41/03/03
الموضوع:باب التعارض إشكالات الشيخ علی قاعدة الجمع
الاشكال الثامنالاشكال الآخر أو الاستدلال الآخر لدی الشيخ الانصاري في منع قاعدة الجمع هو أن هذا الجمع التبرعي و التأويلي حيث أنه تبرعي و تأويلي لاشاهد له فبالتالي لاثمرة له و لايمكن أن يبنی عليه في حجية الظهور فماالفائدة في البناء عليه و ما الفائدة في القول بعدم التساقط؟ هذا محصل إشكال الشيخ و الكثيرين.
الجواب أولا يكفي تكوّن العلم الإجمالي بلزوم الأخذ بهما لالزوم الأخذ بأحدهما، بجعل أحدهما حاكما دلالة و الاخر محكوما أو الدلالاة الكثيرة فيه. المهم أنه يكفي في وجود الإحتمال أن البت في التنافي و التناقض غير موجود وكم هي ثمرة كبيرة و عظيمة. يحصل لدينا علم إجمالي و نحن ملزمون بالعمل بالعلم الإجمالي، غاية الأمر أطراف العلم الإجمالي في الشبهة الموضوعية من نمط معين هنا العلم الإجمالي بين الإحتمالات المحتملة في مفاد الخبرين أو مفاد الأدلة المتعارضة من نمط آخر. هذا أولا
ثانيا: هذا امر مهم و شرحناه لكن نشرحه بشكل آخر. إشكالية في فهم المتأخري الأعصار عن هذه القاعدة أنه تبرعي أو تأويلي و تكلفي و تحكم و بلاشاهد و من هذا القبيل، هكذا ذكر الأعلام المتاخري الأعصار في بيان هذه القاعدة، بينما حقيقة القاعدة عند المتقدمين شيء آخر. صحيح أنهم يبدون احتمالات بأدنی التفات و إشارة في ابتداء كلامهم لكن ليس مرادهم أن يبنون علی هذه الإحتمالات من دون شاهد و من دون ضوابط كما مر بنا مرارا بل مع الشواهد. هذه هي النقطة الأولی في فهم القاعدة.
النقطة الثانية: القرائن في عالم الدلالة ليست علی وتيرة واحدة كما ذكر ذلك البلاغيون في علم البيان. هذا البحث مرتبط بعلم البيان. ليست القرائن و الشواهد علی وتيرة و ميزان و قالب واحد. القرائن مختلفة رتبتا و مراتبا. هذه النكتة جدا نفيسة وحساسة.
مثلا قرينة من القرائن هي السياق، السياق عند كافة البلاغيين و الاصوليين و المحدثين و شراح الحديث أضعف القرائن ورغم أنه أضعف القرائن لو وصلت النوبة إليه يؤول اليه لكن بأدنی قرينة مخالفة أو معاكسة (مثل أن المتكلم في صدد أجوبة متعددة عن سائلين متعددين أو أن المتكلم بصدد الإخفاء و الترميز و التقية) لايؤول علی قرينة السياق. علی كل، أدنی القرائن يمكن أن يتصور الانسان حتی القرينة الحالية هذه تقف أمام التمسك بالسياق. مع أن قرينة السياق قرينة مرتبة لكن آخر القرائن.
مثال آخر، الأصول اللفظية في الكلام: عندنا أصول لفظية علی صعيد الدلالة الاستعمالية أو الأصول اللفظية علی صعيد الدلالة التفهيمية أو الأصول اللفظية علی صعيد الدلالة الجدية الأولی أو الجدية الثانية. مثل الآخوند عنده الدلالة الجدية علی مراتب و ليست مرتبة واحدة فما تصل النوبة إلی القرائن في المرتبة اللاحقة إلا بعد تحكيم و تقديم القرائن في المرتبة السابقة ثم تصل النوبة لأنه لايصل الباحث إلی الدلالة الجدية إلا بعد العبور عن قنطرة التفهيم. و لايصل إلی التفهيمية إلا بعد عبور قنطرة الاستعمالية و لايصل إلی الاستعمالية الا بعد العبور عن التصورية هذا لايعني أن القرائن الجدية لايؤول عليها بل مؤول عليها برعاية المراتب.
