الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، انقلاب النسبة، الوجه في اعراض الشيخ و الآخوند عن انقلاب النسبة

مر بنا أنه في الحالة الأولی لدينا عام و الخصوصات المتكثرة، هذا المقسم مر أن فيه ثلاث صور. الصورة الأولی أن تكون المخصصات متخالفة بالمعنی المنطقي يعني لاصلة بين بعضها البعض وكلها تجري في مخالفة العام، الصورة الثانية أن تكون النسبة بين المخصصات عموما وخصوصا من وجه. الصورة الثالثة أن تكون النسبة بين المخصصات عموما وخصوصا مطلقا. فالمقسم أيا ماكان هناك عام واحد والمخصصات.

قبل أن نبدأ في التفاصيل و الأقوال والأدلة في المسئلة لابد أن نذكر بعض النكات العامة سواء في هذا المقسم أو الحالة الثانية أو الثالثة التي كل من الحالة الثانية و الثالثة أيضا فيها صور.

النكتة الأولی: في هذه المباحث، الأعلام يقولون ما نقرر هنا شبيه ما قرره علماء البلاغة في المعاني والبيان من ضوابط عامة، ثم ربما يدخل علی الخط قرائن خاصة وشئون خاصة أو دلالات خاصة توجب فذلكات أخری. هذا صحيح. ليس بالضروري أن تكون هذه الضوابط كلية.

شبيه ما في علم الهندسة المهندس المدني والنظري يرسم خارطة للأرض مثل المسجد أو الفندق وغيرها، أما المهندس المعمار عليه في مقام التطبيق أن يلاحظ الخصوصيات، ربما الأرض رخوة أو فيه نوع من الإزورار، ربما المواد لايصلح علی هذه الهندسة ويحتاج إلی التعديل، فالتنظير شيء و التطبيق شيء آخر و تختلف شئونها ويجری عليها التعديلات الكثيرة. لأنه في عالم التنظير ينظر تنظيرات كلية. هذا هو الفرق بين المهندس المدني أو النظري و المعمار. المعمار دائما يراعي شئونا أخری خاصة لم يلحظها التنظير الكلي.

فالمقصود هذه الضوابط التي يذكرها الاصوليون ضوابط عامة ولاتعني أن الباحث الفقيه في كل باب باب و كل مسئلة يغفل عن الشئون الخاصة وا لقرائن الخاصة. عالم التطبيق عالم عجيب ربما يفذلك الفقيه يخرج الفرض من الحالة الأولی إلی الحالة الثانية و من الحالة الثانية إلی الحالة الثالثة أو من صورة إلی صورة بحسب المواد و القرائن الخاصة التي يقف اليها.

لذلك المرحوم العراقي كان جدا نابغة في التنظير لكن في التطبيق كثير من تلامذته أكثر قوة منه، للمواد وللتبع لكن في المسئلة الصناعية يحلحل أقوی من تلاميذه أو قل الإستنباط هو ذو مراتب. فهذه جهات متعددة يجب ان يلتفتها الانسان.

مثلا ماذا الفارق بين السيد الخويي و أساتذته الثلاثة الكمباني و الناييني وغيرهما؟ في التنظيرات الكلية أولئك الثلاث أقوی من السيد الخويي. وإن كان عند السيد الخويي ابتكارات قليلة مهمة و خطيرة ذكرناها في النسب الأربع، لكن جدا نادر قليل. لكن في التطبيق مراسة السيد الخويي بسبب المرجعية و لاستفتائات أكثر من أساتذته.

النقطةالثانية: ماهو منشأ رفض الشيخ الأنصاري و صاحب الكفاية أكثر صور انقلاب النسبة؟ ربما جل حالاته لايقبلونها. هذا البحث مبنايي و خطير.

