41/03/29
الموضوع: باب التعارض، انقلاب النسبة، الحالة الثانية والصور الثلاث فيها.
وصلنا إلی الحالة الثانية وهي المقسم فيها وجود العمومين بينهما النسبة من وجه ويأتي فروض المخصصات فيها، في قبال الحالة الثالثة العامين متباينين مع وجود المخصصات. حينئذ يمكن فرض المخصصات علی صور في الحالة الثانية.
الصورة الأولی: أن يأتي مخصص واحد ويخصص مورد الإجتماع بين العامين من وجه، هذه الصورة الاولی تكليفها واضح لأن الخاص الأحادي الذي يخصص العمومين من وجه يحل المشكلة.
الصورة الثانية: من الحالة الثانية أن يأتي مخصص واحد ولكن هذا المخصص الواحد بدلا أن يخصص مورد الإجتماع يخصص مورد الإفتراق لأحد العامين، هذه الصورة الثانية ماهو حكمها؟ قالوا حكمها أن هذا لخاص الأحادي الذي خصص العام الواحد في مورد الإفتراق إن بقي من العام المخصص فقط مورد الإجتماع فتنقلب نسبته من عام من وجه إلی أخص مطلقا، فالعام هذا يخصص العام الثاني. إذاً خاص أحادي يأتي ويخصص أحد العامين في مورد الإفتراق ويبقي مورد الإجتماع، هذا العام الذي خصص تنقلب نسبته مع العام الثاني إلی كونه أخص مطلقا فيقدم هذا العام المخصص علی العام الثاني.
الشق الثاني من نفس الصورة الثانية: إذا هذا الخاص الأحادي لم يخصص العام الأول في مورد الإفتراق كله بل قام هذا الخاص الأحادي وخصص العام الأول وخصصه في بعض موارد الإفتراق لافي كل موارد الافتراق. ما العلاج حينئذ؟ الان لم يتبدل نسبة العام المخصص من العام الثاني إلی العموم والخصوص مطلقا بقي عموما وخصوصا من وجه لأن الخاص الأحادي خصص هذا العام الأول لم يخصصه في كل مورد الإفتراق بل بعض مورد الإفتراق.
السيد الخويي يقول بالتعارض كما مر بنا مرارا، كل مورد لم يتحقق فيه انقلاب النسبة يبقی التعارض، لكن البقية قالوا لايكون تعارضا لأن الخاص الأحادي الذي خصص العام الأول إذا خصصه ولو بعض موارد الإفتراق وكان الباقي قليلا من موارد الإفتراق مع موارد الإجتماع فلو قدم العام الثاني لكان العام الأول المخصص بالمخصص الأول تبقی افراده قليلا جدا فيصير مستهجنا، إذاً صحيح صورة نسبته من وجه لكن لبا كأنما أخص مطلقا.
بعبارة أخری: أتی الخاص الاحادي وخصص أحد العامين من وجه، خصص العام الأول في بعض موارد الإفتراق ويبقی له بعض، هنا السيد الخويي قال تعارض والبقية يقولون ليس بتعارض، لأن هذا العام المخصص إذا أخرج منه بعض موارد الإفتراق وبقي بعض موارد الإفتراق لو قدم العام الثاني الذي لم يخصص علی العام المخصص صار العام الأول مستهجنا لأن مورد الإجتماع أخذه العام الثاني و بعض مورد الإفتراق أخذه الخاص الأحادي فيبقي لهذا العام الأول موارد قليلة. هذه الموارد القليلة مستهجنة للعموم. فإذا يصير مستهجنا يكون أقوی ظهورا من العام الثاني فيقدم العام المخصص علی العام الثاني.
هذه العلاج لابأس به، هذا شاهد مهم أن نلتفت إليه وبنی عليه الأصوليون و الفقهاء في كل مكان، أي عام يتعارض مع عام آخر وأنه لو قدم أحد العامين علی الآخر وهذا الآخر صار مستهجنا يقولون بأن هذا العام الثاني صورة عموم لكنه نسبته مع العام الأول كأنما نسبة الخصوص. فيقدم.
بعبارة أخری: عام عندنا مثل الإستصحاب وعام مثل قاعدة الفراق التجاوز و افترض، النسبة بينهما صورة عموم وخصوص من وجه ذكروه في باب خلل الصلوة النسبة بين قاعدة التجاوز و الفراق و الإستصحاب، الإستصحاب يحكم بعدم إتيان الجزء المشكوك و قاعدة الفراغ و التجاوز يحكم بإتيانه، النسبة بين الاسبتصحاب وهاتان القاعدتان صورة عموم وخصوص من وجه فلو بنينا علی تقديم الإستصحاب علی قاعدة التجاوز و الفراغ يكون مواردهما قليلة و مستهجنة، يقولون هذا يُكسب قاعدة التجاوز و الفراغ قوة فيقدم علی الإستصحاب.
هذا الشاهد اعتمده الأصوليون في أبواب عديدة إن أحد العامين المتعارضين إذا قدم علی العام الآخر، هذا العام الآخر إذا بقي موارده قليلة مستهجنة فنفس هذا الإستهجان يوجب قوة لهذا العام. فيكون شاهدا قويا.