في النزاع بين السيد المرتضی و المحقق و الشيخ الطوسي و العلامة الحلي أن اصالة الحقيقة أصل في الدلالة الاستعمالية أو أصل في الدلالة التفهيمية؟ أصل وجود الدلالة الاستعمالية و الدلالة التفهيمية مرحلتان أو مرحلة واحدة؟ فيه نزاع. مثلا الميرزا الناييني ينفي تعدد الدلالة الإستعمالية كمرحلة عن الدلالة التفهيمية، هذا بحث مهم لترتيب و مراعاة القرائن . السيد الخويي وفاقا لخواجة نصير الدين الطوسي و جملة من القدماء لعل ابن سينا هكذا، السيد الخويي ينفي الدلالة التصورية، الدلالة الوضعية يجعلها الدلالة الإستعمالية ثم التفهيمية ثم الجدية. الناييني عنده التصورية موجودة لكن دمج الإستعمالية مع التفهيمية. ثلاث دلالات. التصورية و الإستعمالية وهي التفهيمية و الأخرى هي الجدية. الجدية عند الناييني بل التفهيمية مرهونة بالدليل المنفصل لافقط المتصل. هذه مراحل ترتيبها ونظمها فيه الإختلاف. عند علماء البيان فيه اختلاف و عند علماء البلاغة فيه اختلاف و عند علماء الأصول و التفسير فيه اختلاف. لكن بالتالي هي نظم و مراتب معين.
مثلا هناك اختلاف بين الناييني و الاخوند. الاخوند عنده الجدي الأول تتكون عناصر الدلالة فيه من القرائن المتصلة وا لجدي النهايي ذاك هو الذي يتدخل فيه القرائن المنفصلة. إذاً فيه نوع من البنية التكوينية للظهور و نظامه تختلف عن بعضها البعض. بالتالي هي قرائن لها نظم و مراتب معينة.
الأصول اللفظية كل مرتبة لها مثل أصالة الحقيقة، أصالة عدم المجاز و اصالة الاستعمال المشهور بمثابة الدليل الاجتهادي، القرائن بمثابة الدليل الاجتهادي و الأصول اللفظية بمثابة الأصل العملي. الأصول اللفظية قرائن معلقة و تعليقية علی عدم القرائن. لكن كونها تقديرية و تعليقية لاينفي قرينيتها غاية الأمر ينفي رتبتها. إذا اتضح هذا المطلب كذلك هناك وجوه من الجمع و الاستعمال أو الإحتمالات في المفاد لايصار اليها إلا بعد اللتيا و التي. هذا لايعني أنها ليست حجة ابتداءا. هي في مرتبتها و نوبتها حجة. هذه نكتة مهمة و المتأخرو الأعصار قصروا النظر عن المراتب الأولی و أن وسعوا النظر إلی المراتب اللاحقة.
نقطة أخری في الوجه الثاني في شرح قاعدة الجمع: التعارض المترائی (ربما يسمی المستقر عند متاخري الأعصار) نفس التنافي في الدلالة التصورية يعني علی صعيد الدلالة التصورية حتی التعارض المستقر علی صعيد الدلالة الاستعمالية حتی التعارض المستقر حتی علی صعيد الدلالة تفهيمية، تعارض مستقر، وليكن، أما جري هذا التنافي و التناقض إلی الدلالة الجدية أول الكلام فضلا عن الجدية النهايية.
مشهور القدماء أو مشهور طبقات المتقدمين يقولون: أن التناقض بنفسه قرينة ثروة في الدلالة و القرائن الدلالية، عكس المتأخري الأعصار حيث يقولون أنه أزمة و معزلة و تعقيد. عند المتقدمين التعارض قرينة يجب أن تستثمر. دائما يقولون التناقض جرس منبه للفقيه و المتكلم و المفسر أن تحت الخفايا وطيات الكلام بطون، المتقدمون يرون ظاهرة التعارض ظاهرة إيجابية و إعجازية لأئمة أهل البيت. الشيخ الطوسي يشير إليه في أول التهذيب. فالتعارض عند المتقدمين ثروة دلالية علی المراد شيء آخر ورائه.
فلاحظ، عند المتقدمين أن التناقض قرينة مثمرة لاالقرينة العقبة أو المجحزة للحجية بل قرينة تنضم و تضم إلی الدلالة، حينئذ بعبارة نفس التعارض منبهة عن لزوم فحص طرف ثالث هو حلال المشكلات من قاعدة أخری من طائفة أخری و من دلالة أخری. هذا الترائي ثروة دلالية ملزم بالفحص.
