسخ.