41/04/03
الموضوع: باب التعارض، انقلاب النسبة، الحالة الثانية و الثالثة
وصل بنا الكلام إلی الصورة الثالثة من الحالة الثانية: أن يكون هنا عامان من وجه و الفرض هنا في الصورة الثالثة أن تورد مخصصان لمورد الإفتراق. الصورة الأولی كان المخصص واحدا لمورد الإجتماع والصورة الثانية مخصص واحد لمورد الإفتراق والصورة الثالثة مخصصان لمورد الإفتراق.
طبعا يحصل تعارض بين المجموع الرباعي، بين العامين وبين المخصصين، هل هذا التعارض فيه انقلاب النسبة أم لا؟ علی مبنی السيد الخويي رحمه الله حيث يجعل كل الأدلة المتعارضة الرباعية في عرض واحد فلايكون هناك في البين انقلاب النسبة بل يصير تعارضا في عرض واحد وبالتالي يعمل العلاج الفقاهتي أو بعبارة أخری العلاج المحمولي يعني الترجيح والتخيير، أما ما ذهب الناييني و السيد في المنتقی يتم العلاج أولا بين الخاصين لأن الخاصين ليسا في رتبة العامين وبعد النتيجة تنقلب النسبة بين العامين لأن نتيجة الخاصين خاص واحد و الخاص الواحد يكون رجوع هذه الصورة إلی الصورة السابقة التي فيها انقلاب النسبة فلذا في الحقيقة هنا الفرق في معالجة التعارض بين مبنی السيد الخويي و الناييني.
نعيد ونكرر نقطة في مقدمات انقلاب النسبة وهي أن هذه الصور التي ذكرها الأعلام مركبة لكن ليست شديد التركب و التركيب يعني قد يفترض بدل عامين ثلاث عمومات أو أربع عمومات مثل ماورد في نكاح البنت الباكرة فيها سبعة طوائف من الأدلة. بينها عمومات و الخصوصات. أو ماورد في إرث المرأة من زوجها أيضا قد يكون خمس ألسن من الأدلة. بمعنی أن الصور التي فيها تركيب بسيط لايعني أن نفس هذا المقدار من التركيب البسيط الذي يجده الباحث ببساطة و سهولة في أبواب الفقه، ليس ضروريا بل غالبا فيه تركيب وتعقيد فهذا الذي رسمه الأعلام بمثابة الضوابط أو حتی المناشئ التي اعتمدوا عليها في هذه الحالات والصور بمثابة الضوابط مثلا كيف الباحث عنده المهارة بأن يركب ويولد لابد من الإلتفات إليه.
الحالة الثالثة وهو كون العامين متباينين: هذا أيضا فيها ثلاث صور.
الصورة الأولی أن يرد فيها الخاص الواحد لأحد العامين وبالتالي يخصصه وإذا خصصه تنقلب النسبة بين العامين.
دعونا نتأمل في نقطة: أن الخاص الواحد يقلّب النسبة إما بين العامين المتخالفين أو العامين من وجه أو العامين المتباينين. سؤال هنا يطرح: هذا الخاص الواحد، مثلا في الحالة الثالثة عامين متباينين مثل ماورد «ثمن العذرة سحت» و «ثمن العذرة لاباس به» يأتي خاص واحد يخصص أحد العمومين وتنقلب النسبة. الكلام هوهذا: لماذا أولا تلاحظ النسبة بين الخاص وأحد العامين ثم تلاحظ النسبة بين العام المخصص بعد المعالجة والعام الآخر؟ لماذا هذا الترتيب مع أن كلها أدلة منفصلة عن بعضها البعض. أصلا بحث انقلاب النسبة هو هذا. لماذا في الأدلة المنفصلة أولا يلاحظ بعض الأدلة مع البعض؟ مثلا الان الخاص تلاحظ مع العام الواحد ثم تلاحظ النتيجة مع العام الآخر مع أنها أدلة منفصلة عن بعضها البعض. مما يدلل علی أن الأدلة المنفصلة ليس بالضرورة أن تكون في رتبة واحدة والخاص الذي نسبته أخص مطلقا للعام الواحد هذا الخاص باعتبار أنه قرينة منفصلة مع العام فهذا الخاص أسبق رتبتا من العام الآخر الأجنبي. مع أن التعارض هو قرينة كما مر لكن هذا التعارض قرينة مؤخرة مطلقا عن قرينة الأخص مطلقا.
مرت نقطة شبيهة لها أن الخاص دعامة مهمة في بحوث انقلاب النسبة لكونه أقوی دلالة مع أنه هناك قرائن أخری لنفس التعارض كما مر بعام آخر هو بنفسه قرينة لكن قرينة متأخرة وليست أسبق، شبيه قرائن الإستعمال مقدمة علی قرائن التفهيم وقرائن التفهيم مقدمة علی قرائن الجد فبالتالي مع كونها قرائن لكن لايعني أنها ليست ذات مراتب. هذه نكتة لطيفة في الإستنباط والظهور و الاستظهار ونكتة عامة.
الصورة الثانية من الحالة الثالثة: عامان متباينان و خاصان أخص مطلقا يخصصان العامين المتباينين. إن هذين الخاصين أخص مطلقا من كل المتباينين. إن كل عام له مخصص.