شبيه ما ذكرناه في حجية الشهرة و حجية الإجماع. ذكرنا هذا المطلب أن اقل ما في الشهرة القوية أو الشهرة فضلا عن الإجماع أنه يجمد ما هو حجة. يجمد لك العمل بهذا الدليل الخاص المعتبر. شيء لاحجة يجمد الدليل الحجة لأنه ينبه علی أن المشهور لم يعرضوا لم يتركوا الاستدلال بهذا الدليل الخاص في مرئی منهم وعين إلا أن تكون عندهم دليل آخر أو نكتة أخری فضلا عن قاعدة أخری، فيجب أن نفحص. يجمد الحجية و إن لم يسقطها، يجمدها يعني يجعلها إقتضائية لمانع عن فعليتها. لالمانع عن توفر شرائط حجيتها. كفی ثمرة في الشهرة و الإجماع أنه يلزمك أن تفحص عن الدليل، حتی الإجماع الظني. لابد أن تعرف المنشأ الذي أحجمهم علی هذا الدليل لابد لك من مراعاتها و الموازنة معه. كفی به ثمرة.
لذلك في الخبر الضعيف أو الأخبار الضعيفة في الحجية المجموعية دائما ذكرنا أن شعارنا أن بنية الحجية و هيكلتها في نظام الحجج في علم الأصول والفقه و الكلام و التفسير بنية الحجية في الدين دوما هي المجموعية و مرت بنا. إن المشهور يستفيدون حتی من الأخبار الضعاف، يجعلون الأخبار الضعاف بضميمة الأخبار الصحاح أقوی حجية من الأخبار الصحاح بمفردها. لماذا؟ ليس من ضم الحجر جنب الانسان، نفس هذه الأخبار الضعاف مع الأخبار الصحاح تزيد في الوثوق بصدورها و في موارد عديدة أخری ثمرة لها في الحجية المجموعية. هذا في جانب المثبت.
يقولون بالعكس الأخبار الصحاح التي في قبالها الأخبار الضعاف أقل حجية من الأخبار الصحاح التي ليست في قبالها الأخبار الضعاف. نعم هذه مراتب. يعني النظرة المجموعية يوزنها المشهور.
الشيخ الأنصاري في الرسائل يذكر في موردين أو في ثلاثة قبل بحث الإنسداد أنه قد تكون قرينة ليست بحجة أو دليل ليس بحجة لكن هو مانع عن ماهو حجة. نكتة جدا ظريفة و صناعية وهذا نابع من النظرة المجموعية. دليل و أمارة ليست بحجة لكنها مانع. لذلك قسّم الحجة علی أربع مراتب. ماهو حجة مستقلة و ماهو جزء الحجة وجزء المقتضي و ماهو مانع و ماهو ليس بمانع و لامقتضي.
هذا المطلب ربما ذكره الشيخ الانصاري في الحجج في الموردين أو الثلاثة. في البحث عن أن نتيجة أدلة حجية الخبر الواحد هي خبرالثقة اوالخبر الموثوق به و مورد آخر في بحث حجية الظهور ذكره. هذا قولبة صناعية نفيسة جدا. إما هو حجة مستقلة أو جزء الحجة يعني ليست بحجة مستقلة لكن مقتض، تبناه الشيخ في الإجماع المنقول، ليست حجة مستقلة لكن جزء الحجة و وافق الشيخ الانصاري في ذلك الشيخ اسد الله التستري من الرعيل الثاني و الطبقة الثانية من تلامذة الوحيد البهبهاني ونسله موجودون. كان من اعلام الكاظمية. الاعرجي و المقدس البغدادي و غيرهما. فالشيخ الأنصاري عنده أربع طبقات. حجة مستقلة و جزء الحجة والمانع. هذا المانع ليس بحجة ولاجزء الحجة ولاينضم إلی شيء لكن إذا يخالف الحجة المعتبرة يمانعه. هذا في عالم الظهور هكذا و في عالم الحجج أيضا هكذا.
قاعدة الجمع تفسيرها عند المتقدمين غير ماعند المتأخرين.