41/03/27
الموضوع: باب التعارض، انقلاب النسبة، الصورة الثانية من الحالة الأولی
كان الكلام في الحالة الأولی الصورة الثانية، العام الواحد والمخصصات والنسبة بين المخصصات من وجه. مر بنا أن السيد الخويي بنی علی التعارض، بينما العراقي والناييني ذهبا إلی أن المخصص الأسبق زمنا هو المؤول عليه. السيد لخويي اعترض عليهما أن المخصصات بمثابة أنها من متكلم واحد فلايؤول علی الأسبقية فمن ثم في موارد أخری وباب آخر وهو دوران المخصص بعد العمل بالعام في منطقة الخاص يدور الأمر بين التخصيص أو النسخ يبنی علی التخصيص لاالنسخ، لفرض عدم الاعتداد بالزمن ولو اعتد بالزمن لكان نسخا لأن العام عمل به في منطقة الخاص ثم أتی بعد زمن مثل ما أمر النبي صلی الله عليه وآله بعام ثم أمر الصادق عليه السلام بالخاص ففي هذه الفترة كيف؟ يكشف عن التخصيص أو عن النسخ؟ الأغلب يبنون علی التخصيص لاعلی النسخ، وإن تفاوت الزمن، وليس ذلك إلا لأن الأدلة المعتبرة هي مجتمعة دفعية في اللوح المحفوظ.
هذا المطلب مر بنا انه مطلب كلامي متين ومهم في نفسه يستفاد في أبواب الفقه أو التفسير أو الكلام وغيرها لكن هذه القاعدة الكلامية لايمكن أن يبنی عليه بمعنی إلغاء كل خصوصيات الدلالة، بحيث المنفصلات يعتد المتصلات، هذا المقدار لايلتزمون به والسب في ذلك هو أن يدخل علی الخط قاعدة أخری.
دائما في البحوث الفقهية حتی البحوث المعرفية أو أي بحوث أخری دينية يجب عدم اقتصار النظر لقاعدة واحدة بل لابد النظر بقاعدتين أو ثلاث بشكل منسق و مجتمع فالنتيجة ستكون علی غير وفق القاعدة الواحدة بل وفق جمع وتوليف ثلاث قواعد. هنا هذه القاعدة وان كانت موجودة لكن فيه قاعدة أخری وهي أن النطق الرسمي والإبراز الرسمي من الشارع هو تفعيل للإنشاء، هذا التفعيل للإنشاء يجب أن نمكث عنده لأنه يفيد في أبحاث كثيرة.
تفعيل الإنشاء غير الحكم الفعلي. الاحكام الإنشائية فيها إنشاء مجمد يعني لم يبرز الإنشاء، مثل لوائح قانونية منشأة في البرلمانات القانونية قبل أن يصوتوا عليها أو قبل أن يعلنوها رسميا. هذا الإنشاء موجود لكن مجمد. متی يفعّل؟ إذا نطق به رسميا. هذا التفعيل معناه أن القانون الإنشاءي ساري يعني إذا وجد له الموضوع يصير فعليا فتفعيل الحكم الإنشاءي يغاير الحكم الفعلي، بعد تفعيل الحكم الانشاءي وكونه ساريا وكذا بعد وجود موضوع جزءي لهذا الكلي فيتولد حكم جزءي موضوعه جزئي، ذلك الحكم الجزئي للموضوع الجزئي يعبر عنه الحكم الفعلي، فهنا الفرق بين الحكم الفعلي وتفعيل الإنشاء. تفعيل الإنشاء حكم كلي، يعني الان في الشريعة مدون. فتفعيل الإنشاء تختلف عن الحكم الفعلي ويسبقه. تفعيل الانشاء يعني جعلها حكما كليا رسميا. هذه قاعدة مهمة.
من ثم أدنی ما يقال لصلاحية النبي صلی الله عليه واله وصلاحية أوصياءه في التشريع أن بدون إبراز النبي وبدون إبراز الأوصياء للاحكام الشرعية للناس ماتكون الأحكام الإلهية مفعلا وهذا دور تشريعي عظيم وأقل مايقال للدور التشريعي لسيد الأنبياء مع ان المسلمين قاطبة قامت الضرورة عندهم أن الرسول صلی الله عليه وآله قد شرع بمعنی أنشأ لابمعنی أبرز أو نطق، بل شرع تشريعا وهي الركعة الثالثة و الرابعة في الرباعية في الفرائض اليومية أو الركعة الثالثة في المغرب، هذه بالضرورة من المسلّمين، فريضة من سيد الانبياء لايخالف فيها أحد. إن النبي صلی الله عليه وآله له صلاحية التشريع. في طول شارعية الله تعالی.
من باب المثال لمراتب الأحكام، مثلا القانون الدستوري ليس من صلاحية الوزارة أن تعمل به مباشرة، بل لابد من دور البرلمان أن يولّد احكاما من الدستور، عادة أحكام الدستور عمومها وسيع جدا. البرلمان يولّد أحكاما أيضا عامة لكن دائرتها أضيق من الدستور. هذه أدوار المشرّعين سواء من البشر أو من السماويين ولغة القانون.
النكتة هي، أنه ماهي النسبة بين المشرع الثاني و المشرع الأولی؟ هنا المشرع الثاني يعني البرلمان أو قل سيد الرسل صلی الله عليه و اله مع الله دورها ليس فقط توليد أحكام أضيق دائرة من الأحكام الدستورية فقط. دورها الموازنة بين العمومات المتعددة الفوقية في الدستور. قد يدمج أصلين أو ثلاث أو أربع من الأصول الدستوري ويدمجهم في حكم ذو دائرة أضيق وهذا الحكم ذو دائرة أضيق وليد قواعد دستورية مدمجة، لذلك صار ضيقا وذا القيود. فهذه ضرورة في علم القانون.
من ثم ذكرنا في الكتب الكلامية أن هذه ضرورة ممارسة سيد الرسل لصلاحية التشريع، طبيعة علم القانون هكذا أن الرسول بالضرورة ينشأ و الائمة عليهم السلام بالضرورة ينشأون. لأن القانون طبقات تبدأ من العمومات الوسيعة شيئا فشيء. المشرع الثاني مثلا الوزاري يشرع القوانين الوزارية. ماذا الفرق بين القوانين الوزارية و القوانين البرلمانية، نفس الكلام. ان المقنن الوزاري يلاحظ منظوم قوانين البرلمان يعني كما في الله عزوجل و الرسول بلاتشبيه. يقوم اميرالمؤنين عليه السلام بتوليف سنن النبي والأوامر الإلهية ضمن تشريعات العلوية، هذه ضرورة. وإلا الحكم مايتنزل. هذا الأخص والأخص ليس تولدا ساذجا بل دمج بين موازنة الاحكام.
هذه الموازنة في فرائض الله لايقدر عليها إلا رسول الله ثم الموازنة بين فرائض الله وسنن النبي صلی الله عليه وآله لايقدر عليها إلا أوصياء رسول الله. يريد علما جبارا لدنّي من الله عزوجل. أدنی أي خطأ يسبب فسادا في الأرض والعباد والتكوين. فمن ثم نحتاج إلی المعصوم.هذا برهان قانوني لضرورة العصمة للتشريع السماوي.
في الحقيقة دور الفقهاء أيضا هكذا. بعد الأئمة وبعد الله والرسول والائمة يجيء دور الفقهاء، دور الفقهاء أيضا تشريع لكن تشريع ضمن خيمة الله و رسول الله والأئمة، لذلك الفقيه المتضلع العارضة مثل عنترية الشيخ جعفر كاشف الغطاء أو صاحب الجواهر أو المحقق الحلي أو الشيخ الطوسي، عندهم عارضة فقهية، تكون عارضة فقهية أو أو الذوق الفقهي أو الادبي أو العرفي هذه المهارات الخمسة أو السبعة أو العشرة مختلفة عن بعضها البعض جملة من الفقهاء عندهم هذه الخاصية. هذا المطلب جديد فيه نكتة جديدة. تكرار بعض المطالب يجيء وجبة جديدة مطوية في الوجبات.
أيضا نكتة أخری في هذا المطلب تفعيل الانشاء، لاحظ القوانين الدستورية تحمل نطفا مالايحصی من القوانين البرلمانية، يزدوج القوانين يصير تفعيلا لهذه النطف الموجودة في القوانين الدستورية. وإلا لايصير تفعيلا للطبقة الثانية من القوانين. شبيه الإنشاء المجمد، مطوي في الأصلاب و الأرحام الطاهرة من أصول تشريع الله. هذه نوع من التجميد يحتاج إلی التفعيل. تجيء الطبقة الثانية أيضا في أرحامها و أصلابها المطهرة -بالنسبة إلی التشريع السماوي- هذه الأصول التشريعية أيضا في أصلابها وأرحامها ماشاءالله من القوانين لكن مجمدة ولاتفعّل. النسل الثاني فعلت وولدت لكن النسل الثالث مافعل، تفعيل الإنشاء غير موجود. بعدها من تزاوج النسل الثاني ولد النسل الثالث، هذا النسل لكي يتولد منه النسل الرابع القوانين البلدية أو الشعب الإدارية أيضا لابد من ازدواجها إلی أن يأتي إلی دور النسل الخامس، وجود النسل الخامس يصير تفعيلا.
