41/01/16
الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة، الشواهد علی قاعدة الجمع مهما أمكن أولی من الطرح.
بقاء الحكاية و الأمارية التكوينية مع التعارضلازلنا في مقتضی القاعدة في التعارض ومر بنا أن مسلك المشهور في التعارض إلی زمن الشيخ الأنصاري و صاحب الكفاية مع اختلاف التفاصيل، هو عدم التساقط عند التعارض إما بقاء أحد الخبرين أو الصحيح علی ما هو المشهور و الأكثر بقاء كلا الخبرين وأن ما قرره الميرزا الناييني و تبعه جل تلاميذه منهم السيد الخويي و جل تلاميذه أن مقتضی القاعدة عقلا وعقلائيا هو التساقط لأن التنافي منافي الأمارية و الكاشفية، هذه الدعوی جدا بعيدة عن الواقع.
أن مقتضی القاعدة هو التساقط أو أن الصورة تصير سوداءا مظلمة، مافيها أي كاشفية هذه الدعوی من الميرزا الناييني غير مقبولة تماما بل علی الدوام الكاشفية والحاكوية فيها إجمال وإبهام، غاية الأمر إن الباحث الحاذق الماهر هو يجلي تلك الإبهام و التلبس في الحكاية والمحكي وهذا تكوينا فضلا عن الإعتباري من هذا المنطلق التكويني ان الحكاية الثابتة المتقررة في موارد التعارض سواء بين الطرفين أمارتين أو أمارات متعددة في باب الفتيا أو باب القضاء أو باب الشبهة الموضوعية أو في أي باب آخر أو في أي علم من العلوم إذا نلتفت إلی أن مقتضی القاعدة في التعارض هو ماذكره المشهور وعدم التساقط بل اللازم هو التحري لرفع ماينطبع و ما يحسب فيه التنافي وأن التنافي ليس حقيقيا، لكن هذا الوهم ينجلي بالتدبر. فإذاً قاعدة الجمع مهما أمكن أولی من الطرح علی مقتضی القاعدة.
إنها تتوخی درجات في الارائة، يكون ما يستحصل الفقيه علی درجة أقوی في الإرائة بين المرآتين المتنافيتين يستمسك بتلك الإراءة. لم؟ لأن الإرائة التكوينية موجودة في الواقع وإنما فيه التلبس والتوهم، حتی السراب يحسبه الظمئان ماءا، نفس السراب ليس فيه كاشفية كاذبة بل حسبان الرائي الناظر هو خطأ والخطأ في الإستنباط ما ينطبع في ذهننا، مثل الأخطاء الحسية سواء الحس الباطني أو الظاهري منشأ الخطأ ومنشأ الوهم هو إستنباط الباحث أو الذهن، (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعی) الناظر هو يتخيل لاأن تلك الأمور التي يحدثها السحر والجن تلك الأمور ليست لها درجة من الحقيقة بل تلك الأمور لها درجة من الحقيقة لكن يتخيلها الإنسان حقيقتها أكبر مماهي عليه، يعني نوع تأثير في الحس والخيال.
لذلك هناك تعبير لطيف للعلامة الطباطبايي في مبحث أصولي أخذه من الأعلام الثلاثة، الناييني و الآغاضياء و الكمباني في رسالة عنده إسمها إعتباريات، هي تلخيص كلام الأعلام الثلاثة من دون أن يجيء باسم لهم مع أنها مباني العراقي و الناييني و الكمباني طبق الأصل سيما الإصفهاني و الناييني يعني ابتكار جديد للعلامة ما فيه أصلا و ذكر ان الفلاسفة أخفقوا في هذا الباب في باب الإعتباريات. في باب المعرفة هو عبارة عن خلاصة من إنجاز علم الأصول لهذا الباب ويذكر العلامة خطورته في باب المعرفة حتی المعرفة التكوينية الفلسفية. علی كل من باب شهادة من العلامة الطباطبايي علی مدی جهد علماء الأصول وتأثيرهم حتی في المعرفة.
أستاذنا السيد محمد الروحاني رحمه الله يقول: حتی المعنی الحرفي في التوحيد كيف له التاثير في التوحيد هو بحث بلاغي لغوي وأصولي لكنه في الحقيقة مؤثر علی مباحث المعرفة في التوحيد وعلم الأصول أنجز فيه إنجازا كثيرا، حتی ملاصدرا استفاده من مباحث الأصول أستاذ الشيخ البهايي و كذا. هناك خدمات أسداها علم الأصول للفلسفة شيء عجيب، منها المعنی الحرفي ومنها باب الإعتباريات وغيرها أيا ما كان هذا من تاثير العلوم علی بعضها البعض دور العلم الأصول في المعرفة حتی الفلسفية في هذا الحقل شيء عظيم. في باب المعنی الحرفي و باب الإعتباريات و الأبواب الأخرى. فيقول العلامة الطباطبايي هذا الباب شيء عظيم و يؤثر في مباحث المعرفة و الفلاسفة قصروا فيه بعد ذلك يذكر أبحاثا كلها خلاصة عن مباحث أساتذته رحمة الله عليهم.