الوجه في ذلك: أن الشيخ الأنصاري و المرحوم صاحب الكفاية يلاحظون النسبة بين الأدلة علی صعيد المدلول التفهيمي. النسبة بين الأدلة إنما توزن و تقاس علی صعيد المدلول التفهيمي لا علی صعيد المدلول الجدي. علی هذا المبنی أصل انقلاب النسبة في الغالب أو في كثير من الموارد نوع من القرينة أو الضابط التي تغير التوازن بني الأدلة بتوسط المعنی الجدي لابتوسط المعنی التفهيمي.

يعني لاحظوا هنا قاعدة في الجمع مهما أمكن أولی من الطرح لكن في مرحلة المعنی الجدي. لماذا؟ لان المفروض في انقلاب النسبة بغض النظر عن الحالات الثلاثة التي ذكرنا و كل حال له ثلاث صور يعتمد نظام العلاج في انقلاب النسبة بالدقة علی الدليل المنفصل. الخاص والمخصص المنفصل علی المشهور صغرويا هو يأثر في المراد الجدي للعام ولايؤثر في المراد التفهيمي، يعني لايغلب ظهور العام تفهيما عما هو عليه .

الفرق بين الخاص المتصل والخاص المنفصل هو أن الخاص المتصل يتصرف في ظهور العام التفهيمي أما الخاص المنفصل يتصرف في ظهور العام في المراد الجدي هذا علی المشهور. الان قبل أن نواصل النكتة الثقلية لازم أن نشرح بعض المفردات في هذه النقطة. هنا كبری لصغری و الصغری كبری لغيره.

ماهي الضابضة للمراد الجدي و ماهي الضابطة للمراد التفهيمي؟ أحد صغريات المراد التفهيمي المخصص أو القرائن المتصلة و أحد آليات المراد الجدي المخصص المنفصل. الإتصال و الإنفصال شيء كبروي، لكنهما صغریان للتفهيم و المراد الجدي. فعندنا صغری وكبری.

في المخصص المتصل چملة من القدما كانوا يرون أن المخصص المتصل قرينة استعمالية أسبق من التفهيمية، لكن القرينة المنفصل المشهور أنها قرينة جدية وليست قرينة تفهيمية إلا الناييني أنه اصر علی أنها قرينة تفهيمية. إذاً في البحث الصغروي أيضا اختلاف صغري للتفهيمي و الجدي لكن هو كبری متصل و المنفصل.

المتصل أيضا له حالات، متصل في جملة وحدة و متصل في فقرة واحدة. إن المتصل في الجملة الأخری في نفس الفقرة، إن الاخوند يعده المتصل إلا أن الاآخرين يعدونه المنفصل هذا أيضا فيه اختلاف. لاحظ الضوابط المشتركة بين علم البيان و علم الأصول

فالشيخ الأنصاري و صاحب الكفاية لم يرتضا انقلاب النسبة في غالب صوره لأن انقلاب النسبة في حالاته الثلاث يعتمد في الأساس علی المخصص المنفصل. ماهو دور المخصص المنفصل؟ عند المشهور وصاحب الكفاية و الشيخ الأنصاري أنه قرينة جد. هذا المقدار يقبلونه المشهور، إنما الذي يختص به صاحب الكفاية و الشيخ الأنصاري دون المشهور ولو مشهور المتاخرين أن ملاحظة النسبة بين الأدلة المتعارضة إنما تكون علی صعبيد المدلول التفهيمي لا المدلول الجدي. في قبالهما أكثر الفقهاء يقولون أن العلاج بين الأدلة المتعارضة العمدة فيه هو المدلول الجدي. هذا المبحث حساس أهم من انقلاب النسبة.