نلاحظ أن الأحكام فيها تفعيل وتوالد وكل متولد من الطبقة من الأحكام قبل أن يبرز ممن له صلاحية الإنشاء، هذا الإنشاء مجمد وغير مفعل. يعني لولا أميرالمونين مافعّل كثير من الأحكام، هم الذين يحيون فرائض الله و يحيون سنن النبي عليهم السلام. كذلك كل إمام هو يحيي ماقبله حتی الشرايع ماقبله، كل إمام له سنن في ظل وتبع فرائض الله وسنن النبي. طبعا أعلاه سيد الأوصياء عليه السلام وله هيمنة علی الباقي من أهل البيت عليهم السلام.
هذا مطلب آخر، الإبراز و النطق الرسمي ليس في الطبقة الواحدة، النطق و التشريع لها طبقات في القانون ومراحل القانون. هذا نفسه في الفيزيا والكيميا موجود. هذاالمنهج الهرمي و الطبقاتي موجود في جميع العلوم. هذا أحد أبحاث وأبواب علم أصول القانون. إن أصول الفقه يحتوي علی علمين، علم أصول القانون بحوث ثبوتية وعلم دليلية الدليل بحوث إثباتية. قديما يسمونه أصول القانون إلی الميرزا الناييني ومنه يسمونه المبادئ الاحكامية. أما حديثا هذه البحوث تطورت حتی في علم القانون الآكادمية يعبرون عن هذه الخاصية الثبوتية في المبادئ الاحكامية يسمونه أصول القانون. الدكتور عبدالرزاق الصنوري مع الدكتور الآخر ألّفا قبل ستين سنة أو سبعين سنة كتابا حتی الغرب أيضا ماألّفه. كما ينبه علی ذلك الصنوري، كتاب أصول القانون، والصحيح أن أصول الفقه يحتوي علی العلمين أصول القانون بحوث ثبوتية و أصول الفقه بحوث اثباتية. علی أية حال فالصنوري يذكر أن هذا العلم كانت نطفة وبعد ذلك صار مراهقا لامميزا هذا مضمون كلامه. كتابه المشترك تأليفه مع الدكتور الاخر. هذا الشاهد الآن بحث عن الأصول القانون المنطوية في أصول الفقه و المؤثرة علی مباحث الفقه.
نرجع إلی ماكنا فيه: إذاً السيد الخويي لمّا تمسك بقاعدة وضابطة قانونية أن الأئمة عليهم السلام بمثابة المتكلم الواحد هذا صحيح لكن أيضا لابد أن يراعي السيد الخويي ضابطة قانونية أخری في علم القانون والضابطة الأخرى هي أن إبراز القانون و تولد القانون تفعيل له وقبل إبرازه وتولده كان مجمدا، له حظ من الوجود لكن حظ في عالم الأصلاب الشامخة. فإذا كان الحال كذلك فالسبق الزماني يسبب النتيجة في خصوص مانحن فيه. السبق الزماني تولد ويراعی. كما في المتكلم الواحد نوازن بين القاعدتين أن التولد والابراز النطق الرسمي عبارة عن تفعيل الحكم الانشائي و جعله رسميا للحكم. فإذاً لايمكن التوافق مع السيد الخويي بأن الأسبقية لاله دور. فماذكره العراقي و الناييني لاسيما العراقي صحيح فتنقلب النسبة. في الصورة الثانية في الحالة الأولی.
قبل أن نغادر هذه الصورة نذكر هذا المطلب: ماذا عن دوران الأمر بين التختصيص و النسخ؟ مع أن السبق الزمني موجود والعمل موجود لكن لايلتزمون بالنسخ هذا صحيح. هذا يحتاج إلی شرح، شرح مبسوط أذكر نقاطه حتی اشرحه غدا. كلها مرتبة بأصول القانون.
كيف نراعي أن النطق الرسمي والسبق له دور في حين أنه نلتزم بالتخصيص لاالنسخ. للتخصيص كأنما معية زمانية والنسخ كأنما فاصل زماني. طبعا القواعد توجب الزوايا. كيف يصير أنه تخصيص مع أنه تفعيل رسمي للدليل المتأخر بعد ذلك الدليل المتقدم كيف يصير التخصيص، التخصيص كأنما في زمان واحد. قاعدة ثالثة تدخل علی الخط.