هناك في ذلك المبحث لفتة لطيفة يذكرها العلامة طباطبايي نستطيع أن نقول نكتة جدا نفيسة وهو أنه ليس هناك صورة كاذبة. الصورة الخاطرة في الذهن الكاذبة ما موجودة. يقول الكذب في الحقيقة و الخطأ و اللاتطابق يأتي من نفس الإنسان يطابق هذه الصورة علی مصداق خاطئ. مثلا بحر من زئبق، -هذا بحث الإعتباريات يدخل في هذا المطلب- يقول نفس البحر ما فيه خيال و وهم و لاواقعية و الزئبق أيضا زئبق، تركيب هذا الزئبق مع البحر ليس لها تطبيق للواقع ويطبقها الإنسان علی طريق خاطئ لا أن الصورة التي تأتي في الذهن حكايتها التكوينية كاذبة يعني نفس الكلام الذي مر بنا المتلقي و الناظر وهو الانسان يخطئ لا أن الصورة الحاكية فيها خطأ هي من جهته التكوينية ما فيها خطأ.
هذه نكتة لطيفة و مرتبطة ببحث التعارض يعني تكوينا حتی في موارد التنافي، الحكاية موجودة والإنسان لايعرف كيف يألف بين هاتين الصورتين يراهما متناقضتين. لا أن في الحقيقة هناك تناقضا و تكاذبا بل إنتباه الإنسان فيه تنافي واستنباط الانسان أو الفكر أو المتفكر فيه خطأ تؤليفه لمفاد هاتين الصورتين فيها خطأ.
النقطة الأخرى التي يذكرها في الإعتباريات و هي مرتبطة بعلم الأصول ومرتبطة بعلم الفلسفة في هذه الرسالة يقول العلامة الطباطبايي: حتی الصورة الإعتبارية ما هي من رأس و أساس إعتبارية، كل صورة تكوينية تركيب وتلاعب مخيلة الإنسان أو قوة واهمة الإنسان كي يركب بين الصور هذه القوة، خيال أما أصل الصور كلها لها منشأ تكويني إنتزعها الإنسان من منشأ تكويني حقيقي هذا المبحث يذكرها العلامة طباطبايي الان في العلوم البشرية حتی العلوم التجربية يستفيدون من عندها ثمرات وكنز علمي عظيم. الان عند الغربيين و الشرقيين و الآكادميين ومركز البحوث الجدية من أي علم من العلوم يثبتون الخرافات. مبحث علمي جدي نفس النكتة يقولون: دائما الخرافات تلفيقها خرافية أما أصل الصورة ليست خرافية أصل الصورة لها منشأ حقيقي يجب أن نجده فنفس هذه سعة الخيال و سعة الصورة هي مخزن علمي كبير في ذهن البشر يجب أن نجمع كل خرافات الأمم سنجلي من وراءها صور حقيقية غفلوا عنها.
هذا يدل علی أن ما ذكره الميرزا الناييني في التناقض بسوداوية الصورة كله خطأ. إن الحكاية التكوينية الذاتية لاتتزلزل و لاتزال خلاف دعوی الميرزا الناييني.
الشاهد الآخر: التعبد بالتخيير و الترجيح يدل علی عدم انتفاء الحكاية التكوينية
العجيب إذا تتعارضا تساقطا كيف يعبد الشارع بعده بالتخيير و الترجيح أو كذا؟ إذا انتفت الحكاية تكوينا أي أمارة؟ نفس العلاج الشرعي دليل علی أنه ليس إنتفاء تكويني. هذا شاهد آخر خلاف دعوی الناييني. هل هذا التخيير والترجيح بين الشيئين تخيير بين مالاوجودله؟ دائما الأمارة لها وجود، يعتبرها الشارع أو لايعتبرها، لا يمكن أن يعتبر شيئا لاوجود له. إذاً واضح أن الأمارية لاتسقط و لاتنعدم بل موجودة. لذلك سيأتي بيانها في مابعد أن الترجيح و التخيير دليل علی قاعدة الجمع أولی من الطرح يرتكز علی نفس المطلب كيف الشارع يتعبد علی الترجيح أو التخيير؟ كيف يعتبر؟ الميرزا الناييني يسميها متمم الجعل لكن متمم الجعل علی مورد لاوجود للأمارية فيه؟ ما لها معنی. هذا دليل علی أنه بالتعارض لاتنعدم الأمارية.