مثلا يشترط التعدد في الغسلي، غسل البول أو غيره بالماء القليل أو عموم الغسل، هذا دليل عام، و دليل عام آخر يكتفی بمرة واحدة في مطلق الغسل. هذا دليل آخر متباين. ورد خاصان بنسبة الخصوص المطلق لكل من العامين. فورد أنه بالماء القليل يشترط التعدد هذا يخصص مايقول أنه يلزم التعدد أخص مطلقا. عادتا في الخاص والعام النسبة بين الموضوعين أخص مطلقا لكن النسبة بين المحمولين متباينة. الدليل الخاص مطلقا مع الدليل العام مطلقا، النسبة بين موضوعيهما أو متعلقيهما أخص مطلقا يعني هناك إشتراك أما المحمول في الخاص مع المحمول في العام متباينان. الخاص يقول إغسل متعددا بالماء القليل فالغسل مرتين غير الغسل مرة واحدة و متباينان. محمولا متباينان ومتخالفان . ثم عندنا خاص آخر يكفي في الغسل بالكثير مرة واحدة مطلقا، هذا يخصص مادل علی التعدد كعام. فالموضوع أخص لكن المحمول متباينان.
فإذًا عندنا خاصان يخصصان العامين المتباينين، كل خاص محموله مخالف. منطقة التعارض يبقی في نفس الكر، الكر برزخ بين القليل و الكثير. فالكر يصير مجمع للتعارض بين الأدلة الأربعة. فهنا ماهو العلاج؟ الكلام الكلام مثل ما مر بنا في ماسبق من صور انقلاب النسبة، السيد الخويي يجعل التعارض بين كلهم أما عند الناييني وصاحب المنتقی أولا يعالج الخاصان ثم يأخذ منهما النتيجة فتنقلب النسبة بين العامين، هذا تمام الكلام في الصورة الثانية من الحالة الثالثة.
الصورة الثالثة من الحالة الثالثة: مقسمه عامان متباينان. يرد خاصان بين الخاصين عموم وخصوص من وجه. العامان متباينان والخاصان بينهما النسبة من وجه وفيه تعارض. يذكرون لهذا مثالا عرفيا بدلا من المثال الواقعي المعقد. لو ورد عندنا وجود إكرام العلماء وورد أيضا استحباب اكرام العلماء وورد وجوب إكرام العالم العادل وورد كراهة إكرام العالم النحوي أو عالم النجوم أو عالم البعض العلوم المكروهة مثل العلوم الغريبة الشبيهة بالكهانة.
فهنا وجوب إكرام العلماء عام مباين لاستحباب إكرام العلماء. الخاصان وجوب إكرام العالم العادل و كراهة اكرام النحوي. النحوي قد يكون عالما عادلا. أو عالم النجوم أو العلوم الغريبة. خواجه نصير الدين طوسي رحمه الله كان متضلعا في علم النجوم. ففي العالم المنجم العادل كراهة بحسب علم النجوم لكن بحسب العموم «يجب إكرام العالم العادل» يجب إكرامه فهنا نفس ا لخاصين بينهما عموم وخصوص من وجه و العامان متباينان.
كل العلماء يجب إكرامهم وكل العلماء يستحب اكرامهم. ماهو العلاج؟ السيد الخويي رحمه الله قال انقلاب النسبة أو عدم انقلاب النسبة لاثمرة فيه. لماذا؟ ثم النتيجة ماهي؟ النتيجة يصير التعارض بين الأربعة فيرجح أو يخير. هذا علاج السيد الخويي لهذه الصورة. طبعا علی رأي السيد الخويي يمكن بعدُ انقلاب النسبة لكن انقلاب النسبة بسبب التخيير أو الترجيح. صورة المسئلة عند السيد الخويي هكذا. يعني هذه البحوث كالرياضيات.
اما البقية قالوا يعني الناييني والمنتقی: هنا هذه الأدلة الأربعة انقلاب النسبة فيها وعدمه فيه ثمرة.
أولا نشرح كلام السيد الخويي يقول: العالم العادل النحوي أو المنجم سواء تعالج الخاصين أولا أو تجعل الأربعة في عرض واحد. يعني إن قلت بانقلاب النسبة بحيث عامان المتباينان انقلبت نسبتهما إلی من وجه. انقلاب النسبة يعني العامان المتباينان انقلبت نسبتهما من عامين متباينين إلی من وجه بحسب الخاصين. بالتالي يتعارضان في العالم العادل النحوي. فيبقی التعارض. وإذا لم تقل بانقلاب النسبة محل التعارض العالم العادل المنجم. فبالتالي هذا العالم العادل المنجم يتنازعه الأدلة الأربعة قلت بانقلاب النسبة أو لم تقل. هذا استدلال السيد الخويي في الصورة الثالثة.
غاية الأمر عند التخيير أو الترجيح يسبب انقلاب النسبة. لكن الترجيح والتخيير بين الأربعة. فرق بين أن تقول الترجيح والتخيير بين الأربعة أو بين الاثنين لأنه إذا كان بين الاثنين الراجح قد يختلف عن الراجح بين الأربعة. فالسيد الخويي هكذا يعالج الأدلة في الصورة الثالثة من الحالة الثالثة.
ان شاءالله نواصل لنری كيف الأعلام لايعالجون في عرض واحد وعندهم ثمرة فيه.