أعيد المبنيين بسياق أخری: الشيخ الأنصاري و صاحب الكفاية يبنيان علی أن معالجة الدلالة في التعارض أو في غير التعارض المعالجة والتكييف و التوليف في الدلالة بين الأدلة المنفصلة يدور مدار المدلول التفهيمي. بينما المشهور ربما ينسب إلی المتأخرين، الميرزا الناييني حتی المظفر (هذه النقطة مطوية في كلمات المظفر، هذا البحث أساس الأسس في بحث التعارض هناك يذكر المظفر ان المعالجة تدور مدار المدلول الجدي) يقولون المعالجة بين الأدلة علی صعيد المدلول الجدي. مبنيان حساسان خطيران، أحد مجالات تطبيق هذين المبنيين مبحث انقلاب النسبة.

هذان القولان نستطيع أن نذكرهما بسياق أخری: يمكن يساغ هذا النزاع بهذه السياقة بأن يقال: التعارض بين الأدلة له مراتب، تارة تعارض علی صعيد لمدلول التصوري وتارة علی صعيد المدلول الإستعمالي و تارة تعارض في صعيد المدلول التفهيمي. تارة التعارض علی صعيد المدلول الجدي. هذه السياقة يجب أن نلتفت إليه في مورد النزاع.

عندما يقال أن التناقض علی صعيد المدلول التصوري تلقائيا ينجر إلی المدلول الإستعمالي و التفهيمي و الجدي. إن بداية ما بعد هو ماقبل. لمّا يقال تصوري ينسحب إلی الإستمالي و مابعده أو عندما يقال إستعمالي تلقائيا ينسحب إلی التفهيمي و الجدي دون التصوري، الفرض الثالث التناقض علی صعيد التفهيمي ينسحب إلی الجدي أو يقال التناقض علی صعيد الجدي لاينسحب إلی التفهيمي و الإستعمالي و التصوري.

الصحيح أنه تفصيل فيه: بغض النظر عن النزاعات بين الأصوليين، ماهي قرائن التصور و ماهي قرائن الإستعمال و ماهي قرائن التفهيم وماهي قرائن الجد؟ الأصوليون و البلاغيون في النزاع. تنقيح هذا المبحث يحتاج إلی بحوث أخری لسنا بصدده.

الان الكلام في المبنيين. حينئذ هناك قرائن في التفهيم و هناك قرائن في الجد وإذا كان المنفصل يعد من قرائن التفهيم فيعد التناقض علی صعيد المدلول التفهيمي، إذاً القرائن علی صعيد الإستعمال حتی في فقرة واحدة أو فقرات رواية واحدة هل هذا متصل أو منفصل؟ المنفصل و المتصل هل المراد المتصل التصوري أو المتصل الاستعمالي أو التفهيمي أو الجدي؟ لانريد أن ندخل في هذه البحوث ومذكور في الكتب المطول القوانين أو كتاب المطول. المفروض إذا الانسان لايلم بها يخلط بين قرائن الجد و التفهيم و الإستعمال و التصور و هذا خطأ. لماذا؟ لأنك لازم أن تعرف قوالب المدلول التصوري وقوالب المدلول الإستعمالي و التفهيمي ثم تجيء قوالب المدلول الجدي. هذا مهم . كان القدماء يعتبرن المخصص من قرائن الإستعمال إلی أن جاء سلطان العلماء وقال المخصص من قرائن التفهيم أو الجد. فهذه الصغريات لاندخل لأنها بحوث صغروية لهذا المبحث و إن كانت في نفسها كبروية.

انقلاب النسبة يعتمد علی المخصص المنفصل فهل المعالجة و الموازنة أو التكييف و الترابط بين الأدلة المنفصلة يتم علی صعيد الجدي أو علی صعيد التفهيمي ثم تصل النوبة إلی الجدي؟ الشيخ أو الاخوند يقولان علی صعيد التفهيمي ثم تصل النوبة إلی الجدي. أما الجدي من دون العلاج علی صعيد التفهيمي لاعلاج للتعارض. وهذا دعوی عجيبة.

المبحث لانريد أن نستعجل فيه لأنه بنيوي وهو الظهر الخلفي لانقلاب النسبة وحساس يجب أن ندقق فيه.