أتريد أن تقول جانب الإعتبار؟ جانب الإعتبار تابع لجانب التكوين غاية الأمر يصير فيه نوع من التزاحم الملاكي كما مر بنا أمس، تزاحم ملاكي في الحكاية، ملاك الحكاية يصير فيه تزاحم هذا سنخ جديد من التزاحم لتصطلح عليه التزاحم. ربما وصفه بهذا الوصف وهذا صحيح. مثال الآن أصل السواريخ أو المراكبات الفضائية كيف عرفوا طريقتها الهندسية كاتب مصرحي قصصي تخيل لاهو متخصص في علم الفضاء ولافي علم الهندسة إنما كاتب قصصي مصرحي وجدوا أن هذا التصوير الذي صورها عن الفضاء هي بالدقة الرياضية نفسها هي الطريقة الرياضية الهندسية الفضائية لإطلاق المركبات الفضائية. إنما خيال كاتب قصصي. هذا خيال لكن مفتاح سير تطور بشري. المقصود باب الخرافة بهذا اللحاظ يقول العلامة طباطبايي رحمه الله: إن أصل الصورة ليس خرافية بل تركيب الصورة قد يكون خرافية. بحر من زئبق و جبل من ذهب هذا تركيبها خيالية أما أصل الصورة محال أن لاتكون تكوينية. هذه عبارة أخری عن ما نحن فيه أنه بالتعارض لاتنعدم الحاكوية و الحكاية و الكاشفية في الأمارات سواء في باب القضاء أو الشبهات الحكمية أو باب الشبهات الموضوعية.
من ههنا مضافا إلی ما مر بنا من العام الماضي من الشواهد علی قاعدة الجمع أولی من الطرح و نضيف اليها تتمة الشواهد و الأدلة ان الدليل علی هذه القاعدة وأقل ما يقال في هذه القاعدة أن قاعدة الجمع عبارة عن استيفاء مهما أمكن من الحكاية الموجودة، عدم التفريط مهما أمكن بهذه الحكاية. هذا شيء منطقي. اذا عندك مقتضي ملاك معين لايمكن أن تفرط فيه. ليس لك خيار أن تفرط فيه بل ملزم به بمقدار ما تنحصر احتمالات الرؤية عندك علم إجمالي بالإحتمالات. يجب ان تأخذه. كأنما قاعدة الجمع من باب القدر المتيقن من باب العلم الإجمالي لوجود مقتضي التكويني للحكاية. هذا أقل ما يقال في أدلة قاعدة الجمع مهما أمكن.
الشاهد الاخر: نفس التنافي قرينةعلاوة علی الشواهد التي مرت بنا في العام الماضي نضيف شاهدا آخر: نفس التنافي هو قرينة علی أن الواقع الذي تحكيه صورتان بين الخبرين بدل ما يكون أزمة بالعكس التنافي استثمار باصطلاح العلوم الإنسانية الحديثة و العلوم السياسية و غيرها العلوم الإدارية كيف الانسان بذكاءه يبدل الازمة إلی فرصة استثمار، حقيقة الأزمة ليست أزمة، في حكمة الله البالغة الازمة هي فرصة عجية للاستثمار.
إذا ينظر الإنسان إلی الأزمات سواء الأزمات الفردية أو الأسرية أو الشخصية مجتمعية، الأزمة فرصة و ليست أزمة. ظاهرها بلاء لكن باطنها رحمة، نفس هذا التنافي قرينة علی أن المراد الواقعي ليس علی طبق كل منهما يعني الدلالة التصورية لازم أن ترفع اليد عنها. إما بالتصرف في كلاالدلالتين التصوريتين من زاويتين أو بالتصرف في أحدهما.
نعم، الأصل تطابق الدلالة الإستعمالية مع المدلول التصوري و تطابق المدلول التفهيمي مع المدلول الاستعمالي و الجدي مع التفهيمي، فعندنا أربع مراحل هذه التتطابقات الثلاثة لابد أن نرفع اليد عنها، لأن التطابق عبارة عن العمل بالأصل اللفظي، الأصل أن المراد الإستعمالي طابق النعل بالنعل مع المراد التصوري، إذا جئنا بالقرينة ترفع هذا الأصل اللفظي. معروف في باب الألفاظ و باب الظهور أن القرائن الخاصة حاكمة في الاستظهار علی الأصول اللفظية. هذه الأصول اللفظية بمثابة الأصول العملية في عالم الظهور مؤخرة عن القرائن الخاصة فاذا أتت القرائن الخاصة تحكم نفس التعارض هو قرينة خاصة فبالعكس التنافي ليس عامل أزمة و ليس عامل إسقاط الحجية بل هو عامل متمم للحجية. شبيه المخصص المنفصلة و القرينة المنفصلة يجب أن نضمها وبالتالي نشكل الظهور علي طبقها.
فنفس التنافي قرينة جلية علی التصرف في التطابق بين هذه المراتب بين المدلول. طبعا الضرورات تقدر بقدرها. فإذاً یذا صار مقتضی القاعدة الأولية لاتساقط بل التاويل و التصرف في الظهورات لرفع التنافي ،نفس التنافي قرينة لايفرط فيها لاالقرينة المانعة بل قرينة من جزء المقتضي في الظهور. هذا شاهد آخر. هذا ليس فقط في الشبهات الحكمية هذا بحث سيال و الميرزا الناييني عكس هذا المطلب علی العكس ......