لذلك خلافا للسيد الخويي الأعلام قالوا هذا الشق الثاني من الصورة الثانية من الحالة الثانية يقدم العام المخصص.
نكتة نفيسة أذكرها بنی عليه الكثير أو الأكثر وتفيد في يوميات أبواب الفقه: إذا يكون عامان متعارضان من وجه -كثير من العمومات تعارضها من وجه أكثر من أن تكون متباينة- إذا وجد عامان من وجه إن كل دليل عام نص في العنوان، يعني هذا الدليل العام في العنوان نص وفي سعته في كل الأفراد ظهور. هذا شيء طبيعي. بغض النظر عن العام والخاص. كل دليل دلالته في سببية الموضوع للحكم والمحمول نص، نفس هذا الدليل دلالته للسعة الأفرادية للموضوع ظهور وليس نصا.
كل دليل دلالته في سببية موضوعه لمحمول نفسه نص أما دلالته بلحاظ سعة الأفراد لموضوعه ظهور وليس نصا. لذلك الخاص يقدم علی العام. هذا حتی البلاغيين ذكروها في المعاني. كل دليل دلالته في سببية الموضوع لمحموله و الحكم نص، لكن دلالته للسعة في كل الأفراد ظهور.
يستثمرون في موارد عديدة مثلا عامان من وجه كل دليل عامين في سببية موضوعه نص وفي سعته للافراد ظهور. مثلا إذا خفي الأذان فقصر وإذا خفيت الجدران فقصر. دليل التقصير لخفاء الجدران نص في سببية خفاء الجدران. وخفاء الأذان دليله نص في سببية خفاء الاذان للتقصير. لو تخلف خفاء الجدران و لم يتحقق خفاء الجدران دليله يقول أتم الصلوة لكن بالمفهوم. يكون ظهورا فلايعارض الدليل الذي يقول إذا خفي الأذان قصر، لأن الدليل الذي يقول إذا خفي الأذان قصر نص و إذا خفي الجدران ظهور في العموم فمن ثم يتقدم منطوق وسببية كل من السببين بنحو مستقل علی العموم المفهوم لأنه ظهور وليس نصا.
سبية خفاء الأذان للتقصير نص أما إذا تخلف خفاء الأذان لتخلف القصر عموم وظهور. يعارض عدم خفاء الجدران مورد خفاء الأذان وهو نص في سببية خفاء الأذان، كذلك العكس عدم خفاء الأذان مفهومه التمام لكن عموم وظهور العموم لايقاوم سببية مادل منطوقا علی أن الجدران إذا خفيت يقصر. هذا ليس من باب العموم، دلالة سببية خفاء الجدران ليس من باب العموم بل من باب سببية العنوان ونص . فيقدم علی عموم مفهوم الشرطية الأخرى. هذه النكتة مهمة أن كل دليل دلالته في سببية موضوعه لمحموله نص وليس ظهورا. أما نفس الدليل دلالته للاستيعاب في الافراد عموم وليس نصا يعني هذا نفس الإستهجان الذي كنا فيه. لأنك إذا لم تهتم بالسببية يصير لغوا و باطلا نصوصية سببية العنوان للمحمول بخلاف السعة. هذه النكة جدا نفيسة وواقعا محل ابتلاء.
أعيدها ببيان آخر: الناييني رحمه الله و جملة كثيرة من المناطقة يقولون: الجملة الحملية يمكن ترجمتها بجملة شرطية شرطها الموضوع جزائها المحمول. والعكس الجملة الشرطية يمكن ترجمتها إلی الجملة الحملية الشرط موضوع والجزاء محمول ففيه تطابق بين الجملة الشرطية والجملة الحملية. اين سينا لايوافق. لانريد ان ندخل التفاصيل ولها تفاصيل لكن إجمالا هكذا يعني كأنما إن الموضوع سبب و شرط والمحمول جزاء أصل الشرطية و السببية نص فيه الدليل، السعة في الأفراد الدليل ظاهر فيه. فأيها الباحث ركز فرق بين نص الدليل ظهور الدليل ، أصل ظهور الدليل في سببية الموضوع نص أما سعة الدليل ظهور. لذا إذا تعارض عامان من وجه نقدم نصوصية كل من الدليلين ويرفع اليد عن ظهور كلا الدليلين بنص الآخر. فيقدم نصوصيتا في كلاالدليلين. هذا العلاج يمارس عليها الأعلام.
كذلك الحال في الصورة الثانية من الحالة الثانية الشق الثاني منها وهو أن يخصص الخاص الأحادي بعض مورد الإفتراق فالذي يبقی فيه قليل فيقدم العام المخصص علی العام الثاني. هذا تمام الكلام في الصورة الأولی والصورة الثانية من الحالة الثانية.
الصورة الثالثة: يكون عامان من وجه ويأتي خاصان مع هذين العامين من وجه. النسبة بين الخاصين من وجه. كيف نعامل بهما؟ كيف يعالج ؟ بين الأعلام اختلاف. سنذكر مثالا واقعيا لهذه الصورة. ان شاءالله نستعرض كيف علاج الاعلام.